أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعد الله مزرعاني - ببساطة














المزيد.....

ببساطة


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 12:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ليس نادراً، لأسباب موضوعية وأخرى ذاتية، أن يصبح الإسم على غير مسمى. وليست قليلة الحالات التي تبتعد فيها النهايات عن البدايات، ليس في سياق تطور طبيعي، بل في عملية تشوه وتشويه وإنقطاع، فيتحول معها الفرع نقيضاً بالكامل، للأصل.
يحصل ذلك أحياناً لأسباب ذاتية مرجحّة، أو لأسباب موضوعية قاهرة (مفاجئة أو إنعطافية)، أو للإثنين معاً. ويلخص هذه الحالات لدى البعض المثل المعروف: "عند تغيير العهود (أو الدول الحاكمة) إحفظ رأسك". لم يقل المثل إحفظ مبادئك، قال إحفظ رأسك، أي مصالحك. وبموجب هذه المعادلة البراغماتية الرمزية، نجد في الحياة، الكثيرين ممن "وصلوا" بالبراغماتية عبر وسائل أو أساليب غير سليمة، وحتى غير نظيفة.
وبموجب مثل هذه المعادلة، تنكر كثيرون لتاريخهم. نقلوا البندقية من كتف الى كتف. فهموا "المراجعة" إنتقالاً من الموقع الذي كانوا فيه الى موقع نقيض.
لم يكن ذلك بالطبع، مجرد تنكر لتاريخهم. لقد غدا تنكراً للتاريخ بذاته.
وبالمقابل، ثمة من يذهب في تمسكه بالشكليات دون الجواهر، الى حد تقديس الماضي. إنها "السلفية" الفكرية أو الدينية أو السياسية، أو هو "الجمود العقائدي". وهذان مظهران أو ثمرتان للعجز أو للقصور أو للإنتهازية الصافية.
بالتأكيد، يصبح الأمر أشد خطورة عندما تنتقل عدوى ذلك المرض الى الثوريين والتغييرين. فبين جموح "هيغل" الفكري و"الإنساني"، ومادية فيورباخ "القاسية"، إشتق ماركس خصوصاً (ومعه المدهش إنجلز) جدلية أكثر صحة وأكثر تكاملاً. حتى "فوكوياما" الذي عرف بكتابه الشهير "نهاية التاريخ"، والذي نعى فيه التغيير والثورة والأحلام، يعترف بأن ماركس "هو أعظم شارحي" هيغل "الذي (أي هيغل) ندين له بأعظم وأخطر مظاهر وعينا في عالم اليوم في القرن التاسع عشر"(يرى فوكوياما أن الشارح العظيم الثاني في القرن العشرين، هو كوجيف).
إننا نعاين في يومياتنا هذين النوعين من "الثوريين" السابقين، والحاليين. أولئك الذين قعطوا كل صلة بتاريخهم، أو أولئك الذين انقطعوا عن عناصر الخصب والإنتاج والإبداع والحياة في حاضرهم!
ويعنينا هنا أكثر ما يعنينا، فيما نعيشه اليوم، التوقف عند بعض المظاهر المقلقة بل القاتلة. فثمة من يريدنا أن ندخل في المعادلات المتوارثة من باب القداسة الكاملة. ويعيدنا ذلك في جزء منه، الى ما كان يطرح علينا كموضوع للإنشاء والتفكير في الصفوف المتوسطة: "هل الموقع يصنع الإنسان، أم الإنسان يصنع الموقع". الجواب عند هؤلاء جاهز وحاسم ونهائي: الموقع هو الذي يصنع الإنسان. ولذلك هم يتسابقون للحصول على المواقع وما توفره هذه المواقع، ولو أحياناً، بأكثر الطرق بعداً عن الإستقامة والكرامة ومكارم الأخلاق.
وفي نقاشاتنا، كثيراً ما يجري "التنظير" لهذا النوع البليد من القناعات، بتصوير "الحزب" كائناً خارج ما هو ملموس وحي من المدلولات والمعادلات والعلاقات. فيقال مثلاً، وبشكل لا يقبل الجدل ولا يستقيم مع أبسط مبادئ جدلية الذات والموضوع، بأن "الحزب صنع فلاناً..." وأن أياً كان يستطيع أن يحل محل أي كان"، دون أي تعديل أو تبديل في النتائج وفي الفعالية والحضور... وتصبح هنا مسائل من نوع النشاط والجهد والمثابرة والإبتكار والدأب والشغف والمعرفة ومراكمة الخبرة.... غير ذات تأثير، بل غير ذات موضوع.
وفي مثل هذا المناخ يصبح تسلق المواقع هو الهدف، حتى لو كانت الوسيلة سيئة ومضرة ومدمرة و... مجرمة.
في تجربتنا، نحن الشيوعيين، على إمتداد هذا العالم، اننا في الغالب الأعم، قد أهملنا الإبداع والإبتكار وإرتحنا الى النقل والتكرار. وكان ذلك السبب الرئيسي للإخفاقات التي بلغت حد الكوارث، خصوصاً حين امتد أذاها إلى المبادئ نفسها.
إن مشروع التغيير القادر على الحياة، هو ذلك النابض أبداً بالحركة والمبادرة، المهجوس دائماً بالتجديد، المقرون بإستمرار، بالتوتر وبالمفاجأة وبالقلق...
لا يمكن أن نعيش بدون تاريخنا. ولا ينبغي أن نجعله فحسب، وسيلة نعتاش منها.
لا يمكن أن نقلِّل من شأن الكفاءة والجهد الفردي والشغف والمثابرة وأن نضع "الحزب" في موقع المتجاهل لذلك، لأننا بذلك نضع هذه جميعاً في مواجهة الحزب فنخسر أصحاب الطاقات الحية المبادرة، و نخسر مشروع التغيير، ولو... الى زمن.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة اللبنانية: مقاربة للحلّ ذات أساس وأفق ديموقراطي
- الشيوعيون والمقاومة: بعض من ...
- مرة جديدة مع تشافيز: ثائر متجدد ومثلٌ على التجاوز والابداع
- تشافيز يزداد إحمراراً
- الخلاف مع المعارضة اليمينية استنزف الحزب الشيوعي اللبناني
- نقاش ودي مع السيد هاني فحص المعارضة الحزبية مسؤولة عن فشل ال ...


المزيد.....




- مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تبدأ من مدينة تبري ...
- جواد ظريف يدّعي أن أمريكا تسببت بمقتل الرئيس الإيراني ومرافق ...
- -البدلات غير المرئية- تساعد في إنقاذ العسكريين الروس من المس ...
- -حالة تسبب الضرر-.. بيان من هيئة الغذاء السعودية بشأن المشرو ...
- هل سيؤثر غياب عبد اللهيان على الزخم الإيراني في ملف غزة؟
- منحوتات رملية مبهرة في مهرجان هونديستيد الدنماركي
- غالانت في تسجيل مسرب: لا دولة فلسطينية والأمريكيون يفهمون ذل ...
- مصر.. وزارة الداخلية تكشف واقعة تحرش جديدة داخل سيارة تابعة ...
- -أعطى انطباعا خاطئا بالمساواة-.. برلين -تأسف- لتحرك الجنائية ...
- افتتاح أول -مسجد ذكي- في الأردن


المزيد.....

- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - سعد الله مزرعاني - ببساطة