صور من الشارع العراقي

حميد الحريزي
اديب
(Hameed Alhorazy)

الحوار المتمدن-العدد: 1944 - 2007 / 6 / 12 - 05:24
المحور: المجتمع المدني
    

الصورة الأولى:
فوق سطح سيارة حديثة تحمل لوحة تسجيل تدل إنها قادمة من مدينة بعيدة ربط على سطحها تابوت خشبي لف ببطانية وحبل متين يتخلل قضبان سلتها.الحديدية المخصصة لحمل الأمتعة .إن مايضمه الصندوق الخشبي هو بالتاكيد أب اواخ اواخت اوام اوزوجة أو صديق عزيز على ابعد الاحتمالات لمن هم جالسين داخل السيارة المبردة. العزيز المحمول على ظهر السيارة كقطعة أثاث أو أي حمل ليس ذي قيمة طوال هذه المسافات تحت رحمة الشمس اللاهبة صيفا والبرد القارص والأمطار في الشتاء.غالبا ماتركن السيارة ومحمولها جانبا لينزل الأحبة ليتناولوا الطعام والشراب في احد مطاعم الطريق وهم قاصدين احد المراقد المقدسة في النجف أو كربلاء أو أي ضريح للايمة أو الأولياء ليدفن الميت إلى جواره طلبا للشفاعة وحسب العرف والعادة .
ليس هناك من لم يلاحظ هذه الصورة ولأكثر من مرة أو عاشها ومارسها هو لأكثر من مرة.
نقول الايجدر أن يوضع هذا الجثمان العزيز في تابوت يليق بكرامته كانسان وليس في صندوق خشبي متهالك تتخلله المسامير الناتئة مما ينبت في جسد الحامل والمحمول معا نتيجة تكرار الاستخدام وما يتعرض له أثناء الحمل والنقل.
الايفترض أن يتلف أو تتم عملية تعقيم علمية له قبل وبعد نقل الأموات الذي قدتكن أسباب وفاتهم بسبب احد الإمراض المعدية مما يسبب نقل العدوى إلى من يتكفلون حمله ونقله.
الايفترض أن يوضع تابوت المتوفي في فضاء سيارة معدة لهذا الغرض وان يكون مصان الكرامة محترما بعد إن ودع الحياة لأخر مرة ليعبر بذلك الأهل والأحبة والأصدقاء عن صدق وفاء ومحبة وليس ربطه على ظهر السيارة كأي بضاعة تافهة والمبالغة في الصياح والنياح ولطم الخدود وإقامة الولائم والعزائم بملايين الدنانير.
فهل كتب على الإنسان العراقي المسلم خصوصا أن يكون غير مصان الحقوق والكرامة حيا وميتا وحتى من اقرب الناس إليه.
وربما يعترض معترض على هذا المقترح لكثرة الأموات في حالة الحروب والأوبئة كما هو حال العراق ألان. فمن الممكن أن تعد سيارات مكيفة ومصمصة لنقل الجثامين بشكل جماعي على أن تتكفل منظمات وهيئات خيرية أو تتحمل الدولة احور النقل في حالة عجز ذوي المتوفي القيام بذلك.
أرجو أن لااكون بطرا في مثل هذا لطرح أمام مايعانيه الإنسان الحي في عراق اليوم فما لنا ومال المتوفي.
انه كما أرى مشهد يألم القلب ويعذب الضمير وعلى الأقل أنا لاارتضيه أن يحصل لي وان لايحصل لكم أطال الله أعمار الجميع



الصورة الثانية:-

صفان يمتدان طويلا على جانبي باب احد الجوامع أو الحسينيات المطلة على احد الشوارع الرئيسية في المدينة مهلين مرحبين رافعي اكف التحية للمعزين أفرادا وجماعات وهي تتوافد أفواجا لأداء مراسيم قراءة الفاتحة على روح الميت مع ضرورة تسجيل صورة وعدد الحضور لااداء هذه المراسيم لسواد عينيي احد الواقفين للاستقبال وليس معزة أو حتى معرفة المتوفي . ولا اعتراض على ذلك بدافع إذا كان بدافع المواساة الإنسانية.بعد تناول الماء والشاي والقهوة والسكائر تعاد قراءة الفاتحة ويذهب كل إلى شانه ماعدا المقربين حيث يتناولون وجبات الفطور والغداء والعشاء مواساة لأهل المتوفي وترحما على روحه!!!!!!
أليس الأجدر بنا ومن دافع الإخوة الدينية والإنسانية أن يساهم كل من يحضر العزاء بقدر من المال على الأقل بما يعادل أكله وشرابه في صندوق يوضع في باب المسجد أو الجامع ودون مباهاة أو ادعاء وبما لا يعرض صاحب العزاء لللاحراج أو الإذلال وإنما يكون ذلك عرفا يلتزم به عموم الناس تجاه بعضهم وخصوصا الفقراء والمعوزين ولتكون مشاركتنا في هذه الحالة فاعلة وصادقة تخفف من الم ومعاناة الكثير من العوائل التي تجد نفسها مجبرة على إقامة مثل هذه لمراسيم تلبية للأعراف والتقاليد الاجتماعية السائدة.


نرى إن يبدأ بذلك الأمر الأغنياء والوجهاء من الناس مدعوما بمباركة رجال الدين ليكون الأمر عرفا وليس صدقة ظاهرة يذل بها المحتاجين والمعوزين وبذلك يرفع الحرج ويأتي الفرج.
أمنيتي أن أرى اختفاء الصورة المؤلمة المعروفة لتحل محلها الصور المأمولة الموصوفة.

#حميد_الحريزي (هاشتاغ)       Hameed_Alhorazy#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات