|
الشعر في المزاد العلني
زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2004 - 2007 / 8 / 11 - 11:01
المحور:
الادب والفن
امتلات البلاد بالشعراء ، فكل من عرف الابجدية واجاد حبك خيوط بعض الجمل ، راح " يخربش " فوق صفحات القرطاس همسات صبيانية واخرى عبثية وثالثة رمزية غائصة في الرمزية لدرجة لو انت سألت جابل هذه القصيدة ومؤلفها لما استطاع ان يفيدك بشيء ، فهذه القصائد على حد زعم البعض ذات موسيقى داخلية وايحاءات كامنة ، ورموز تاريخية وميثولوجية !!! فان غامرت يا صاحبي وابحرت اصطدمت بالكلمات المتناثرة والحروف السابحة في محيط من البياض ، وباكثر من مصطلح يوناني او فينيقي او حتى اندلسي ، مرت في خاطر الشاعر او صادفها في مسيرة حياته التعليمية فلون بها القصيدة العصماء واضفى عليها شيئا من غموض ومسحة من عبثية !!! فكل من عرف الحب اضحى شاعرا ، فارتمى على بساط العشق يزركشه بالكلمات والنجاوى " المقطعة " " والموصلة " وفي نظره انها قصيدة القصائد يستاهل عليها وبها ان تعلق مع المعلقات السبع لا العشر .
لقد اضحت كلمة شاعر " مبتذلة " هذه الايام تماما كما كلمة " فنان " او " فنانة " ، فكل طاؤوس او متطاوس او متطاوسة حباها الله ببعض جمال قدّ دون صوت ، راحت تتلوى " وتتفرع " وتزف الينا مشاهد بينها وبين الذوق والفن والجمال وعبد الوهاب وفيروز مساحات شاسعة فوقها الطائرات النفاثة ، وكذا الامر في شعراء اليوم او قل في معظمهم ، فالواحد لم يسمع بالاخطل لا الصغير ولا الكبير ، ولم يعانق قصيدة واحدة لشوقي او لسعيد عقل ، يروح يدبج لك في لحظات قليلة قصيدة ، يرمي بها من فرنه الساخن الى المواقع الالكترونية او الصحف فتنشرها مزدانة بصورته البهية وطلعته الاخاذة ..
سقى الله الايام الخوالي ، ايام كان زهير ابن ابي سلمى يملّس ويمّسد قصيدته ويدللها سنة كاملة حتى يتجرّأ فينشرها ... ينشرها والترقب ياكل منه الاعصاب والاحساس ، اما اليوم ، عصر الحداثة والشيطنة الادبية السريعة والشعر الّدفاق فانت يا صاحبي امام ظاهرة غريبة عجيبة ، يولد فيها الشعر هكذا بدون شيطان او يحزنون ، وبدون ان تحمل نفسك عناء المطالعة والدراسة والتمحيص .
ضحك صديقي – القارئ المجتهد والمطالع الدائم – ضحك مرة من قصيدة نشرت في احدى المواقع الالكترونية فقرأها مثنى وثلاث خماس ولم يفهم منها شيئا ، وغاص في كلمتي " افروديت " و " بطليموس " اللتين زينتا القصيدة وظل في مكانه ، فجاءني طالبا العون والمدد فدفعته برفق قائلا : " لقد سبقتك واعلنت عجزي وضعفي امام هذا الادب والذي لا جبرانية فيه ، تماما كما عجزت امام الرسومات التجريدية والمرسومة على حد الفكهاء بذيل حصان " .
فان انت اخي القارئ لم تفهم القصيدة ولم افهمها انا ولم يفهمها كاتبها ، فلمن يكتب اذا هذا الشاعر العظيم والذي يستاهل او قد استاهل فعلا جائزة التفرغ الادبي .
حري بنا ان نقف لحظة بل لحظات ونعيد حساباتنا ، حسابات بيدرنا الادبي ، فالزؤان ملأ البيدر ، والحنطة المباركة اضحت ندرة لا نعثر عليها الا بعد الف جهد وبمصباح ديوجينيس .
اين النقاد الاحرار ؟! واين الناقد الناقد الذي لا يجامل ولا يسمح " بمسح الجوخ " وانما يجري مبضعه في عصب الادب فيبرز مواطن الجمال ومواطن الضعف ، ويسدي النصيحة النصوحة ولا يبغي الا خدمة الادب والادباء الحقيقيين .
رحمك الله يا استاذ الكل وشيخ النقاد مارون عبود ، رحمك الله وطيّب ثراك فما كنت تجامل احدا وما كنت ترائي احدا ، وانما ترنّحت طربا عند كل فكرة هائمة وابداع يستحق الحياة ، وتاففت عند كل ادب حبا وزحف وابى الانطلاق والقفز فوق السحاب .
ملت نفوسنا المجاملة وملت استعراض الصديق لكتاب صديقه ، فمثل هذه المداهنة ومثل هذا الاستعراض العجول والمعسول احيانا بالسم لا يفيد احدا ، وانما يخدّر صاحب " العطاء " الادبي فيشرئب ويسمو سموا اجوف لا معنى ولا طعم في كثير من ادبه .
حان الوقت ان نضع الفأس على اصل الشجرة التي لا تعطي ثمرا ، وحان الوقت ان نقول للشعر الفاقد الملح ... طعامك يا سيدي " مائع " ويفسد المعدة الفكرية والعقل والاحساس ، فارحمنا يا سيدي وعد الى رشدك ودع الادب لاصحابه وكفانا ما ذقنا من تصّنع واجترار واسفاف .
أترانا نسمع ؟!!
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انفلونزا الشرف
-
الغزل بين الامس واليوم
المزيد.....
-
تغطية خاصة من حفل افتتاح الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان
...
-
ناشرون بمعرض الدوحة للكتاب: الأدب وعلوم النفس والتاريخ تتصدر
...
-
فنون الزخرفة الإسلامية والخط العربي تزين معرض الدوحة الدولي
...
-
محامي ترامب السابق يكشف كواليس شراء صمت الممثلة الإباحية
-
المهرجان الدولي للشعر الرضوي باللغة العربية يختتم أعماله
-
-مقصلة رقمية-.. حملة عالمية لحظر المشاهير على المنصات الاجتم
...
-
معرض الدوحة للكتاب.. أروقة مليئة بالكتب وباقة واسعة من الفعا
...
-
-الحياة والحب والإيمان-.. رواية جديدة للكاتب الروسي أوليغ رو
...
-
مصر.. أزمة تضرب الوسط الفني بسبب روجينا
-
“شو سار عند الدكتور يا لولو”.. استقبل الان تردد قناة وناسة ا
...
المزيد.....
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
المزيد.....
|