أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فارس الطويل - أقلامٌ ملوَّ ثة














المزيد.....

أقلامٌ ملوَّ ثة


فارس الطويل

الحوار المتمدن-العدد: 1905 - 2007 / 5 / 4 - 11:43
المحور: الادب والفن
    



كم أشعر بالقرف ، من شعراء وكتاب ، عندما يتجرؤون على تلويث نقاء الكلمة ، وتحويلها إلى سلعة رخيصة ، مفخخة ، يسيلُ لها لعاب طاغية حقير ، وتنتفخ أوداج زعيم أرعن ، وتنفتح أسارير شيخ بليد ، وينشرح قلب وزير لص ، وينتشي غرور سياسي أفـّاق .

ولكنني ، بالرغم من ذلك ، لاأستطيع أن أمنع نفسي من البكاء ، عندما أرى شاعراً عظيماً ، كأبي الطيب المتنبي ، ماليء الدنيا وشاغل الناس ، يسفك دماء قصائده الجميلة ، على أقدام تافهين وأوغاد ، وهو يعلم أنـّهم كذلك ، بل وكان يحتقرهم في قرارة نفسه ، للوصول إلى مجد يليق به ، وعالم ٍ يسكنه العدل والنقاء .

قد يتفهّم أكثرنا موقف المتنبي ، وغيره من الشعراء الكبار ، ويلتمس لهم العذر ، رغم بشاعة الفعل ، في حد ذاته ، الذي ينبغي أن لايتدنّس به ، شاعر وفارس من طراز أبي الطيب ، أو أبي فرات الجواهري ، الذي مارس هو الآخر ، وفي أزمنة مختلفة ، هذا السلوك المخادع ، الذي نهشَ من روحه ، وتسبّب في جروح طفيفة في تاريخه الناصع .

إنـّه فعلاً ، أمرٌ يدعو للخجل ، ويثير التقزّز ، عندما يرى المرء شاعراً ، أو كاتباً موهوباً ، لايجد حرجاً ، في أن يكون بيدقاً ، أو ممسحةً ، أو بوقاً ، أو سوطاً ، أو كلباً ، بأياد ٍ قذرة ، وملوّثة ، تسخـّر قلمه ، لتحقيق أغراضها ، وتعتصر موهبته ، لإشباع نزواتها ، غير مبالٍ بشرف الكلمة ، وقدسية الحقيقة ، وشجاعة الموقف ، وطهارة السيرة ، التي تجعل للكاتب كرامة ً واحتراماً ، وللمثقف هيبة ، وشموخاً ، وألقاً ، ووقاراً .

قد يزعم البعض ، بأنّ مثل هذا السلوك المشين ، لايمكن أن يصدرَ عن شاعر أو كاتب حقيقي ، وأنّ هؤلاء الذين يُتاجرون بالكلمة ، إنـّما هم عبارة عن كتّاب طفيليين ، ومرتزقة ، لايتورعون عن بيع كل شيء ، ( وليس فقط مايكتبونه من بذيء القول ، وسخيفه ، وتافهه ) ، طمعاً بشهرة وسخة ، أو دراهم رخيصة ، أو مناصب حقيرة ، أو إرضاءاً لنوازع شريرة ، وأهواءٍ شاذةٍ ومنحرفة ، ولدينا في الساحة الإعلامية والأدبية ، نماذج كثيرة لمثل هؤلاء الكتاب ، الذين يلوثون مشاعرنا ، ويسممون أذواقنا ، ويسخرون من آلامنا ، ويشتمون أهلنا ، وتاريخنا ، وشهداءنا ، ورموزنا الثقافية والوطنية والدينية .

ولكنني ، بالتأكيد ، لاأقصد هؤلاء ( الكُتـّاب ) المنبوذين ، الذين ماتت ضمائرهم ، وتعفّنت أخلاقهم ، وتصحّرت إنسانيتهم ، ولم يتبقَّ لديهم شيئاً نقياً ، وطاهراً ، كي يسفكون دمه ، بعـد البيع ، ولم تترسّب في نفوسِهم القميئة ، بقايا من حياء ، أو كرامة ، أو شجاعة ، كي يفرّطوا بها ؟.

إنـّهم لايملكون ، في الحقيقة ، غير هذا القلم الملوّث ، أوالصوت الكريه ، الذي ينـزُّ ، قيحاً ، وحقـداً ، وسعاراً ، وشتائمَ ، وأكاذيبَ . هذه هي بضاعتهم الوحيدة ، التافهـة ، التي يعرضونها ، في مواقع السقوط ، وجرائد الدعارة ، وفضائيات القيْ القومي ، والطائفي ، ويحاولون بها النيل من الوطنيين الشرفاء ، وتلطيخ تاريخ الأحرار ، والأبرار ، والمناضلين الشجعان .

وأعتقد أنَّ هذه البضاعة الفاسـدة ، هي أحقر ، من أن يلتفتَ إليها ، صوتٌ مخلص ، وفؤادٌ صادق ، وخاشع ، يحترقُ عشقاً ، ويذوب فرقاً ، ويقطرُ ألماً ، على وطنـه ، وشعبه .

وهي أقذر ، من أن يلوّثَ مثقـفٌ ، وكاتبٌ حرٌّ ، قلمَه النظيف ، بالرد عليها .

وهي أضأل ، من أن تـُقلقـِلَ ، نخلةً عراقيـة ًسامقة ، رضعت من ماء دجلـة أو الفرات .

فارس الطويل

[email protected]



#فارس_الطويل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يحب الأبناء وطناً ، يقتلُ فرحهم ؟
- الغربة بين الوطن والمنفى
- الشيعة يقتلون أهل السنة في العراق


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فارس الطويل - أقلامٌ ملوَّ ثة