-الترسانة القانونية- لأُوباما!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4575 - 2014 / 9 / 15 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

جواد البشيتي
في قتاله "داعش"، قال أوباما إنَّه لا يحتاج إلى موافقة الكونغرس؛ فهو يملك سلطة قتال هذا التنظيم؛ أمَّا أنْ يبيد بشار الأسد المئات من المدنيين العُزَّل الأبرياء من أبناء شعبه بالسلاح الكيميائي فهذه الجريمة لا يستطيع أوباما معاقبة مرتكبها (عسكرياً) إلاَّ بَعْد نَيْل موافقة الكونغرس؛ مع أنَّه أوضح وأكد، غير مرَّة، أنَّ ضربته ستكون محدودة (جوية وصاروخية في المقام الأول) ولن تتحوَّل إلى حرب برية.
إنَّ "داعش"، وعلى ما يَظُن أوباما، هو، الآن، بإرهابه ووحشيته، مَصْدَرٌ كافٍ للشرعية في قتاله ومحاربته؛ وهو (أي أوباما) يريد للعالَم أنْ يَنْظُر إلى هذه الحرب على أنَّها حرب نبيلة إنسانية حضارية، تُقاتِل فيها بلاده "قاطعي الرؤوس"!
مستشارو أوباما يقولون إنَّه بالفعل لديه تفويض في استخدام الجيش، فبعدما ضَرَبَت "القاعدة" في الولايات المتحدة سنة 2001، مرَّر المشرِّعون تفويضاً للحكومة في استخدام الجيش؛ ولم يقتصر نص التشريع على تنظيم "القاعدة".
وينص التفويض على أنَّ "للرئيس الحق في استخدام كل القوة اللازمة والمناسبة ضد الأمم، أو التنظيمات، أو الأشخاص، الذين تثبت مشاركتهم في تخطيط، أو ارتكاب، أعمال إرهابية، أو تثبت مساعدتهم الإرهابيين؛ وبموجب هذا التفويض، ضَرَب الرئيس السابق جورج بوش من دبَّروا الهجوم على بلاده سنة 2001، في أفغانستان، وفي غيرها.
وقبل خطاب أوباما، قال أحد المسؤولين الحكوميين للصحافيين إن أوباما سيعتمد على تفويض سنة 2001 في الضربات الجوية التي سيوجهها إلى تنظيم "داعش".
وقال مارك ثيسين، كاتِب خطابات بوش، إنَّ أوباما بإمكانه، ويتعيَّن عليه، اللجوء، في حملته على "داعش"، إلى ما لجأ إليه بوش، في حملته على "القاعدة".
وأضاف ثيسين قائلاً: "الرئيس (أوباما) يواجِه التنظيم نفسه؛ ولكن بشكل مختلف؛ وهو لا يحتاج إلى تفويض إضافي إنْ كان يحارب عدواً في العراق، ثم فر هذا العدو إلى الأراضي السورية"؛ ومع ذلك، ناشد أوباما الكونغرس أنْ "يمنحه مزيداً من الصلاحيات والموارِد لتدريب المعارَضَة السورية المعتدلة (في خارج الأراضي السورية) وتسليحها"؛ ففي هذا الأمر فحسب، بدا أوباماً محتاجاً إلى موافقة ودعم الكونغرس!
لقد حرص أوباما على أنْ يؤكِّد، في استمرار، أنَّ الولايات المتحدة لن تتورَّط في حروب برية؛ وكأنَّه، في حرصه هذا، يريد أنْ يُصَوِّر شعبه على أنَّه غير مُعْتَرِض، من حيث المبدأ، على حروب حكومته؛ لكنه يعترض فحسب على كل حرب يمكن أنْ تُلْحِق بجيشه خسائر بشرية ولو ضئيلة.
لقد اهتدت الولايات المتحدة أخيراً إلى "خَيْر الحروب"؛ فهي تستعمل أسلحة الحرب عن بُعْد (ضربات جوية وصاروخية) تاركةً الجيوش البرية المحلية "الحليفة" لها تتقدَّم وتسيطر وتملأ الفراغ؛ أمَّا الضلع الثالث لهذا المُثَلَّث فهو "الحلفاء المموِّلين"؛ وهكذا تخوض الولايات المتحدة، وتقود، الحروب في كل مكان، والتي هي حروبها هي في المقام الأوَّل؛ فَمِن بعض الحلفاء تحصل على "الدم"، ومن بعضهم على "المال"؛ أمَّا هي فلها "الحصاد"!
يقول أوباما: سنُطارِد "الإرهابيين"، وهُمْ الآن "داعش"، في كل مكان؛ ولن نسمح لهم بالحصول على أيِّ ملاذٍ آمِن. إنَّه يَطْلُب رؤوس الإرهابيين ولو في الصين. هذا القول لا معنى له إلاَّ الآتي: لبلوغ أهدافها في كل مكان، وفي أيِّ مكان، ستَشُن الولايات المتحدة الحروب (الرخيصة لها) مُسْتَذرِعةً بـ "داعش"، و"ماعش"، و"ناعش"!
حتى تدمر الوﻻ-;-يات المتحدة معقل "القاعدة" في أفغانستان نشرت جيشا برياً لها في هذا البلد واحتلته؛ أما في سعيها للقضاء على "داعش" في العراق وسورية فما عادت تحتاج إلى هذا النمط (القديم، المكلف) من الحروب؛ والسبب يكمن في نتائج "الفوضى الخلاقة"، التي شرعت الوﻻ-;-يات المتحدة اﻵ-;-ن (وبفضل الشر المطلق لـ "داعش") تُنَظِّمها؛ فلقد حان موسم القطاف!