أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبد الرزاق صطيلي - كفاكم غدرا بالأستاذ !















المزيد.....

كفاكم غدرا بالأستاذ !


عبد الرزاق صطيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4271 - 2013 / 11 / 10 - 08:54
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    



لا أجد ما أبدأ به هذا المقال، أحسن مما قاله الشاعر :
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضةً ... على المرء من وقع الحسام المهنّد
يستطيع الإنسان أن يتحمل الظلم و الإقصاء من الآخر - البعيد- دون أن يلتفت إليه، لان سنة الحياة تجعلك تواجه جميع الوضعيات، لكن أن يأتيك الشر كله من المقربين، فذلك الأدهى والأمر،طبعا المقصود بالمقربين عندنا، في هذا المقام هي وزارة التربية الوطنية و مصالحها الخارجية، التي سددت لنا ضربة موجعة أجهزت على حق بسيط ، يتمثل في تغيير الإطار بطريقة قانونية.
لقد دشن الوزير بداياته في المنصب الجديد، بسابقة خطيرة، تمثلت في منع التراخيص - وطنيا- لاجتياز المباراة الشفوية والتأهيل لمدة سنة في المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين، للموظفين المنتمين لقطاع التربية الوطنية،الذين نجحوا باستحقاق في الامتحانات الكتابية، بعدما تم الترخيص لهم لاجتياز المباراة، لتتنكر لهم الوزارة بعد حين ،بل وتماطلهم مصالحها الخارجية المتمثلة في الأكاديميات طوال أيام العطلة، و كأنها تذكرهم بالمثل الدارجي."طلع تاكل الكرموس،نزل شكون كالها ليك"، حتى دنا أجل وضع الملفات بالمراكز،فلا هم قضوا عطلتهم ولا هم قدموا ملفاتهم، خصوصا وأن مسطرة التراخيص كانت تدبر في الأكاديميات بسلاسة في السنوات الماضية.
إن مثل هذه التصرفات التي صدرت عن صناع القرار، و التي تمادت في اهانة الأساتذة، إلى درجة استنفار الأمن واستقدام مختلف تشكيلاته، قبل الإصغاء إلى مطالبهم ، ينم عن هيمنة العقلية السلطوية والتسلطية أو لنقل إعادة إحياءها و إنتاجها من جديد، لقد ظهر لنا في هذه الأزمة أن المسؤولين في قطاعنا، كلما علا شأنهم زاد احتقارهم للأساتذة، إنهم يحتقرون هذه "الكائنات الطباشيرية" لأنها – في نظرهم- كثرت مطالبها و "ضسارت" بالمفهوم السلطوي للكلمة وحمولتها السلبية .
كيف ستكون نفسية أساتذة يعملون في الفيافي و الأدغال و في عمق الصحاري و الجبال، عندما سيجدون أن الوزارة تدعوهم إلى دفن و إقبار أنفسهم لسنوات أخرى ،علما أن الحركة الانتقالية لم تعد تقوم بدورها الذي خلقت من أجله ،بل أصبحت النقط، كعبء ثقيل كلما زاد أثقل حركتك، وحتى إن أخرجتك من حفرة،ألقت بك في بئر عميقة، لم يعد الأساتذة ينتظرون موسم الحصاد "الانتقال" باللهفة المعتادة، لأنهم يعلمون علم اليقين، أنهم في أماكنهم ماكثون،وفي مقاعد حجراتهم جاثمون ، وبعد النجاح في - أي امتحان- إليها عائدون، فلقد أصبح المعلم، بحكم استقراره الاضطراري في الأقاصي و الوديان، تعرفه الأشجار و الكلاب و الأحجار .
فكيف إذن تريدون أن يشعر هذا الأستاذ المسكين، الذي فقد الأمل في الانتقال و الوزارة والامتحان ؟
كيف سيستطيع الإبداع و الابتكار وهو يعامل بالتعسف والاحتقار ؟
كيف سيربي الأجيال وهو عن أبنائه تائه جوال؟
يرسلون إليه رسائل منمقة، في ذلك اليوم الذي يطلقون عليه جورا ،اسم اليوم العالمي للمدرس،يغدقون عليه بكلمات ليست كالكلمات ، يعبرون له عن الغرام و الوصال وهم في الحقيقة يريدون عنه الانفصال ، يكتبون إليه بأسلوب يغلب عليه النفاق، يوهمونه أنه المربي الأول و المثقف الشامخ و المستقبل الواعد و المكافح و المدافع و الجندي المغوار، الذي يحارب الأمية و التخلف و الجهال - و كذلك البرد القارس في الجبال- ، يلقبونه ثارة بالرسول و ثارة بالإمام ، يفعلون كل ذلك وهم في الحقيقة مقتنعون بأنه أول من لا يهمهم، و آخر من يأتي في سلم أولوياتهم، يعطونه وعودا و كلاما جميلا ككلام الليل، الذي إذا طلعت عليه شمس الغد، ذاب و صار في طي النسيان .
تأتيهم إلى مكاتبهم مضطرا، فتجدهم عنها غائبون ،فتلتمس لهم عذرا،فتعيد الزيارة ظهرا، فيتكرر الغياب مجددا،فتستنفد الأعذار مجتمعة، وهم عندما يزورونك في المدارس،بربطات أعناقهم البهية، تراهم يهمزون و يلمزون، إذا حدث و صادفوا أستاذا تأخر بضع دقائق، فهي بشرى لهم وحسن الأخبار، فتراهم يحاضرون في احترام الوقت و عدم اهدار الزمن المدرسي، حتى لتظن نفسك في اليابان ،وكأن هذا الزمن المدرسي حدوده جدران المدارس، أما النيابات و الأكاديميات فالزمن فيها مضبوط والهدر فيها محال .
إن الأساتذة الذين اختاروا طريق المباريات والامتحانات هم أناس يستحقون التشجيع و التنويه، لأنهم بداية لم يأخذوا حق أحد، ثم لم يطلبوا امتيازا ريعيا ،بل سلكوا مسلكا شاقا و تفوقوا من بين الآلاف ، إن لم نقل عشرات الآلاف، مثلهم مثل الآخرين ،وهذا ينم عن حجم استعدادهم للامتحان و مدى إيمانهم بالشفافية و الوضوح، رغم أن الترقي بهذه الطريقة قد لا يكون ترقيا بالمعنى المعروف للكلمة،لأن الترقي الذي يحرمك من سنوات الأقدمية في الدرجة، و كأنك كنت في تلك السنوات التي قضيتها بالتعليم ،لا تقوم بعملية التدريس، بل بعملية "الدرس" بتسكين الراء وترقيقها ، إن هذا المسار في الحقيقة ليس ترقيا (بالمفهوم المتعارف عليه) و إنما هو نوع من التقهقر ولكن إلى الأمام .
ألم يكن من الأجدى و الحال هذه، أن تستفيد الدولة من هذه الطاقات وتستغلها أحسن استغلال، خصوصا وأن لها تكوينا بيداغوجيا لمدة سنتين، بالإضافة إلى تجربة في الميدان، قد تتجاوز عقدا من الزمن، بأعوام ؟
ثم، هل من العدل أن يلج المرشحون المراكز الجهوية، بنفس الشهادة (الاجازة) لجميع الأسلاك و بعد سنة من التكوين ،يوزعون بشكل غير متكافئ، إلى قلة "محظوظة" تلج المجال الحضري مباشرة وثلة أخرى يكون من نصيبها المجال الشبه الحضري أو القروي، في حين يوضع المغضوب عليهم - أساتذة الابتدائي- في مقالع و منجنيقات، تلقي بهم في المرتفعات الشاهقة أو في أحضان بيداء مقفرة، يبقون هناك حتى تتبدل ملامحهم و تتغير طباعهم، فمنهم من يقضي نحبه - في "لنفيت"- و منهم من ينتظر . لقد أصبح الحيف كبيرا ولا يمكن السكوت عنه، والحذر كل الحذر من الإحباط لأنه يولد الاستياء و فقدان الأمل، و عندما يفقد الأمل فلا يجب أن ننتظر العمل .



#عبد_الرزاق_صطيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأساة الامازيغيين عبر التاريخ
- الصراعات القبلية، أصولها قديمة وأسبابها متجددة.
- سحابة سكن عابرة
- حرية الاعتقاد مابين الاباحة في القرآن و التحريم عند الفقهاء


المزيد.....




- كاميرا ترصد مشهدًا طريفًا لأسد جبلي وهو يستريح على أرجوحة شب ...
- فيديو يظهر إعصارا مدمرا يسحق منزلًا في تكساس.. شاهد ما حدث ل ...
- نتنياهو: قررنا إغلاق قناة الجزيرة الإخبارية في إسرائيل
- البطريرك كيريل يهنئ الرئيس بوتين بعيد الفصح
- بحث أكاديمي هولندي: -الملحدون- في المغرب يلجأون إلى أساليب غ ...
- شاهد: الرئيس الروسي بوتين يحضر قداس أحد القيامة في موسكو
- الصين تكشف عن نموذج Vidu للذكاء الاصطناعي
- كيف يؤثر التوتر على صحة الأسنان؟
- الحوثيون: إسرائيل ستواجه إجراءات مؤلمة
- زيلينسكي مهنئا بعيد الفصح: -شيفرون بعلم أوكرانيا على كتف الر ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عبد الرزاق صطيلي - كفاكم غدرا بالأستاذ !