أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - منير شفيق - أميركا والإستراتيجية الذاهبة الى الفشل















المزيد.....

أميركا والإستراتيجية الذاهبة الى الفشل


منير شفيق

الحوار المتمدن-العدد: 593 - 2003 / 9 / 16 - 02:04
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


    الحياة     2003/09/14
في هذه المرحلة التاريخية التي يمر بها العالم عموماً، والبلاد العربية والاسلامية خصوصاً (بسبب التركيز الاميركي عليها)، من الضروري، والفائق الأهمية، ان يُقرأ جيداً وضع أميركا فيهما، وعلى التحديد، الإجابة الدقيقة عن الأسئلة الآتية: هل أميركا القطب الوحيد والدولة العظمى الوحيدة التي لا يُرد لها أمر أو قول أو فعل أو رغبة؟ وهل أميركا قادرة على تنفيذ استراتيجيتها الكونية التي أعلنها رئيسها جورج دبليو بوش في 20 أيلول (سبتمبر) 2002، وخلاصتها السيطرة الأحادية على كل الدول بلا استثناء، وباستخدام الحرب الاستباقية، ومنع أي سباق تسلحي قد يقترب من قوتها العسكرية؟ وهل هي قادرة على تحقيق استراتيجيتها الأدنى في منطقتنا، وفي الأساس تغيير الأنظمة والمجتمعات (انظر والمجتمعات أيضاً) على الصورة التي يتخيلها متطرفو الإدارة الأميركية بما في ذلك، تصفية القضية الفلسطينية وفقاً للحل الليكودي، وتمكين تغلغل النفوذ الإسرائيلي والصهيوني العالمي في ما يتغير من أنظمة ومجتمعات. واذا اتُخذ العراق بوتقة الاختبار ونقطة الانطلاق في هذه الاستراتيجية وما فوقها من استراتيجية كونية، فهل ثمة بوادر توحي بإمكان النجاح؟

لقد أجيب بشكل وبآخر عن هذه الأسئلة ومتفرعاتها بالإيجاب المطمئن من قبل الكثيرين من النخب والساسة والمحللين الاستراتيجيين، ويكفي أن نعود الى الشهر الأول بعد النصر العسكري الخاطف على نظام صدام حسين واحتلال العراق حتى نجد أمامنا أكواماً من الأحكام التي تتحدث عن المتغيرات الجديدة وكلها تقول ان اميركا هي الدولة العظمى الوحيدة. ليس هذا فقط، وإنما هي التي لا يرد لها أمر أو قول أو فعل أو رغبة. وعليه قس الإجابات الأخرى عن بقية الأسئلة. أما سند ذلك فكان تجاوز هيئة الأمم والذهاب الى الحرب، مع عجز روسيا وفرنسا وألمانيا والصين وأغلب دول العالم عن منعها من ضرب العراق واحتلاله. ولكن في الآونة الأخيرة بدأ الكثيرون حتى من بين هؤلاء الذين سبقت الاشارة اليهم يطنبون في الحديث عن ورطة اميركا في العراق، وفشل بوش في فرض "خريطة الطريق" التي أخضعها لرؤية شارون، وعن معنى عودتها بما يشبه طلب "النجدة" من مجلس الأمن، وعن العجز المالي والأزمة الاقتصادية وتكاليف الاحتلال معنوياً وبشرياً ومالياً. وبكلمة، لقد تهدم البنيان الذي استُند اليه في الإجابة بالإيجاب عن تلك الأسئلة.

ولكن مع ذلك تظل ثمة حاجة الى اجابات دقيقة تقترب أكثر من الواقع. طبعاً كل إجابة يجب أن تظل تحت الامتحان يوماً بعد يوم. وهذه مشكلة الذين يتعاطون مع تقدير الموقف السياسي عالمياً واقليمياً، وأحياناً في البلد الواحد. والدليل ما حدث مع تلك الاجابات المطمئنة المشار اليها، والتي لم تستطع ان تصمد امام امتحان بضعة أشهر. بل بدأت تهتز خلال بضعة أسابيع بعد اطلاقها.

أميركا بلا شك الدولة العظمى المتفوقة بقدراتها العسكرية والاقتصادية والعلمية والتقنية على أية دولة اخرى تقارن بها. ولكن هذا لا يعني استخدام كلمة "الوحيدة"، فهنالك دول أخرى تستطيع أن تحمل صفة الكبرى. ولا يجوز أن تُلغى لمجرد كون أميركا متفوقة. والأهم، لا يجوز اعتبارها تحت إمرة أميركا لا تردُ لها طلباً، ولا تملك ممانعة، بأية صورة من الصور. هذا وتزداد أهمية هذه الملاحظة حين تتجمع تلك الدول، لو موضوعياً، في ممانعة اميركا، حتى لو كانت الممانعة سلبية تقتصر على رفض التعاون أو التأييد من دون ان ترتفع الى مستوى الحِدّة. ناهيك عن التصـدي لها ومنعها من أن تشن حرباً، أو تركب رأســها متحدية رغبــة دولية واســعة. فتــجربة ما حدث في العراق، وما زال يحدث، تؤكد انها ليست الدولة العظمى "الوحيدة" وليست الحاكم بأمره على العالم أو على دول منطقتنا، وان مجرد السلبية في تركها تقلع شوكها بيديها، مع تشابك ألوان من المقاومات الداخلية التي لا مفر من وجودها أو نشوئها، تكفيان لإدخالها في ورطة، وتهديدكل هيبتها، ووحدانيتها المزعومة. فكلما حاولت ممارسة الانفراد انفجرت على قاعدتها. انها "وحدانية" قادرة على التخريب بامتياز لكنها غير قادرة على الإعمار وتحقيق الأهداف. وهذا له علاقة بميزان القوى الذي يحتمل أن تكون أميركا فيه (ومعها الدولة العبرية في فلسطين والمنطقة) في حال تفوّق عسكري الا انه لا يصل الى حد التحكم بميزان القوى كله وفرض ما يريد عليه. ومن ثم فهذا الميزان أشد تعقيداً وتركيباً من الفطرة التبسيــطية التي تقرأه اعتــماداً على ما تمـــلكه أميركا من صواريخ وطائرات وبوارج وقنابل نووية وبيولوجية وكيماوية. وبكلمة، ان المعادلة في خضم الصراع حين تتدخل مختلف العوامل تخرج بميزان قوى لا يسمح باستخدام "الوحيدة" (عدا في التهديم والتخريب)، والتي "لا يُرد لها قول أو فعل أو رغبة".

ويصبح الأمر بالنسبة الى أهداف الاستراتيجية الأميركية أشد تعقيداً واستحالة عندما ترتطم بتغيير المجتمعات العربية والاسلامية. وان كان تغيير الأنظمة أقل صعوبة. لكنه ليس بسهولة ما حدث في العراق. بل يمكن القول ان تكرار ما حدث هناك قد يقود الى التخلي عن التفكير فيه عموماً اذا ما خرجت أميركا من التجربة العراقية بعقدة جديدة. وهو ما تلوح بوادره في الأفق، ان لم تحدث تراجعات أساسية لإنقاذ ماء الوجه. لكن هذه الأخيرة قد تنسف الأهداف الحقيقية، أو أحلام متطرفي البنتاغون، من وراء العدوان على العراق واحتلاله، وتضع الاستراتيجية في المأزق اذ تهتز سياسة التفرد.

على ان الاشكالية الأهم تتعلق بتغيير المجتمعات العربية والاسلامية وفقاً لتصور ايديولوجي - سياسي يحمله صهيونيو البيت الأبيض. فهذا التصور لا يتناقض في جوهره مع المصالح الاساسية لتلك المجتمعات حين يُرمى الى أمركتها وصهينتها فحسب، وإنما أيضاً مع المكونات الأساسية للوجود نفسه، من دين وثقافة وتقاليد وتاريخ، الأمر الذي ينم عن جهل مطبق بفهم الحالة الخاصة بتلك المجتمعات. ذلك ان التغيير المطلوب من جانبهم لا علاقة له بالديموقراطية كما يتوهم البعض ممن راحوا يتساءلون ما اذا كان التغيير الديموقراطي تعذر من الداخل فلماذا لا يأتي من الخارج، على رغم سلبيته، وذلك ما دام الذي يريده الخارج يتقاطع مع ما نريد، ولم نستطع تحقيقه. وبهذا نرتطم بجهل محلي في فهم طبيعة التغيير الذي يعنيه أولئك الذين يصوغون السياسات في البيت الأبيض والبنتاغون ويحملها الرئيس ونائبه ووزير دفاعه عن سذاجة، أو لا سذاجة، سيان.

وخلاصةً، إذا كانت الاستراتيجية في مرتبتيها العليا العالمية والأدنى الاقليمية عندنا غير قابلة للتحقيق، فإن أقصى ما يمكن أن تنجزه هو تعميم الخراب والفوضى وإشعال الحرائق. وهذا ضمن قدرة اميركا، ولا شك، بسبب ما يسمح لها به تفوقها. وهو مرتد عليها في نهاية المطاف، بل منذ أول الطريق، إلا أنه في كل الأحوال لا يثبت القول انها الدولة العظمى "الوحيدة"، وانها قادرة على تحقيق أهدافها. والأسوأ اذا ما صحبته دعوة الى الاستسلام لطلباتها وأوامرها، في وقت اثبتت التجربة، عالمياً واقليمياً، ان مجرد تركها تقلع شوكها بيديها لا تحتمله ولا قبل لها عليه. فكيف اذا ما التقطت الأنفاس وبدأت الممانعات الايجابية حتى لا يُجر العالم الى الفوضى، وتُدفع مناطق كثيرة الى الدمار والخراب.

 

 



#منير_شفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أكثر من منهجين في التعاطي مع أميركا
- فشل أميركا وإطلاقها حملة من المواجهات البائسة
- بين دافوس وبورتو أليغري: كيف نقرأ المنتديين وآفاقهما؟
- فشل الإشتراكية لا يبرئ العولمة
- حجتان واهيتان لتأييد الحرب الأميركية
- أوهام ( الإقتصاد الجديد ) و ( التنمية البشرية )


المزيد.....




- اكتشاف ثعبان ضخم من عصور ما قبل التاريخ في الهند
- رجل يواجه بجسده سرب نحل شرس في الشارع لحماية طفلته.. شاهد ما ...
- بلينكن يصل إلى السعودية في سابع جولة شرق أوسطية منذ بدء الحر ...
- تحذير عاجل من الأرصاد السعودية بخصوص طقس اليوم
- ساويرس يتبع ماسك في التعليق على فيديو وزير خارجية الإمارات ح ...
- القوات الروسية تجلي أول دبابة -أبرامز- اغتنمتها في دونيتسك ( ...
- ترامب وديسانتيس يعقدان لقاء وديا في فلوريدا
- زفاف أسطوري.. ملياردير هندي يتزوج عارضة أزياء شهيرة في أحضا ...
- سيجورنيه: تقدم في المحادثات لتخفيف التوتر بين -حزب الله- وإس ...
- تواصل الحركة الاحتجاجية بالجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف ال ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - منير شفيق - أميركا والإستراتيجية الذاهبة الى الفشل