أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - طالب عبد الأمير - هذه ليست كسابقاتها














المزيد.....

هذه ليست كسابقاتها


طالب عبد الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 6392 - 2019 / 10 / 27 - 16:10
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


هذا ما عبرتُ عنه في اليوم الثاني من إندلاع التظاهرات في بداية تشرين الأول، من أن هذه المرة ليست كسابقاتها. كان ذلك إحساساً نابعاً من طبيعة التظاهرات التي شملت مدناً عراقية في الوسط والجنوب، ولم تقتصر على بغداد وساحة التحرير. وعلى الكيل الذي طفح، وعلى الغليان الذي بلغ مداه بشبيبة وجدت نفسها امام واقع مر، وفي بلد ينخر جسمه فساد مستشري، يباع فيه ويشترى كل شئ، حتى مناصب في الحكومة والبرلمان ومجالس محافظات، وهم يبحثون عن قوتهم اليومي. فقراء يعيشون في بيوت عشوائية من صفيح، فيما العراق، الغني العريق بحضارته وطاقاته البشرية الخلاقة التي لم يستفد منها الوطن، ينُهب أمام أعينهم. شباب وجد نفسه يعيش، بلا أمل في بؤرة من التضليل والكذب السياسي الذي يشترك فيه حتى معممون، ربما كانوا يشكلون لبعضهم يوماً مثالأ للتقوى، فوجدوهم يتجارون حتى بالدين.
وهذا الاحساس يتحول اليوم الى يقين تعززه التظاهرات الجماهيرية الواسعة التي إستأنفت ليلة الخميس 24 من تشرين الأول الجاري، وجعلت من الخامس والعشرين من الشهر يوماً تاريخياً في حياة العراق. رغم دماء المتظاهرين الشباب العزل التي سالت وتسيل في ساحات التظاهر، في سابقة لم يشهد مثيلها العراق من قبل. أن الإصرار المتنامي لدى الشباب المنتفظين على المضي قدماً بمطاليبهم، ليست الشخصية فحسب، بل تلك التي تخص حياة الشعب جميعاً، وعلى رأسها إنقاذ الوطن من الضياع، يشكل دليل ادراك بما ستؤول اليه حال البلاد لو بقي الأمر على هذه الشاكلة.
أن مايجري الآن في العراق ثورة بحق، فالتحاق طلبة الجامعات العراقية وتلامذة المدارس الإبتدائية ومنظمات المجتمع المدني بالحراك الشبابي الشعبي دليل ساطع على نفاذ الصبر. فهذه المرة ليست كمثيلاتها في احتجاجات سابقة.
لا شك بأن الربيع العربي الذي هوى، قبل سنوات ليست بعيدة، بسلطات وبحكام سديميين في تونس وليبيا ومصر كانوا يمسكون الحكم بأسنانهم، وأرعب حكاماً آخرين فسارعوا الى اتخاذ اجراءات وتعديلات، في محاولة لإمتصاص غضب الجماهير، عادت رياح هذا الربيع تهب من جديد، وهذه المرة في السودان والجزائر والعراق ولبنان. وفرسانه، كالعادة شباب نشأوا في الزمن الجديد، فاستخدموا تقنياته لتنظيم صفوفهم وإيصال أصواتهم الى العالم، الذي قلص تطور تقنية وسائل التواصل وسرعة تبادل المعلومات، دائرته لتحوله الى قرية عالمية، فيها المعلومات متاحة للجميع، وموثقة بالصوت والصورة.
لكنه ورغم كل ماجرى، لازالت الحكومات لم تدرك أهمية هذه التقنيات والاستفادة منها هي للنهوض بمجتمعاتها تنموياً، ولتوفير احتياجات المواطنين الأساسية في العيش بكرامة وعزة، فلجأت، كما في سابقاتها في انتفاضات الربيع العربي الى محاربة الجماهير الغاضبة بقطع خدمات الاتصالات والانترنت عنها، في محاولة يائسة، للتأثير على هذه الوسائل، التي كان لها دور كبير في إنجاح انتفاضات الربيع العربي، رغم ما شابها لاحقاً من تشويش وركوب قوى لموجتها.
من الجدير بالذكر أن إستخدام تقنيات وسائل التواصل الإجتماعي يتطلب، ليس فهماً بكيفية تطبيقها فحسب، ولكن أيضاً وعياً من جانب مستخدميها، لغربلة الأفكار والمعلومات التي تنشر على هذه الوسائل، والتمييز بين المعلومات والأخبار الحقيقية وتلك المضللة بالتأكد من مصادرها. وهذا الوعي أثبت الشباب إمتلاكه، كما هو إدراكهم بأن الوضع العراقي اليوم، لايمكن السكوت عليه.
هؤلاء الشباب هم جيل الألفية الجديدة، ولدوا في عصر الإنترنت وتفتحت أعينهم على مايجرى في العالم من احترام للانسان وكرامته وحماية حقوقه، بينما هم يرون انفسهم وأهلهم يلاقون الذل والهوان، وهم يبحثون عن قوتهم اليومي. فقراء يعيشون في بيوت عشوائية من صفيح، فيما بلدهم، الغني العريق بحضارته وطاقاته البشرية الخلاقة التي لم يستفد منها الوطن، ينُهب أمام أعينهم وجزء كبير من شعبه وكفاءاته في مجالات شتى يعيشون المنافي، داخل الوطن وخارجه. شباب لم يستطع حتى ملامسة أبسط طموحاته في الدراسة التي يرغبون فيها، إذ ليس بمقدورهم أن ينافسوا من يملك المال والجاه والسلطة والمحسوبية، فيلتجأون الى معاهد ومؤسسات تعليمية على قدر المستطاع. وحينما يتخرجون لم يجدوا لهم مكان عمل. شباب غالبيتهم ولد وشب، بعد سقوط الصنم، ولم يعرفوا عن نظامه شيئاً. وأن ولد بعضهم في السنوات القليلة قبل 2003، فهم لايعرفون عن النظام القمعي السابق سوى آثار حروبه المدمرة والحصار والرعب الذي عانى منه اهاليهم. وبدلا من ان يتمتعوا بوطن كان يفترض أن يتعافى بعد التخلص من جراح النظام السابق، وجدوا انفسهم وسط صراعات طائفية ومحاصصة بغيضة ونهب وفساد مالي واداري متواصل.
التظاهرات والاحتجاجات التي بدأت مطالبة بأبسط حقوق المواطنة، أظهرت، الهوة الواسعة بين افكار الشباب الثائر والواعي، الرافض للتدخلات الخارجية وعقلية الحكام وسياسيي الصدفة الذين مازالوا يفكرون بشراء الذمم وتكرار اسطوانة الوعود الكاذبة التي تستفز عقولهم. ففيما يستخدم الشباب المسالمون العزل وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة أسلوباً حضارياً وميداناً لتنظيم صفوفهم وايصال صوتهم الى العالم، يواجههم اصحاب العقليات، التي تخلفت عن لغة العصر، بالقمع المفرط حد اطلاق الرصاص الحي والاغتيال المباشر والغازات السامة القاتلة.
أن مواصلة التظاهرات والاحتجاجات السلمية تعد رسالة معفرة بدم الشهداء الذين سقطوا في الساحات، للسلطة او السلطات التي تحكم البلاد وللمرجعيات وللأحزاب، أن لا رجعة الى الوراء، حتى إنهيار الفساد والمحاصصة وبناء عراق جديد على اسس نقية تتناسب ومكانته. وأن ما أقدم عليه البرلمان والحكومة بإتخاذ جملة من القرارات التي هي جزء من مطاليب الشعب، يؤكد على مدى الارتباك الذي يعيشه المتشبثون بمقاعد الحكم، لكنهم مازالوا غير مدركين لخطورة الإستمرار بالنهج الذي دأبوا عليه.



#طالب_عبد_الأمير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهمية الوعي الإعلامي لفهم تطور تقنية المعلومات ووسائل الاتصا ...
- في محل والدي
- قصة قصيرة: في محل والدي
- نوبل في الأدب توسع آفاقها
- هل يحصل على جائزة نوبل هذا العام؟ أدونيس يقول أن منتقديه لم ...
- في الذكرى السادسة لرحيلة كاظم السماوي شاعر ومناضل اممي
- تراتيل الرجوع
- غموض وصية ألفريد نوبل وراء مأزق جائزته للآداب، عبارة «الأدب ...
- مرثية للوطن
- لوركـــــــــــا المتألق ابداً
- هل إنتهت حرب الولايات المتحدة على الارهاب؟
- مصافحة بيد واحدة
- عز الدين ميهوبي: لا يمكن تصور اتحاد يعلق عضوية الأدباء العرا ...
- سلام عبود في (زهرة الرازقي) العودة للنقاء العراقي وطيبة الجذ ...


المزيد.....




- في ذكرى استشهاد مناضل حزب العمال الرفيق نبيل بركاتي: قراءات ...
- آلاف المتظاهرين في بروكسل يطالبون بفرض عقوبات على إسرائيل
- الحراك الثوري الجنوبي يعيد هيكلة المجلس في مديرية الضالع وين ...
- مظاهرات في عدن بجنوب اليمن تنديدا بانهيار الأوضاع المعيشية و ...
- الحراك الثوري الجنوبي ينفي حل نشاطة ويؤكد على استمرار نصالة ...
- أيقونة الثورتين الجزائرية والفلسطينية.. نضالات محمد بودية بر ...
- رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي يدعو لمنح كاليدونيا الجديدة -شكلا ...
- شرطة نيويورك تقمع المتظاهرين المؤيدين لوقف إطلاق النار في غز ...
- أستراليا تعتقل متظاهرين داعمين لغزة والشرطة الأميركية تفض بع ...
- الجزائر: لويزا حنون زعيمة حزب العمال تعلن ترشحها للانتخابات ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - طالب عبد الأمير - هذه ليست كسابقاتها