أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - تصدع الاستراتيجية الأمريكية















المزيد.....

تصدع الاستراتيجية الأمريكية


خالد عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 586 - 2003 / 9 / 9 - 02:08
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


د. خالد عبدالله
كاتب عربي يقيم في وارسو


على مدى أشهر طويلة لم يعبأ الرئيس الأمريكي بوش بموضوع غير مسألة الحرب على الإرهاب، والتأكيد على أن الولايات المتحدة " في حالة الهجوم في العراق ". وفجأة تغير الاهتمام، حتى أنه في حديثه في اجتماع للعمال، قبل أيام مضت، لم يتحدث إلا عن الاقتصاد. صحيح أن الرئيس الأمريكي، أي رئيس، حينا يتحدث إلى شعبه عموما يكون نصب عينه انتخابات الدورة الثانية، لكن خطب الرئيس تصبح خلال فترة الانتخابات مكرسة جوهريا لتعزيز حظوظه في الانتخابات.

والرئيس بوش قد دخل الآن مرحلة الخطب الانتخابية، ففيها يركز على ما أنجزه، وفيها يدافع عن مواضع ضعفه. فالحرب على الإرهاب لم تعد إنجازا. فشعبه قلق بين ألوان الخطر، بين البرتقالي والأحمر. وطالبان عادت لتشتبك بقوة مع قوات الاحتلال الأمريكي. والقاعدة انتشرت في كل مكان، وبعضها يتجمع في العراق.

أما الحرب على العراق فقد أصبحت تتبلور تدريجيا في إعلام النخبة بالأكذوبة في مبرراتها وفي مسارها. فإن تحدث عن العراق فسرعان ما يسأل، أين أسلحة الدمار الشامل؟ وإن تحدث عن تحرير العراق يطلب منه تفسير غياب " الامتنان " ، وقلة " الوفاء " العراقي اللذين يتجليان بالمظاهرات ضد قواته، وإطلاق الرصاص عليهم. وهو لا يستطيع أن يذكر الأمن إن كان لا يوفره لشعبه، ولا يضمنه لجنوده، ولا يحققه للأمم المتحدة، ولا يؤمنه لمن يتعاونون مع مندوبه السامي.

أما الأخطر، فإن خصومه بدءوا يضربون في مواقع الألم لدى الشعب الأمريكي، رخائه الذي طالما كان الوعد المتواصل لحكومات أمريكا لشعبها. فهم يقولون أن سياسة بوش لا تسرق الوظائف من المواطنين فحسب، بل أنها أصبحت تسرق اللقمة من أفواههم وتضعها في أفواه الأغنياء من خلال سياسة إعادة الضرائب المحابية لأغنى الأثرياء.

وهم لا تنقصهم البينة. كما أنهم يدعون بصدق أن اغتصاب الفقراء سياسة بوشية مزدوجة، فهم وقود الحرب التي يشنها من أجل الشركات الكبرى، صديقاته وحليفاته، وهم موضع الاستغلال من خلال شروط العمل المجحفة المحابية للشركات الكبرى. ولم تشفع الحرب لأبيه من قبل حتى حينما نجح فيها لأنه سقط في اختبار الاقتصاد. فكيف ستشفع له وإخفاقه فيها يزداد وضوحا، وسقوطه في امتحان الاقتصاد يكاد يكون كبيرا.

وأصبح بوش يدرك تدريجيا أن عليه أن يفعل شيئا في طرفي المعادلة، الحرب والاقتصاد. وهو يعرف أنه لا يستطيع أن يفعل شيئا فعالا في الأجل القصير في المجال الاقتصادي، لأن ذلك سيضر بناخبيه الأساسيين، الشركات الكبرى. فعليه أن ينقذ نفسه في الميدان العسكري.

فأمريكا لا تستطيع أن توقف التدهور نحو الفوضى في العراق عسكريا، أو ماليا، أو سياسيا. فقواتها المتواجدة في العراق غير كافية للسيطرة على الأمور ليس تبعا لرأي الخبراء فحسب، بل وفقا لتقرير إدارة الموازنة في الكونغرس الأمريكي. وإرسال قوات جديدة فيه مخاطر متنوعة، إضعاف للاستعداد الأمريكي الاستراتيجي في مناطق أخرى في العالم، وعبء سياسي في جو الانتخابات، وحمل اقتصادي بالبلايين من الدولارات.

كما أن الحلفاء لم يرسلوا قوات إلا بمقدار رفع العتب، حتى أنها أصبحت تحتاج إلى الحماية، وقد يبدءون من حالة الذعر السائدة بينهم بقتل بعضهم البعض خطأ، كما حصل عندما قتل الدنماركيون أحد جنودهم ظنا منهم أنه سارق. ولكن هذا تبرير، فهو إخفاء لحالة الرعب.

كما أن الحلفاء الآخرين الذين طلبت منهم أمريكا إرسال قوات يطالبون بقرار من مجلس الأمن يحمي سوآتهم أمام شعوبهم. لكن الأشد وطأة أن لعبة إخفاء حجم الإصابات في  الصفوف الأمريكية لم يعد من الممكن الاستمرار فيها، فقد بدأت التلميحات إلى أنها أكبر حجما مما تقر به القوات العسكرية الأمريكية. فلا بد من مخرج. وأخيرا اقتنع بوش بضرورة الكي، لكنه يريد أن يلطف من حرارته.

فقد أعلنت الولايات المتحدة أن بوش وافق على الذهاب إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار يعطي الأمم المتحدة دورا أكبر في العمليات الأمنية في العراق، وفي عملية البناء الاقتصادية والسياسية. فالذهاب إلى الأمم المتحدة التي طالما ركلها بوش وازدراها رمسفيلد وصحبه الصقور تعكس مأزقا أمريكيا، ولا تنبي عن صحوة أخلاقية أمريكية.

ويتجلى المأزق الأمريكي في أن عدة مبادئ تبنتها الإدارة في استراتيجيتها للهيمنة على العالم قد بان خللها.

الأول، أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تخوض حربين في آن واحد. وقد قام هذا المبدأ على اعتقاد الصقور الأمريكان أن التفوق التقني العسكري الأمريكي يمكنها من سحق أية قوة عسكرية أخرى. لكن خطأهم القاتل كأخطاء من سبقهم من الامبراطوريات المتعجرفة مساواة القوة العسكرية المعدة للمعارك بقوة الإرادة المصممة على القتال. بل أنهم لم يقرءوا تاريخ مغامراتهم العسكرية في فيتنام.

الثاني، أنهم لا يحتاجون للأمم المتحدة. بل اعتبروا أن الذهاب إليها مضيعة للوقت، وعرقلة لجهودهم في فتح العالم وإخضاعه. فقرروا مبدأ الأحادية في العمل في العمل، وتجاهل كل الشركاء والحلفاء. ثم اكتشفوا أن سلبية البلدان لوحدها كافية لعرقلة جهودهم فكيف بها إذا تضامنت وفعلت؟ وهاهم يعودون للأمم المتحدة حتى تغطي ما بدأ يظهر من عورتهم.
الثالث، أنهم اعتقدوا أن سقوط العراق سيمكنهم من إسقاط الآخرين بالنفخ عليهم. فإذا بهم محاصرين بالعراق، ولم تدخل بعد قواه جميعا في المعركة، ولم تجرؤ البلدان المحيطة بعد على التحدي. فكيف سيسقطون الآخرين من مستنقع يغوصون فيه إلى الركب؟

الرابع، أنهم بحماقتهم في غزو العراق كشفوا لعبة الحرب ضد الإرهاب كبديل للخطر الشيوعي لمن كان لديه ريب. فهم يزيدون من مخاطر الإرهاب الذي يزعمون أنهم يحاربون.

الخامس، أنهم يكشفون أبعادا جديدة لعملية تضليل الشعب الأمريكي والعالم بأسره. فأسلحة الدمار الشامل أصبحت موضع التندر. لكن الذهاب إلى الأمم المتحدة يسلط الأنظار على محاولتهم تجاوز الأمم المتحدة بحجة أنها لا تستطيع شيئا حينما أرادوا أن يحققوا مراميهم، وأصبحت الآن محرابا يتوجه للصلاة فيه لأنها يمكن أن تكون ورقة توت في أحسن الأحوال لمأزقهم، أو مخرجا في أسوأ الأحوال من ورطتهم.

وبطبيعة الحال فهم لا يريدون الإعلان عن إخفاقهم، لأن في ذلك إخراج لبوش من الآن من حلبة السباق. كما أنهم يسعون للزج بالأمم المتحدة في مشروعهم بأزهد الأثمان. وهناك احتمالات أربعة:

الأول، سعي الولايات المتحدة لأن تصدر قرارا بتشكيل قوة دولية تحت قيادتها تقدم مقابله تنازلات شكلية، أو ثانوية للأمم المتحدة. ومثل هذا القرار يفيدها من أجل الحصول على قوات من البلدان النامية مثل الهند والباكستان وتركيا وغيرهما بأحجام كبيرة حتى تتحمل الخسائر عنها. ومن الصعب جدا قبول الدول الكبرى مثل فرنسا وروسيا وألمانيا بمثل هذا المخرج، لأنه يشرع الحرب الأمريكية، ويشرع الاحتلال الأمريكي، ويبقي الغنائم في الحضن الأمريكي.

الثاني، إعطاء تنازلات خارج الأمم المتحدة لفرنسا وروسيا وألمانيا كي توافق على مشروع مشابه. وقد بدأ كولن باول اتصالاته مع نظرائه من هذه الدول. ومثل هذا المشروع يرضي هذه الدول ويبقي السيطرة على العراق في اليد الأمريكية. وهذا الاحتمال وإن كان أكثر رجحانا من السابق غير أنه يبقى صعبا. لأن ضمان هذه الدول في وفاء الأمريكان بوعودهم يكمن في تواجدهم الفعلي في العراق من خلال ترتيب يكونوا فيه شركاء في صنع القرار. ولن يكون هذا إلا من خلال دور واضح للأمم المتحدة.

الثالث، إعطاء الأمم المتحدة الدور الكامل في عملية الانتقال إلى الوضع الطبيعي، مع مساهمة أمريكية أساسية. وهذا هو بيان سقوط القرن الأمريكي الجديد الذي ينظر له المحافظون الجدد.

لكن سوق المزايدة على العراق في أروقة الأمم المتحدة ليس إلا مرآة لما سيجري في العراق. وهذا هو وقت القوى العراقية الأساسية، لا اللصوص، لكي يعلنوا بشكل واضح ما يريدون. فقد حان وقت المظاهرات المليونية لترعد ببيان الشعب العراقي. لكن إذا بقي حزب الدعوة، والمجلس الأعلى ، القوى الأساسية في مجلس الدمى، كما تسميه الصحافة الأمريكية، مربوطين بسلاسل اللصوص معهم في المجلس فلن يعملوا إلا على تواصل معاناة الشعب العراقي. ولن يسمع أحد في الأمم المتحدة للأصوات الخجولة المربوطة بهذه السلاسل، وسيقرر الآخرون داخل مجلس الأمن أو في أروقته مصير العراق، فهل تدعوهم؟

كنعان 



#خالد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تزيين للمرآة أم تغيير للواقع؟
- الجدار العازل في العراق
- الديمقراطي الفلسطيني في واشنطن
- مرحلة جديدة في النهب الغربي لإفريقيا
- عبء السلطة على القضية الفلسطينية
- المأزق الأمريكي البريطاني
- مشهد العلاقة بين ضفتي الأطلسي
- تنفيذ خريطة الطريق الحقيقية
- قمة إيفيان: خريطة طريق إلى أين؟
- خريطة الطريق : الانتقام من الانتفاضة
- تغيير الخريطة العربية: منطقة التجارة الحرة
- تأمين الغنيمة
- زيارة أم احتلال أمريكي للعراق!
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- حينما نحول التاريخ إلى جينات
- العجلة الأمريكية لرفع الحصار عن العراق
- مستقبل الجامعة العربية
- الإخفاق الأمريكي الذريع
- قمة بوش وبلير
- معذرة بغداد


المزيد.....




- رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما ...
- زلة لسان جديدة.. بايدن يشيد بدعم دولة لأوكرانيا رغم تفككها م ...
- كيف تتوقع أمريكا حجم رد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟.. مصدرا ...
- أمطار غزيرة في دبي تغرق شوارعها وتعطل حركة المرور (فيديو)
- شاهد: انقلاب قارب في الهند يتسبب بمقتل 9 أشخاص
- بوليتيكو: المستشار الألماني شولتس وبخ بوريل لانتقاده إسرائيل ...
- بريجيت ماكرون تلجأ للقضاء لملاحقة مروجي شائعات ولادتها ذكرا ...
- مليار دولار وأكثر... تكلفة صد إسرائيل للهجوم الإيراني
- ألمانيا تسعى لتشديد العقوبات الأوروبية على طهران
- اكتشاف أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد عبدالله - تصدع الاستراتيجية الأمريكية