اسعد عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 4331 - 2014 / 1 / 10 - 23:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التقسيم حلا
في الوضع الحالي الذي يعيشه العراق ومنذ عشر سنوات وفي ظل تصاعد الازمة التي يمثل الصراع الطائفي فيها العامل الرئيسي فلابد لنا ان نتسائل عن ماهي الحلول المتاحة ؟ الان واكثر من اي وقت مضي يبدو خيار التقسيم- تقسيم العراق -خيارا علميا ومنطقيا حقنا للمزيد من الدماء والمزيد من الخراب ووصولا الي حالة السلم والبناء.
لقد تجذر الصراع الطائفي وتعقد وتأصل بين المكونين الرئيسيين في العراق السنة والشيعة .هذا الصراع بابعاده المحلية والاقليمية المعروفة لم يعد وكما يبدو جليا - قابلا للاحتواء ضمن حدود الدولة العراقية الواحدة القائمة علي اساس حكم ديمقراطي حديث الولادة عليل الصحة
وبلا حذور . فالبلد الان تحكمه حكومية مذهبية الطابع وبصورة جلية وهي حكومة منتخبة من قبل الاكثرية الشيعيىة - و هي لاتحضى برضى
السنة وهي ليست قادرة على تغيير التصور الطائفي لها عند الطرف المقابل وذلك لكونها مكونة من احزاب دينية شيعية ,كما انها لاتمتلك القدرة على فرض ارادتها بالقوة لكونها ضعيفة من داخلها وللدعم الذي يحضى به السنة اقليميا .وفي المقابل فهي قادرة على البقاء والاستمرار في الحكم بسبب الولاء الطائفي الذي تذكيه حاله الكره الناتجة عن التقاتل الطائفي .واذن فان احتمالية وصول واستمرار حكومات مذهبية الطابع مضمون او مرجحا اكتر مع استمرار الاحتقان الطائفي وهذا يودي في دوره الى المزيد من الاحتقان الطائفي .هذا الاحتقان الطائفي وكما هو يضمن وصولا حكومة طائفية فهو يضمن استمرار ضعف الحكومة بحكم تعرضها للمقاومة والرفض من الطرف الاخر .باختصار فان فوز الاحزاب الدينية الشيعية بالحكم بمقابل الاحزاب العلمانية مضمون لسبب استمرار النزاع الطائفي كما ان الصراع الطائفي يضمن بقاء الحكم ضعيفا .هذه الحلقة المفرغة مرتبطة بالصراع الايراني السعودي او الايراني الخليجي كما انها جزء وكما يبدو من استراتيجية امريكية تقوم على منطق انه لوكان حتميا للعالم الاسلامي من الاصطدام بالغرب فمن الخير للغرب ان يصطدم العالم الاسلامي ببعضه اولا حتي يوهن بعضه فيسهل للغرب مواجهة من يخرج منتصرا في النزاع الشيعي السني بعد ان يكون قد اثخنته الجراح وكادت جذوته ان تنطفأ.
واذن فالوضع الاقليمي والدولي يشجع على استمرار الصراع الطائفي في العراق ولايبدو هذا الاتجاه اخذا بالانحسار بل على العكس فهو يسير الى المزيد التصعيد فالتصادم بين ايران والخليج زاد حدة في السنوات الاخيرة بسبب الاوضاع في البحرين وسوريا واليمن ولبنان , كما اصبح تواجد القاعدة في المنطقة اوسع واكبر , وان الدلائل على الموقف الامريكي نجدها في سماحها بانهيار الانظمة الدكتاتورية العلمانية في مصر وتونس وليبيا وسوريا وهي انظمة كانت تعمل كصمام الامان في وجه مد التطرف الديني, اذ ماهي مصلحة امريكا في وصول القاعدة الى ماحول اسرائيل والى مناطق النفط .وليس هنالك في الافق ما يدعو الى الاعتقاد بامكانية تغيير هذا النهج الاستراتيجي في السياسة الامريكية.من هذا يتبين ان الصراع الطائفي في العراق قابل للاستمرار والى زمن طويل فالسوال الذي يلي هو :اليس افضل للعراق ان يتقسم اذا كان الهدف هو حقن دماء الابرياء , اليس من يدفع الثمن الاكبر الان هم الابرياء ممن لا ناقة لهم ولاجمل ,هل ان الشعارات الوحدوية اغلى من الانسان , هل ان التقسيم مؤامرة على العراق وكل هذا الاقتتال الدموي اهون من تلك المؤامرة , وكم من الالوف من الابرياء ستراق دمائهم قبل ندرك ان الافتراق بات حتما وان التقسيم لو كان فيه وقف للموت فهو خير الف مرة من وحدة ملطخة بالدماء .
في العراق كان الانفصال (الفعلي ) للاكراد خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح بالنسبه لهم مثلت بداية لحرب طويلة مؤلمة والى عهد من الاستقرار والسلام في كردستان .
دويلات الخليج المقسمة ترفل بسلام واستقرار لاتعرفه البلاد العربية الكبيرة جغرافيا والتي تمتلك ثروات نفطية وبشرية كالعراق .
التقسيم كان نهاية المطاف لحقبة دموية في يوغسلافيا . وكذا انتهت مأساة الحرب الاهلية في الهند بانفصال الباكستان.وكان التقسيم حلا سلميا راقيا بين التشيك والسلوفاك في تشكوسلوفاكيا السابقة.فـأن قال قائل
ان البلدان المتحضرة تسعى للتوحد بدل الانقسام !فنقول ان هذا الاتجاه قائم على اسس ديمقراطية شفافة لاتشعر فيها اي من المكونات البشرية في تلك البلدان بالظلم من طرف اخر .
واخيرا فان القول باننا لو اقرننا بمنطق التقسيم بين الشيعة والسنة فهل سنقر بانقسام المكونات الاخرى للشعب العراقي هذا القول يرد عليه الواقع على الارض فلو ان هنالك صراع متجذر بين التركمان والعرب مثلا وانه لاسبيل لانهاء الصراع سلميا وان الوجود التركماني قادر على تشكيل دولة لو اتيحت له الفرصة فان خيار التقسيم منطقي ايضا .ولكن هذا الامر غير موجود في الواقع وبالتالي فهذا الافتراض ليس له مبرر .
#اسعد_عزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟