أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - صراع الحضارات أم الصراع الطبقي..أيهما المحرك















المزيد.....

صراع الحضارات أم الصراع الطبقي..أيهما المحرك


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 7472 - 2022 / 12 / 24 - 16:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- يرى صمؤيل هنتنغتون صاحب نظرية صراع الحضارات أن الصراع في العالم الجديد لن يكون إيديولوجياً أو اقتصادياً بل سيكون ثقافياً حضارياً بالمعنى الأدق , فالحضارة هي الكيان الثقافي الأوسع الذي يضم الجماعات الثقافية مثل القبائل والجماعات العرقية والدينية والأمم وفيها يَعرف الناس أنفسهم بالنسب للدين واللغة والتاريخ والقيم والعادات والمؤسسات الاجتماعية .. ومن هنا يرى صمؤيل هنتنغتون أن الصراع القادم سيكون مع الخطر الأخضر المتمثل في الثقافة الإسلامية إضافة إلى الصراع مع الحضارة الصينية.

- في المقابل تتواجد النظرية الماركسية العتيدة التى تفسر الصراع بالصراع الطبقي مستمدة رؤيتها من أن المصالح الطبقية الإقتصادية هي المحرك الأساسي والوحيد للصراع والحراك والتغيير أى أن الصراع المادي هو المحرك والحاكم بعيداً عن أي تشويه للصراع بوضعه في إطار ثقافي ديني عرقي ألخ .

- التحليل الماركسي يجد حضوراً وقبولاً لدى الباحثين كونه علمياً , كذا قدرته على تحليل التطور الموضوعي في المجتمعات الإنسانية قديماً وحديثاً وفق الصراع الطبقي , ولكن يبقى هناك غموضاً وإلتباساً وخللاً في تفسير بعض المشاهد وفق نظرية الصراع الطبقي لتنحاز هذه المشاهد إلي فكرة صراع الحضارات نذكر منها :

- إنهيار نظام ودولة الإتحاد السوفيتي ودول أوربا الشرقية كقطع الدومينو فلم يكن هناك صراع طبقي لتنتصر فيه الطبقة الرأسمالية على طبقة العمال والحزب الشيوعي بل لم توجد مقومات وحضور للطبقة البرجوازية أصلاً .

- ما يطلق عليه ثورات الربيع العربي مع تحفظي على مقولة ثورات ’ فنحن أمام حراك وتغيير من داخل الطبقة الحاكمة كتغيير جلدها وإبعاد الاوراق المحروقة , فأين هو الصراع الطبقي المُحدث لهذا التغيير والحراك .

- صراع الحضارات قد يفسر لنا بعض المشاهد ففي الحالة السوفيتية حدث تغيير هائل خفي من شيوع ثقافة الغرب الحضارية وإعتبارها نموذجاُ رائعاً جدير بالحياة والإمتثال لتنقلب الطاولة على النظام القديم , بالرغم من تحفظي علي مفردات وحضور واشكال الثقافة الغربية الغازية فقد إقتصرت على رفاهية الإستهلاك ولكنها تواجدت , فعندما حدث التداعي والإنهيار لم نجد أي مقاومة ولا دمعة واحدة مُتحسرة على النظام الشيوعي .

- كل الحراك في دول العالم الثالث هو نتاج تغلغل الثقافة والحضارة الغربية في تلك المجتمعات ناشدة الديمقراطية والحريات السياسية والمدنية ليكون التغيير والحراك إن حدث فمن داخل الطبقة الحاكمة ذاتها .

- هناك بالفعل حضور لثقافات سائدة تتشكل مفاهيمها وسلوكها لتحل في المقدمة والواجهة لنجد مثلا الثقافة الإسلامية التي يتبناها الأصوليين الإسلاميين وشرائح عريضة من المسلمين تتصادم وتعادي بضرواة الثقافة والحضارة الغربية العلمانية والمسيحية قديماً وحديثاً , لتتشكل ثقافة وسلوك وأيدلوجية شعوب يكون عدائها من منطلق ثقافي وليس من منطلق مصالحها الطبقية والإقتصادية المتضررة .. ولك أن ننوقف أمام ظاهرة غريبة وشاذة تدعم فكرة صراع الحضارات عندما نجد شرائح من المسلمين المقيمين في الغرب يحملون حقداً وكراهية ونفور من الحياة والحضارة الغربية !

المشهد الإيراني .
- هناك حراك شعبي في إيران إشتعل من خلال رفض الممارسات القمعية الدينية والأمل في حياة مدنية تنشد الحريات وإحترام المرأة ليأخذ هذا الحراك زخماً شعبياً مدعوماً من إحتجاجات المجتمع الكردي , لنتوقف هنا أمام هذا الحراك الذي يستمد جذوته من صراع الحضارات والثقافات , فهناك رفض شعبي لحكم الملالي والمؤسسة الدينية ناشدة الحريات ولا يتقدمها طبقة معينة أو تحالف طبقي لذا أتصور أن الامور لن تتطور عن هذا المسار ومصيرها للخمول والإندثار .. إذن نحن أمام حراك تحركه حالة ثقافية وحضارية منشودة في إيران ولسنا امام تصاعد وتبني طبقة لهذا الحراك ليتم ركن مفهوم الصراع الطبقي علي الرف.

- أتصور أن تطور وسائل الإتصالات والتواصل عامل مؤثر وخطير في شيوع صراع الحضارات فمنها صار العالم قرية صغيرة لتنتشر وتهيمن وتغزو مفاهيم الحضارة الغربية أرجاء الأرض لتصير حلماً واملاً لدي الشعوب ولتتوارى ثقافات عديدة لذا لسنا امام صراع شرس بل تتم الأمور بواسطة القوى الناعمة .

الحالة الأفغانية .
- الحالة الأفغانية شديدة الإنتهاك بتولي حركة طالبان السلطة لتتفرغ لقهر وإضطهاد المرأة وليكون آخر إصداراتها هو منع القتيات الأفغانيات من التعليم الجامعي وأى شكل من أشكال الرياضة والترويح في مسلسل مستمر من الإنتهاك وبقية المسلسل في الطريق .
نسأل هنا من سمح بوجود هؤلاء الهمج على رأس السلطة ومن دَعم وأشرف علي وصول الإسلاميين للسلطة ؟ أليست الحضارة الغربية , وأين صراع الحضارات عندما كانت أفغانستان تتبنى الحياة المدنية أثناء الحكم الشيوعي .. نحن أمام زيف وإزدواجية وبرجماتية ولسنا أمام فكرة أيدلوجية متماسكة .

إضاءات .
- نظرية صراع الحضارات تتحدي المنطق الإنساني , فالصراع دوماً على المصالح والخبز مذ عرف الإنسان الصراع , فلا يهم الإنسان بماذا تعتقد وتتصور وتعشق بل بماذا تمتلك من خبز , لذا أري صراع الحضارات تشويه للصراع الإنساني وصرف الإنتباه عن مضمونه بخلق صراعات وهمية .

- أتصور ان الصراع الطبقي هو الأساس رغم خفوته وإحتجابه عن الأنظار , فالصراعات لا تبدو فجة وصريحة في معظم الاحيان , ليكون صراع الحضارات هو شكل من أشكال تنفيس الصراع الطبقي أو قد يكون تصعيد صراع الحضارات هو إنحراف وتشويه لبوصلة الصراع الطبقي .

- لا أريد القول بأن صراع الحضارات لصمؤيل هنتنغتون هو ترويج لفكرة تآمرية تبغي تضليل الشعوب عن صراعها الحقيقي بصرف الإنتباه عنه وإغراقها في صراعات وهمية , فقد لا يكون هكذا تصور فكر صمؤيل الذي له واجهته كما قدمت أمثلة تدعمه ولكنه في النهاية يصرف الإنتباه عن الصراع الطبقي .

- يعيب فكرة صراع الحضارات وتنبؤ صمؤيل هنتنغتون بالصراع مع الثقافة الإسلامية أنه يعطي قيمة لتشوهات الحالة الفكرية الإسلامية , فبداية لا وجود لحضارة إسلامية حتى تفرض نفسها في صراع بل نحن أمام إفرازات لحالة تردي وفشل وإحباط وعجز تتخذ من عداء الغرب غطاء لها , لذا تكون رؤية صمؤيل هنتنغتون هو تعميق رؤية العدائية للغرب لدي الشعوب الإسلامية وتشويه رؤية الغرب العلماني وصرفه عن مساره .

- صراع الحضارات يتناقض مع علمانية الدول الغربية التي تبنتها منذ البدء وحتى الآن , فقد أسقطت كل أشكال التمايز الطائفي العرقي الجنسي في تعاملاتها وهاهي الآن مع نظرية صمؤيل هنتنغتون تقيم له وزناً وحضوراً .

- ننتقد صراع الحضارات أيضا كونه برجماتي وهمي , فالحضارة الغربية هي التى أنتجت الإسلام الأصولي العنيف والتاريخ القديم والحديث يشهد بذلك , فقد دعمت كافة الأحزاب والتيارات الأصولية العنيفة بدءاً من الإخوان المسلمين مرورا بالقاعدة والجهاد وداعش بغية الحد من التيار السياسي الماركسي , فكيف يتحدثون عن صراع هم من أنتجوا مفرداته ؟

- ختاما تنتابي الحيرة أمام سطوة وقوة وهيمنة أجهزة الإتصالات والإعلام الغربية الرهيبة , فهل من الممكن ترويج صراعات طائفية وعرقية ليصب هذا في ترسيخ نظرية صراع الحضارات وتبتعد الأمور عن الصراع الطبقي , فهل لنا أن نتوقف أمام قوة وشيوع مفهوم صراع الحضارات وتواري مفهوم الصراع الطبقي لنسأل هنا عن إمكانية فرض صراع الحضارت على الفكر الإنساني بحكم قوة الميديا المروجة له ليكون فاعل حقيقي في الأحداث والحراك !

دمتم بخير .
من الأهمية بمكان تحديد طبيعة الصراعات البشرية وطرد أى ترويج لصراعات وهمية حتى لا نقاتل طواحين الهواء وننتهك السلم الإنساني أيضا .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكرة التي أنتجها الطغاة لأدلجة الإستبداد والإنتهاك
- تأملات في أسئلة تُبدد أوهامنا العتيدة
- قضايا جدلية فلسفية حائرة في طريقها للحسم 1
- تصحيح مفاهيم الصراع في الفكر الماركسي
- الإيمان تاريخ طويل من القهر–كيف آمنوا وإعتقدوا
- درس في الإلحاد5-وهم المُسبب العاقل المنظم
- درس في الإلحاد4-أسئلة في فكرة متناقضة متهافتة
- درس في الإلحاد 3 - الوجود ووهم المُوجد
- درس في الإلحاد 2..قليل من التأمل سيفيد كثيرا
- درس في اللادينية.. كيف تتحملون هذا
- درس في الإلحاد
- اللذة والألم ماهية ومحرك الحياة ومنهما نخلق الأفكار
- محمد البدري ذاك الفارس المقاتل النبيل
- قضايا حائرة في عوالم متخلفة تبحث عن تفسير
- شعر نيرة يُثير ويُهَيج الإرهاب الإسلامي
- تهافت وسذاجة الفكر والعقل الإيماني
- ثقلفة الطبلة والزمارة والهيصة
- الإيمان مركز تدريب الغش والزيف وخداع النفس
- شيرين أبو عاقلة ومجرور الثقافة القميئة
- الفكر المثالي الميتافزيقي شوه عقولنا وتفكيرنا


المزيد.....




- سامح شكري يبحث مع نظيره الإيراني حل المسائل العالقة بشأن تطب ...
- بعد تلويح قطر بإغلاق مكتبها.. تشكيك بدور -حماس الدوحة- وحديث ...
- هل -فشلت- شركة تسلا على نحو غير متوقع؟
- في إطار مراجعة دورها - هل تغلق قطر مكتب حماس في الدوحة؟
- واشنطن تبحث عن نفوذها الضائع في ليبيا
- غانتس يعلن أن إسرائيل لم تتلق ردا عن موافقة حماس على الصفقة ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مبنيين في مستوطنة شتولا شما ...
- مصر.. بيان من وزارة الصحة حول الإصابة بالجلطات بسبب -أسترازي ...
- فوز عمدة لندن صادق خان بولاية ثالثة
- الأرثوذكس الشرقيون يحتفلون بمراسم -النار المقدسة- في القدس ( ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - صراع الحضارات أم الصراع الطبقي..أيهما المحرك