العبودية في بلاد العرب!


جواد البشيتي
الحوار المتمدن - العدد: 4488 - 2014 / 6 / 20 - 22:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

العبودية في بلاد العرب!
جواد البشيتي
أخيراً، وفي بريطانيا، دَخَلَ قانون جديد حيِّز التنفيذ، جُرِّمَ فيه "الزواج القسري"، الذي يُنْظَر إليه على أنَّه نوعٌ من العبودية؛ فالآباء الذين يُرْغِمون (بطرائق شتَّى) أبناءهم (من الإناء أو الذكور) على الزواج يلقون عقوبة جنائية هي السجن 7 سنوات (في حدِّها الأقصى). وفي الصومال، تُتَّهَم الفتاة المُغْتَصَبَة بممارسَة البغاء، فتُقْتَل. وفي موريتانيا، تَنْتَشِر العبودية؛ فنحو نصف السكَّان عبيد، أو عبيد سابقون؛ وبعضٌ من العبودية فيها من الشكل الحديث، ويشمل الزواج القسري، وبيع أو استغلال الأطفال، والعمل القسري، وتهريب البشر. وفي غرب اليمن، تسود وتهيمن القبائل وزعماؤها وشيوخها وثقافتها؛ أمَّا "الدولة" فلا وجود لها، إنْ وُجِدَت، إلاَّ باستخذائها وخضوعها لمشيئة زعماء وشيوخ القبائل، الذين لم يروا من "الدولة"، أو فيها، إلاَّ ما يُقْنِعهم بأنَّها "القبيلة" وقد أصبحت "دولة"، أو أصبح لها "دولة"، فدولنا قبائل، وقبائلنا دول.
أحد العبيد (في اليمن) نال حرِّيته قبل بضع سنوات؛ فإنَّ أحد "الأحرار"، أو "الأسياد"، اشتراه، ثمَّ "عتقه" تكفيراً عن ذنب ارتكبه هذا "السيِّد". "سيِّد" آخر لم يرَ "إثماً" في وجود "عبيد" و"جواري" لديه، وسعى في إثبات أنَّ احتفاظه بالجواري ليس بالأمر الحرام دينياً، وأنَّ "عَتْق عبيدٍ" هو السبيل إلى التكفير عن الذنوب والآثام التي يرتكبها هو، أو قد يرتكبها؛ فكيف له أن يعتق عبداً، أو يحرِّره، إذا لم يكن مالكاً له؟!
ومع ذلك، لا تظلموا اليمن، فإنَّ الله لا يُحِبُّ الظالمين؛ ولا تَدْعوا إلى تحرير عبيدها وعبيدنا، إلاَّ إذا كان ممكناً أنْ يُحرِّر العبيد عبيدهم!
"مُصْلِحَة اجتماعية" عربية دَعَت إلى الاستعجال في سَنِّ قانون (عصري) للجواري، حمايةً للرجال من الفساد، وللأبناء من شَرِّ الزنا، وللمجتمع من الأمراض والمعاصي؛ إنَّها دعوة صريحة إلى العودة إلى "عصر الجواري (والإماء)" في القرن الحادي والعشرين. و"المشكلة" التي أرادت هذه "المُصْلِحَة" حلَّها هي أنَّ الرِّجال في مجتمعنا يُكْثِرون من "مصاحبة النساء"، ويتَّخِذون البنات خليلات لهم من دون زواج، فيضيعون دينهم، ويأتون بالمعاصي، ويُنْجِبون "أطفال الزنا"، ويتسبَّبون بنقل الأمراض. وبعد إعمالها التفكير، قالت إنَّ الحل يكمن في "إحياء نظام الجواري"، مع وَضْع "ضوابط قانونية له"؛ لكن من أين تأتي بـ "الجواري"؟ في الإجابة، اقترحت "المُصْلِحة الاجتماعية" استقدام الجواري من روسيا (ومن دول أخرى غير إسلامية) داعيةً إلى جَعْل "سبايا الروس" لدى "الشيشان" جواري لدى رجالنا!
الشيخ المصري أبو إسحق الحويني تحدَّث عن "ضرورة العودة إلى نظام الرِّق والاستعباد، وسَبْي النساء الكافرات، واتِّخاذهن جواري (للرجال المسلمين الأثرياء)"، معتبراً أنَّ في هذه "العودة" خير حلٍّ للمشاكل الاقتصادية، وأنجع دواءٍ للفقر"؛ أمَّا الداعية الإسلامي صالح الغانم فرأى أنَّ امتلاك الجواري بالحرب هو أمر جائز "إذا ما خيضت الحرب تحت راية ولي الأمر"، الذي "يحقُّ له وحده التصرُّف بالسبايا كيفما يشاء؛ فله أنْ يقتلهن أو يوزِّعن على الرجال المسلمين".
قديماً، كانوا يوثقون العبد في الوثاق؛ لأنَّ روح الإنسان فيه كانت حرَّة تقاوِم؛ وحديثاً، انتفت الحاجة إلى القيد والغل والصفد، فتحرَّر الجسد؛ لأنَّ الروح ارتضت العبودية، نمط عيش وتفكير، فكم من إنسان أوثقوه بالقيد؛ ولكنْ ظلَّ حرَّاً؛ لأنَّه رأى القيد قيداً، وسعى في تكسيره، ولم يتخلَّق بأخلاق العبيد، فيَنْظُر إلى قيده على أنَّه نعمة؛ وكم من إنسان كان حرَّاً من القيود؛ ولكنَّه ظل عبداً؛ لأنَّه تخلَّق بأخلاق العبيد، فعجز عن رؤية القيد في عقله وروحه وإرادته!