أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - رياض الصيداوي - سوسيولوجيا الجهاد والعنف في الجزائر: خطابا وممارسة 1















المزيد.....

سوسيولوجيا الجهاد والعنف في الجزائر: خطابا وممارسة 1


رياض الصيداوي

الحوار المتمدن-العدد: 1901 - 2007 / 4 / 30 - 11:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


المقدمة

يتميز الإسلام السياسي في الجزائر عن الحركات الإسلامية في الوطن العربي والعالم الإسلامي بمستوى الحركة والمنهج والنتيجة التي وصل إليها. إن مقارنة سريعة مع غيره تمكننا من إدراك مدى هذا الاختلاف. لقد تميز وصول الإسلام السياسي إلى الحكم في إيران، تحديدا القادة الدينيين الشيعة، بانتهاج ثورة سلمية، لم تستخدم العنف المسلح وإنما انتهجت أسلوب الضغط الشعبي من خلال احتلال متظاهرين كثيرين الشارع والفضاءات العامة معبرين عن سخطهم من نظام الشاه الإمبراطوري وعزمهم على خلعه. ونجحت الثورة الإسلامية الإيرانية لأن الجيش الإيراني التزم الحياد ولم يلتجأ إلى عمليات القمع الدموي المكثف . كما اختار الشاه الفرار والخروج من البلاد. أما حالة مصر فهي تبين بوضوح مدى احتواء الحكومات المصرية المتعاقبة للظاهرة الإسلامية منذ ظهورها رسميا سنة 1928 مع تأسيس تنظيم الإخوان المسلمين حتى أيامنا هذه رغم بعض الاضطرابات الخطيرة وأعمال العنف والاغتيالات التي وصلت أوجهها مع اغتيال الرئيس محمد أنور السادات في 6 أكتوبر /تشرين الأول 1981. لقد تبنت الأنظمة المصرية المختلفة سياسة تراوحت بين استخدام المنهج العنيف الذي يعتمد على الردع الأمني تارة واستخدام أسلوب الحوار وحتى التشجيع وغض الطرف تارة أخرى. واستخدم الأسلوب المصري كثيرا، خاصة في جانبه المتسامح مع الحركات الإسلامية، في دول مثل الأردن، المغرب، اليمن والدول الخليجية.
لكن في المقابل تميزت أنظمة أخرى باستخدامها إستراتيجية الردع الأمني-العسكري العنيف مثل سوريا وضربها الشديد لحركة الإخوان المسلمين في أحداث حماه سنة 1983 عندما استخدمت الأسلحة الثقيلة وحتى الطيران من أجل إبادة انتفاضة الإسلاميين. ووصل بها الأمر إلى إصدار قرار رسمي يعدم بموجبه كل من ينتمي إلى تنظيم "الإخوان المسلمين" . وبنفس الأسلوب، اتبع العراق سياسة استئصال الحركة الإسلامية المعادية لنظامه.
وانتهجت تونس أسلوب الردع تجاه حركة "النهضة" الإسلامية لكن دون استخدام العنف الدموي. حيث جرت عملية الردع عبر قنوات المحاكم والعدالة. في حين يبدو أن إسلاميي تركيا عازمون على الوصول إلى السلطة لكن عبر صناديق الاقتراع وتقديم تنازلات للنظام العلماني القائم تحت مراقبة الجيش وإشرافه غير المباشر على الحياة السياسية.
في كل هذه الحالات برز العنف الديني بشكل متقطع وفي بعض الأحيان بندرة. لا يمكن مقارنته في كل الأحوال بالعنف السائد في الجزائر. فإسلاميو هذه البلدان لم ينتظموا في شكل جيش تراتبي مثل الجيش الإسلامي للإنقاذ أو الجماعة الإسلامية المسلحة. ظاهرة أخرى تميز أيضا الإسلامية الجزائرية عن غيرها من الإسلاميات الأخرى وهي تتجسد في استمرارية العنف وتواصله بشكل كثيف عبر الزمن تحول إلى ما يشبه حربا أهلية. لقد تواصل هذا العنف لمدة تقارب 7 سنوات ولا تلوح في الأفق إمكانية إنهائه. كما يجب أن نضيف عامل آخر يميز الأزمة الجزائرية عن غيرها من البلدان العربية والإسلامية. إن عدد القتلى في هذه الحرب تجاوز 100 ألف قتيل حسب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ووصل عدد المتضررين إلى حوالي مليون متضرر. إن خصوصية الظاهرة الجزائرية وتميزها عن كل الظواهر العربية الشبيهة تجعل من مسألة دراستها دراسة عميقة تستخدم المناهج الأكاديمية وتقنيات التحليل العلمي حاجة ملحة بل ضرورية لفهمها ومن ثمة تفسيرها حتى يمكننا تحديد استشراف مستقبلي لها.
لكن قبل البدء في التحليل، يكون مشروعا طرح سؤال من هم "الإسلاميين"؟ ماذا نقصد من خلال هذا المفهوم الذي هيمن مؤخرا على مجالات عديدة، بدءا بالمجال الإعلامي، فالسياسي، فالأكاديمي؟
كثير من المختصين في الحركات الإسلامية حاولوا تقديم إجابة. برينو إيتيان Bruno Etienne أحد المختصين الفرنسيين في الحركات الإسلامية في العالم يعطي التعريف التالي: "الإسلاميون هم مسلمين، عادة ما يقررون بشكل صارم وبعد إيمان سريع، بضرورة احترام ما يعتقدون أنه مبدأ السلوك المثالي. ويصاحب حركتهم دائما مشروع اجتماعي: وهو تحقيق ما يعتقدونه دولة مسلمة قوية وعصرية" . أما المستشرق الشهير ماكسيم رودنسن Maxime Rodinson فيعرف الإسلامي بكونه ذلك الذي "يبحث على انتزاع السلطة أو هو يمارس على نفسه ضغوطا قوية جدا بغاية إعادة تأسيس كامل للعقيدة الدينية وبغاية حل كل المشاكل السياسية والاجتماعية معتمدا على الدين وسيلة لتحقيق كل ذلك" . يحيلنا هذا التعريف على مفهوم انتزاع السلطة في سبيل ممارستها باسم الدين الذي سيحل لاحقا كل قضايا الإنسان والمجتمع المستعصية.
أما عالمة السياسة الفرنسية ماري-لوسي ديما Marie-Lucy Dumas فهي تميز بين أربعة مستويات من الإسلاميين. فهم أولا "ضد كل تكييف للإسلام، ليس فقط في المجال الديني ولكن أيضا في الميدانين السياسي والاجتماعي" . ثم تعرفهم ثانيا على أساس أنهم أصوليون في حالة ما كانوا "يريدون تكييف إسلام نقي وعائد إلى منابع الإيمان مع المجتمع المعاصر، وهم "تقليديون" حينما يكتفون بالتنديد بانحطاط الأخلاق" . ثم تقدم الإسلاميين "الإصلاحيين" كأناس يعملون في اتجاهين، الاتجاه الذي يتعلق بخلق القرآن والاتجاه الذي يعتمد على "فصل المجال الديني عن المجال السياسي" . وأخيرا تعتمد نفس الباحثة على تعريف أوليفياي روا Olivier Roy عندما تستخدم تعريف "الأصوليون الجدد" (Néofondamentalistes) وتقدمهم كمناضلين إسلاميين "منشغلين بعملية الأسلمة من القاعدة". وبالنتيجة فهي "عودة إلى إسلام يتخذ شكلا محافظا، متزمتا ومبشرا أكثر من كونه إسلاما ثوريا" . تبرز هذه التعاريف المختلفة والمتباينة في بعض الأحيان مدى الاشتباك بين مستويين: مستوى الإيمان الديني الفردي ذو البعد الوجودي من جهة ومستوى الفعل الجماعي بهدف تحقيق مشروع اجتماعي من جهة أخرى.
***
على المستوى السياسي، يمثل الحركة الإسلامية في الجزائر اليوم أربع تشكيلات سياسية كبرى هي : الجبهة الإسلامية للإنقاذ (بقيادة عباسي مدني)؛ حركة مجتمع السلم (بقيادة محفوظ نحناح)؛ حركة النهضة (بقيادة لحبيب آدمي)؛ وحركة الإصلاح الوطني (بقيادة عبد الـله جاب الـله) .
وفي ما يتعلق بحركة الإسلام المسلح، يمكننا تحديد تنظيمين إسلاميين مسلحين شهيرين وهما "الجيش الإسلامي الإنقاذ" بقيادة مدني مزراق من جهة و"الجماعة الإسلامية المسلحة" بقيادة عنتر الزوابري من جهة أخرى.
ستهتم دراستنا بالجبهة الإسلامية للإنقاذ وتنظيماتها العسكرية المتفرعة. لأنها كانت الطرف الأكثر حضورا سياسيا والفاعل الاجتماعي الأكبر طيلة عقد التسعينات في الجزائر. وسيركز بحثنا على جانبين من هذا التنظيم، جانب الحركة وجانب الخطاب. رغم أن الخطاب نفسه يمكن اعتباره في أحد أشكاله نوعا من الفعل (Action) . سيتناول تحليلنا العنف السياسي السائد في هذا البلد ومحاولة تحديد طبيعته، هل هو حربا أهلية؟، أم ثورة تحت الإنجاز؟ أم هو مجرد إرهاب معزول؟..وسنستخدم نموذجا نظريا محددا، هو نموذج عالم التاريخ والاجتماع الأمريكي تشارلز تيلي Charles Tilly، ذلك النموذج الذي يحلل الثورات عبر التاريخ ويبين المرحلتين الحاسمتين التي تعيشها أية ثورة. يقسم تيلي الثورات إلى قسمين. يمثل القسم الأول "الوضعية الثورية" Revolutionary Situation في حين تمثل "النتيجة الثورية" Revolutionary Result المرحلة الثانية، أي انتصار الثورة وانتقال السلطة من فريق قديم إلى فريق جديد.
إن ما يميز الإسلام السياسي الحالي في الجزائر هو الاستخدام المكثف للعنف المسلح على مستوى الحركة كذلك على مستوى الخطاب التحريضي المبجل لفكرة القتال أو "الجهاد" بتعبير ديني. فهو عنف مبرر دينيا باعتباره جهادا يهدف إلى تقويض "مجتمع جاهلي" بغاية بناء "دولة إسلامية" جديدة مثلى. ويعيش هذا الخطاب خلطا بين مفاهيم متناقضة أو على الأقل ذات منابع متباعدة زمنيا وحضاريا. فهو يستخدم تارة مفاهيم الحداثة كالديموقراطية والشرعية السياسية واختيار الشعب ويستخدم تارة أخرى مفاهيم دينية تقليدية كمفهوم "تطبيق الشريعة" أو مفهوم "الجهاد"..
ترتكز إشكالية بحثنا على السؤال التالي: كيف يمكننا تفسير تواصل هذا العنف الدامي في الجزائر باسم الإسلام منذ سنة 1992 إلى اليوم؟ هذه الإشكالية تقودنا إلى طرح سؤالين فرعيين مرتبطين الواحد بالآخر. وهما: أولا: لماذا عجز الإسلاميون الجزائريون في الاستيلاء على السلطة؟ ثم ثانيا: لماذا عجز النظام الجزائري نفسه عن استئصال العنف المسلح المضاد للدولة؟
إن نوعية هذه الأسئلة تقودنا إلى تحليل عملية التفاعل (Interaction) بين المتنازعين في البلاد: النظام الجزائري المتميز بهيمنة العسكر عليه من جهة والجبهة الإسلامية للإنقاذ وتنظيماتها المسلحة المتفرعة من جهة ثانية. إننا لا نقدم هذين الفاعلين بشكل استعراضي وصفي ولكننا سنسعى إلى ضبط آلية التفاعل بينهما وتحديد مدى النجاعة لدى كل طرف. كما سنحدد الصراعات الداخلية لكل من المتصارعين. أي النزاعات الداخلية التي تشق النظام العسكري وتهدد وحدته من ناحية وكذلك صراعات الإسلاميين الداخلية من ناحية ثانية. ومن ثمة سنحاول عبر تفكيك الأزمة وإعادة تركيبها أن نعرض بعض السيناريوهات التي يمكنها أن تمثل نهاية محتملة للحرب الجزائرية. وحتى نخوض في كل هذه النقاط مجتمعة سنستعين بعلم اجتماع العنف، ببعض نظرياته، وببعض نماذجه النظرية وببعض مفاهيمه.



#رياض_الصيداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوسيولوجيا الجيش الجزائري ومخاطر التفكك 5 والأخيرة
- سوسيولوجيا الجيش الجزائري ومخاطر التفكك 4
- سوسيولوجيا الجيش الجزائري ومخاطر التفكك 3
- سوسيولوجيا الجيش الجزائري ومخاطر التفكك 2
- سوسيولوجيا الجيش الجزائري ومخاطر التفكك 1
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر:الحزب، الجيش، الد ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية: الحزب، الجيش، الدولة 13
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...
- صراعات النخب السياسية والعسكرية في الجزائر: الحزب، الجيش، ال ...


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - رياض الصيداوي - سوسيولوجيا الجهاد والعنف في الجزائر: خطابا وممارسة 1