داعشية جماعة العدل والإحسان2/2.


سعيد الكحل
الحوار المتمدن - العدد: 5149 - 2016 / 5 / 1 - 03:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

وقفنا في الجزء الأول من هذه المقالة عند سعي جماعة العدل والإحسان إلى إقامة دولة الخلافة كنظام بديل عن كل الأنظمة السياسية . وهذا هدف لا تخفيه الجماعة ، بل هو جوهر ومناط وجودها "وقومتها"؛ ليبقى السؤال :كيف ستقيم الجماعة دولة الخلافة ؟وما الأساليب التي تعتمدها ؟ ظل الجناح السياسي للجماعة ممثلا في الدائرة السياسية يسوّق لدى الهيئات الحقوقية والسياسية الوطنية والدولية أن الجماعة تنبذ العنف وتقبل بالاختلاف ، وأنها مستعدة للتحالف مع بقية الأحزاب والقوى السياسية لمواجهة الاستبداد إلى أن نشرت قناة "الشاهد" التابعة للجماعة خطاب أمينها العام يشدد فيه على ضرورة إقامة دولة الخلافة وضرب أعناق الرافضين لها . لقد اسقط هذا الفيديو القناع عن الجماعة وكشف حقيقتها أمام الرأي العام وعموم الهيئات السياسية والحقوقية خاصة تلك التي انخدعت بخطاب الدائرة السياسية وتحالفت مع الجماعة في أكثر من مناسبة أو معركة . لنستنطق أدبيات الجماعة والعقائد التي تأسست عليها.
2 ـ ضرب الأعناق وقطع الأرزاق من أساليب الجماعة لإقامة دولة الخلافة : كتب الشيخ ياسين مليئة بالوعيد وأساليب العقاب والانتقام التي يذخرها لخصومه السياسيين . فمنذ البداية ، وجه الشيخ تحذيرا لهؤلاء الخصوم إن هم رفضوا الخضوع إليه والانخراط في مشروعه السياسي ( تفوت الفرصة إن انتظرتم حتى يخفق لواء الإسلام على الربوع .. خاطبنا من يعلم أن للكلم معنى ، وأن بعد اليوم غدا )( ص 8 حوار مع الفضلاء.). أما حينما تصير السلطة والدولة بيد الجماعة فكل الحقوق التي تزعم الدائرة السياسية للجماعة أنها تؤمن بها ، ستتم مصادرتها وإنزال العقوبات في حق المؤمنين بها ، ومنها حرية المعتقد والضمير( وما الدين بمعزل عن الدولة وعن التنظيم السياسي . وما الدين قضية شخصية يتسامح بصددها المسلم مع الكافر ، والتائب مع المرتد )(ص 141 الشورى )، بل يشدد ( أما والمجاهرة بالإلحاد ، والمطالبة بالحرية الفسوقية ، والحط من الإسلام ، باتت من النثر الفني في صحف الفاسقين ، ومن الكلام المتداول في مجالس الملحدين ، فمن الغفلة والغباء أن نسكت حذرا من الوقوع في إساءة الظن بالمسلمين )(ص 149 الشورى) . وخطورة الأمر أن أدبيات الجماعة تحث على قتل "المرتد" بالقوة أو بالفعل( فالردة لها أحكامها في الشريعة . تُعِدُّ الدول بنودا في دساتيرها وقوانينها لتعاقب بأقسى العقوبات من تثبت عليه الخيانة العظمى . ويَعُدُّ الإسلام أكبر الخيانات أن يرتد المسلم والمسلمة بعد إسلام .. فمتى نقَض المرتد إسلامه فقد نقض ولاءَه للأمة ). أما بعد أن تثبت أركان دولة الجماعة فستقطع أيدي الخصوم خاصة العلمانيين وأرجلهم وتفقأ عيونهم وتعطشهم حتى الموت بالاستناد إلى ما فعله الرسول رغم اختلاف السياق(كانت شدة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعداء الله بعد أن ثبتت أركان دولته في المدينة شدة بالغة . فقد غدر ناسٌ من عُكْل بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمل أعينهم ، وعطشهم حتى ماتوا عطشا )(ص149). لهذا قرر مرشد الجماعة تطبيق نوعين من العقوبات تبعا لظروف دولته . عقوبة نفي الخصوم والمعارضين قبل أن تثبت أركان دولته ، كما في مخططه ( وإن لنا في قوله وهو أرحم الراحمين:(أو ينفوا في الأرض) خيار ومندوحة عن البأس الشديد قبل أن نتمكن )(ص149). وبعد التَّمَكّن يُنزل البأس الشديد وهو قطع الأطراف وسمل العيون والتعطيش حتى الموت. فالشيخ لن يقبل توبة هؤلاء وكل الذين كانوا منتمين للأحزاب اليسارية ( دعوتنا مؤكدة إلى ميثاق إسلامي يستظل بحقه كل التائبين من هذه الأحزاب مهما كان بالأمس اقترافها ما لم تكن رائدة الفسوق والعصيان والكذب على الله وعلى الناس )(ص 571 العدل). كما استند إلى أبو الأعلى المودودي في شرعنة قطع الأرزاق ( كتب الأستاذ أبو الأعلى المودودي رحمه الله في كتاب " نظرية الإسلام وهديه" ما يلي : " وبالجملة ، فإن كل من أُعِدَّ لإدارة الدولة اللادينية ورُبِّيَ تربية خلقية وفكرية ملائمة لطبيعتها ، لا يصلح لشيء من أمر الدولة الإسلامية . فإنها ( أي الدولة الإسلامية ) تتطلب وتقتضي أن يكون كل أجزاء حياتها الاجتماعية ، وجميع مقومات بنيتها الإدارية من الرعية والمنتخبين والنواب والموظفين والقضاة والحكام وقواد العساكر والوزراء والسفراء ونظار مختلف الدوائر والمصالح ، من الطراز الخاص والمنهاج الفذ المبتكر " ) . ويشدد الشيخ على عزمه تنفيذ منهاج المودودي بقوله ( قلت : هذه عبارة أمسكوها أيضا أيها الفضلاء ، ولعل صياغتها تناسب مدارككم ).أما عن العنف المادي فقد مارسته الجماعة حين قتل أعضاؤها طلبة .الجماعة تؤجل العنف وداعش تقدمه .