|
مجرد صورة.............قصة قصيره
طلال ابو شاويش
الحوار المتمدن-العدد: 2897 - 2010 / 1 / 24 - 20:17
المحور:
الادب والفن
سيتحدث الرجل أخيراً ... سنوات طويلة من الغموض و الصمت و الإشاعات ... واجه كل ذلك بسخرية قاهرة ... ما الذي يمكن أن يدفعه للحديث ؟ زلزال ؟ قيامة ؟ حشر ؟ ! لم يترك لجدار الصمت أن ينهار دفعة واحدة ...سمح بفتح ثقب صغير فقط ، ثم بدأ يقطر تجربته المثيرة كلمة / كلمة ! _ لم كل هذا الصمت ؟ _ كي يبقي دائماً مبرراً للكتابة ! علق متفلسفاً . لم يتركه المخيم يحيا لحظاته القليلة فيه بسلام ... ادعى البعض بأنه يتعاون مع الاحتلال ، و تمادى آخرون فأقسموا بأنهم رأوه في أحد معسكرات الجيش الإسرائيلي ! شيوعي قديم يقطن في طرف المخيم ، ثرثر أمام عدد من رجال المخيم ... " لابد أنه ينتمي إلى أحد الأحزاب اليسارية ... الإنسان نتاج بيئته المادية ، و الحياة التي مر بها هذا الإنسان ، ستقوده حتماً إلى حضن أحد هذه الأحزاب ! " بعض النساء و خصوصاً تلك التي لها فتيات ترغب بتزويجها ، ثرثرن ، و رغبة غامضة تموج داخل كل واحدة ، بأن يكون زوجاً لابنتها ... " لابد أنه قد وقع في حب امرأة شبقة و تزوجها سراً ... غيابه المستمر عن المخيم لا يمكن أن يكون وراءه إلا امرأة ! " _ إلى متى هذا الصمت ؟ يجب أن تدافع عن نفسك أمام هذه الإتهامات التي تنهش لحمك كل صباح ومساء ! _ لعلك تفتش عن مادة للكتابة ... خذ أولى المفاجآت إذن ... أنا مجرد لص ! صمت قليلاً ثم هز رأسه و تابع : _ نعم ... أنا لص و الفترات التي أغيبها عن المخيم كنت أزاول خلالها مهنتي الوضيعة في إسرائيل ... أسرق و أبيع وأنفق الأموال دون حساب ! _ لكنك عدت أخيراً ! غمغمت ذاهلاً . _ كنت سأواصل حياتي هناك لولا تلك الحادثة اللعينة التي زلزلت كياني ... " كنا قد سرقنا بعض الأجهزة الكهربائية من إحدى المدارس في مدينة نتانيا شمال إسرائيل ... و قام مدير الشرطة هناك بعقد مؤتمر صحفي ادعى خلاله أنه ألقى القبض على اللصوص و قد اعترفوا بالسرقة كما اعترفوا بجرائم أخرى منها المخدرات و الاغتصاب و غيرها ... أثارتني أقواله... و قررت العودة لسرقة نفس المدرسة مرة أخرى ! قفزنا عن سور المدرسة بعد أن قطعنا التيار الكهربائي ، وتقدمنا نحو الغرف الدراسية ... و هناك كانت المفاجأة التي هزتني تماماً ... تسمرت مكاني ذاهلاً ، ولم يفهم أصدقائي سبباً للحالة المفاجأة التي أصابتني ! " أسلوبه في عرض الحكاية كان مثيراً ... تمنيت لو أستطيع النفاذ داخل عقله لأعرف الحكاية دفعة واحدة ... " على باب كل فصل دراسيّ قاموا بإلصاق صورة كبيرة لطفلٍ يبكي ... كدت أمد يدي لأمسح الدموع عن وجه أحد الأطفال ! لكني تراجعت ذاهلاً ... بدأ عقلي يعمل بسرعة رهيبة ... وكالبرق مرَّ بخاطري شريط حياتي ليشعل بركاناً من الحزن داخلي ... " اختلفت نبرة حديثه ... أحسست أن قلبه يكاد ينفطر و هو يتذكر موت والديه و المعاملة القاسية التي تلقاها من زوجات إخوته ... _ مجرد صورة تفعل بك كل هذا ؟ ! _ دموع الأطفال متشابهة في كل مكان ... انهم أبرياء من كل ما يلوث هذا العالم ... لم ينضموا إلى كتائب الدجل و النفاق التي تنتشر في كل مكان ... و حين يبكون فإنهم يوجعون قلب كل إنسان ... ما كنت لأقبل أن أفعل أي شيء يجعل أي طفل يبكي ! ربما كنت مغالياً في هذا الشعور ، لكن هذا ما أصابني بالفعل حينئذٍ ! " مررت ببقية الفصول تلاحقني عيونهم الباكية ... كنت أحس بأنهم يستغيثون ... طلبت من الأصدقاء الإنسحاب فوراً و ترك كل شيء على حاله ... وبعد هذه الحادثة بأيام قليلة قررت التوقف نهائياً عن مزاولة هذه المهنة و العودة إلى المخيم " أشاح بوجهه بعيداً ... و سمعته يتنهد بوجع ... كان يجاهد لإخفاء لحظة بكاء لا مناص منها ... و عاد إلي صمته المثير من جديد ... وظلّ السؤال الكبير يلاحقني كلما رأيته أو مرّ طيفه بخاطري ... " ترى أية أفكار بديلة بدأت تنمو و تكبر داخل رأسه المشتعل ؟ ! "
* *
#طلال_ابو_شاويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصه قصيره
-
قصة قصيرة -شروق
-
قصة قصيرة-خارج السياق
-
قصص قصيرة
-
ام الفقراء في عيدهاالثاني و الاربعين
المزيد.....
-
فيودور دوستويفسكي.. من مهندس عسكري إلى أشهر الأدباء الروس
-
مصمم أزياء سعودي يهاجم فنانة مصرية شهيرة ويكشف ما فعلت (صور)
...
-
بالمزاح وضحكات الجمهور.. ترامب ينقذ نفسه من موقف محرج على ال
...
-
الإعلان الأول ضرب نار.. مسلسل المتوحش الحلقة 35 مترجم باللغة
...
-
مهرجان كان: -وداعا جوليا- السوداني يتوج بجائزة أفضل فيلم عرب
...
-
على وقع صوت الضحك.. شاهد كيف سخر ممثل كوميدي من ترامب ومحاكم
...
-
من جيمس بوند إلى بوليوود: الطبيعة السويسرية في السينما العال
...
-
تحرير القدس قادم.. مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 25.. مواع
...
-
البعثة الأممية في ليبيا تعرب عن قلقها العميق إزاء اختفاء عضو
...
-
مسلسل روسي أرجنتيني مشترك يعرض في مهرجان المسلسلات السينمائي
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|