أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الشلقاني - قانون الإرهاب الجديد (2): مأزق التعريف















المزيد.....

قانون الإرهاب الجديد (2): مأزق التعريف


علي الشلقاني

الحوار المتمدن-العدد: 1889 - 2007 / 4 / 18 - 12:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أولاً، تلخيص المقال السابق:
1) المناقشة العملية والمفيدة حالياً، وبعد الموافقة على تعديلات المادة 179 من الدستور، هى الاستفادة من شروط تطبيق الاستثناءات الواردة فى هذه المادة، عن طريق صياغة ضوابط واضحة تحدد مجال الاستثناء، وتسمح للقضاء بحماية الحريات العامة.
2) ذلك أن تعديلات هذه المادة تتطلب إصدار قانون جديد للإرهاب. وتستثنى التعديلات إجراءات الاستدلال والتحقيق الخاصة بجرائم الإرهاب من أحكام أساسية فى الدستور تحمى الحريات العامة. وقد اشترطت لهذا الاستثناء أن تتوفر للإجراء شروط ثلاثة: الأول أن يكون الإجراء متصلاً بجريمة من جرائم الإرهاب. والثانى أن يكون الإجراء ضرورى لمواجهة خطر جريمة الإرهاب. والثالث أن تكون الضرورة عاجلة كى يباح الاستثناء من أحكام الدستور.
3) ويخضع توفر هذه الشروط الثلاثة لرقابة القضاء، على خلاف الوضع فى ظل قانون الطوارئ. إذ كان القضاء يمتنع عن النظر فى الإجراءات الخاصة به، بوصفها عمل من أعمال السيادة.
4) ومن هنا أهمية تعريف جرائم الإرهاب، حتى يتاح للقضاء أن يراقب الاستثناء من أحكام الدستور، ويبقيه فى أضيق الحدود الضرورية لمواجهة الإرهاب.
ثانياً، لا اتفاق على تعريف عام لجريمة الارهاب:
5) اهتمت الأمم المتحدة اهتماماً كبيراً بمحاربة الإرهاب، وأصدرت عديداً من القرارات من الجمعية العامة، ومن مجلس الأمن، واشتملت على ما يبلغ 13 اتفاقية دولية.
6) وفى آخر قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر فى 8 سبتمبر سنة 2006 – أى منذ 6 أشهر- والمسمى بـ"الإستراتيجية العالمية المضادة للإرهاب"، اشتمل القرار على خطة عمل، وجاء فى هذه الخطة صراحة أنه: "ويؤكد الأعضاء تصميمهم على بذل كل الجهود للوصول إلى اتفاق ينتهى بإبرام اتفاقية شاملة عن الإرهاب الدولى تشمل حل القضايا المعلقة الخاصة بالتعريف القانونى للأفعال التى تشملها الاتفاقية وحدودها حتى يتسنى للاتفاقية أن تكون أداة فعالة فى محاربة الإرهاب".
7) وهكذا اتبعت الأمم المتحدة القاعدة التى تقول أن ما لا يدرك كله لا يترك كله. فحاولت صياغة اتفاقيات جزئية خاصة بالإرهاب، تخص كل منها جريمة محدودة من جرائم الإرهاب، وصلت حالياً إلى 13 اتفاقية. ونجحت فى كل منها فى تحديد الأفعال التى تكون عناصر جريمة الإرهاب. مثال ذلك جرائم الإرهاب الخاصة بالطائرات، أو بالمطارات الدولية، أو السفن البحرية، أو مواقع إنتاج البترول من قاع البحار، أو استخدام المتفجرات.
8) ورغم ذلك لم تصل الأمم المتحدة حتى الآن إلى تعريف عام وشامل لجريمة الإرهاب. ويعود هذا الفشل إلى سببين كلاهما متصل بطبيعة جريمة الارهاب. وأعرض سريعاً كلأ من هذين السببين.
ثالثاً، السبب الأول هو استخدام المقاومة الشعبية للعنف
9) يكاد يكون استخدام العنف هو العنصر الوحيد المتفق عليه بين الجميع كأحد العناصر الرئيسية فى جريمة الإرهاب. ولكن العنف تستخدمه الدولة، وكذلك تستخدمه المقاومة الشعبية التى تقاوم الاحتلال الأجنبى. ومن هنا تثور المشكلة، لأن بعض الدول ترفض أن تستخدم الشعوب العنف، ولو كان ذلك فى محاربة المحتل الأجنبى. وأغلب هذه الدول من البلاد الغربية، ووصفت المقاومة الشعبية المسلحة بالإرهاب. أما بلاد العالم الثالث فرفضت طبعاً هذا الوصف، وأصرت على أن المقاومة الشعبية المسلحة هى كفاح مشروع. والأمثلة عديدة على قيادات الشعوب التى عوملت على أنها مجرمة حتى إذا وصلت على الحكم اعتبرت من كبار الزعماء العالميين. والمثل الذى لا زال على قيد الحياة إلى اليوم هو "مانديلا".
10) وحاول البعض للخروج من هذا المأزق أن يضيف إلى شرط استخدام العنف أنه غير موجه إلى المدنيين، فإذا اقتصرت المقاومة على محاربة عناصر جيش الاحتلال، فهى مقاومة مشروعة. أما إذا أصابت المدنيين فهى إرهاب. ولكن حتى هذه المحاولة غير ناجحة، فالمعلوم تماماً أن محاربة إسرائيل للمقاومة الفلسطينية تقتل المدنيين، ورغم ذلك لا تصفها الدعاية الغربية بأنها دولة إرهابية. كما أن الجيش الأمريكى المحتل للعراق يقتل فى معاركه مع المقاومة العراقية المئات العديدة من المدنيين العراقيين، ومع ذلك لا يصفه الإعلام الغربى بأنه جيش إرهابى.
رابعاً، السبب الثانى هو الأضرار الجسيمة الإنسانية والاقتصادية التى تسببها جريمة الإرهاب
11) أحد العناصر المكونة لجريمة الإرهاب، هى الرعب الذى تثيره لدى فئات واسعة من الشعب. ومن هنا وصفت الجريمة بالإرهاب، لأنها ترهب الشعوب والحكومات. والمثال الواضح لدينا هو جريمة الأقصر، فإن مقتل العديد من السياح الأبرياء هو جريمة فى عرف جميع القوانين، ولكنها تختلف عن مجرد معركة بالسلاح بين أسرتين فى الصعيد. فمعركة الصعيد لها حدود معروفة لا تتجاوز الأسرتين، وقد تكون لها أسباب مفهومة كالانتقام، وإن كانت خاطئة. بينما جريمة الأقصر تنال الأبرياء بلا منطق. ومن هنا الرعب، ومن هنا أيضاً الأضرار الاقتصادية الجسيمة التى أصابت الاقتصاد المصرى بخسائر فادحة نتيجة توقف السياحة لسنوات.
12) وقد استغلت السلطات التنفيذية فى كثير من البلاد هذا الرعب الذى تثيره الجريمة، والأضرار الجسيمة الإنسانية والاقتصادية التى تتسبب فيها جريمة الإرهاب كى تلتمس لنفسها عذرا فى التهرب من الشرعية الدستورية. ولذلك يثير تعريف جريمة الإرهاب خلافاً دائماً حول الحدود المقبولة التى يسمح فيها للسلطة التنفيذية بتجاوز القواعد الدستورية الخاصة بالحريات العامة. فتشددت بعض الدول فى ضرورة التزام الشرعية، وتوسعت دول أخرى فى الاستثناء من القواعد الدستورية. والمعروف للجميع أن الرئيس بوش هو زعيم القادة العالميين الخارجين على الشرعية الدستورية فى الولايات المتحدة.
خامساً، الخروج من المأزق
13) إن جرائم الإرهاب التى أصابت الشعب المصرى لم تكن موجهة إلى محتل أجنبى، فنحن والحمد لله بلد مستقل، وليس محتلاً كالعراق. ولذلك فإن استخدام العنف فى مصر هو حتماً جريمة. ولكن المشكلة الحقيقية هنا أن صياغة وصف جريمة الإرهاب، كما يجب أن يتم فى مصر، لابد أن يشمل الأفعال الإجرامية الصادرة من أفراد الشعب، وكذلك الصادرة من أفراد أجهزة الحكومة، لأن للحكومة دائماً حق استخدام العنف، وبالتالى لابد أن يفرق التعريف بين الاستخدام المشروع للعنف من الحكومة، وبين الاستخدام غير المشروع. ومؤدى هذا ألا يتسع تعريف جريمة الإرهاب ليبيح استخدام العنف من جانب أفراد الحكومة، سواء كان هذا الاستخدام مشروعاً، أو غير مشروع، كالتعذيب مثلاً.
14) ثم يتبقى عند تعريف الإرهاب أن نأخذ فى الاعتبار الحدود التى استقرت عالمياً لحماية الحريات العامة. والطريق الأول لمعرفة هذه الحدود هو دراسة العناصر المشتركة فى تعريف جريمة الإرهاب التى اشتملت عليها اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بجرائم الإرهاب المعينة بالذات. والطريق الثانى هو دراسة التعريف الشامل للإرهاب الذى توصل إليه الاتحاد الأوروبى. والقاعدة الأصيلة فى الحالتين والتى تنير طريق البحث، هو التمسك بأن الديمقراطية تقتضى ألا ينزل العقاب بأحد إلا بعد محاكمة عادلة.



#علي_الشلقاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون الإرهاب الجديد وشروطه لحماية الحريات العامة
- على القمة العربية أن تواجه مشروع قانون البترول العراقي
- برنارد شو والتعليم ... اليوم


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الشلقاني - قانون الإرهاب الجديد (2): مأزق التعريف