إلى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي – تحية وتقدير


رزكار عقراوي
الحوار المتمدن - العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 00:57
المحور: التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية     

رفاقي ورفيقاتي في الحزب الشيوعي العراقي أقدم لكم التحايا الحارة بمناسبة التحضير لعقد المؤتمر التاسع للحزب الذي سينعقد في ظروف بالغة التعقيد مليئة بالمعوقات أمام نضال الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين في العراق بفصائلهم المختلفة.
كما أقدم لكم وللرفاق والرفيقات في اللجنة المركزية الشكر الجزيل على دعوتي للمشاركة في إبداء الرأي حول الوثائق المطروحة للمؤتمر الذي سأطرحه من خلال ملاحظاتي هذه وقد طرحت الكثير منها في اللقاء المباشر الذي جمعنا مع رفاق الحزب في منظمة الدنمرك قبل أسبوع، وأثمن هذا التوجه الديمقراطي الجاد في إشراك عدد واسع من أصدقاء الحزب للمشاركة في تقييم سياسات الحزب ومن الضروري التطوير المتواصل في هذا المجال.

ملاحظات عامة
************************
طرحت قيادة الحزب الشيوعي العراقي وثيقتين مهمتين للنقاش العلني وهما:
برنامج الحزب الشيوعي العراقي
http://www.iraqicp.com/2010-12-30-11-06-41/279-2010-12-23-02-15-46.html
النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي
http://www.iraqicp.com/2010-12-30-11-06-41/280-2010-12-23-02-17-11.html

اعتقد أنه كان من الضروري جدا أن تُطرح وثيقة أخرى للنقاش وهو التقرير ألانجازي و تقييم لسياسات الحزب في الفترة الماضية وخاصة بعد 2003 بنجاحاتها وإخفاقاتها وأسباب ذلك لكي تكون الأساس و الداعم لبرنامج وخطة عمل الحزب في الفترة القادمة، وارى من المهم أن يتحول ذلك إلى تقليد للشيوعيين بطرح تقييم سياساتهم بين كل مؤتمرين حيث إن برامجنا وعملنا لا بد أن يخضع إلى عملية نقد وتطوير وتجديد متواصل ومترابط بشكل وثيق مع التطور العلمي و السياسي و الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي.

وكان من الأفضل ولتعزيز التفاعل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك والتويتر للنقاش حول وثائق المؤتمر والاستفادة من اكبر عدد ممكن من مستخدميها وخاصة الشباب الذين هم القوة الأساسية في أي تغيير جذري في مجتمعاتنا.
استنادا إلى منهج – اليسار الالكتروني – الذي أومن به اطرح بعض الملاحظات لرفاقي ورفيقاتي في الحزب وعسى أن تكون مفيدة ومناسبة لنضالهم الدؤوب والجدي بين الجماهير ولتطوير آليات التنظيم والإدارة في الحزب.


النظام الداخلي
************************

بشكل عام النظام الداخلي المطروح للنقاش قديم، وان أجريت بعض التعديلات هنا وهناك، ومازال متاثرأ بالتراث - السوفيتي - في مجال التنظيم الحزبي الذي يمتاز بالمركزية والهرمية المفرطة، ويحتاج المزيد من الدمقرطة والاستفادة من التطور العلمي والمعرفي الكبير الذي حصل في أنماط الإدارة والتنظيم السياسي والاستفادة من تجارب التحديث التي قامت بها الكثير من الأحزاب اليسارية في العالم.
اعتقد أن النظام الداخلي لأي حزب سيكون الأساس لسياساته إذا حكم أو شارك في حكم المجتمع وستعكس قواعد النظام الداخلي طرق وقواعد إدارته للحكم.

1- اسم الحزب ومنهج الحزب
اقترح تغيير اسم الحزب حيث إن برنامج الحزب الحالي هو قريب للاشتراكية الديمقراطية بغض النظر عن مدى صحته لهذه المرحلة أم لا أولا , وثانيا إن كلمة – الشيوعية – ارتبطت بالكثير من الأمور السلبية التي رافقت المعسكر الاشتراكي واعتقد إنها تعيق التحاق عدد غير قليل من الجماهير بالحزب، إن اسم الحزب ليس هو الأساس بل سياساته ودوره في المجتمع ومدى تبنيه لمطالب الفئات الكادحة فيه والدفاع عنها.

تغير المقطع الأول من النظام الداخلي إلى:
.يسترشد الحزب الشيوعي العراقي في سياسته وتنظيمه ونشاطه بالفكر الماركسي، والتراث الاشتراكي و التطور المعرفي والعلمي العقلاني للفكر اليساري والإنساني بشكل عام ، ساعياً لتطبيق ذلك بصورة مبدعة في ظروف العراق الملموسة، وبالاستناد إلى دراسة الواقع الطبقي والقومي والديني والسياسي والاقتصادي للمجتمع العراقي المعاصر والتطورات الجارية فيه، من اجل تحقيق مجتمع ديمقراطي علماني والعدالة الاجتماعية واكبر قدر ممكن من المساواة..


2- اللامركزية
المزيد من لامركزية في التنظيم والعمل الحزبي وإعطاء المنظمات القاعدية المزيد من الصلاحيات في إقرار سياسات وخطط العمل وفق اجتهاداتها وحاجات المناطق التي تعمل فيها.

3- شروط العضوية
اقترح تقسيم العضويه الى نوعين العضو النشط والعضو العادي
العضو العادي لا يشمله شرط (2ـ يعمل في احدى منظماته.) وإنما فقط قبول البرنامج و النظام الداخلي و الارتباط بالحزب ودفع الاشتراك ويكون العمل في احد المنظمات غير ملزما، وبالتالي تتوسع القاعدة الداعمة للحزب.


4- تعدد المنابر وحق التكتل، القيادة الجماعية وتداولية المناصب

- القبول بتعدد المنابر والاجتهادات الفكرية والتنظيمية المختلفة داخل الحزب وفق مبدأ الأكثرية والأقلية مع التزام الجميع بالسياسة العامة للحزب – خط الأكثرية -.
- لضمان وحدة الحزب والالتزام بالمبادئ الديمقراطية لابد من قبول حق التكتل داخل الحزب وحقها في استخدام القنوات الحزبية وإعلام الحزب أو إصدار إعلام خاص به للترويج لسياساتها واختلافاتها عن الخط الرسمي للحزب.

- نحن الشيوعيين لدينا تاريخ سلبي في تداولية المناصب القيادية! وأحيانا تحتكر المناصب القيادية مدى الحياة! لذلك لابد من التركيز على تداولية القيادة في كافة الهيئات واعتبارها بند رئيسي في النظام الداخلي بحيث لا يحق تبوء المناصب القيادية مهما كانت تسميتها لأكثر من دورتين انتخابيتين وحد أعلى 6- 8 سنوات وبالأخص منصب السكرتير وعضوية المكتب السياسي.

- إلغاء منصب السكرتير واستحداث منصب المنسق العام الذي يقوم بتنسيق إعمال اللجنة المركزية والمكتب السياسي دون ان أي أن يكون له أي صلاحيات فردية.

- تعزيز القيادة الجماعية في الحزب ومن الجنسين واستحداث منسقين او ناطقين باسم الحزب في المجالات المختلفة مثلا الناطق باسم الحزب في مجال ( الشباب، الاقتصاد، المرأة ، الدفاع، البرلمان........... الخ ) بحيث يتم تقاسم الصلاحيات و المسؤوليات والخبرات بين الكادر القيادي في الحزب بشكل جماعي ويتم التخصص والإبداع حسب المسؤوليات. وارى من الضروري إعلان أسماء أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي إذا ليس هناك مانع امني يعيق ذلك.


5- المرأة
العمل من اجل المساواة الكاملة للمرأة في الحزب وتطبيق التمييز الايجابي للمرأة، بتكريس حصة (كوتا) تصاعدية لها وتمكينها سياسيا وتنظيميا لحين تحقيق المساواة الفعلية والتامة في كافة الهيئات القاعدية والقيادية ونشاطاته المختلفة. واقترح ان يطبق الحزب نسبة كوتا 30% للمرأة من المؤتمر التاسع في كافة هيئات الحزب وخاصة القيادية.

6- الشباب
الشباب هم الطاقة الأكثر ثورية وتملك القدرات الكبيرة للمشاركة في عملية التغيير وقيادة نضال الحزب وتجديده، لذلك لابد من الاهتمام الكبير بالطاقات الشابة وتخصيص كوتا لها في المواقع القيادية بحيث يحدد أن يكون 50 % من أعمار أعضاء اللجنة المركزية اقل من 40 سنة.

7- الإعلام الحزبي
للأسف إعلام الحزب الشيوعي العراقي فيه نواقص كثيرة وأحادي الاتجاه ويعكس بشكل عام رأي القيادة فقط ونادرا ما تنشر آراء أخرى تختلف عنها أو تنتقدها, برأيي إن الإعلام الحزبي في أحزاب اليسار هو لكل الحزب وليس لقيادة الحزب فقط وبالتالي يحق لجميع الأعضاء والكتل داخل الحزب استخدامه للتعبير عن آرائها ولابد من خلق حالة حوار ايجابي بين الاتجاهات المختلفة والذي سيؤدي بلا شك إلى حالة تفاعل نشط داخل الحزب وبالتالي تطويره داخليا وخارجيا.

8- المؤتمر الوطني للحزب
- تعديل وإلغاء البنود الغير ديمقراطية
في المادة 16 المؤتمر الوطني للحزب اعتقد انه هناك مواد ضعيفة من الناحية الديمقراطية ومن الضروري إلغائها أو تعديلها لأنها تتيح للقيادة الحزبية ضمان نسبة لاباس بها من مندوبي المؤتمر دون انتخابات وبالتالي سيعيق ذلك إجراء اي تغييرات كبيرة في قيادة وسياسة الحزب.

البند الأول (ج- أعضاء اللجنة المركزية للحزب، وأعضاء اللجنتين المركزية والرقابة للحزب الشيوعي الكردستاني - العراق.) حيث لا يمكن ديمقراطيا ان يكون أعضاء القيادة السابقة أعضاء في المؤتمر دون انتخاب لذلك اقترح تعديلها الى (يحضر اعضاء اللجنة المركزية للحزب، وأعضاء اللجنتين المركزية والرقابة للحزب الشيوعي الكردستاني – العراق المؤتمر كمراقبين أو ضيوف للحوار حول السياسة والعمل الذي أُنجز في الفترة مابين المؤتمرين ولا يحق لهم التصويت إلا إذا قد تم انتخابهم للمؤتمر كمندوبين من قبل المنظمات التي يعملون فيها).

البند الثاني (د- المختصين والشخصيات الحزبية ممن تسميهم اللجنة المركزية كأعضاء للمؤتمر على أن تحظى هذه التسمية بمصادقة المؤتمر، وان لا تتجاوز نسبتهم الـ 10% من المندوبين المنتخبين. و يعتبر مراقباً كل من لا تجري مصادقة المؤتمر عليه منهم.) فهو غير ديمقراطي تماما و تنصيب فوقي، ومن الممكن أن يستخدم بشكل خاطئ وخاصة في حالات الضعف الديمقراطي للقيادة الحزبية وعدم إيمانها بالتداولية، لذلك لابد أن يكون كافة أعضاء المؤتمر منتخبين بشكل ديمقراطي وشفاف حيث سيمثلون العقل الجماعي للحزب الذي سيضع سياسة وبرنامج الحزب للمرحلة القادمة.

- للشفافية الكاملة وفي حالة توفر الظروف الأمنية المناسبة لابد من إرساء تقليد علنية المؤتمرات ومحاولة بثها تلفزيونيا، وإذا تعذر ذلك تسجليها ونشرها في اليوتيوب.

- الإشراف القضائي أو إشراف لجان محايدة على انتخابات مندوبي المؤتمر وكذلك انتخابات اللجنة المركزية.

- لتعزيز القيادة الجماعية والتعريف بالقادة المرشحين الجدد وتوجهاتهم لابد أن يقدم كل المرشحين برنامجهم لأعضاء الحزب والجماهير وينشر ذلك في الإعلام الحزبي والعام قبل المؤتمر.

- لضمان النزاهة الكاملة، المرشحون للمناصب القيادية الحزبية لابد أن يقدموا كشف بالذمة المالية الشخصية ومصادرها.

- لهيئة رئاسة المؤتمر دور كبير في إدارة المؤتمر بشكل حيادي لذلك لا يجوز أن تتكون من أعضاء القيادة، ولابد من تغييرها مرتين يوميا في فترة عقد المؤتمر.


برنامج الحزب الشيوعي العراقي
************************

-اعتقد إن البرنامج شامل وتفصيلي وغطى الكثير من توجهات الحزب في المجالات المختلفة، ولكن كان من الأفضل لو دُعم بالإحصائيات العراقية والدولية عن المجتمع العراقي.

- الحزب لا يعرّف نفسه بشكل واضح كحزب علماني ينادي بفصل الدين عن الدولة، وان تضمن برنامجه ذلك بشكل غير مباشر، لذلك لابد من طرح ذلك وخاصة في ظل تنامي دور قوى الإسلام السياسي وخاصة في جنوب ووسط العراق.

- ليس هناك أي إشارة إلى القوى اليسارية الأخرى في العراق واطر العمل معها، حيث يشير البرنامج إلى تعزيز العلاقة والتنسيق مع القوى اليسارية العربية والعالمية ولا يذكر العراقية، فهل ذلك يعود إلى عدم الاعتراف بوجودها، أم انه خطا غير مقصود؟ من الضروري جدا أن يقر المؤتمر التاسع سياسة واضحة للتحالف والتنسيق مع القوى الشيوعية واليسارية الأخرى في العراق والعمل على نقاط الالتقاء التي هي كثيرة جدا والحوار الحضاري المتبادل على نقاط الاختلاف.

- المرأة
اعتقد إن سياسة الحزب في مجال المرأة تراجعت نوعا ما في العقدين الأخيرين لذلك لابد من ايلاء اهتمام اكبر بها والمطالبة ليس فقط بالإبقاء على قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959 فهو رغم أهميته فهو لا يضمن المساواة الكاملة , و لابد من العمل من اجل قانون جديد متطور يستند إلى اتفاقية - سيداو- بحيث يضمن المساواة الكاملة للمرأة في المجالات المختلفة. كذلك المطالبة ب – كوتا - نسائية في معظم هيئات الدولة القيادية.

- العلاقة مع التحالف الكردستاني
الحزب بحاجة إلى سياسة أوضح مع التحالف الكردستاني وخاصة مع الحزبين القومين الكرديين - الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني - الذي كان له معهم علاقات جبهوية مختلفة في فترة النضال ضد النظام ألبعثي, الحزبين الآن هم أحزاب سلطة ويمارسون الفساد والاستبداد بشكل واضح ولهم دور كبير في الأوضاع المزرية التي يمر بها العراق بالاشتراك مع قوى الإسلام السياسي والحركة القومية العربية والاحتلال, حيث مازالت لقيادة الحزب علاقات - تحالف – قويه معهم! ، و يندر أن ترى في إعلام الحزب نقدا لهذا القوى الفاسدة والمستبدة وبل يتم التعتيم أحيانا كثيرة على الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان و على اعتراضات واحتجاجات الجماهير في إقليم كردستان العراق , ووفقا لذلك مازال الحزب يدعم المادة 140 المنافية لحقوق المواطنة العراقية وبرأيي هي ليست إلا سياسة - تكريد – مقيتة في مواجهة سياسة - تعريب – المناطق الكردية الذي مارسته أنظمة الحكم القومية العروبية في العراق.

- إلغاء التجنيد الإجباري
اعتقد إن مطالبة الحزب بإعادة التجنيد الإجباري خاطئة و هي ضد رغبة الملايين من العراقيين الذين اكتوى بمأسي التجنيد الإجباري والحروب المدمرة لعقود عدة , ولا اعتقد إن بناء جيش ضخم بشكل إجباري هو من مهمات الشيوعيين لذلك اقترح إلغاء هذه المادة.

- إلغاء عقوبة الإعدام في العراق
تنامى عدد الدول التي ألغت عقوبة الإعدام بشكل كبير وأصبح ذلك توجها عالميا إنسانيا لإلغاء هذه العقوبة الهمجية لذلك اقترح أن يتبنى الحزب إلغاء عقوبة الإعدام في العراق أو على الأقل إيقافها.


ماذا أتطلع من نتائج المؤتمر التاسع؟
************************
- حزب يساري قوي ذو برنامج واضح.
- يعمل من اجل بناء تحالف يساري كبير مع القوى اليسارية الأخرى في العراق ويكون لهذا التحالف دور مهم في تحالف ديمقراطي علماني أوسع.
- تطوير و دمقرطة النظام الداخلي للحزب بحيث يتيح المزيد من الديمقراطية الحزبية على كل الأصعدة.
- قيادة جديدة يكون للشباب والنساء دور ملموس فيها وتعزيز مبدأ تداولية القيادة.
- اعتذار للشعب العراقي عن فترة الجبهة مع حزب البعث.
- اعتذار إلى كل رفيقات ورفاق الحزب الذين أُبعدوا من أو تركوا الحزب بسبب ضعف آليات التنظيم والتحزب الديمقراطي وعدم قبول الرأي والرأي الآخر، وفتح صفحة جديدة معهم وبطرق مختلفة.
- سياسة واضحة للتحالفات السياسية وإعادة النظر الدورية فيها وفقا للتغييرات التي تطرأ في المجتمع والقوى التي يتحالف معها الحزب.


في الختام أتمنى لرفاقي ورفيقاتي في الحزب الشيوعي العراقي مؤتمرا ناجحا، واعتقد ان مقرراته ونتائجه لن يكون لها الأثر الكبير فقط على الحزب وتطويره وإنما على عموم الحركة اليسارية والديمقراطية في العراق.