أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - الدستور اولأ.. ومعركة الدولة المدنية















المزيد.....

الدستور اولأ.. ومعركة الدولة المدنية


مجدى خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3419 - 2011 / 7 / 7 - 07:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جوهر المعركة التى تدور رحاها حاليا فى مصر بين من يرون تأجيل كتابة الدستور إلى بعد الأنتخابات ومن خلال المجلس التشريعى المنتخب، وبين من يسعون لصياغة الدستور قبل الأنتخابات التشريعية من خلال مؤتمر دستورى يمثل خيرة عقول الأمة ، هو فى الحقيقة معركة بين دعاة الدولة الدينية ودعاة الدولة المدنية،بين من يرون أننا نعيش فى حقبة الإسلام السياسى بما فى ذلك حقهم فى صياغة الدستور وبين من يؤمنون بأن مصر تستحق نظاما ديموقراطيا حديثا ودولة مدنية عصرية بعيدا عن القوميين والإسلاميين والعسكريين، وهى معركة بين من يقدمون مصالحهم السياسية الضيقة على مصلحة الوطن وبين من يرون أن مستقبل مصر أهم وابقى من المصالح السياسية الآنية وهو أخطر بكثير من أن يترك لفئة ايدلوجية تتحكم فى مصيره، بين من يرون أن الفئة الغالبة من حقها صياغة الدستور ومن يرون أن الدستور اساسا قائم على مبدأ التوافق الوطنى وإلا فقد شرعيته المحلية والدولية واصبح مفروضا على فئة من الشعب كبرت أو صغرت، هى معركة بين مجموعتين كل منهما من عالم مختلف عن الآخر ويتحرك على أرضية مختلفة تماما، ولهذا لم يكن مستغربا أن ينحاز العسكر بشكل واضح وقوى إلى الإسلاميين لأنهم هم والإسلاميون فى الحقيقة يلعبون على أرضية واحدة والتنافس بينهم على من يتحكم فى هذه الأرضية .. هذه هى جوهر المعركة بين الماضى والمستقبل، بين ديموقراطية خداع الصناديق والديموقراطية الليبرالية ، بين السلفية والمعاصرة،بين المحلية والعولمة،بين الصفقات التحتية والحوار الوطنى،بين المراهنة على البسطاء وبين محاولة رفع الوطن ببسطائه إلى مستوى ومكانة أعلى،بين من يرون أن المستقبل هو امتداد للماضى مع تغيير اللاعبين وبين من يرون أننا فى لحظة تاريخية تستوجب إعادة بناء الوطن على أسس مختلفة وصحيحة.
إن أهم ما يؤدى إلى نجاح التحولات التاريخية هو الحوار والتوافق الوطنى، وليس شئ يفوف الأهمية من كتابة الدستور لكى يتم عليه هذا الحوار وهذا التوافق. فى لحظات بناء الأمم أيضا هناك ضرورة للمساهة البارزة للعقول الوطنية الراقية والمحترمة والمؤهلة.هل هناك وثيقة أهم من الدستور فى أى دولة لكى يتم شحذ عقول الأمة من آجل اخراجه على مستوى رفيع يضاهى الدساتير العظيمة فى تاريخ الدول.
لنأخذ من الدستور الأمريكى مثال يمكن الأهتداء به فى هذه الظروف الجدلية، خاصة وأن الدستور الأمريكى محترم بمعنى الكلمة، ولأنه أيضا اقدم دستور غير منقطع الأستعمال فى العالم كله.
اول الدروس المستفادة من الدستور الأمريكى هى الدعوة إلى مؤتمر وطنى عام " مؤتمر دستورى" يضم خيرة عقول الأمة ، وهو ما حدث فى مؤتمر فلادليفيا الشهير فى 25 مايو 1787 تحت عنوان " أمة واحدة.. دستور واحد.... مصير واحد"، وضم اثنين عن كل ولاية أمريكية ،كان من بينهم بنجامين فرانكلين، وجورج واشنطن، والكسندر هاملتون، وجيمس مادسيون... الخ. اجتمع الأباء المؤسسون للدولة الأمريكية واختلفوا وتجادلوا ولكنهم كانوا يفكرون بعمق بصنع أفضل دستور يضمن العزة والكرامة لشعبهم والتقدم لوطنهم، وأيضا كان هناك تسامى واضح عن الأنا الشخصية حيث رفض بنجامين فرانكلين تولى رئاسة الدولة وقال نريد شخصا اصغر سنا ورشح جورج واشنطن وهو ما كان.
ثانى هذه الدروس هو أن الدساتير يصنعها البشر من آجل البشر ولا بد أن تراعى فى النهاية مصلحة البشر،فبعد كتابة الدستور وعند التصديق ادخلت عليه عشرة تعديلات وهى التى سميت فيما بعد " وثيقة الحقوق"، واصر جورج مايسون الملقب بابو الدستور إدخال هذه التعديلات، وكان مايسون قد الف من قبل إعلان فريجينيا للحقوق عام 1776 ، واستفاد الدستور الأمريكى من هذا الإعلان فى وثيقة الحقوق، ومن اهم بنود هذه الوثيقة التعديل الأول الشهير الذى وضع الأساس لعلمانية الدولة ولحرية التعبير والذى نص" لا يصدر الكونجرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أو يمنع حرية ممارسته، أو يحد من حرية الكلام أو الصحافة، أو من حق الناس في الاجتماع سلمياً، وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف". والتعديل التاسع الذى وسع فى الحقوق الحاضرة والمستقبلة وفسر كل شئ من معيار التوسيع ومناصرة الحرية ونص على " إن تعداد الدستور لحقوق معينة لا يجوز أن يفسر على أنه إنكار لحقوق أخرى يتمتع بها الشعب، أو انتقاصاً منها"، وجاءت ستة تعديلات فى وثيقة الحقوق العشرة لضمان العدالة من بداية الاتهام وحتى صدور الأحكام.
ثالث هذه الدروس المستفادة أن الدساتير ليست ابقارا مقدسة، فقبل الموافقة على الدستور ادخلت عليه عشرة تعديلات وتوالت التعديلات حتى وصلت حاليا إلى 27 تعديلا، والآن نحن فى مصر نصنع من إعلان دستورى مؤقت وصادر بشكل فوقى بقرة مقدسة نريد أن نبنى مستقبل مصر كله على هذه البقرة التى قدمت لنا رغم ما بها من عيوب جسيمة ورغم فرضها على الثورة من أعلى.
رابع هذه الدروس أن الدستور هو ركيزة مستقبل الدولة ولهذا عليه أن يقرأ المستقبل لا الماضى وهو ما قاله جورج مايسون فى مقولته " فى وضعنا لنظام نرغب فى أن يستمر لاجيال علينا أن لا نغفل التغيرات التى ستحدثها الأجيال".
خامس هذه الدروس هو الفصل التام والكامل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، مع توزيع السلطات فى توازن دقيق بينهم بحيث يجعل كل سلطة تراقب ولا تتحكم، تشارك ولا تستأثر، تحاسب ولا تنفرد،لا تفلت من المسألة ولا تتذرع بعدم المسئولية.
واخيرا تفسير المحاكم الدستورية لمواد الدستور فيما بعد يجب أن يكون فى اطار توسيع الحقوق والحريات والحرص على ضمانات العدالة، وهو ما جاء فى العديد من احكام المحكمة العليا فى أمريكا والتى وسعت واوجبت تفسير مواد الدستور بما يتعلق بحماية كافة الحقوق المقررة فى مواثيق حقوق الإنسان الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، ولكن مما يؤسف له فى مصر أن مئات الاحكام الصادرة عن المحاكم المصرية فسرت المواثيق الدولية فى ظل قيد الشريعة ففرغتها من مضمونها بدلا من الحفاظ على هذه الحريات، ولهذا علينا أن نصيغ مادة واضحة فى الدستور بأن لا تكون مادة الشريعة مقيدة لأى من الحقوق الأخرى الواردة بالدستور أو للمواثيق الدولية.
معركة الدستور هى معركة مستقبل مصر... ومستقبل الدولة المدنية... ومستقبل الديموقراطية.. ومستقبل التوافق الوطنى.. ومستقبل ضمانات الحريات الفردية والعامة، ولهذا فعلى المصريين أن يخرجوا إلى ميدان التحرير يوم 8 يوليو بكثافة للدفاع من مستقبلهم وحرياتهم ودماء شهدائهم التى كانت تصرخ مدنية مدنية..سلمية سلمية... حرية.. كرامة.. عدالة اجتماعية.
ختام القول
من البديهيات أن البشر يولدون جميعهم احرارا
توماس جفرسون



#مجدى_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرادعى ووثيقة حقوق الإنسان المصرية
- القلق الغربى على الربيع العربى
- مع البشرى فى احدث كتبه
- أمريكا والربيع العربى
- هل اخطأ الدكتور مجدى يعقوب؟
- لا شئ تغير فى ملف الإعتداءات على الأقباط!!!
- هل تغيرت مصر فعلا؟
- الفتنة الطائفية هى المدخل لتخريب مصر
- يحدث فى جامعة الدول العربية
- الشرق الأوسط إلى أين؟
- ميدان التحرير هو الحل
- الإعلان الدستورى.. والمواد فوق الدستورية
- بين العهد البائد والعهد الفاسد
- دعوة للتصويت بلا على التعديلات الدستورية
- شرق أوسط إسلامى أم شرق أوسط ديموقراطى
- أول القصيدة كفر
- القذافى يحكم وزارة الخارجية
- حذارا من التأمر على الثورة
- نهاية نظام مبارك
- خواطر حول مجزرة الإسكندرية


المزيد.....




- صحة غزة: عشرات القتلى جراء غارة إسرائيلية على مخيم للنازحين ...
- الحوثيون يفرجون عن أكثر من 100 أسير من قوات الحكومة
- إسرائيل تحقق في ملابسات غارة على رفح.. والرئاسة الفلسطينية ت ...
- شتاينماير وماكرون يدعوان إلى الدفاع عن الديمقراطية في أوروبا ...
- -حزب الله- ينعى 6 من مقاتليه يوم الأحد
- السعودية..الداخلية تعلن القبض على 3 وافدين مصريين وتكشف عن ا ...
- الهلال الأحمر الفلسطيني: عدد كبير من الضحايا في قصف إسرائيلي ...
- دخول أول شحنات المساعدات إلى غزة بعد اتفاق جديد لاستئنافها
- السلفادور تنشر 3000 جندي لمكافحة العصابات
- بوتين يضع إكليلا من الزهور على نصب الاستقلال التذكاري في عاص ...


المزيد.....

- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدى خليل - الدستور اولأ.. ومعركة الدولة المدنية