أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد شهاب - جبروت الدولة














المزيد.....

جبروت الدولة


احمد شهاب

الحوار المتمدن-العدد: 572 - 2003 / 8 / 26 - 06:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


    لا زالت القوى السياسية في عالمنا العربي تعيش حالة خلط واضح بين الهموم السياسية اليومية ، بما فيها من انفعالات وغضب ، واختلافات متوقعة في وجهات النظر ، وبين الأهداف المبدئية التي يجب أن تحكم العمل السياسي كإستراتيجيات ثابتة وغير قابلة للجدل ، في مثل تكوين ( كتلة مجتمعية ) تقف أمام تغوُّل الدولة وتمددها على حساب الناس والمجتمع ، وفي مثل بناء قوة مجتمعية تمنع محاولات الدولة لاحتكار مراكز القوة السياسية والإقتصادية والثقافية ، والتي تعد أساس بناء المجتمعات الحرة والقادرة .

 

    نلاحظ ذلك الخلط فيما ذكرناه في المقال السابق من توسل الأطراف السياسية بالسلطة لضرب أو تحجيم القوى المنافسة الأخرى ، رغم أن هذا التوسل سيُضعف الجميع ، ويقوي من موقف السلطة إذ سيبرر تدخلها في الأنشطة التي يفترض أن تكون من حق المجتمع وهو وحده من يقرر مصيرها ، سنجد الدولة تتدخل فيها تحت غطاء سياسي أو شرعي توفره لها القوى المنافسة ، خذ على سبيل المثال صمت ( جماعة الإخوان ) في مصر عندما قامت سلطة عبد الناصر بضرب الأحزاب الوطنية المصرية ، إذ اعتبروا أنفسهم جماعة وليسوا حزبا ، وأن خطوة الحكومة ستفرغ البلد من المنافسين والحزبيين بما يتيح لهم حرية الحركة والدعوة ، ولكن سرعان ما تفرغت السلطة ضدهم وأدمتهم في الأحداث المعروفة .

 

   اليساريون من جهتهم وفي خضم الصراع المرير بين الدولة والمجتمع العربي في أكثر من بلد عربي ، لم  يحتجوا على اضطهاد التيارات السياسية الأخرى من قبل الحكومات بل اعتبروها فرصة تفسح الطريق لهم من المنافسين السياسيين ، لكن عجلة القمع طحنتهم بعد أن استفادت منهم في طحن وإلغاء الآخرين .

 

   وهو ما يثبت أن الديمقراطية والحرية ( كل لا يتجزأ )  فإما أن تنعم بها جميع التيارات بلا إستثناء ، وإلا ستحرم جميعها منها ولكن بصورة تدريجية ، حسب أولويات وتحالفات وحاجات السلطة ، وهو ما يستتبع تفريغا منظما للمجتمع الأهلي القائم على توازن القوى ، أو بالأحرى القائم على مجتمع قوي وسلطة تابعة له .  

 

    إن ما يتوجب إقراره دون تأخير هو حق جميع الأطراف باختلاف توجهاتهم في العمل السياسي ، وهذا الحق يجب أن يلقى الدَّعم من جميع القوى الأهلية والسياسية بصورة أو أخرى ، أما الدولة فلها مجالها الذي تتحرك فيه والذي يجب أن لا يصل إلى مكتسبات الناس وحقوقهم الأصيلة .

 

    فلك الحق ( كتيار سياسي ) أن تختلف معي ولي الحق ( كتيار منافس ) أن اختلف معك ، ومن حق كل طرف أن يلجأ إلى الوسائل المختلفة لكسب أكبر قدر من الجمهور لصالحه ، ولتفعيل أدواره ، وتحقيق غاياته ، لكن ضمن أُطر العمل الأهلي الذي تدعو له القوى السياسية دوما وليس عبر اللجوء إلى السلطة والتحالف معها ضد الآخرين ، الذين هم نظراء عمل في الساحة الواحدة .

 

    طبيعة الدولة في العالم العربي أنها دولة معزولة عن مجتمعها ، وتزيد من درجة عزلتها رغبتها الجامحة في إستخدام القوة والقهر لبسط النفوذ والإحترام ، بما يؤدي في النتيجة إلى تنامي سلطة مستبدة تتجاسر دون قلق على مكتسبات الأمة ، وفيما لو وفرت لها بعض القوى الأسباب المساعدة لقمع الآخرين وإضعافهم ، فلن تتردد في إضعاف الجميع .

 

    فضمن التجربة التاريخية لم تترك الدولة التسلطية في العالم العربي تياراً سياسياً إلا وحاولت قمعه ، وسعت جاهدة لدمج المجتمع كله في إطار الدولة السياسي ، وعملت على تضيق المجال السياسي المجتمعي وتقليصه حتى يتطابق بالكامل مع مجال السلطة ، وهو ما نفهمه من محاولتها الدائمة للربط بين الولاء للسلطة والولاء للوطن .

 

    فالدولة العربية بطبيعتها تعيش حالة من الجبروت ، ولن يكون في أيدينا من حل لتقليل هذا الجبروت سوى في إعادة القوة للمجتمع السياسي ، عبر تحييد الدولة عن التدخل ضد أي تيار مهما كان منافسا ومهما كنا غير متوافقين معه ، أو غير هاضمين لأطروحته الفكرية أو السياسية ، فالاختلاف فن يجب أن نُحسن التعامل معه إذا رغبنا في بناء مجتمع سياسي كما نستحقه وتستحقه مجتمعاتنا .

 

 * كاتب كويتي

[email protected]   

    

 

 



#احمد_شهاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإبداع اجتهاد... فكم عدد المبدعين؟


المزيد.....




- مم يتكون الخبز الأبيض -الصحي- الذي يعمل علماء على تطويره؟
- مسؤول في حماس: الحركة سترد على مقترح الهدنة الإسرائيلي -خلال ...
- تقارير: قادة حماس يعلنون عن احتمال الرد يوم الخميس على مقترح ...
- من إسرائيل.. رسائل بلينكن لنتنياهو وحماس لتحقيق اتفاق الهدنة ...
- سمير جعجع: قتال حزب الله ضد إسرائيل أضر بلبنان
- الولايات المتحدة توسع قوائم عقوباتها ضد روسيا
- ما سبب فض الشرطة الأمريكية احتجاجات طلابية تدعم غزة بالقوة؟ ...
- مناصرون لإسرائيل يعتدون على اعتصام طلابي في لوس أنجليس
- السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟
- إسرائيل - حماس: أبرز نقاط الخلاف التي تحول دون التوصل لاتفاق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد شهاب - جبروت الدولة