فارس الطويل
الحوار المتمدن-العدد: 1824 - 2007 / 2 / 12 - 11:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجميع ، هذه الأيام ، صار يردد نفس الأسطوانة المقيتة في الفضائيات ، والصحافة ، والإنترنيت ، والمؤتمرات ، والمساجـد ، والمسالخ ، والمواخيـر ..
- ( الشيعة ) يقتلون ويذبحون ( السنة ) في العراق ..!!
- عصابات الموت (الشيعية) تسفك دماء (لسنة) ، وتخرّب مساجدهم ..!!
- (الشيعة) يريدون تطهير بغداد من (السنـّة ) ، بل وإفراغ العراق منهم..!!
- الرافضة .. الصفويون .. عملاء إيران .. الفرس المجوس .. ألــ ...
تحريض .. وشتائم .. وتلفيق .. وأكاذيب .. وعداء مسعور لكل ماهو شيعي .. !
طيب إذا كان الأمر ، هو كذلك ، فعـلاً ..
فمن إذن يقوم بقتل وذبح مئات الشيعة العراقيين ، يومياً .. وبصور مرعبة لامثيل لها في التاريخ .. منذ سقوط الصنـم وحتى الآن ؟
ومن الذي يخطف ، ويقطع الطرق ، ويذبح على الهويـة ، ويصوّر أفلام الرعب والجريمة تحت هتاف وراية (الله أكبر)..؟
ومن الذي يحرّض دائماً على قتل الشيعــة ، وتهجيرهم من بيوتهم ، وتفجير قبور أئمتهم ، وحسينياتهم ، وممتلكاتهم ..؟
ومن الذي يجاهر علناً ، بتكفيرهم ، وتخوينهم ، والتشكيك في وطنيتهم وعروبتهم ..؟
ومن الذي أرسل ويرسل آلاف السيارات المفخخة ، لتنفجر في الأحياء والأسواق التي يقطنها الشيعة ..؟
ومن الذي أرسل ويرسل ، مئات الإنتحاريين ، ليفجـّروا أنفسهم وسط تجمعات الفقراء من العراقيين الشيعة في الساحات والمساجد والأسـواق ..؟
ومن الذي يأوي ويدعم عصابات القاعدة وعشرات التنظيمات البعثية والتكفيرية الإرهابية ، تحت غطاء الجهاد ، ومقاومة الإحتلال ..؟
ومن الذي يقوم باستباحة دماء موظفي الدولة ، وأفراد الشرطة والجيش العراقيين .. ؟
ومن الذي يدمـّر أنابيب ومصافي النفط ، ومحطات توزيع الكهرباء والماء والوقود ، وشبكة الإتصالات ، والخدمات .. و.., ..؟
ومن الذي يريد تعطيل الحياة في العراق ، عن طريق تعطيل دوائر الدولة ، والمدارس ، والجامعات ، والمستشفيات ، ومراكز البحوث العلمية ، والإعمار .. ؟
ومن الذي يريد تخريب العملية السياسية ، وتمزيق الوحدة الوطنية ، وإلغاء الدستور .. وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء .. ؟
ومـن .. ومـن ... ؟؟؟
هل هم ( السنـة ) وفق المنطق الذي يتحدث به فرسان الثقافة الطائفية ، وأنصار الدكتاتورية .. ؟
على إعتبار أنّ الإرهاب والتخريب ، يعشـّش وينطلق من مدن وأحياء ( سنية ) ، ويقوده ويشترك فيه عناصر ( سنية ) ..
هل ينبغي أن نقول أنّ ( السنـّة ) يذبحون الشيعة والكرد في العـراق ؟
هل يجب أن نقول أنّ ( السنـّة ) في العراق ، هم عبارة عن قتلة ، ومجرمين ، وأتباع للشيطان والطغيان ، وخونة للعراق وشعبـه ؟
هل نقول أنّ ( السنـّة ) في العراق ، دينهم هو الإرهاب والذبح والنفاق .... ؟
أم ينبغي أن نقول ، أنَّ من يمارس أفعال القتل والتفجير ، وكل الجرائم المخزية ، هم إرهابيون ، وقتلة أوغاد ، يزعمون كذباً ، أنـّهم يدافعون عن سنـّة العراق ، ويزعمون زوراً ، أنـّهم يقاومون الإحتـلال .. والسنة والمقاومة منهم بـراء إلى يوم الدين .. !!
أو ينبغي أن نقول ، أنّ ( السنـّة ) في العراق ، هم ضحايا ، كغيرهم من العراقيين ، لعصابات وميليشيات القتل والتدمير ، التي تتاجر باسمهم ، وبشعارات زائفة ، لتحقيق أجندة طائفية أو عنصرية أو خارجيـة ..
هــل الإرهاب ، والوحشية ، والخيانة ، والنفاق ، والجبن .. صفات ترتبط بقومية أو دين أو مذهب أو عشيرة أو مدينة .... ؟
وإذا كان الجواب بـ ( لا ) ..
فلماذا ، إذن ، يتم شن كل هذا الهجوم ، الغير مسبوق ، على الطائفة الشيعية ، بهذه الصورة الكريهة ، وتجريدهم من إنسانيتهم ، ووطنيتهم ، ودينهم ، وقذف الإتهامات يمينا وشمالاً دون وجه حق ، ودون وازع من ضمير أو عقل أو أخلاق .. ؟
لماذا يُراد للضحية أن يلبس ثوب الجلاد ، والمظلوم ثوب الظالم ، والوطني ثوب الخائن ، والمؤمن ثوب المنافق ... ؟
لماذا يُراد وضع طائفة كبيرة من المسلمين ، وأمة كبيرة ، كالشيعــة ، تحت سياط الطعن والتكفير والتشهير .. ؟
ماذا نسمـي ذلك ؟
طائفية ، أم تعصباً وجهـلاً ، أم حقداً مريضاً ، أم غبــاءً ، أم نذالــة ، أم .... ؟!!
أليس الأولى بأبناء العراق الشرفاء ، جميعاً ، أن يتفقـوا ، على رفض أفعال القتلة والمجرمين ، سـنـّة كانوا أم شيعـة ، تلك الأفعال التي يسميها الكذابون والأفاقون ، مقاومة وجهـاداً !! ..
رغم أنّ الضحايا دائماً هم عراقيون أبرياء مسالمون ..
أليس الأولى بأبناء العراق ، أن يتفقوا على إدانة ومحاربة الإرهاب والإجرام ، تحت أي عنوان أو هوية كان ..
أن يتبرّأوا من هؤلاء القتلة المسعورين ، الذين يرفعون شعارات الوطنية ، أو القومية ، أو الإسلام ، أو الجهاد أو ... ، وهي منهم بـراء ..
أن يقرّروا سويةً عزل المنافقين ، ونبـذ أمراء الطوائف والإرهاب ، وتجار الحروب ، ودعاة التكفير والفرقة والطائفية والعنصرية ، ومحاسبتهم بشـدة ، وإنزال أقصى العقوبات بحقهم ..
عندها فقط ، ستكون كلمات أبناء العراق ، قوية ، ونقية ، وصادقة ، ومؤثرة ..
وستكون أنفاسهم ، وخطواتهم ، وأصواتهم ، مخيفة لمن يتاجرون بوطنهم ، ودمائهم ..
عندها فقط يستطيعون إيقاف نزيف الدم البريء ، وهدر الطاقات ، وضياع العقول والثروات ..
عندها فقط يشعرون أنّهم حقاً عراقيـــون أحـرار.
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟