أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلال العبيدي - رحيلي الثالث














المزيد.....

رحيلي الثالث


هلال العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1885 - 2007 / 4 / 14 - 08:11
المحور: الادب والفن
    


تكاثرت الحياة على الأرض بفصل الربيع . وما عادت تهمه حين أدرك بأنه يعيش آخر يوم من حياته . ولن يتلذذ بوحشية . كما كان ينتصب وسط الحقول . حين ينثر أشعاره على سنابلها .. يقرأ نصوصه . هناك . تجاهل آلامه في عالم عاش فيه لعقود . مضى كل شيء . توقف قلبه عن النبض المستمر . ربما استهدفته رصاصة .. شظية .. أو سهما من محب تلقاه بعد " كلمة وداع " مميتة . هاتف محمول يرن قرب جثة هامدة . وبريد يفيض برسائلها ( ستكون هذه آخر رسالة ابعثها لكَ ) وهو لا ينطق . أو يسمع أو يرد لا لأنه حزين كالعادة بل لأنه رحل .
مات فيه كل شيء . تيبسن عروقه . َّعزته أشياء دنياه . بمهرجانها التأبيني . تيتم قلمه . انتحرت أحلامه الوديعة . نام ولن يستيقظ . مهما أيقظوه ليرتدي نظارته الجميلة . حين يغفوا بين الصغار . يستحيل أن يشاهد نفسه عارياً كورقة نباتية سقطت بفصل الخريف . تقلبها الرياح . تبللها حبات المطر .

ستهجره أنوثتها وأشيائها . وعلامات التعجب التي شاهدها . وألحانه المهداة . وصور الاماسي . قرب شاطىء النهر . تلاشى وغاب . لن يشرق على أثداء الهضاب المشرفة على المدينة . ولن يحدثها وهما يجلسون في الحافلة . سترث صمت قبره . وذكراه . انطفأت آخر شمعة أوقداها سوية . إلى الأبد . ما لانهاية من العدم . نسيان تغرق فيه صخب الأحاسيس وهو يطوف عواصم العالم . استسلم طريحا على الأرض . جثة ملقاة . معراة من الهوية أو وشماً تركته أنامل مرضعته وهو صغير . يعبر عن ألمه بصراخه ليطلقوه فيهرب حبواً . أو علامة تميزه على انه هو ..

تعرف على آخر صوت سمعه . منذ تعلم كيف يسمع صوت كلمات أمه مع أبيه وهو في بطنها . فظل ذلك الصوت مألوف لديه . حتى اللحظة التي رحلت بها من حملته بأحشائها . بظلمات بطنها . أمه . الوحيدة . ليكتشفها في انسانة منحته كل شيء . جسدها الملفوف بطيبتها . و ماضيها وحاضرها . تعهدت له بالشيخوخة سوية . وكيف يتحدثان اللقاء الأول . والأخير . هنا ولد . وهناك سافر عبر الطائرة والمترو والسيارة . ثم عاد . بأحدهن . إلى هنا . إلى المثوى الأخير . بعد ربع قرن من الكتابة والانتظار . ببعد سنة الصمت . ليصمت طويلا . فتغيب أشعاره . وضيع نصوصه . مضى كل شيء . توقف قلبه عن النبض المستمر . ربما استهدفته رصاصة .. شظية .. أو سهما من محب تلقاه بعد " كلمة وداع " مميتة . هاتف محمول يرن قرب جثة هامدة . وبريد يفيض برسائلها ( ستكون هذه آخر رسالة ابعثها لكَ ) وهو لا ينطق . أو يسمع أو يرد لا لأنه حزين كالعادة بل لأنه رحل .



#هلال_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيلي الثاني
- رحيل


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلال العبيدي - رحيلي الثالث