أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلال العبيدي - رحيل














المزيد.....

رحيل


هلال العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1906 - 2007 / 5 / 5 - 11:23
المحور: الادب والفن
    


تكاثرت الحياة على الأرض بفصل الربيع . وما عادت تهمه حين أدرك بأنه يعيش آخر يوم من حياته . ولن يتلذذ بوحشية . كما كان ينتصب وسط الحقول . حين ينثر أشعاره على سنابلها .. يقرأ نصوصه . هناك . تجاهل آلامه في عالم عاش فيه لعقود . مضى كل شيء . توقف قلبه عن النبض المستمر . ربما استهدفته رصاصة .. شظية .. أو سهما من محب تلقاه بعد " كلمة وداع " مميتة . هاتف محمول يرن قرب جثة هامدة . وبريد يفيض برسائلها ( ستكون هذه آخر رسالة ابعثها لكَ ) وهو لا ينطق . أو يسمع أو يرد لا لأنه حزين كالعادة بل لأنه رحل .
مات فيه كل شيء . تيبسن عروقه . َّعزته أشياء دنياه . بمهرجانها التأبيني . تيتم قلمه . انتحرت أحلامه الوديعة . نام ولن يستيقظ . مهما أيقظوه ليرتدي نظارته الجميلة . حين يغفوا بين الصغار . يستحيل أن يشاهد نفسه عارياً كورقة نباتية سقطت بفصل الخريف . تقلبها الرياح . تبللها حبات المطر .

ستهجره أنوثتها وأشيائها . وعلامات التعجب التي شاهدها . وألحانه المهداة . وصور الاماسي . قرب شاطىء النهر . تلاشى وغاب . لن يشرق على أثداء الهضاب المشرفة على المدينة . ولن يحدثها وهما يجلسون في الحافلة . سترث صمت قبره . وذكراه . انطفأت آخر شمعة أوقداها سوية . إلى الأبد . ما لانهاية من العدم . نسيان تغرق فيه صخب الأحاسيس وهو يطوف عواصم العالم . استسلم طريحا على الأرض . جثة ملقاة . معراة من الهوية أو وشماً تركته أنامل مرضعته وهو صغير . يعبر عن ألمه بصراخه ليطلقوه فيهرب حبواً . أو علامة تميزه على انه هو ..

تعرف على آخر صوت سمعه . منذ تعلم كيف يسمع صوت كلمات أمه مع أبيه وهو في بطنها . فظل ذلك الصوت مألوف لديه . حتى اللحظة التي رحلت بها من حملته بأحشائها . بظلمات بطنها . أمه . الوحيدة . ليكتشفها في انسانة منحته كل شيء . جسدها الملفوف بطيبتها . و ماضيها وحاضرها . تعهدت له بالشيخوخة سوية . وكيف يتحدثان اللقاء الأول . والأخير . هنا ولد . وهناك سافر عبر الطائرة والمترو والسيارة . ثم عاد . بأحدهن . إلى هنا . إلى المثوى الأخير . بعد ربع قرن من الكتابة والانتظار . ببعد سنة الصمت . ليصمت طويلا . فتغيب أشعاره . وضيع نصوصه . مضى كل شيء . توقف قلبه عن النبض المستمر . ربما استهدفته رصاصة .. شظية .. أو سهما من محب تلقاه بعد " كلمة وداع " مميتة . هاتف محمول يرن قرب جثة هامدة . وبريد يفيض برسائلها ( ستكون هذه آخر رسالة ابعثها لكَ ) وهو لا ينطق . أو يسمع أو يرد لا لأنه حزين كالعادة بل لأنه رحل .
العراق / ‏06‏ نيسان‏، 2007



#هلال_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هلال العبيدي - رحيل