أحمد يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3679 - 2012 / 3 / 26 - 18:37
المحور:
القضية الكردية
ربما كانت مدينة آمد ( دياربكر ) الكردستانية قد تلقّت خبراً غير مؤكّدٍ مفاده أنّ الفنّان "بافي طيّار" وفرقته الكوميديّة سيحيون نوروز هذا العام في آمد لذلك احتشد مئات الآلاف من الآمديّين إن لم نقل أكثر في ساحة النوروز وأرخوا زنانيرهم استعداداً لتلقّف جرعة إكسترا ولساعات طويلة من الضحك المتواصل, وكان الآمديّون مطمئنّين إلى أنّه ما من أحد سيسقط على قفاه غرقاً في الضحك نظراً لاحتشاد الجماهير, ولكن خاب ظنّ الأمديّين ولم يطر إليهم " بافي طيّار ", وبما أنّهم تعبوا وأتوا إلى مهرجان النوروز فلا ضير أن يستمعوا قليلاً إلى ما سيتفوّه به دميرتاش أو بايدمير أو ليلى زانا, وإلّا فإنّ بافي طيّار هو سرّ هذه الحشود النوروزيّة, فالجماعة التي تقف وارء بافي طيّار روّجت خبر مجيئه في كل نقطة من نقاط الاحتفال بالنوروز في كافّة أرجاء كردستان في خطّة مدروسة منها لجذب الجماهير, ولولا ذلك لما خرج أحد من بيته يوم النوروز. وهذا ما حدث في غربي كردستان وسوريا أيضاً, فأستاذ الرياضيات أجرى إحصائيّة دقيقة مئة بالمئة بأدواته المتطوّرة واستطلاعاً للرأي بحسّه الثوري جدّاً ومن خلال تلك الإحصائية وذلك الاستطلاع تمّ التاكّد أنّ جميع الذين شاركوا في نوروز غربي كردستان هذا العام إنّما شاركوا بسبب بافي طيّار. كان أبناء وبنات الشعب يستعدّون للمشاركة في ( أربعاء عذراً نوروز سوريا تنزف ) وما أن سمعوا باسم بافي طيّار حتّى خبت الثوريّة في عروقهم, وتضاءلت رغبتهم في إسقاط النظام, وخفّت نزعتهم الوطنيّة لتطغى عليها النزعة الكوميديّة. ليساهم بافي طيار ومن يقف وراءه في إلهاء الشعب وإبعاده عن الثورة, فهو ومن معه ليسوا مع الثورة وليسوا مع إسقاط النظام لأنهم يرفعون علماً ربيعيّاً ثلاثيّ الألوان إلى جانب الأعلام الوطنية والقوميّة الأخرى, ولانّهم ينادون بإسقاط النظام باللغتين الكرديّة والعربية وهذا لا يجوز فعليهم أن ينادوا فقط بالعربية احتراماً لمشاعر شركائنا في الوطن, وهم ليسوا مع الثورة لانّهم يقومون بتنظيم الشعب قبل حدوث الفوضى فالمنطق المبخوش يقول لا يجوز القيام بالتنظيم إلّا بعد حدوث الفوضى.
سأقرع لكم صباح مساء على طبول التنوع والاختلاف والتباين والتمايز والتعدّد والرأي الآخر, وبعدها سأثقب آذانكم بنشازٍ من اسطوانتي وسأغنّي لكم أغنية عتيقة من تراث القرباط ( مع احترامي لهم ) ومشاهيرهم من المهرّجين المنفيين في إقليم كردستان وأوروبا, سأنقل لكم الأغنية الثقيلة التي لا تسرّ السّامع, سأنقلها لكم بسندٍ متواتر من ببّغاواتٍ لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها, وبمتنٍ مهلهَلٍ متداعٍ, وبإخراجٍ هيب هوبيّ حداثوي, أغنيتي هي نفسها التي تعرفونها وليس لديّ غيرها: لماذا الأوجلانيون لم يكسبوا تأييد جميع الكرد في شمالي كردستان؟ وماذا فعلوا من أجل غربي كردستان طيلة ثلاثين عاماً؟ قد تتساءلون كيف تطبلٌ للتعدّدية وتقول لماذا كلّهم لم يصبحوا أوجلانيّين؟ بالفعل معكم حق لقد اكتشفتم سخافة الأغنية والقرف الملازم لها, والسؤال الثاني أكثر وطأة وسخفاً من الأول فكنّا نتّهمهم بالثوريّة فيما مضى والآن نتّهمهم باللّاثورية وكأنّ الثورية مفهوم مفصّل على مقاسنا الاستندر ويجب أن يرتديه الجميع كما نريد نحن أو كما يطلب منّا الحجي صدر الدين.
إنّنا نطالب الجيش الإيراني بقصف قنديل, وإعدام الآلاف من أمثال فتاحيان وخضري وشيرين, ونطالب الأتراك بأن يعدموا عبدالله أوجلان, ويعتقلوا من تبقّى من البرلمانيّين والصحفيّين والكتّاب الكرد, وكذلك أن يعتقلوا آلاف أخرى من الأطفال, كما نطالبهم بأن يلقوا بعدّة قنابل غازية على رؤوس أحمد ترك و ليلى زانا و أيسل توغلوك وكاشناك وسرّي وغيرهم ليلقوا حتفهم كما لقي حجي زنكين حتفه في اسطنبول, وكذلك نشدّد على مطالبنا بإغلاق الفضائيات التالية: ستيرك, نوجه, نوروز, روناهي, ويفضّل إغلاق م م س أيضاً, وحجب الانترنت من أجل ما تبقى من روابط و أشلاء ل (روج تيفي), هذا ونطالب النظام السوري بأن يغتال صالح مسلم ويعتقل كل أعضاء وأنصار حزب الاتحاد الديمقراطي المتفرّغين منهم وغير المتفرّغين, وأن يحتفظ النظام بمن لم يتمّ إطلاق سراحه بعد, بل وتشديد أحكام السجن من 12 سنة إلى 25 سنة, و الأفضل يُقتلوا تحت التعذيب. إنّنا - معشر المناطقة وسدنة العقل – نطالب بكل هذا من الدول المذكورة وغير المذكورة فقط لكي نصدّق أنّهم يناضلون من أجل حريّة الكرد وكردستان, بعد ذلك بإمكان من تبقّى منهم أن يأتوا لنمهر جباههم بختم الوطنيّة, ونعلّق على صدورهم أوسمة القوميّة ونوزّع عليهم شهادات الانخراط في الثورة السوريّة بالشكل وبالأسلوب الذي نريد, ورغم أنّي لا أعرف ما معنى الانخراط في الثورة بشكل جدي وعملي ولكن يجب أن تتحوّل أشرفيّة حلب إلى بابا عمرو حمص والشيخ مقصود إلى الخالدية, و عامودا إلى إدلب, ويجب أن نصرخ عاش السنّة عاش السنّة و تكبيييييير حتّى نكون ثوريّين أكثر من اللّازم.
إذا كنتُ مثقّفاً وواعياً من ضمن قافلة المثقّفين الكرد الكثر في غربي كردستان وسوريا فكيف تمّ خداعي طوال هذا الوقت؟ فإمّا أنّ الغباء كان من خصالي وإمّا هم أكثر ذكاءًا وواقعيّة مني, كنت أظنّ نفسي حسيباً ورقيباً ويحقّ لي السؤال عن أوجه الصرف المالي لحزب من الأحزاب, وكأّن الأمر يعنيني, فلا أنا عضو فيه ولا أنا من يدفع لهم قرشاً واحداً, فأكتشفت أنّي أحشر نفسي في ما لا يعني غيظي وحقدي, وبحثت كثيراً وكثيراً عن بعض الإنجازات ولكني لم أجد شيئاً, واستعنتُ بالتلسكوبات والمجاهر ولم أرى شيئاً أيضاً, وتبيّن لي في النهاية أنّني أعمى ومن كان أعمى فكلّ مجاهر العالم لن تسعفه في الرؤية.
#أحمد_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟