النضال بالعزلة والمقاطعة


محمد منير مجاهد
الحوار المتمدن - العدد: 4966 - 2015 / 10 / 25 - 14:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

يبدو أنه يوجد نوع جديد من النضال لم نسمع عنه من قبل هو النضال بـ"العزلة والمقاطعة"، وهو نوع من النضال عابر للأحزاب السياسية – سواء يسارية أو يمينية - يعتبر أن غاية المنى هو أن يجلس المناضل لا يفعل شيئا مقاطعا التحركات السياسية الجارية في الوطن، فتسقط ثمرة الثورة بين يديه.
فالمناضلين من هذا الطراز دعوا لمقاطعة الدستور والانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية فقط المظاهرات هي الحل سواء كان قوامها آلاف البشر أو ركاب عربة مايكروباس، هم يدعون للتطهر من الناس اللي مش بجد، اللي مش شكلهم، ولا تتكلم مثلهم ولا تفكر مثلهم، وهم في الظاهر متعالين ينظرون للآخرين من برج عالي هو برج النقاء الثوري، ولكنهم في حقيقة الأمر لا يثقون في أنفسهم ولا في قدرتهم على محاربة الأفكار الخاطئة المنتشرة بين الجماهير، ولا في فضح الأعداء الطبقيين وهزيمتهم، ولا في تحقيق نصر صغير. ناسين أن الانتصارات الصغيرة كقطرات المطر تتجمع في روافد صغيرة ما تلبث أن تتجمع بدورها في أنهار أكبر وأكبر تندفع في شلالات الثورة (بالحنجوري التراكمات الكمية تؤدي لتغيرات كيفية).
هؤلاء المناضلين النساك الذين يعتزلون العالم لن يؤثروا فيه، المناضل أي المجاهد أي المحارب لا يمكن أن يجاهد في الفراغ بل يجب أن يكون وسط الناس حمايته ومجاله الحيوي وهدفه. يجاهد لتغيير الواقع بدءً من فهمه كما هو لا كما نتمنى، وينطلق من حيث يقف الناس ويأخذ بيدهم ويرفع وعيهم لا بالمحاضرات ولا بالتطهر من قاذوراتهم، ولكن بجعلهم يكتشفون ما يعرفه هو.
ما أقوله ليس اختراعا ولكن هكذا فعلت الأحزاب الجادة التي تسعى للسلطة من أول الحزب الشيوعي الروسي وحتى جماعة الإخوان والسلفيين في مصر.
أخيرا أدرك مخاوفكم فالمعركة الانتخابية تحتاج لكوادر مغروسة في طين الوطن ويعرفها أهل الدائرة وهو ما لا نملكه معشر المناضلين النساك، ويحتاج لبعض المال الذي يقل كلما زاد التواصل والتأثير الجماهيري وهو ما لا نملكه أيضا. دعونا نتغلب على مخاوفنا ونبحث في أي الدوائر حتى ولو كانت دائرة واحدة ونجمع قروشنا القليلة ونعوض نقصها بزيادة المتطوعين ونتحرك على بركة الله للنجاح، وإن فشلنا نكون قد هزمنا واقفين كالأشجار