أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - طرد عرفات















المزيد.....

طرد عرفات


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 590 - 2003 / 9 / 13 - 03:41
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

كاتب عربي يقيم في وارسو

تثير إسرائيل ضجة إعلامية وسياسية حول إمكانية قيامها بطرد عرفات. ويقود هذه الضجة وزير الخارجية نفسه، الذي يقول أنه لم يعد وحيدا في الدعوة إلى طرد عرفات بل أن الأغلبية الكبيرة في مجلس الوزراء أصبحت ترى صواب هذا الحل. كما أن أجهزة المخابرات التي كانت تعارض في الماضي مثل هذا الإجراء باتت ترى عقلانية الإقدام عليه.

 ولم يعد موضوع طرد عرفات مجرد تصريحات تعبر عن التأفف والضيق من عرفات، وإنما انتقل إلى حيز الخطوات والإجراءات. فقد طلب الوزراء الإسرائيليون من الجيش وضع خطة لتنفيذ هذا الأمر حينما يصبح قرارا. ثم أصدر مجلس الوزراء الأمني موافقته المبدئية على طرد عرفات.

ولكن لم هذه الضجة حول طرد عرفات؟ هل هي حقيقية، أم مفتعلة؟ وإن كانت حقيقية فهل تعبر عن تخطيط واع لمسارها ومآلها؟ من الصعب كما هو الحال في كل القضايا السياسية الجزم بالإجابة. فالمؤشرات كثيرة ومختلطة وأحيانا متناقضة. وهي كما تشي بالعقلانية، فإنها تومئ إلى التخبط.

 وبادئ ذي بدء، لا يمكن إسقاط الافتعال من الحسبان. ويحتاج إليه السياسيون في العادة حينما تنكشف عوراتهم. فشارون ما انفك يؤكد لشعبه على مقولة لم يتزحزح عنها أبدا لأن في ذلك سقوط مدوي له. فهو قد حشى عقول الإسرائيليين بالظن أنه قادر على تحقيق الأمن لهم لأنه يملك الدواء السحري، القوة العسكرية الباطشة. بل أنه ذهب مدى بعيدا في الوعد بتحقيق الأمن خلال مائة يوم.

 وحينما يضرب الفلسطينيون في قلب إسرائيل تتعرى الوعود من ملابسها. حينذاك لا بد من تفسير أو بالأحرى تبرير للإخفاق. كما لا بد من إجراءات تعيد الهيبة المفقودة. وقد أصبحت كل الإجراءات الإسرائيلية مألوفة في فجاجتها حتى لدى الشارع الإسرائيلي. فالدخول المدرع للمدن والقرى والخروج منها أصبح لا يشفع. كما أن الاغتيالات أضحت تأتي بعكس مراميها.

 بل أن الأسلوب الأخير، قتل القادة السياسيين، انقلب بعبعا. فقد ظنت إسرائيل أن سياسة ملاحقة القادة السياسيين في حماس قد تقودهم إلى الضغط على الجناح العسكري لوقف مقاومته. وقد خاب ظنها حينما لم يميز هؤلاء القادة أنفسهم وأسرهم في التضحية عن رفاقهم وإخوانهم. وحينما أصبح واضحا للعيان أنه ليس من عصمة لأحد من البطش الإسرائيلي، أصبح لا عصمة لإسرائيلي من الثأر الفلسطيني.

 غير أن السياسة الإسرائيلية الأخيرة لم تكن خائبة عمليا فحسب، بل غبية جوهريا. فهي تقوم على التصور أن الذين يضحون بأغلى ما يملك الإنسان، سيقعدهم عن التضحية تقاعد قياداتهم. ولذلك، فلا يمكن استبعاد أن تكون الضجة حول طرد عرفات هي الإيحاء للإسرائيليين أنهم يريدون الإقدام على عمل يقطع " الإرهاب " عن أصوله، لكن قدرتهم يغلها صداقتهم للأمريكان الذين لا يرون هذا الرأي الآن، لأنها قد تؤثر على قواتهم في العراق والمنطقة.

 وقد يكون للافتعال هدف آخر منفرد أو قرين للأول. فهي قد تكون رسالة إسرائيلية لعرفات تقول له آن الآوان كي تحسم أمرك فيما عرض عليك من حل للقضايا النهائية. فإن لم تقبل بها فلن يعود لك اعتبار في استراتيجيتنا، وبالتالي سنتخلص منك لكي نفسح المجال للحصان الذي يقبل أن نسرج عليه شروطنا.
 
غير أن الضجة قد تكون حقيقية وليست مفتعلة. وهي قد تكون تعبيرا عن إحدى حالتين. الأولى، أن القيادة الإسرائيلية قد أفرغت ما في جعبتها من إمكانيات لمواجهة مأزقها، وهي تبحث عن حل يهدئ روع شارعها ولو لفترة. وهناك كثير من المؤشرات مصداقا له. فالوضع الاقتصادي مصداق له، وأزمة الهجرة مصداق آخر، والتخبط الأمريكي في العراق مصداق ثالث وهكذا.  وليس الهروب من الإخفاق إلى الإخفاق حالة عربية، فهي موجودة في كل بلدان العالم، وإسرائيل لا تمتنع على هذه الحالة.

 أما الحالة الثانية، فهي أن إسرائيل قد درست الموضوع بعمق وقارنت بين كلفه ومنافعه ووجدت أن الاستثمار في الطرد مربح. فقرار مجلس الوزراء الإسرائيلي يقول " أن الأحداث في الأيام القليلة الماضية قد برهنت مرة ثانية أن ياسر عرفات عقبة مطلقة في وجه كل المحاولات للمصالحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين " وقد قال ذلك أيضا شالوم وزير الخارجية " أنه ليس باستطاعة أية حكومة فلسطينية أن تجري إصلاحا أو أن تحارب الإرهاب ما دام عرفات يحتل قمة السلطة في الأراضي ". بل أن وزير الدفاع موفاز يريد أن يذهب أبعد من ذلك " اطردوه أو أزيلوه ".

 ولا يختلف اليسار في رأيه في عرفات عن رأي اليمين. فساريد رئيس الميريتس، أقصى اليسار الإسرائيلي، يقول " إن عرفات مشكلة كبيرة. والأذى الذي يحدثه كبير، والضرر الذي يقع منه ثقيل في الحقيقة" لكن ساريد كبيريز يرى أن طرد عرفات سيعمق المشكلة. فهو يرى أن " عرفات المطرود الذي يقوم بدور الضحية أو الشهيد القديس، أو حتى الرحالة العالمي، لهو عرفات أشد خطرا ".

 فليس هناك خلاف حول أن عرفات مشكلة، لكن الاختلاف حول كيفية مواجهتها. فما هي المشكلة؟ ليست " الإرهاب ". فهذه للدعاية. المشكلة هي الحل النهائي، أي حق العودة، والقدس، والمستوطنات، وحجم الدولة المقترحة. فعرفات قدم فيها جميعا تنازلات، لكنها ليست التنازلات التي يريدها اليسار الإسرائيلي ناهيك عن يمينه.

 وقد لاح للإسرائيليين بعد أحداث سبتمبر أن حلهم ممكن الحصول. وبعد أن غزت أمريكا العراق جاءوا بعباس ظنا أنه يستطيع أن ينفذ ما لم يستطعه عرفات. وأخفق عباس بسبب ما ذكر فعلا من عدم التعاون الإسرائيلي. فإسرائيل تريد من كل حصان تركبه أن يجري سباقها. كما أن عباس أخفق في شراء فتح كما تصور، وظن خطأ أن السبب عرفات. لكن عرفات متميز لدى فتح لأنه مختلف عن عباس. وفي الحقيقة أن عرفات يمتنع بفتح الآن أكثر مما هي تحتمي به.

وقد تفاقمت المشكلة الإسرائيلية بتفاقم المأزق الأمريكي في العراق. فكيف إذا اضطرت أمريكا إلى تسليم العراق إلى الأمم المتحدة؟ ستنعكس حينذاك لعبة الدومينو. فإذا كانت أمريكا أخفقت في فرض إرادتها في العراق، فكيف سيقبل الفلسطينيون أن تفرض إسرائيل إرادتهم عليهم؟ هذا ما يقلق القيادة الإسرائيلية في الوقت الحاضر.
 
وقرار المجلس الوزاري الإسرائيلي يجعل كل هذه الاحتمالات ممكنة. فهو يقول " إن إسرائيل ستزيل هذه العقبة " عرفات " بالشكل والوقت الذي سيقرر فيما بعد ". فهو قرار يرضي الشارع الإسرائيلي. وهو قرار يخوف الرئيس الفلسطيني، وهو قرار يتذرع بعدم التنفيذ الفوري بالاعتراض الأمريكي، وهو قرار قد ينفذ حينما تظن إسرائيل أن كرزاي فلسطين، على حد تعبير ياسر عرفات، جاهز لأن يسرج بالشروط الإسرائيلية. 



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصدع الاستراتيجية الأمريكية
- تزيين للمرآة أم تغيير للواقع؟
- الجدار العازل في العراق
- الديمقراطي الفلسطيني في واشنطن
- مرحلة جديدة في النهب الغربي لإفريقيا
- عبء السلطة على القضية الفلسطينية
- المأزق الأمريكي البريطاني
- مشهد العلاقة بين ضفتي الأطلسي
- تنفيذ خريطة الطريق الحقيقية
- قمة إيفيان: خريطة طريق إلى أين؟
- خريطة الطريق : الانتقام من الانتفاضة
- تغيير الخريطة العربية: منطقة التجارة الحرة
- تأمين الغنيمة
- زيارة أم احتلال أمريكي للعراق!
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- العجلة الأمريكية لرفع الحصار عن العراق
- مستقبل الجامعة العربية
- الإخفاق الأمريكي الذريع
- قمة بوش وبلير


المزيد.....




- السياحة في جزر سيشل: الزوار من دول الخليج يتمتعون بقيمة كبير ...
- تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي ...
- صورتان جويتان لرصيف المساعدات الإنسانية في غزة
- روسيا تطلق صاروخا فضائيا على متنه أقمار صناعية لأغراض عسكرية ...
- من رفح إلى المجهول.. قصص مأساوية لفلسطينيين -فقدوا كل شيء-
- أوشاكوف: الرئيسان الروسي والصيني ناقشا في اجتماع ثنائي الملف ...
- إيران -تدين وترحب- ببنود في بيان القمة العربية في البحرين
- أستراليا تعلن حزمة دورية جديدة من العقوبات ضد روسيا
- إنقاذ رجل دفن حيا وبقي 4 أيام في القبر
- تصويت لحجب الثقة عن رئيسة جامعة كولومبيا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - طرد عرفات