انحناء -الزمكان- من وجهة نظر جدلية!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 5644 - 2017 / 9 / 19 - 22:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     


"انحناء المكان (والفضاء)" هو ظاهرة فيزيائية مُثْبَتة مؤكَّدة؛ والفيزيائيون يحاولون، فحسب، أنْ يتعرَّفوا درجة، أو شدَّة، هذا "الانحناء". والارتباط الدائم لـ "تباطؤ الزمان" بـ "انحناء المكان" هو، أيضاً، في حُكْم الأَمْر المُثْبَت المؤكَّد؛ فليس ممكناً أبداً أنْ تَحْصَل على "انحناء" في المكان من غير أنْ تَحْصَل، في الوقت نفسه، على "تباطؤ (أو انحناء، أو تمدُّد)" في الزمان؛ وحجم هذا "التباطؤ" هو دائماً من حجم ذاك "الانحناء".
ونحن نرى ونُعايِن "انحناء المكان" في "المسار"، أيْ في المسار الذي فيه يسير جسم (أو جسيم) ما؛ فـ "المسار"، بانحنائه الحتمي، يَعْكِس "انحناء المكان (والفضاء)".
"المستقيم"، تعريفاً، هو "المسافة الأقصر بين نقطتين"؛ وحيث ينحني المكان، تنحني هذه المسافة، أيْ ينحني المستقيم نفسه؛ ومع ذلك، لا يُدْرِك الشخص الذي يسير (في الفضاء) في "خَطٍّ مستقيم (قد انحنى؛ لانحناء الفضاء نفسه)" هذا الانحناء في مساره؛ وإنَّ كل ما لديه من أدوات وأجهزة ووسائل وطرائق للقياس والمراقبة والرَّصد والاختبار يؤكِّد له أنَّ الاستقامة في خَطِّ سيره ما زالت في الحِفْظ والصَّوْن.
إنَّ الجسم (أو الجسيم) في سَيْره في الفضاء لا يَفْعَل سوى شيء واحد فحسب، هو "أنْ يَتْبَع دائماً مساره (المُحدَّد له سَلَفَاً)"؛ فهو لا يملك، أبداً، تغييراً لمساره؛ وهذا المسار إمَّا أنْ يكون "مستقيماً"، وإمَّا أنْ يكون "مُنْحَنِياً"؛ و"انحناؤه" إمَّا أنْ يكون ضعيفاً، وإمَّا أنْ يكون شديداً. القوى الخارجية هي وحدها التي يمكنها أنْ تُخْرِج الجسم عن المسار الذي يَتْبَعه، وأنْ تُسيِّره، من ثمَّ، "كما تشاء"؛ فـ "بيدك"، مثلاً، تستطيع أنْ تقوم بهذا العمل؛ أمَّا إذا ظلَّ الجسم حُرَّاً من ضغوط قوى خارجية، فلا خيار له، عندئذٍ، إلاَّ أنْ يَتْبَع مساره (المُحدَّد له سلفاً، والذي، من تلقائه، لا يمكنه أبداً تغييره).
تَخَيَّلْ "متراً"، على شكل قضيب، ثُبِّتَت فيه "ساعة"، وشرع هذا المتر يسقط سقوطاً حُرَّاً في اتِّجاه عُمْق "ثقب أسود" Black Hole، مُوشِكاً أنْ يَبْلُغ حدَّه الخارجي ("أُفْق الحدث" Event Horizon).
"المتر"، ومن وجهة نظره هو، يسير، في سقوطه الحر، متزايد السرعة في استمرار، في مسارٍ مستقيمٍ؛ لكنَّ هذا المسار، ومن وجهة نظر مراقب خارجي، يَقِف بعيداً عن "الثقب الأسود"، يشتد انحناءً (مع أنَّه ما زال يُمثِّل "المسافة الأقصر بين نقطتين"). وهذا المراقِب الخارجي يرى أيضاً انكماشاً متزايداً للمتر، وتَعاظُماً في كتلته وكثافته، وتباطؤاً متزايداً في سَيْر عقارب الساعة المُثَبَّتة في المتر ؛ وبسبب تباطؤ الزمان، يرى المراقب الخارجي تباطؤاً في سرعة سقوط المتر. افْتَرِضْ أنَّ كتلة ضخمة من غاز الهيدروجين هي التي تسقط الآن سقوطاً حُرَّاً في اتِّجاه الحد الخارجي لـ "ثقب أسود". هذه الكتلة، وبسبب سرعتها الهائلة في السقوط، وتنامي هذه السرعة في استمرار، تزداد سخونة، مُطْلِقَةً من الطاقة ما يَفُوق 100 مرَّة حجم الطاقة التي تُطْلِقها، أو تتحرَّر منها، في "الاندماج النووي"؛ وهذا ما يَجْعَل "الثقب الأسود" يشبه "كتلة جليدية تحيط بها النيران"؛ فـ "الثقب" هو جسم شديد البرودة؛ أمَّا حَوْله فترى المادة التي يُوْشِك أنْ يلتهمها في منتهى السخونة.
"المتر" الآن أوشكَ أنْ يُلامِس الحدَّ الخارجي لـ "الثقب الأسود"؛ وَلْنَفْتَرِض أنَّه وقَبْل أنْ يلامسه "قرَّر" العودة إلى حيث كان، أيْ إلى نقطة في الفضاء تبعد كثيراً عن هذا "الثقب". في هذه الحال، يحتاج "المتر" إلى "قوَّة ما" تدفعه (بشدَّة) للسير صعوداً (في هذه الحُفْرة الفضائية العميقة). هذه القوَّة ينبغي لها أنْ تُزوِّده طاقة حركية هائلة حتى يستطيع السَّيْر صعوداً (إلى أعلى). لكنَّ الصعود ليس كالهبوط، أو السقوط؛ ففي السقوط (الحر) يكتسب المتر طاقة (فتزداد سرعة سقوطه، وتَعْظُم كتلته). وفي الصعود يَفْقِد الطاقة التي شَحَنَتْهُ بها تلك القوَّة الخارجية (قوَّة الدَّفْع إلى أعلى). ولا بدَّ لهذه القوَّة، من ثمَّ، من أنْ تستمر في شحنه بمزيدٍ من الطاقة حتى يغادِر تلك "الحُفْرة".
افْتَرِضْ أنَّ "المتر"، الذي أوشكَ أنْ يلامس الحد الخارجي لـ "الثقب الأسود"، قد استمر في سقوطه الحر (متزايد السرعة). لقد اجتاز الآن الحد الخارجي حتى بَلَغ عُمْق "الثقب الأسود"، أو "نقطته المركزية (عديمة الحجم، لانهائية الكثافة)" Singularity. هذه المسافة التي اجتازها (وهي نصف قطر "الثقب الأسود") صغيرة جدَّاً (10 كم مثلاً). من وجهة نظره، وبحسب الساعة المُثَبَّتة فيه، اجتاز هذه المسافة في أقل من ثانية واحدة مثلاً. أمَّا المراقب الخارجي فلا يرى شيئاً من ذلك؛ فكل ما يراه، ويستمر في رؤيته إلى الأبد، هو "المشهد الأخير"، والذي فيه يَظْهَر المتر وقد توقَّف تماماً عن الحركة على مقربة من الحد الخارجي لـ "الثقب الأسود". ويكفي أنْ يَدْخُل "المتر" في جوف "الثقب الأسود" حتى تستحيل عودته إلى حيث كان.
تَخَيَّلْ الآن أنَّ "المتر" ما أنْ دَخَل في جوف "الثقب الأسود" حتى تحوَّل إلى "إلكترون"، أو "فوتون"، على افتراض أنَّ هذا "الثقب" يشتمل على جسيمات. حتى "الجسيم"، ولو كان عديم الكتلة السكونية، لا يستطيع "المغادرة"؛ فـ "انحناء المكان (أو الجاذبية)" هنا لا مثيل لشدته في الكون كله؛ ولو وُجِد جسيم ما في عُمْق "الثقب الأسود"، أكانت كتلة هذا "الثقب" تعدل كتلة ذرَّة أم تعدل كتلة 2000 مليون شمس، لَمَا استطاع الإفلات (أو المغادَرَة) لأنَّ سرعة الإفلات هنا تفوق كثيراً سرعة الضوء؛ وليس من شيء في الكون يمكنه السَّيْر بسرعة تفوق سرعة الضوء.
هنا، دَعُوا الديالكتيك يُحْرِز نصراً جديداً؛ فالشيء يكفي أنْ يزيد (أو ينقص) عن حدِّه حتى ينقلب إلى ضده.
كلَّما اشتد انحناء المكان (أيْ كلما اشتدت الجاذبية) عَظُمَت "سرعة الإفلات"، وقوي مَيْل "حقل الجاذبية" إلى حَبْس المادة فيه؛ لكنَّ هذا الانحناء ما أنْ يتخطَّى في اشتداده وتَعظُمه حدَّاً معيَّناً (أو حدُّه الأقصى) حتى يَسْلُك سلوكاً معاكِساً مضاداً؛ فالمادة الحبيسة في جوف "الثقب الأسود" تتحرَّر منه بسبب شِدَّة (لا بسبب ضَعْف) انحناء المكان، و"يَتَبَخَّر"، من ثمَّ، هذا "الثقب".
إنَّ المكان لا يمكن أنْ ينحني، وأنْ ينمو انحناءً، من غير أنْ يَخْلق ويُهيِّئ، في الوقت نفسه، من الأسباب والعوامل والقوى والظروف ما يكفي لتحوُّله إلى نقيضه؛ ونقيض الانحناء لا يأتي إلاَّ من تخطِّي الانحناء في نموِّه نقطةً معيَّنة؛ فمَع، وبسبب، تخطى هذه النقطة، يَخْرُج نقيض الانحناء من أحشاء الانحناء، ورغماً عنه.
لقد سعوا مِنْ قَبْل إلى الإتيان بمزيدٍ من الأدلة (النظرية والمنطقية) على أنَّ هذا الانحناء الأقصى للمكان في "الثقب الأسود" لن يسمح أبداً لأيِّ شيء بالإفلات من هذا "الثقب"؛ وكأنْ لا خيار لدى "الثقب الأسود" إلاَّ أنْ يظل محتفظاً بمادته (بكتلته وطاقته) إلى الأبد؛ أمَّا الآن فيتحدَّثون عن "المفارقة"، قائلين إنَّ "الثقب الأسود"، وبسبب "جاذبيته الهائلة"، يَفْقِد مادته، ويتبخَّر.
إنَّ قوانين الديالكتيك جميعاً تَتَّسِم بالشمولية؛ فهي تَشْمَل، ولا بدَّ لها من أنْ تَشْمَل، الكون كله، وكل شيء في الكون، فلا شيء، ولو كان "الثقب الأسود"، يُسْتَثْنى منها؛ وأنتَ لو نَظَرْتَ بعَيْن الديالكتيك في أيِّ شيء لاكتَشَفْتَ فيه كل أجِنَّة الديالكتيك، ولاكتَشَفْتَ، أيضاً، أنَّ ما تراه في شيء ما من قوانين الديالكتيك يمكنكَ، وينبغي لكَ، انْ تراه في سائر الأشياء.
وتدليلاً على ذلك، أَوْرِد مثالاً بسيطاً هو "غلاء سعر سلعة ما".
إنَّنا نرى سعر هذه السلعة يرتفع في استمرار، فَنَظُن أنْ ليس لهذا النموِّ في غلائها من نهاية؛ لكننا، بعد حين، نرى "النقيض"؛ فغلاؤها تَحَوَّل رخصاً. رخص السلعة له أسبابه؛ ويمكننا معرفتها وإدراكها وتعدادها؛ فلا شيء إلاَّ وله أسبابه. والآن، أَمْعنوا النَّظر في أسباب رخص السلعة، فتَجِدوا أنَّ هذه الأسباب هي نفسها "النتائج (والعواقب)" المترتبة حتماً على غلائها؛ فالسلعة لا يرتفع سعرها، ولا يمكنه أنْ يرتفع، وأنْ يزداد ارتفاعاً، من غير أنْ يأتي هذا الغلاء، في الوقت نفسه، بكل ما يتسبَّب بتحوُّله إلى نقيضه، أيْ إلى رخص؛ فغلاء السلعة، والذي يعني زيادة ربح التاجر ورب العمل، يَدْفَع إلى زيادة إنتاجها، وزيادة المعروض منها، من ثمَّ، في الأسواق؛ ومع تَعاظُم المعروض من السلعة في الأسواق، يشرع سعرها يهبط، فيتحول غلاؤها إلى رخص. إنَّ الغلاء نفسه، وبتعاظمه، هو المُنْتِج للرخص.
الغلاء ينمو؛ فما معنى نموِّه؟
إنَّ كل ارتفاع في سعر السلعة لا يمكن فهمه وتفسيره إلاَّ على أنَّه النتاج الحتمي للتغلُّب على الرخص (في الصراع، وبالصراع) وللاحتفاظ به في الوقت نفسه؛ فالرخص المُحْتَفَظ به (بعد التغلُّب عليه) هو ما يُفسِّر ويُعلِّل كل زيادة لاحقة في سعر السلعة. ويظل الغلاء ينمو حتى بلوغه نقطة تسمَّى فلسفياً نقطة "انقطاع التدرج"؛ فإذا تخطَّاها، تحوَّل، حتماً، إلى رخص.
والآن، دَعُونا نَفْهَم انحناء المكان (أو الجاذبية) وتَعاظُم انحناؤه كما فَهِمْنا غلاء، وتَعاظُم غلاء السلعة؛ فالانحناء، أوَّلاً، هو النتاج الحتمي للتغلُّب (في الصراع، وبالصراع) على الاستواء (والانبساط، والاستقامة) في المكان، وللاحتفاظ بهذا الاستواء في الوقت نفسه (بعد التغلُّب عليه). والمكان مهما اشتد وعَظُم انحناؤه يظل، ويجب أنْ يظل، منطوياً، مشتملاً، على الاستواء، فالضدان هما دائماً معاً.
إنَّ المكان لا ينحني، ولا يمكنه أنْ ينحني، وأنْ يَعْظُم انحناءً، من غير أنْ يُنْتِج، في الوقت نفسه، الأسباب المؤدية حتماً إلى تحوُّله إلى نقيضه، إلى استواء.
"الثقب الأسود" هو الانحناء الأعظم والأشد للمكان؛ وفي هذه النقطة، التي بلغ فيها انحناء المكان مبلغه، تجتمع الأسباب المؤدية حتماً إلى تحوُّل الانحناء إلى استواء؛ وهذا التحوُّل هو ما يَشْرَح ويُعلَّل فيزيائياً بما يسمَّى "إشعاع هوكينج" Hawking radiation.
في الفضاء الأقرب إلى الحد الخارجي لـ "الثقب الأسود" يصبح ممكناً (فيزيائياً) أنْ يسقط أحد جسيمين (متضادين) افتراضيين (Virtual particles) بعد انفصاله عن الآخر في جوف "الثقب الأسود"، مُجْتازاً مسافة قصيرة (نصف قطر "الثقب الأسود"). بعيداً عن "الثقب الأسود"، ينبثق الجسيمان الافتراضيان من الفضاء (Empty Space) فيتصادما، فيتبادلا الفناء.
لماذا سقط هذا الجسيم الافتراضي المنفصل عن توأمه في جوف "الثقب الأسود"؟
لقد سقط بسبب الجاذبية الهائلة لـ "الثقب الأسود"، أيْ بسبب هذا الانحناء الشديد للمكان هناك.
بعد، وبسبب، سقوطه، يكتسب الجسيم الافتراضي الآخر (المضاد) والذي بقي "مُنْتَظِراً في خارج "الثقب الأسود"، طاقة، فيستمر في الوجود.
من أين أتته هذه الطاقة (الهائلة نسبياً) والتي بفضلها تحوَّل إلى جسيم حقيقي؟
أتته من "الثقب الأسود" نفسه؛ مع أنَّ هذا "الثقب" يمنع حتى الضوء من مغادرته.
وبانتقال هذه الطاقة من "الثقب الأسود" إلى هذا الجسيم، "يتبخَّر(قليلاً)" هذا "الثقب".
المراقِب الموجود في خارج "الثقب الأسود" يرى جسيمات تتطاير منه؛ لكنَّ هذه الجسيمات لا تتطاير من داخل "الثقب"؛ فهي جسيمات افتراضية موجودة على مقربة من الحد الخارجي لـ "الثقب الأسود"، فاكتسبت طاقة من طريق تَبَخُّر "الثقب"، فتحوَّلت إلى جسيمات حقيقية متطايرة؛ والعاقبة النهائية الحتمية لتبخُّره هي تَحوُّل الانحناء في المكان إلى استواء. ما يراه هذا المراقِب إنَّما هو جسيمات نشيطة (مُفْعَمة بالطاقة) تنطلق من خارج منطقة "أُفْق الحدث"، لا من داخلها.
في "الثقب الأسود" يبلغ انحناء المكان مبلغه؛ والعواقب الحتمية لهذا الانحناء هي نفسها أسباب تبخُّر هذا "الثقب"، وتَحَوُّل الانحناء في المكان إلى نقيضه، وهو الاستواء والانبساط والاستقامة.
إنَّكَ لا تستطيع الحصول على هذا الانحناء الأشد من غير أنْ تحصل، في الوقت نفسه، على عواقبه (إسقاط أحد الجسيمين الافتراضيين المتضادين، بعد انفصالهما، في جوف "الثقب الأسود"؛ وخروج طاقة هائلة نسبياً من "الثقب"، في اللحظة عينها، يكتسبها الجسيم الافتراضي الآخر "المُنْتَظِر" بعيداً، فيتحوَّل إلى جسيم حقيقي؛ و"تَبَخُّر" هذا "الثقب").
فيزيائياً، ثَبُتَ وتأكَّد أنَّ هذا الانحناء الأشد للمكان يتحوَّل حتماً إلى نقيضه، أيْ إلى استواء في المكان؛ وهذا إنَّما يقيم الدليل على أنَّ هذا الانحناء الأشد للمكان هو المُنْتِج حتماً لأسباب تبخُّر "الثقب الأسود"، والذي بتبخُّره يتحوَّل الانحناء إلى استواء.
كان الاعتقاد مِنْ قَبْل أنَّ "الثقب الأسود" لا يُطْلِق "مادة" بسبب جاذبيته الشديدة؛ والاعتقاد الآن هو أنَّ "الثقب الأسود" يُطْلِق "مادة"، ولا بدَّ له من أنْ يُطْلِقها، بسبب جاذبيته الشديدة؛ فهو، بلغة الديالكتيك، "يُطْلِق، ولا يُطْلِق، في الوقت نفسه". إنَّ الضوء نفسه (وعلى افتراض وجود فوتونات في داخل "الثقب الأسود") لا يستطيع الإفلات منه؛ ومع ذلك، تتلاشى مادته؛ فَمِنْ طريق تلاشيها (تبخُّرها) تكتسب الجسيمات الافتراضية (في خارجه) وجوداً فعلياً. جاذبيته الهائلة هي التي "تَسْحَب" جسيماً افتراضياً (يتموضَع في خارجه، وعلى مقربة منه) إلى جوفه؛ و"سقوط" هذا الجسيم في جوف "الثقب الأسود" هو الذي يتسبَّب بفَقْد هذا "الثقب" بعضاً من طاقته؛ وهذه الطاقة المفقودة (أيْ التي غادرت "الثقب" إلى خارجه) تكون كافية لتحويل الجسيم الافتراضي الآخر ("المُنْتَظِر" في الخارج) إلى جسيم حقيقي.