-النُّقْطَة- التي منها وُلِدَ الكون!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4500 - 2014 / 7 / 2 - 19:42
المحور: الطب , والعلوم     

جواد البشيتي
"النُّقْطَة صِفْريَّة الحجم، لانهائية الكثافة" Singularity، وإذا ما سَلَّمْنا بصحة "فكرتها"، لا تأتي مِنْ "لاشيء"، وإنْ كانت هي نفسها "اللاشيء"؛ فالمادة إنْ تَرَكَّزَت (لسببٍ فيزيائيٍّ ما) في حيِّزٍ، هو الأصغر نسبياً، أيْ نِسْبَةً إلى "كتلتها"، تتحوَّل حتماً إلى "ثقب أسود" Black Hole، تتموضع في "مركزه" تلك "النُّقْطَة"؛ فـ "الثقب" يشبه جسماً كروياً.
الكون، أو كوننا، وفي "الانفجار" الكوني Big Bang، وُلِدَ من "نقطة" شبيهة بتلك "النُّقْطَة"؛ لكنَّ "النُّقْطَة الكونية"، أو ما يسمَّى "البيضة الكونية"، لم تكن جزءاً من "ثقب أسود كوني"، تتموضع هي في "مركزه"؛ لأنَّ "الثقب الأسود" ظاهرة من ظواهر كوننا، ينشأ في جزءٍ من فضائنا الكوني؛ فلا وجود لـ "ثقب أسود" إلاَّ إذا وُجِدَ "الفضاء"؛ والفضاء، بحسب نظرية "الانفجار الكبير"، لم يكن له من وجود "قَبْل" هذا "الانفجار".
"الثقب الأسود" الأضخم (على ما يُزْعَم الآن) يتموضع في مَرْكَز المجرَّة، أيْ في مَرْكَز كل مجرَّة؛ وكتلته تَعْدِل الكتلة الكلية لآلاف الملايين من الشموس؛ وهذا "الثقب" مثله مثل سائر "الثقوب" يزول حتماً؛ لكن بما يشبه "التَّبَخُّر"؛ وكلَّما عَظُمَت كتلة "الثقب الأسود"، استغرق "تبخُّره" زمناً أطول. و"الثقب الأسود" لا يُوْجَد، ولا يمكنه أنْ يُوْجَد، إلاَّ إذا كان "تبخُّره (أو زواله)" ممكناً، وحتمياً؛ وشَرْط "تبخُّره (أو زواله)" هو "الجسيمات الافتراضية (Virtual Particles) المتضادة التي تنبثق من الفضاء (Empty Space) على مقربة من الحدِّ الخارجي (Event Horizon) للثقب". في هذه الطريقة (والمسمَّاة "إشعاع هوكينج") فحسب يتبخَّر "الثقب الأسود".
وبما يوافِق نظرية "الانفجار الكبير"، نقول (أيْ يمكننا، وينبغي لنا، أنْ نقول) باستحالة أنْ يكون "ثقبٌ أسود" هو أصل الكون، أو أنْ يكون كوننا "ثقباً أسود".
من تلك "النُّقْطَة الكونية (صفريَّة الحجم، لانهائية الكثافة)"، والتي ليست بجزءٍ من "ثقب أسود كوني"، وُلِدَ الكون، أيْ نشأ "كل شيء"؛ وليس من شيء في الكون (ولو كان أصغر جسيم) له وجود، أو شبيه، في "النقطة الكونية"؛ وليس من خاصية فيزيائية لها وجود في تلك "النُّقْطَة"؛ فهذه "النُّقْطَة" ليس كمثلها شيء؛ لأنَّها "لاشيء".
"النُّقْطَة الكونية" لم تَعْرف أي "تغيير"؛ لأنْ "الزمن" لم يكن موجوداً فيها؛ ولم تُوْجَد في مكان ما، أو في زاوية ما من الفضاء؛ لأنَّ "المكان" و"الفضاء" لم يكونا موجودين؛ حتى "الجاذبية" لم يكن لها من وجود في "النُّقْطَة الكونية"؛ لأنْ لا جاذبية بلا فضاء. إنَّها، باختصار، ليست "مادة" Matter؛ لأنْ لا وجود لمادة مُجرَّدة من "الزمان" و"المكان" و"الحركة" و"القوى".
حتى "الانفجار الكبير"، الذي به خُلِق "كل شيء"، بدءاً بالزمان والمكان والجسيمات الأوَّلية، أو "الخيوط"، لا يمكن تعليله فيزيائياً؛ وكأنَّ "اللاشيء" هو مبتدأ "كل شيء"؛ و"اللاعِلْم" هو مبتدأ هذا "العِلْم"، المسمَّى نظرية "الانفجار الكبير"!