|
الجمعة السوداء
سامي سعد عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 1915 - 2007 / 5 / 14 - 06:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الجمعة السوداء مصطلح تفرضه علينا حيثيات الواقع وحتميته ويبدوا إننا سنعتاد عليه,فالقد أصبح يوم الجمعة بمثابة اليوم الذي يصب فيه المسلمون جام غضبهم على المسيحيين الأقباط. وتحول من خلال صلاة الجمعة إلى يوم لمعاقبة المسيحيين والثورة ضدهم. برغم من معرفتي اللصيقة بعدد كبير من أئمة المشايخ ومن يطلقون على أنفسهم علماء الدين الإسلامي فاني لازالت أتسائل عن ماهية الخطب الموجهة إلى المصلين أثناء شعائر صلاة يوم الجمعة .
فمن الثابت ان هذه الخطبة يقوم عليها من هم لا يفقهون طبيعة ودور الصلاة والتي من شئنها ان تثير يقظة ضميرية وروحية تمتاز بالسماحة والصراحة بما يلائم طبيعة العلاقة الاتصالية مع الله . ولكن يطلعنا الواقع إلى أن صلاة الجمعة قد تحولت على يد مجموعة من الخطباء والمحاضرين إلى صلاه من نوع أخر فهي لا تزيد من الجوانب الروحية السمحة, وإنما تحولت إلى نوع من الشركة التي يجتمع عليها المسلمون كل يوم جمعة بغية تأديب أهل النصارى الذين ينظرون إليهم على إنهم قد شردوا الطريق وتركوا منهج الله وعلى هذا وبهذه الصورة يصبح تجهيز الجماهير وحشدهم للهجوم على الكنائس والمدنين من المسيحيين من الواجبات التي يجب على المسلم الالتصاق بها. لقد كانت الجمعة الماضية مثالا كاشفة للجمعة السوداء نتيجة ما حدث بقرية بهما التي تتبع مركز العياط في محافظة الجيزة حيث وزع شبان مسلمون منشورات مناوئة للمسيحيين. تشير إلى قيام المسيحيون بتوسع بيت اعتادوا الصلاة فيه ثم تبع ذلك خطبة الجمعة في مسجد القرية والتي تناولت عملية إنشاء كنيسة مما أثار غضبا بين المصلين الذين خرجوا من المسجد في مجموعة كبيرة ( 500 مسلما ) تحركت إلى الكنيسة مما أدى إلى احتراق47 منزلا وعدد من المتاجر التي يمتلكها المسيحيين .
لقد اعتدنا أن نتذكر مع الأحداث الطائفية مطالب الأقباط المضطهدون ولكنه في هذه المرة فاني أتناول الأحداث الطائفية من منظور طبيعة الصحوة الإسلامية ودور رجل الدين الإسلامي. انه لأمر يثير الاشمئزاز أن يتحول دور العبادة بغض النظر عن كون دور عبادة يتعبد فيه المسيحيون أو المسلمون أو اليهود أو البوذيون أو ..... إلى مكان لإثارة الفتن والمحن.
علينا هنا أن نثير عدد من الأسئلة التي يجب أن يكون لها إجابات واضحة . التساؤل الأول هو إلى متى يتم غض النظر عن هؤلاء الأئمة الذين أصبحوا علماء لا في الدين ولكن في إثارة الدماء والبغيضة بين أبناء الشعب الواحد؟ . لماذا توجد وزارة الأوقاف؟ أتوجد لتدير مجموعة من الإرهابيين السذج وتمولهم بمرتبات حكومية وتعطيهم الغطاء الشرعي لنشر أفكار التطرف عبر ما ينشرونه من تعاليم يقال عنها انه دينية في حين إنها ابعد ما تكون عن كونها تتعلق بالوجه الحقيقي لأي دين. وهو ما يجعلنا نتساءل عن طبيعة أجهزة الدولة ومدى علاقتها بجماعات العنف الديني
السؤل الثاني أنها بالرغم من الحديث عن تجديد الخطاب الديني إلا انه كما يبدو لنا أن الأمر إلى ألان لم يؤخذ بشيء من الجدية ولا ادري من المستفيد ! لماذا لم يتم تدارك حتمية الاهتمام بالخطاب الديني إلى ألان لماذا لا يتم تأهيل أئمة المساجد لتوجه خطاب بناء يواجه العصر بدلا من تلك الخطابات الهدامة المثيرة للإشكاليات والتوترات المجتمعية والتي تقحم الدين في قضايا لا ناقة له فيها ولا جمل.
التساؤل الثالث هو اهذه هي قمة الصحوة الدينية أو التدينية التي نشاهده يوما والتي تتمثل في الحجاب والنقاب و سدال والموبيل الإسلامي وشرائط الكست وإطلاق اللحى !. أتنتهي هذه الصحوة المزعومة بالمفهوم الجهادي الرافض للأخر والمكفر له والمستبيح لدمائه. لماذا لا يتم مواجهة هذه الموجة التدينية المظهرية التي تعكس فعاليات العناصر المتطرفة دينا داخل المجتمع قبل أن نصل إلى مرحلة المنتهى والمتمثلة في الجهاد؟
التساؤل الثالث هو أتتحول المؤسسة الدينية الإسلامية الرسمية إلى بوتقة للتطرف وذلك بعد سلسلة من الأحداث الطائفية التي تدل على تورطها في إشعال الفتن الطائفية. إن هذا الإقحام يعني أن المؤسسة الدينية الرسمية والمتمثلة في وزارة الأوقاف قد تم اختراقها من جانب الحركات الإسلام السياسي المتطرفة الساعية إلى فرض مفاهيمه على المجتمع وزعزعة استقراره وهو ما يجب أن ننتبه له جميعا ومواجهته. أن الفتنة ما هي إلا حلقة في مجتمع تغاضي أهله عن صدق العزم و سمو القصد والإرادة في إصلاح مجتمعهم واتجهوا إلى خلق كيانات متباعدة ومتصارعة. وهو الأمر الذي لا يمكن مواجهته إلا بنهج منهج التجديد والحرية حركة العمل في مجالات التجديد والبعث القومي فعلينا أن نوجه إرادتنا ووجداننا الثوري لا إلى الهدم بل إلى البناء وهو ما يجب أن تتداركه القوى الإسلامية حينما تتعامل مع المجمع وقضايا.
#سامي_سعد_عزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسوم كاريكاتيرية فوضوية تثير البدوية الثقافية والنزعات الانت
...
-
الفكر الديني بين إرادة التنمية و نزعات الاستقصاء
-
مظاهرات الإسكندرية هي حلقة في مسلسل لعبة الدين والسياسة
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تنشر مشاهد لاستهداف منشأة رادار
...
-
-المقاومة الإسلامية في العراق- تنشر مشاهد توثق إطلاق مسيرات
...
-
“ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القمر الصنا
...
-
الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان يعلن تنفيذ 25 عمل
...
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|