|
بنية التخلف فى مصر
ممدوح مكرم
الحوار المتمدن-العدد: 4471 - 2014 / 6 / 2 - 10:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التغيير الثورى فى مصر أمر بالغ الصعوبة ، و شديد التعقيد ، لكنه ليس مستحيلا، فقط لو أستطعنا النفاذ إلى الواقع، و فهمناه بشكل جدلى حقيقى دون إسقاطات ذهنية ذاتوية، أو افكار جاهزة و محاولة تطبيقها على هذا الواقع المعقد. هذا الفهم يتطلب معه التواجد فى الأوساط الجماهيرية، و التفاعل اليومى بدءا من الشخصى و الخاص ؛ إلى رحاب العام فى أماكن العمل ، المصانع، الغيطان، المدارس و الجامعات، جلسات الدردشة تحت منازلنا أو أمامها، الجلسات المجمعة فى الأحياء الشعبية شديدة الفقر بين الأسر المتجاورة .....إلخ هذه مقدمة طالت بعض الشيئ لموضوعنا؛ بنية التخلف توجد على مستويين:- الأول : مستوى البناء التحتى / السفلى للمجتمع( أى الاقتصاد و العلاقات الإجتماعية الناتجة ) فالاقتصاد المصرى يحمل بداخله- إن جاز التعبير- بذور متخلفة بفعل عوامل متوارثة من عصر الإستعمار( موضوعية) و أخرى ذاتية تتعلق بديالكتيك التطور الإقتصادى نفسه من النمط الخراجى إلى الرأسمالى - لا يمكن الفصل بين الذاتى و الموضوعى فالنظر يكون بشكل جدلى- ويتمظهر تخلفنا الإقتصادى الناجم عن بنية التخلف ؛ فى عملية تفكك القطاعات( أى هناك فصل وعزل لكل قطاع عن الآخر) وزيادة الإعتماد بشكل عميق على الخارج، وهنا تقفز التبعية كنيجة مباشرة و موضوعية لبنية التخلف ، و فى نفس الوقت هى -أى التبعية- نعمق هذه البنية، ينضاف إلى ماسبق هو ضعف الصناعة ؛ بالرغم من محاولات الناصرية عمل صناعات قوية لكنها كانت تحمل عيوبا كبيرة لا مجال لا ذكرها فى هذا المقال . أيضا لما تحل المشكلة الزراعية بشكل جذرى راديكالى كما فى الصين مثلا؛ فبرغم قوانين الإصلاح الزراعى التى صدرت فى الحقبة الناصرية ؛ إلا إنها لم تجذر نعاونيات حقيقية فى الريف فدخل الفلاحون الكبار و المتوسطون ؛ وانسحق فقرائهم فى هذه التعاونيات؛ وبسبب ذلك ظل التناقض بين الريف و المدينة شاسعا ، و تعمق فى السبعينات بعد التحول إلى إقتصاد السوق ، و إخضاع الزراعة لمتطلبات رأس المال. هذا ساهم بدوره أيضا فى تعميق بنية التخلف فأنت لم تنتج ما يكفيك من الحبوب و على رأسها القمح؛ فزاد الإعتماد على الخارج أكثر؛ كفت الدولة يدها عن دعم الفلاح الفقير؛ و بدا الإتجاه لدى الشرايح المتوسطة و الغنية لزراعة محاصيل التصدير الفواكه و النباتات العطرية و غيرها.. الثانى: مستوى البناء الفوقى/ العلوى وهو الفكر و الأيديولوجية السائدة؛ نؤكد مرة أخرى على العلاقة الجدلية و ليست الميكانيكية بين البنائين؛ فبنية التخلف تحت، امتدت إلى فوق؛ صار هناك بنية تخلف فى الفكر ذاته؛ تعود بجذروها للفكر الأشعرى الذى تسيد منذ القرن الخامس الهجرى بفضل لأبو حامد الغزالى؛ هذه البنية المتخلفة فكريا كانت تحافظ على تأبيد الأوضاع ؛ و تعارض أى توجه للتغيير الثورى بكل مستوياته؛ و هى المسئولة على قرون النوم العميق الذى لم نفق منه إلا على صوت مدافع نابليون، لكن لا ننكر أنه كان هناك إمكانية للتطور الذاتى لكنها بطيئة بفعل عوامل موضوعية؛ منذ القرن الثامن عشر( فترة تحتاج لإعادة قراءة) وهى كانت بذور انبتت عصر محمد على بعد تحفيز الفرنسيين لها فيما يعرف بالصدمة الحضارية. نيجة ضعف تكوين الرأسمالية المصرية، و عوامل أخرى ظلت الأفكار المرتبطة بالأيديولجية المحافظة التى تأخذ شكل دينى إقطاعى/ خراجى موجودة فى بنية الفكر و الثقافة وهى المسئولة عن إنتاج تيارات اليمين الدينى بمختلف ألوانه، و نتيجة لعدم الحسم بين الدين و الدولة وميوعة الوفد فى عشرينات القرن ، ثم ميوعة الناصرية ( كأيديولوجية شعبوية) كانت الحاجة للأفكار المحافظة حتى لا يحدث تجذر فكرى للحداثة الردايكالية، ووجود دولة علمانية؛ وممارسة ديمقراطية حقيقية وواسعة؛ مع الأخذ فى الإعتبار أن بنية الإستبداد قابعة فى الممارسة ذاتها المتضايفة مع بنية التخلف ؛ و بالتالى التبعية فى وقت لاحق منذ عصر الرئيس المؤمن.. إذن فهم ذلك يجب أن يكون أولوية لدى كل مناضل ماركسى حقيقى، الثورة و الفعل الثورى ليست مظاهرات فقط ، التظاهر وسيلة للتعبير ليس أكثر..يجب على اليسار الراديكالى أن يحدد مهام المرحلة بدقة شديدة، ويعمل بداب على بناء قواعد جماهيرية حقيقية، تكون وقودا للثورة القادمة؛ هنا اتحدث على المدى البعيد و ليس القريب ، لأن اليسار الراديكالى لما يبدأ بعد لكنه ينشأ من رحم هذا الصراع و الحراك الدائر منذ 25يناير.. هدم بنية التخلف يحتاج إلى :- أولا الخروج بشكل كامل من آليات السوق الرأسمالية و البدء فورا فى بناء أسس لتنمية شاملة مستقلة معتمدة على الذات وهذا ليس صعبا فقط يحتاج لإرادة سياسية حقيقية و روءية شاملة. ثانيا وضع أسس لإقتصاد وطنى مخطط بدءا من حل المسألة الزراعية( الأرض لمن يفلحها) و الحفاظ على ماتبقى من أرض ، و التوسع بزيادة الرقعة الزراعية عبر الصحراء. وضرورة وجود صناعة حقيقية مرتبطة بالزراعة ثم تصنيع ما نحتاجه أولا من السلع الإستهلاكية المهمة و السلع الإنتاجية( يعنى يكون هناك ترتيب أولويات) ثالثا ثورة ثقافية شاملة للنضال ضد بقايا الفكر الخراجى المتحالف مع الفكر الليبرالى و النيو- ليبرالى.. هذه ستكون مرحلة إنتقال تنجز فيها الثورة الوطنية الديمقراطية إنجازا جذريا و شاملا..لفتج الطريق أمام الاشتراكية..
#ممدوح_مكرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع هادى العلوى الذى جمع بين الماركسية و التراث الاسلامى و ال
...
-
حول إعادة الإعتبار للجيو-بو لتيكس
المزيد.....
-
بأوضاع حميمية.. صور تكشف مشاعر حقيقية وصادقة للحيوانات
-
شاهد كيف تحول منزل العائلة هذا إلى منزل رعب تسكته -وحوش-
-
أول ظهور لرئيس الأركان الإسرائيلي بعد الهجوم على حيفا.. هذا
...
-
بوريل: دول الاتحاد الأوروبي استغرقت وقتا طويلا لإدانة اعتداء
...
-
-مؤامرات على ضفاف النيل-.. الإعلام الإسرائيلي يحذر من حرب تس
...
-
بايدن في ألمانيا الجمعة المقبل بعد إلغاء زيارة مقررة بسبب إع
...
-
سيول تدعي أن بيونغيانغ تخطط لتدمير الطرقات الحدودية في وقت ق
...
-
مصر توضح تأثير الأوضاع الأمنية في المنطقة على عمل قناة السوي
...
-
كاراغانوف: أوروبا تحاول إشعال حرب عالمية ثالثة وعلينا وقفها
...
-
إسرائيل تتخذ إجراءات مشددة على حدود مصر والأردن
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|