المراهنة الفلسفية على الفعل المقاوم وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها


زهير الخويلدي
الحوار المتمدن - العدد: 7829 - 2023 / 12 / 18 - 13:58
المحور: حقوق الانسان     

مقدمة
"المقاومة هي القوة التي نواجه بها قوى الدمار والتي تجعلنا نتمسك بالمعاناة ونتحملها. وهي من ناحية اخرى قدرة الإنسان أو الشعب على مواجهة أي سلطة أو موقف يبدو غير شرعي"
لقد أصبح العالم متفككًا، لدرجة أن المقاومة يجب أن تكون أمرًا ملحًا للجميع. إن التفكير الفلسفي يتطلب منا ألا نقبل أبدًا الجرائم والاعتداءات التي تتم في وضح النهار وتبدو حقائق ساطعة لا يمكن انكارها أو التنصل منها في الاعلام المطبع والمنحاز، وفي المقابل يعيدنا هذا الامر الفظيع الى الشعور بالمسؤولية السياسية والاخلاقية تجاه المقاومة الوطنية الشريفة. وفي الوقت الذي يتم فيه تقديم قرارات الخبراء كنتيجة لإحصائيات جليدية وحسابات مجهولة المصدر، تصبح المقاومة تأكيدا لإنسانية الانسان وكرامة المواطن وحق الشعب في تقرير مصيره بنفسه. مهما كانت المبررات ومهما تزايدت التهم وموجات التحريض والتشكيك فأن تتفلسف يعني أن تقاوم. اذ هناك دعوة للممارسة العضوية والالتزام العملي والمقاومة الوجودية. في هذا التفكير الشخصي للوضوح والذكاء الرائعين، لا يظل القرار بين الطاعة والعصيان في النهاية مسألة شخصية ويصير الفعل المقاوم امرا جمعيا وأرضية وطنية ذات مقصد حضاري. يُستخدم المسار الأقل مقاومة أيضًا لوصف بعض السلوكيات البشرية المهادنة، على الرغم من أنه أقل خصوصية بكثير مما هو عليه بالمعنى الواقعي البحت. في هذه الحالات، غالبًا ما تُستخدم المقاومة كاستعارة للجهد الشخصي أو العزوف عن المواجهة. بيد أن الفيلسوف يحلل مصادر سلبيتنا ويقوم بتشريح أصول الخذلان ويرى أن المواطنين يخضعون بسبب الخوف أو الاستقالة أو التطبيع، ولكن أيضًا للهروب من مسؤوليتهم الخاصة. ومع ذلك فإن المقاومة لا تتعارض مع المدنية. اذ تقوم الفلسفة السياسية بتشريح آليات الرفض وشروط بناء الذات المقاومة العادلة. على هذا الأساس يتم تناول استكشاف مراوحة الفلسفة بين اذكاء الثورة التحررية العربية الكبرى وتفعيل الحق في المقاومة الندية القووية. فما الذي يسبب العودة الدورية للمقاومة والثورة في مجال التاريخ؟ وهل تستطيع الفلسفة تفسير العودة الأبدية للمقاومة رغم محاولات القانون المستمرة لحظرها؟ وما الذي يجعلها تقرر المقاومة بصورة جماعية؟ ماهي الادوات والابعاد والغايات والرهانات؟ ولماذا تعتصم بالايتيقا؟ وبأي معنى تصير مقاوما فلسفيا في الفضاء العمومي؟
ما نراهن عليه من خلال هذه المداخلة هو الابتعاد قدر الامكان عن الانتظارية والمتابعة السلبية للاحداث والعمل على المشاركة الميدانية في النضال الوطني من اجل التحرر من الاستعمار الداخلي والخارجي.
الفعل المقاوم: المفهوم والمسارات:
"في المواقف القمعية للغاية، قد يكون هذا هو فعل المقاومة الوحيد المتاح للضحايا"
مصطلح المقاومة سمعناه هذه الايام في المظاهرات الحاشدة المساندة لغزة وفلسطين والمطالبة بالحرية والاستقلال والسيادة وضد الغزو والاحتلال ووقف القصف الهمجي الذي يقوم به المحتل الغاشم. وهو المصطلح الذي أصبح منتشرا في كل مكان بعد المطالبة بحق تقرير المصير للشعوب المستضعفة. لقد جاءت المقاومة الفلسفية كعمل مشروع وثابت يمارسه السكان الأصليون لمقاومة ممارسات الظلم والتمييز ضد الناس في الداخل والتصدي للعدوان والغزو والاحتلال الذي يمثله الاستعمار الاستيطاني من الخارج. لذلك كانت الافعال المقاومة على مر التاريخ السبل الطبيعية للرد المنطقي على التحديات التي تواجها هذه الشعوب المعرضة لخطر الالغاء الوجودي والفناء الحتمي في حالة الاستسلام والخنوع والاقرار بالهزيمة.
يذكر التاريخ مقاومة الهنود الحمر للجيوش الغازية واستبسالهم في التشبث بتراثهم وأراضيهم للبقاء على قيد الحياة والمحافظة على هويتهم وتشير بعض الكتابات الى مقاومة دول أوروبية للاحتلال النازي في الحرب العالمية الثانية واعتبارهم كل من يتعاون مع الجيوش الغازية خائن لوطنهم وغادر مشين ببلده. كما يتم الالتفات الى مسألة المقاومة من خلال عدة قضايا، يتم فحص كل من مصادرها وقواها وأساليبها وتحليلها وإعادة تركيبها من خلال ثلاثة مسارات: الجدلية السالبة، والحيوية الدافعة، والبديهية الوجودية. من هذا المنطلق يطرح المسار الاول اختلافًا داخليًا لنفس الشيء. وتكون الجدلية مدفوعة بالتناقض. إنها تتوقف على الانفصال بين الفكر والعالم. إنها تعمل من خلال "السلبية"، من خلال التناقض الداخلي. في حين أن المسار الثاني، وهو الموقف الحيوي يعتبر الفكر طية للعالم وامتداد للمادة ويعمل وفقًا لمنطق البؤر والجذامير ويدفع ارادة الحياة والانصهار والتوحد ويجعلها تتغلب على ارادة الفناء والسيلان والتفكك الذاتي. أما المسار الثالث فهو المسار الأنطولوجي البديهي، حقيقة فعل المقاومة هي الإخلاص للحدث التاريخي من خلال التصديق والاقرار والانخراط الارادي والمشاركة العضوية والانحياز المبدئي والدعم المستمر. سواء كانت المقاومة جدلية أو حيوية أو أنطولوجية، فإن مساراتها تشوه ترتيبات الركائز القديمة وتخلق أكثر من مجرد الدهشة والاعجاب: إنها تحقق ما لم يكن حتى افتراضيًا متوقعا، وتفتح الإمكانات بأثر رجعي لا يقبل التفويت وتعيد توزيع الاوراق وموازين القوي وتعيد ترتيب اللعبة السياسية الدولية برمتها فكيف تمثل المقاومة في ابعادها الثلاثة شرط امكان استعادة حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها؟
حقوق الإنسان والمواطن وحقوق الأمم والشعوب
كيف ننتقل من الحديث عن حقوق كونية تعطى للانسان والمواطن الى حقوق الشعوب والدول والأمم؟
إذا كانت ميثاق حقوق الانسان في الإعلان الأول بتاريخ 10 ديسمبر 1948 قد اشتغل على حقوق وحريات الفرد بالمعنى البرجوازي وفق النقد الماركسي للمدونة الحقوقية التي ظلت تتحرك ضمن المنظور الليبرالي المعولم فإن الحديث عن حقوق الشعوب والأمم في تقرير المصير بنفسها انتظر قيام حركات تحرر وطني بثورات مسلحة لإنهاء الاستعمار في البلدان المستضعفة التي تم غزوها ونهبها.
نلاحظ أن حقوق الشعوب لم تكن موضع نصوص واضحة في الميثاق العالمي حول حقوق الإنسان عند صدوره سنة1948، فكان موضوعه محل اهتمام في المواثيق اللاحقة ، كما نلاحظ أن الشعوب التي جعلها ميزان القوى في موقع أضعف هي التي ركزت على المطالبة داخل المنظمات الدولية بإصدار ميثاق يتعلق بحقوقها في تقرير مصيرها بنفسها، وبالعمل عبر تضامن عالمي على توفير الوسائل لتنفيده.
أول هذه الشروط مناخ سلمي على صعيد مكونات كل مجتمع بانهاء الحروب الاهلية، ثم على الصعيد الدولي في إطار العلاقات بين الشعوب بانهاء النزعات الثنائية والإقليمية والحروب العالمية.
الشرط العام الثاني لضمان تطبيق حقوق الإنسان على مستوى الشعوب هو سيادة نظام الحكم الديمقراطي الدي يحتفظ في وعيه بأنه منبثق من الشعب الذي هو مصدر مشروعيته، يعمل دائما، مادام هذا الوعي يحركه على احترام شعبه وعلى عدم حرمانه من حقوقه التي هو أهل لها.
نتساءل الآن عن حقوق الشعوب كماهي ضمن مواثيق حقوق الإنسان بصفة عامة. ونلخصها كما يلي:
1) لكل شعب الحق في أن تكون له السيادة على نفسه. ويعني ذلك في مستوى أول أن يكون الشعب هو مصدر السيادة، لا أن تعود تلك السيادة إلى مصدر آخر إلا بالاختيار والإنابة والتكليف.
2) من مظاهر حق الشعوب في ممارسة السيادة في تدبير شؤونها العامة عدم إخضاعها بالقوة والقهر لهيمنة خارجية تستولي على أراضيها وثرواتها.
3) إذا كان حق الشعوب في السيادة على نفسها ثابتا، فإن المواثيق الصادرة بهذا الصدد تثبت له الحق في مقاومة كل سيطرة خارجية على أراضيها وحرمانها من سيادتها على شؤونها. ولا يمكن الاحتجاج على هذه المقاومة المشروعة بأي حال من الأحوال لأنها تكون دائما ردا على عنف الاحتلال والحرمان من الحرية.
4) يدخل في نطاق حقوق الشعوب أيضا امتلاكها للسيادة على ثرواتها ومجموع الموارد الطبيعية في حدود أراضيها المعترف بها دوليا على البر والبحر والجو على السواء. وليس من الجائز تبعا لذلك حرمانها من هذا الحق.
5- يتضمن حق الشعوب الحق في الاختلاف، وذلك لأن لها تكوينا تاريخيا مختلفا، كما أن من مكونات كل شعب تعاقداته الخاصة وتقاليده وأعرافه التي يعتبر احترامها من احترام هويته المجتمعية والتاريخية.
6) من حق الشعوب على حكامها إشاعة العدالة والتنمية في المجتمع، وذلك عبر التشريعات التي تكفل لجميع الناس حقوقهم بالمساواة أمام مؤسسات العدالة، وكذلك بمنحهم فرصة الدفاع عن حقوقهم حينما يشعرون بضياع بعض الحقوق منهم.
فهل جسدت الأمم المتحدة بمختلف مؤسساتها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه؟
مقررات الجمعية العمومية للأمم المتحدة بشان التمييز العنصري في فلسطين
عن الجمعية العمومية جاء ما يلي:"وإذ يؤكد من جديد إيمانه بأهمية تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الوارد في قراره 1514 (د-15) المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1960،وإذ تؤكد من جديد أيضا أهمية الإعمال العالمي لحق الشعوب في تقرير المصير والسيادة الوطنية والسلامة الإقليمية وأهمية الإسراع بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة باعتبار ذلك من متطلبات التمتع الكامل بجميع حقوق الإنسان،وإذ تؤكد من جديد كذلك التزام جميع الدول الأعضاء بالامتثال لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بممارسة حق تقرير المصير للشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية،إذ يشير إلى قراره 1514 (د-15) وجميع القرارات ذات الصلة المتعلقة بتنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة،...وإذ تشير إلى إعلان جنيف بشأن فلسطين وبرنامج العمل لإعمال الحقوق الفلسطينية اللذين اعتمدهما المؤتمر الدولي المعني بقضية فلسطين، وإذ ترى أن استمرار الإجراءات القمعية الإسرائيلية وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والسيادة والاستقلال والعودة إلى فلسطين يشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين، وإذ تضع في اعتبارها قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بقضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني،وإذ يساوره بالغ القلق والانزعاج إزاء العواقب المؤسفة لأعمال العدوان الإسرائيلية ضد لبنان وممارساتها في أجزاء من جنوب لبنان واحتلالها المستمر لها، فضلا عن رفضها تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ولا سيما القرار 425 (1978) ) بتاريخ 19 مارس 1978،
1 - يدعو جميع الدول إلى التنفيذ الكامل والأمين لجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة فيما يتعلق بممارسة حق الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية في تقرير المصير والاستقلال؛
2. يؤكد من جديد شرعية كفاح الشعوب من أجل الاستقلال والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتحرر من الهيمنة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي بجميع أشكاله وبجميع الوسائل المتاحة؛
3. يؤكد من جديد أيضا الحق غير القابل للتصرف للشعب الفلسطيني وجميع الشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي والسيطرة الاستعمارية في تقرير المصير والاستقلال الوطني والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والسيادة دون تدخل أجنبي؛
4. يدعو تلك الحكومات التي لا تعترف بالحق في تقرير المصير والاستقلال لجميع الشعوب التي لا تزال تحت السيطرة الاستعمارية والقهر الأجنبي والاحتلال الأجنبي أن تفعل ذلك؛
5 - يدعو إسرائيل إلى الامتناع عن الانتهاكات المتعمدة المستمرة للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني، والتي تشكل عقبة أمام تحقيق تقرير المصير والاستقلال للشعب الفلسطيني والجهود المستمرة لتحقيق السلام الشامل في المنطقة؛
6. تحث جميع الدول والوكالات المتخصصة والمنظمات التابعة لمنظومة الأمم المتحدة، فضلا عن المنظمات الدولية الأخرى، على تقديم دعمها للشعب الفلسطيني من خلال ممثله الشرعي والوحيد، منظمة التحرير الفلسطينية، في كفاحه من أجل استعادة حقوقه.
الحق في تقرير المصير والاستقلال وفقا لميثاق الأمم المتحدة؛
24 - تدين بشدة الانتهاك المستمر لحقوق الإنسان للشعوب التي لا تزال تحت السيطرة الاستعمارية والاستعباد الأجنبي؛
25. تدعو إلى زيادة كبيرة في جميع أشكال المساعدة التي تقدمها جميع الدول وأجهزة الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والمنظمات غير الحكومية لضحايا العنصرية والتمييز العنصري والفصل العنصري من خلال المنظمات المناهضة للفصل العنصري وحركات التحرر الوطني التي تعترف بها منظمة الوحدة الأفريقية؛
26 - تؤكد من جديد أن ممارسة استخدام المرتزقة ضد الدول ذات السيادة وحركات التحرير الوطني تشكل عملا إجراميا، وتهيب بحكومات جميع البلدان أن تسن تشريعات تعلن عن تجنيد المرتزقة وتمويلهم وتدريبهم في أراضيها وعبور المرتزقة عبرها. أراضيها جرائم يعاقب عليها ويحظر على مواطنيها العمل كمرتزقة، وتقديم تقرير عن هذه التشريعات إلى الأمين العام؛
27. يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأشخاص المحتجزين أو المسجونين نتيجة لنضالهم من أجل تقرير المصير والاستقلال، والاحترام الكامل لحقوقهم الفردية الأساسية والامتثال للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي لا يجوز بموجبها يجب أن يتعرض أي شخص للتعذيب أو للمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛
28 - تعرب عن تقديرها للمساعدة المادية وغيرها من أشكال المساعدة التي لا تزال الشعوب الخاضعة للحكم الاستعماري تتلقاها من الحكومات ومؤسسات منظومة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الحكومية الدولية، وتدعو إلى زيادة تلك المساعدة زيادة كبيرة؛
29 - تحث جميع الدول والوكالات المتخصصة وغيرها من المنظمات المختصة في منظومة الأمم المتحدة على بذل قصارى جهدها لضمان التنفيذ الكامل لإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة وتكثيف جهودها لدعم الشعوب الواقعة تحت الاستعمار.والهيمنة الأجنبية والعنصرية في نضالهم العادل من أجل تقرير المصير والاستقلال؛
30 - تقرر النظر في هذه المسألة في دورتها الثامنة والأربعين في إطار البند المعنون "حق الشعوب في تقرير المصير".16 /12/1992 * * *
وإذ تؤكد من جديد أهمية الإعمال العالمي لحق الشعوب في تقرير المصير، المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة والمجسد في العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان، من أجل ضمان حقوق الإنسان ومراعاتها بشكل فعال، القرار 2200 ألف (الحادي والعشرون) )، المرفق. وكذلك في إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة الوارد في قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 1960، وإذ ترحب بالممارسة التدريجية للحق في تقرير المصير للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الاستعماري أو الأجنبي أو الأجنبي ودخولها في حالة دولة ذات سيادة واستقلال،وإذ يساوره بالغ القلق إزاء استمرار أعمال التدخل العسكري والاحتلال العسكري الأجنبي أو التهديد به، والتي تهدد بقمع، أو سبق أن قمع، حق تقرير المصير لعدد متزايد من الشعوب والأمم ذات السيادة،وإذ يعرب عن بالغ القلق من أن ملايين الأشخاص قد شردوا من ديارهم كلاجئين ومشردين، نتيجة لاستمرار هذه الأعمال، ويؤكد الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات دولية متضافرة للتخفيف من أحوالهم،وإذ تشير إلى القرارات ذات الصلة المتعلقة بانتهاك حق الشعوب في تقرير المصير وغيره من حقوق الإنسان نتيجة للتدخل العسكري الأجنبي والعدوان والاحتلال، التي اعتمدتها لجنة حقوق الإنسان في دورتها السادسة والثلاثين، انظر الوثائق الرسمية للأمم المتحدة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، 1980، الملحق رقم 3 والتصويب .وإذ يأخذ علما بتقرير الأمين العام عن حق الشعوب في تقرير المصير أ/49/402 و.1.
1. تؤكد من جديد أن الإعمال العالمي لحق جميع الشعوب، بما في ذلك الشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية والأجنبية، في تقرير المصير هو شرط أساسي لضمان حقوق الإنسان ومراعاتها بشكل فعال والحفاظ على هذه الحقوق وتعزيزها
2. تعلن معارضتها الصارمة لأعمال التدخل العسكري الأجنبي والعدوان والاحتلال، حيث إنها أدت إلى قمع حق الشعوب في تقرير المصير وغيره من حقوق الإنسان في أجزاء معينة من العالم؛
3. يهيب بتلك الدول المسؤولة أن توقف فوراً تدخلها العسكري واحتلالها للبلدان والأقاليم الأجنبية وجميع أعمال القمع والتمييز والاستغلال وسوء المعاملة، ولا سيما الأساليب الوحشية واللاإنسانية التي يقال إنها استخدمت لتنفيذ تلك الأعمال ضد الشعوب.
4- يشجب محنة ملايين اللاجئين والمشردين الذين شردوا من جذورهم نتيجة للأعمال المذكورة أعلاه، ويؤكد من جديد حقهم في العودة إلى ديارهم طوعاً بأمان وشرف؛
5- يطلب إلى لجنة حقوق الإنسان أن تواصل إيلاء اهتمام خاص لانتهاكات حقوق الإنسان، ولا سيما الحق في تقرير المصير، الناجمة عن التدخل العسكري الأجنبي أو العدوان أو الاحتلال؛
6. تطلب إلى الأمين العام أن يقدم تقريرا عن هذه المسألة إلى الجمعية العامة في دورتها الخمسين في إطار البند المعنون "حق الشعوب في تقرير المصير". الجلسة العامة - 23 ديسمبر 1994
هكذا يحوز الإعمال العالمي لحق الشعوب في تقرير المصير بأهمية ويطالب بالتعجيل بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة من أجل ضمان حقوق الإنسان ومراعاتها بشكل فعال.
فاذا ظلت هذه النصوص القانونية الدولية حبرا على ورق وتم خرقها والتنصل منها ألا يجوز للشعوب وبالخصوص الشعب الفلسطيني المحاصر والمشرد اتخاذ خيار المقاومة من اجل تقرير مصيرها بنفسها؟
ملاحظات ختامية
"علموا أولادكم أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية واحرار العالم من الانسانية التقدمية"
جق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه يعني أن مستقبل غزة والضفة والشتات هو شأن فلسطيني صرف والمقاومة هي الطرف المسؤول عن تحديده. الاعتراف بالكيان الهجين الذي زرع في قلب الامة هو نزع فعلي للكرامة والعزة للشعوب العربية والمسلمة والتقدمية والتطبيع الوجودي مذلة اخلاقية للنخب السياسية والفكرية والجامعية والاقتصادية والرياضية والتخاذل السياسي تواطىء مجاني مع العدو المحتل. ربما الامبريالية الصهيوغربية أسقطت الاتحاد السوفياتي وامتداداته في العالم بثقافة الاستهلاك والليبرالية البراغماتية المحافظة والجديدة وتحاول أن تفكك حضارة اقرأ بنموذج حياة الرفاهية التي تروج له وتصفي القضية الفلسطينية وتسعى الى تفكيك قدرات المقاومة الباسلة على الصمود والاستثبات والرد الصاعق. لم يسبق أن عاندنا العالم الخارجي وتحدينا القدر بنفس الندية التي يظهرها الاشاوس هذه الأيام في ساحات الوغى ولم يحدث في التاريخ المعاصر أن وقفت قوة بمفردها لسنوات طويلة في وجه الحركة الصهيونية. لقد كان الاعداد الجيد الذي قامت به فصائل المقاومة هو الذي ساعدها على التغلب على الصعوبات وتحقيق الأهداف واحراز النجاح والدعم المادي والمعنوي الذي لقيته من حاضنتها الشعبية والحضارية مكنها من الصد والعبور والمثابرة في الميدان والاصرار على جعل المستحيل ممكنا و قهر أسطورة العدو الذي لا يقهر. زد على ذلك المقاومة تعيد للفكر مريديه والفكر يمنح المقاومة استراتيجيتها. لذلك تتراوح فلسفة المقاومة بين الكفاح ضد التمييز العنصري والعبور إلى مابعد الاستعمار الاستيطاني. زيادة على ذلك المقاومة الثقافية من اهم أشكال الاشتباكات الفكرية مع العدو وتستهدف بناء الذات المقاومة والاستقلال الحضاري. المقاومة فلسفة حياة تتعارض بشكل جذري مع زمن التفاهة والحياة الاستهلاكية المعولمة. فلسفة المقاومة ضدية لليأس والتشاؤم والهزيمة والتبعية وداعمة لإرادة الحياة والتفاؤل والانتصار والاستقلالية الذاتية. لعل كانت المبادئ الايتيقية جزء من الوعود التأسيسية للكونية الأنسية الحقيقية التي تضع المقاومة النيرة لبناتها الأولى. لا بديل عن المقاومة بالنسبة للفيلسوف لكي يحقق حق الوجود الفلسفي في أمة بصدد فك الارتباط عن حلقات الهيمنة الصهيوامبريالية وفي سياق التحرر من التبعية لدول المركز. فمتى نرى العرب والمسلمين وأحرار العالم في مواجهة فعلية مع العدو المحتل وفي شراكة دائمة مع المقاومة المشروعة ويناضلون عضويا تمكينا للشعب الفلسطيني من تقرير مصيره بنفسه؟ ألا يجب أن نمر فلسفيا الى مابعد الصهيوينة؟
كاتب فلسفي