أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجيد الأسدي - عبقريات سحقها الدولار




عبقريات سحقها الدولار


مجيد الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 1914 - 2007 / 5 / 13 - 14:53
المحور: الادب والفن
    



(ادجار الن بو انموذجا)

يذكرنا موته بميتة السياب الماساوية..كان المشيعون خمسة رجال وكانت مراسيم الدفن فاترة..لم تتجاوز الثلاثة دقائق! هذه العبقرية سحقها مجتمع و نظام لا يؤمن بغير الدولار! عاش حياته القصيرة(-1841-1809في عوز ومرض.غير أنه ابدع في الأدب ما شاء له الأبداع. ومن سخريات القدر ان فرنسا عرفته قبل امريكا-دون ان يرحل اليها-!اذ قام (بودلير) بترجمة اعماله النثرية في حين تناول (مالارميه) اعماله الشعرية.لقد عاش كل عمره وهو يسأل ان كان الموت حالة طبيعية ام انه حالة من الأضطراب؟!وهنا يكمن سر عبقرية (بو)فتحرياته الموغلة في أعماق مخاوفه وكوابيسه انما تشكل عن حق تعبيرا عن المشاكل التي شغلت العلماء و الفلاسفة عبر التاريخ و التي ما زالت تشغلهم حتى عصرنا الحاضر..
ان قيمة ما خلفه(بو) من اعمال يتجسد فيها الرعب ،تكمن في تحذيره لنا(على نحو مسرف في القسوة ودونما مهادنة، من الشر الكامن في اعماق كل منا)..لم يكن مجنونا كما انه لم يفقد الوعي بسبب الكحول والمخدرات –كما يشاع عنه-وانما كان مرهف الحس،عاش ظروفا كالحة من البؤس و المرض.
يختفي والده قبل أن يولد.وتموت أمه بداء السل سنة1811 مخلفة ثلاثة أطفال، توزعتهم بيوت التبني! لقد ظل-بسبب فقده امه وهو في الثالثة- طوال عمره يحاول استعادة هذه الأم من خلال علاقته بالنساء الأخريات. ولد في أعماقه احساسا مرضيا بأن وجوده انما يعتمد على عناية الأخرين به وعلى الود الأنثوي، غير ان هذا الود كلما بدا له انه قريب منه يريد الأمساك به،يتلاشى كالضباب وكان آخر هذا الود زواجه من احدى قريباته،(فرجينيا) ابنة الستة عشر ربيعا التي وصل حبه لها حد العبادة!ولكن(السل) يبعدها عنه الى القبر!وقد كتب فيها أحب قصائده الى نفسه(اولالوم) ترنيمة الى فرجينيا الميتةتتجسد فيها شخصيته شعرا:
كانت السماء كالحة وقاتمة
وكانت أوراق الشجر ذابلة وذاوية
كان الوقت ليلا في تشرين المستوحد
القسوة بالغة قرب بحيرة(أوبر) المعتمة
في عمق منطقة (فير) الضبابية
في غابة(فير)التي ترودها الغيلان
هنا تجولت مرة
عبر طريق من أشجار السرو العالية
تجولت مع روحي
بين أشجار السرو مع (سايكي) روحي

ألا تذكرنا (أولالوم) بقصيدة(بولينير): تحت جسر السين(؟)

ظل (بو) يتصارع مع أمواج مجتمعه وعصره،واستطاع ان يثبت وجوده ، اذ ابتكر تكنيكا في الكتابة لم يضاهه فيه أي كاتب آخرمن حيث الأصالة و التاثيررغم ان معظم المجلات الأدبية في امريكا آنذاك وقفت ضده..ذلك ان المجلة التي تساند كاتبا معين تقوم(بالنفخ) في عمله وتوعز لبعض المجلات الأخرى بترديد ما تكتبه هي عن ذلك الأديب!واذ يصدر العمل المذكور تكون عملية الدعاية أخذت كل أبعادها . أما(بو) فقد سبح عكس التيار، وخلق له أعداء من أدعياء الأدب لم يكفوا عن تمزيقه حتى بعد موته!
في (فيلادفيا) ينشر حكايته المعنونة(ليجيا) تدور حول صدمة يصاب بها الراوي اثر موت زوجته(ليجيا) مثال الجمال ، ويتخذ من الليدي(اروانا) زوجة ثانية ويقيم معها في دير خرب ((تتعلق الطحالب الخضراء على جدرانه))..يعلق كاتب سيرته((لو لم يكتب بو أي شيء آخر غير هذه الحكاية لكان ذلك كافيا لأن يضمن الخلود لأسمه!))
في 1839 يكتب (بو) (الرجل المستنفذ) وهي قصة بارعة في سخريتها بالعبادة الجماهيرية لأبطال الحملات الهندية التي تمت وفق سياسة(التوطين الحكومية) حيث تتم الأبادة الجماعية للهنود الحمر وفي نيسان من نفس السنة تظهر له قصيدة (القصر المسكون بالأشباح):


في أشد ودياننا اخضرارا
حيث كانت تسكن الملائكة الطيبة
ثمة قصر بهي وجميل
مضيء الجنبات
شمخ برأسه عاليا
في حضرة الفكر السلطاني
انتصب هناك
لم تفرش أية جنية جناحها
فوق نسيج
في بعض هذا البهاء

ان نوعية العذاب الداخلي هي التي تميز القصص و القصائد العظيمة عن غيرها،وهكذا كانت قصة(أشر) التي ضمتها تلك القصيدة ،فهي ليست مجرد وسيلة في افتعال التأثيرات ولكن كما قال (د.ه.لورنس)عن (بو) سنة1923((لقد عني بو بعمليات انحلاله الروحي ..وقد قضي عليه بأن يخمد روحه المضطربة عبر سلسلة من التشنجات الأنحلالية )) . والقاريء لهذه القصة يجد رابطا عميقا بين(أشر و بو)، ولقد قال مرة متبنيه(جون ألان)-وهو صادق-بأن مواهب (بو) من النوع الذي لا يعطي الراحة لصاحبها، ونضيف((ولمن يطلع عليها)).
يصف (بو) عملية تأليفه لأشهر قصائده(الغراب) ان كل حركة قد درست بدقة بهدف احراز ((ذلك الترابط بين الحدث و الأسلوب الذي من شأنه أن يساعدني على تحقيق الأثر)):

في منتصف ليلة موحشة
بينما كنت منهكا و مرهقا
أتأمل العديد من كتب الحكايات القديمة
الغريبة العجيبة
بينما كنت أنوس برأسي، أكاد أغفو
فجأة..اذ بنقرة
كأن أحدا يطرق الباب بخفة
يطرق باب غرفتي
همهمت.هذا زائر ، يطرق باب غرفتي

وهكذا تستمر القصيدة بقوة ايقاعها و رنتها المغناطيسية،
وما زال الغراب جالسا ..جالسا دون حراك
فوق تمثال (بالاس) الشاحب..فوق باب (غرفتي)
عيناه عينا شيطان يحلم
والضوء من فوقه
يصب ظله
فوق ارض الغرفة

وكما نعلم ،ظل الغراب رمزا للشر والسوء عند العديد من الأمم ومنها العرب، فهل استمد الشاعر فكرته من الموروث العربي؟ خاصة وانه كان مطلعا على الأدب العربي والشرقي
حيث كان معجبا بشعر (حافظ الشيرازي)

بعد نشر هذه القصيدة ، يعلق أحد معاصريه((ان بو يمتلك ذلك الشيء الذي لا يمكن أن يتم وصفه والذي يدعوه الناس عادة بالعبقرية...)) وقبل ان تطوى الصفحة..يقوم (بو) بتحويل أفكاره العلمية الى حدس شعري أطلق عليه اسم(يوريكا)..شعر منثور.

هذا العمل هو تبسيط للنظرية النسبية تستند على فرضية فحواها بما انه لم يكن هناك شيءموجود، لذلك فأن كل الأشياء موجودة!فالعدم هو الوحدة التي خلقت منها المادة واليها تعود..عالم الفضاء غير محدود..غير ان عالم النجوم محدود ويتضمن قوتين هما القوة الجاذبة (الجاذبية) والقوة الطاردة(الكهرباء) ويمكن النظر اليهما بأنهما الروح و الجسد.
__________________
مراجع
1-Encarta الأليكترونية
2-ادجار الن بو- ديفد سنكلير-ترجمة:سلافة حجاوي



#مجيد_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مائدة الحجر
- أيها الصديق
- وجع الروح
- التسيار
- من يقتل الطيور؟
- مانزانو..الشاعر العبد
- المعلّقة
- درب
- السيرة الذاتية لمايا انجيلو


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجيد الأسدي - عبقريات سحقها الدولار