أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسبوعية المشعل المغربية - خريجو المعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي















المزيد.....

خريجو المعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي


أسبوعية المشعل المغربية

الحوار المتمدن-العدد: 1859 - 2007 / 3 / 19 - 04:41
المحور: الادب والفن
    



نجحوا في المباراة الأكاديمية وأخفقوا في الواجب الوطني

واقع المسرح المغربي في ظرفه الراهن يبعث على القلق، ويرفع أكثر من علامة استفهام حول الأسباب المركزية التي أوصلته إلى عنق الزجاجة، جاعلة مستقبل ممارسيه أشبه ما يكون بالمصير المحمول على كف عفريت، وقد يذهب بنا التمعن في فحص الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الأعطاب التي أصابت جسم مسرحنا الوطني، إلى الوقوف على مجموعة من الحقائق المرة، إلا أنها للأسف تشكل لبنات هذا البناء السلبي للمشهد المسرحي الراهن بالبلاد، وفي مقدمتها عدم التزام خريجي المعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي بالمفهوم الأخلاقي لدورهم في تأطير الناشئة من أفواج المسرحيين الصاعدين وتكوينهم على النحو الأكاديمي الصرف، خاصة تلك الدفعة التي تم إدماجها بالوظيفة العمومية بمصالح وزارة الثقافة، بغية تمكينها من تلقين تجربتها الأكاديمية التي حصلتها بالمعهد العالي، للفئات الواسعة من المواهب الصاعدة في مجالات الفن الدرامي والتنشيط الثقافي على صعيد المملكة، ضمانا لتوزيع المعرفة بالأسس والأبجديات الدرامية على الطريقة المسرحية العالمية بتقنياتها العلمية الحديثة والتي من شأنها الرفع من مستوى الأداء المسرحي بالبلاد، للأسف أن هؤلاء الموظفين من الخريجين الملحقين بالمركبات المسرحية عبر التراب الوطني، لم يتجاوبوا بالقدر الكافي مع التطلعات المغربية في تأهيل الشباب المسرحي لحمل مشعل الدراما الوطنية، لدرجة أنهم لم يلتحقوا بالمركبات الثقافية التي أدمجوا فيها كموظفين في السلم العاشر، اكتفوا فقط بصرف رواتبهم شهريا دون القيام بواجباتهم الوظيفية داخل المصالح التابعة لوزارة الثقافة، الشيء الذي يمكن اعتباره تقصيرا في الالتزام بالضمير المهني وإخلالا بالشروط الأخلاقية التي تفرض على هؤلاء الخريجين تمكين أبناء هذه الأمة من الاستفادة من تجربتهم الأكاديمية التي استفادوا منها داخل مؤسسة عمومية تصرف ميزانيتها من مال الشعب "المشعل" تتبعت خيوط هذا الملف وأنجزت الورقة التالية.

بعد إحداثه في مطلع الثمانينيات، احتضن المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي مجموعة من المواهب المغربية في المجالات المرتبطة بالمسرح في جميع جوانبه التقنية، وتحت إشراف مجموعة من الأساتذة المسرحيين تم إعداد هذه الطاقات الشابة على النهج الأكاديمي المعمول به على المستويات العالمية والمحترفات المسرحية الرائدة، حيث تمكن طلبة المعهد العالي بالرباط من تحصيل القواعد الأساسية للفن المسرحي والتنشيط الثقافي على يد هؤلاء الأكاديميين، كل حسب رغبته وارتفاع درجة حبه للمجال الذي اختار أن يرتبط به، ويمكن القول أن خطوة تأسيس المعهد العالي بالمغرب اعتبرتها الفعاليات الثقافية والسياسية الوطنية نقطة حسنة في السجل الذهبي للمملكة، معتبرة إياه محطة مركزية سيتمكن المغرب عبرها من تأسيس فعلي لحركة مسرحية حقيقية تمكنه من تحقيق قفزات نوعية في المجال المسرحي على المعايير و الأسس الأكاديمية المعتمدة على امتداد دول المعمور، وقد عملت الدولة لإنجاح هذا المشروع الوطني الضخم على تخصيص منح لفائدة الطلبة، عوض مطالبتهم بالأداء عن تحصيلهم للمواد الأكاديمية داخل صالات المعهد العالي، إذ كان الهدف من هذا التأسيس هو تأهيل الكفاءات الشابة المغربية في مجال الفن الدرامي، وتجنيدها للقيام بدورها الوطني في تلقين هذا الفن الراقي للأفواج الهائلة من الشباب عبر تراب المملكة، وهكذا دواليك لإشاعة هذا الفن العريق بين عموم المهتمين به، وتمكين العاملين بهذا القطاع من الاستفادة الأكاديمية ذات المستوى الدولي عن طريق دفعات الشباب من خريجي المعهد العالي، وتم بالفعل تشغيل الدفعة الأولى من هؤلاء الخريجين، في مجموعة من المركبات الثقافية على امتداد التراب الوطني كالبيضاء ومراكش ومكناس والرباط إضافة إلى تشغيل جملة منهم قد تتجاوز العشرين خريجا بالإدارة المركزية لوزارة الثقافة بالرباط في أواسط التسعينيات، وتقديرا لمستوى الشهادة المحصلة من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي تم توظيف هؤلاء الخريجين مباشرة بين السلمين 10 و11 من الوظيفة العمومية.
منذ ذلك الحين ومجموعة من الأقلام لفاعلين ومهتمين ونقاد مسرحيين تمطرنا بوابل من الكتابات تفيد أن هؤلاء الخريجين لم يتم استثمارهم بما يكفي وأن أغلبهم تم إلحاقهم بالجماعات الحضرية بعيدا عن الفضاءات المسرحية التي تبقى هي اختصاصهم الفني الذي يمكنهم الاجتهاد فيه، وأنهم – أي الخريجون – لم يجدوا سوقا مسرحية تمكنهم من ممارسة عملهم المسرحي في أجواء تلاءم مستوياتهم الأكاديمية وطموحاتهم المسرحية الكبيرة ومؤهلاتهم الفنية العالية، فيما ذهبت بعض الكتابات إلى القول بأنه تم توزيع خريجي الدفعة الأولى للمعهد العالي على ربوع الوطن، مندمجين في دواليب وزارة الثقافة يحلمون بمسرح لازال بعيد المنال، ويتجلى واضحا من خلال تلك الانتقادات والكتابات حول الموضوع أن الكثير ممن تناولوا بكتاباتهم في هذا الجانب لم يتلمسوا حقيقة الفلسفة العميقة التي تم على ضوئها إحداث مؤسسة المعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي، إذ لم يكن الهدف هو تأهيل مجموعة من الممثلين، المخرجين، التقنيين والمؤلفين بالطرق الأكاديمية الصرفة لإنعاش المسرح المغربي، وإنجاز المسرحيات وتروجيها لخلق دينامية تنتعش على إثرها السوق المسرحية بالبلاد.
كانت ترمي تلك الفلسفة إلى تأهيل نخب قادرة على تأطير الوافدين الجدد إلى المسرح من الأجيال القادمة وتمكينهم بالطرق الأكاديمية من إخراج هذا المسرح من غرفة الإنعاش التي لازال يلازمها لحد الساعة، رغم المجهودات التي تبدل بخصوصه بدءا من دعم الدولة لبعض المسرحيات، مرورا بإقامة مهرجان وطني للمسرح وصولا إلى البنيات التحية التي ساهمت الدولة في إنجازها عبر التراب الوطني، والمتمثلة في مجموعة من المسارح التي تقام فيها كل الأنشطة إلا المسرح (للأسف).
إن عمق فلسفة التأسيس يهدف إلى تأهيل مجموعة من الأساتذة في مادة المسرح، من الطلبة المتخرجين من المعهد العالي، وتوزيعهم على المركبات الثقافية المتواجدة عبر تراب المملكة، ليلقنوا ما حصلوه من تكوين أكاديمي للفئات الواسعة من الطاقات الشابة الواعدة والمواهب المسرحية التي ما أحوجها لهذا التكوين المسرحي بأسسه وقواعده الأكاديمية، والدليل على ذلك الأفواج الهائلة في الأندية المسرحية التي ظلت على امتداد الأشهر الماضية تترنح على خشبات المسارح ودور الشباب أثناء مشاركتها في مسرح الشباب الذي تنظمه كتابة الدولة في الشباب، والتي أبانت مستوياتها التقنية عن ضعف في التأطير والتكوين المسرحي، في حين تدعي مجموعة من الأصوات بأن خريجي المعهد العالي لم يجدوا فضاءات يشغلون بها. على العكس من ذلك فالحقيقة تؤكد أن عدة فضاءات لم تجد هؤلاء الخريجين ليشتغلوا بها، والأدلة على ذلك لا تعد ولا تحصى.
الحقيقة التي يجب الوقوف عليها صراحة ودون أدنى شك، هي أن هؤلاء الخريجين لم يستوعبوا الدرس جيدا، فعلى الرغم من كونهم نجحوا في الإجابة عن المواد التي حصلوها داخل قاعات المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وتمكنوا من تحصيل نتائج أهلتهم للتخرج من المعهد بمستويات مهمة، فإنهم أخفقوا جميعا في الامتحان الوطني الذي كان يفرض عليهم تلقين ما حصلوه من تكوين أكاديمي لأبناء هذا الشعب المهتمين بالمسرح، عوض تسابقهم على "الكاستينغات" والجري وراء الشهرة وبحثا عن الذات، أخفقوا لأن الدولة لم تنشئ المعهد العالي بغاية تكوينهم فقط لينصرفوا في الأرض بحثا عن فرص عمل لأنفسهم، على العكس من ذلك فالدولة ـ حتى لا أقول وزارة الثقافة ـ وظفتهم في السلاليم (10و 11) لأجل القيام بوظائفهم الوطنية في تأهيل الأجيال القادمة من المواهب المسرحية، وتنويرها وعمليا بأبجديات التقنيات المسرحية، لتمكينهما من مواصلة مشوارها المسرحي على النحو الصائب والذي من شأنه خلق ثورة مسرحية بالمغرب، وأعتقد لو أن هذه الأفواج المتخرجة من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي أدت وظائفها الوطنية بشكل طبيعي منذ تخرجها سنة 1996، لتمكنت من تغيير الملامح غير المحمودة التي يعيش عليها المسرح المغربي في وقته الراهن،والمسرح باعتباره أبا للفنون فإنه سينعكس على المجالات الأخرى المرتبطة به، كالتلفزيون والسينما والإذاعة، لأن جميع الأجناس الدرامية يمكن اعتبارها روافد تستمد قوتها من المنبع الرئيسي الذي هو المسرح، وإذا ما تحسنت أحوال هذا الأخير فإنها ستمس الجوانب الأخرى بشكل طبيعي جدا.
فهل يحق لنا نحن معشر المغاربة أن نتساءل عن الحصيلة التي أنتجتها هذه الفئة من خريجي المعهد العالي منذ إلحاقها بسلاليم وزارة الثقافة سنة 1996 وكم عدد المستفيدين الذين زودتهم هذه الفئة بتكوين تقني في مجال الفن الدرامي داخل المركبات الثقافية الملحقة بها، وإذا ما ألححنا في السؤال، سنجد الجواب أشبه بالصاعقة لما يصل إلى علمنا أن النتيجة هي صفر مستفيد.بما يؤكد أن هذه الفئة من الموظفين قد أخفقت في الامتحان الوطني بعدم توسيع صدرها بالقدر الذي يفرضه عليها الواجب الوطني والضمير المهني في تلقين ما حصلته على حساب المال العالم من تكوين داخل المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، والذي يبقى من حق الدولة والشعب عليها أن تفيد الأجيال أو الفئات المهتمة من أفراد الشعب مما حصلته داخل هذه المؤسسة العمومية التي لقنتهم تلك الدروس، وخصصت لهم منحا سنوية أثناء مسافة تواجدهم بين ظهران المعهد العالي، وقد تكبر دائرة الدهشة لما يصل إلى علمنا من مصادر جد مطلعة من قلب وزارة الثقافة أن المندوب الجهوي لوزارة الثقافة بالدار البيضاء الكبرى رفض تنقيط هؤلاء الخريجين لأنهم لا يلتحقون بمقرات عملهم بالمركبات الثقافية الملحقين بها بالمدينة البيضاء، وأضاف المصدر ذاته أن نفس السلوك يمارس على مستوى جميع الخريجين الملحقين بباقي المركبات الثقافية على صعيد المملكة، الأمر الذي يرفع أكثر من علامة استفهام حول الموضوع، ويبعث على التساؤل حول الأقساط المالية المهمة التي يستفيدون منها على حساب المال العام، دون قيامهم بالواجب الوطني تجاه فئات الشعب المتعطشة للتكوين الأكاديمي في الفن المسرحي، وحول الصمت المطبق لمعالي وزير الثقافة بهذا الخصوص، وتأييده أحيانا لاستمرار هذا الوضع المرضي وتفشيه داخل وزارة الثقافة ، وأثناء إجابته عن أسئلتنا أكد أحد الأطر العليا بالوزارة أن هؤلاء الخريجين لا يراهم إلا عبر التلفزيون، لأنهم لا يلتحقون بمقرات عملهم، ويمكن أن نسوق في هذا الباب الدار البيضاء الكبرى كنموذج يشمل 11 خريجا من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي موزعة بين المركبات الثقافية والمراكز السجينية والتأهيل الاجتماعي بالمدينة، ويمكن الاستدلال في هذا الجانب بالمركب الثقافي (كمال الزبدي) بمنطقة ابن امسيك التي تعتبر مزرعة أنتجت وتتنج مواهب واعدة في الميدان المسرحي وللتأكيد على ذلك أن الفرقتين المستفيدتين من الدعم الوزاري للمسرح، تنتميان لمنطقة ابن امسيك، فرقة (فضاء اللواء) وفرقة (أبعاد) مما يدل على الحاجة الملحة للدور الذي يمكن أن يلعبه التكوين الأكاديمي في المجال المسرحي داخل هذه التربة الخصبة، للأسف أن الخريجتين الملحقتين بمركب كمال الزبدي لا تلتحقان بمقر عملهما للقيام بوظائفهما في تأطير وتكوين الناشئة بالمنطقة، وهما (سامية أقريو) التي فضلت التسابق نحو النجومية داخل فضاءات التلفزة المغربية من خلال برنامجها (أسر وحلول) و(سعيدة باعدي) فضلت التنقل بمسرحية (مرات الباشا) صحبة زوجها (حميد باسكيط) الذي يتواجد اسمه هو الأخر ضمن لائحة خريجي المعهد العالي الذين لا يلتحقون بمقرات عملهم للقيام بواجبهم الوظيفي والوطني تجاه أبناء الشعب، إضافة إلى أسماء أخرى فضلت التهافت وراء الشهرة لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة عوض القيام بالواجب الوطني أولا والوظيفي المهني الذي تتقاضى عنه شهريات محترمة، فهل يحق لهؤلاء الخريجين استخلاص أجور شهرية عن مهام لا يقومون بها أساسا؟ وهل من حقهم كذلك أن يحرموا الفئات الشعبية الواسعة من الاستفادة من خبرتهم وتكوينهم الأكاديمي في مجال الفن الدرامي؟ فإلى متى ستستمر مصالح وزارة الثقافة في التستر على هذه العينات من الموظفين الأشباح الذين يحرمون فئات الشعب من الاستفادة من تكوينهم الذي جاء أساسا عن طريق المال العام ومؤسسات الدولة أم أن معالي وزير الثقافة يتفاخر بوجود أسماء هؤلاء المشاهير من الخريجين ضمن قوائم الموظفين بوزارته؟! وأن معاليه ينعم عليهم بشهريات من مال الشعب، بغية تسجيل هذا الفضل للهيئة السياسية التي ينتمي إليها، خاصة أنه سبق وتستر على مجموعة من المحسوبين على قوائم الشعراء المغاربة. ولما تحرك الضمير المهني في سلوك المندوب الجهوي للمدينة البيضاء واعترض عن تنقيط هذه الكتلة من الخريجين لأشباح، انهالت عليه التوبيخات والإنذارات الشفوية والوعيد من طرف العناصر القيادية بالوزارة وكأنه ارتكب جرما في حق فئة من المظلومين، مع انه في الحقيقة قام بواجبه الوظيفي في مراقبة "خيالات الظل" التي أصبحت تعج بها مصالح الوزارة، حسب التعبير المسرحي الذي يمكن التفاهم بواسطته مع هذه الفئة المتخرجة من المعهد العالي للمسرح، ويمكن القول بأن امتناع هذا المسؤول عن تنقيط تلك العينات المسرحية كان من بين النقط السوداء التي ظلت تطارده فتسببت في فصله واستقدام مسؤول آخر من مدينة مراكش لإدارة الشؤون الثقافية بمدينة الدار البيضاء الكبرى.
"سامية أقريو" التي قررت من خلال برنامجها (أسر وحلول) أن تنقب داخل البيوت المغربية عن حلول ناجعة للأسر، لم تفكر بنفس الحماس في البحث عن حلول لتنمية الفعل المسرحي بالبلاد من خلال أداء وظائفها في تأطير الناشئة بمركب كمال الزبدي وتكوينهم بما يؤهلهم لولوج الساحة المسرحية بأسلحة تمكنهم من الحضور الوازن والفاعل في المجال المسرحي وتزويدهم بما يشحذ مواهبهم ويصقلها بما يخدم الفعل المسرحي المغربي، وكذلك الأمر بالنسبة لـ (سعيدة باعدي) التي عملت بعدم التحاقها بنفس المركب إلى جانب سامية أقريو، على حرمان الجيل القادم من المسرحيين المنتمين للمنطقة من الاستفادة من تجربتها التقنية التي حصلتها بالمعهد العالي للفن الدرامي، مع العلم أن هناك جملة من المشاهير في مجالات الفن عبر العالم يزاولون مهامهم الوظيفية بكل انضباط وبروح عالية، ويمكن القول بأن أغلب الممثلين على الصعيد العربي وخاصة بجمهورية مصر العربية، دكاترة، مهندسين، محامين، أطباء وموظفين كبار، ومع ذلك لم يتركوا أماكن عملهم فارغة من وجودهم وانصروا للفن مع احتفاظهم بشهرياتهم التي تخصم من المال العام.
وهناك حالة أخرى تدخل في نفس الإطار المتعلق بالتهرب من أداء الواجب الوطني الوظيفي وانعدام الضمير المهني والتي انفرد بها الفنان بها الفنان المغربي المحبوب، الذي اشتهر بانتقاداته اللاذعة وجرأته الكبيرة في تعرية واقع بعض الموظفين أو المسؤولين المتخاذلين وهو الفنان(حسن الفد) الذي تمكن بقدرة قادر من الانتقال كمدرس للغة الفرنسية بوزارة التربية الوطنية إلى موظف ملحق بوزارة الأشعري، مؤكدا بذلك أنه لما وجد سلك التعليم محصنا من الفنانين الأشباح، توجه إلى المزرعة التي تحتضنهم بكل شجاعة ودون خوف، ليختبئ داخل ملفات موظفيها يتقاضى أجرة شهرية (باردة) دون أن يلتحق بمقر عمله، ومع ذلك أطل علينا ذات يوم ينتقد البرلمانيين المتورطين في إفساد العملية الانتخابية المتعلقة بتجديد ثلث مجلس المستشارين، معلقا بالقول على أن تعويضات هؤلاء البرلمانين يجب أن تستعمل في الأعمال الاجتماعية، في حين أنه نفسه يستفيد من المال العام دون أدنى احترام للواجبات المفروض عليه الالتزام بها، وانضباطه للقانون المنظم للوظيفة العمومية، ودون خجل وقف أمام كاميرات التلفزيون أمام ملايين المغاربة ينتقد فعلا ظل هو نفسه يمارسه لسنوات.
فما الفرق إذا بين هذا البرلماني الذي لم يلتزم بالبرنامج الذي قدمه للهيئة الناخبة وتورطه في إفساد العملية الانتخابية وبين (حسن الفد) الفنان الذي يتقاضى شهريته من المال العام دون أن يلتحق بعمله، لا أعتقد أن هناك فرقا شاسعا بينهما، فالأول يبيع الكلام والثاني كذلك، أما الالتزام بالواجب الوطني فقد أثبتا أنهما بعيدين عنه بعد السماء عن الأرض.
قد يتبادر إلى الذهن أن هناك أفواجا هائلة من الموظفين الأشباح على المستوى الوطني في جميع المجالات، لم تتمكن الإدارة المغربية لحد الساعة من ضبطهم، إلا أن غياب الموظفين عن مواقعهم يختلف حسب أهميته إذ لا يمكن أن نقارن بين موظفة في إدارة عمومية لا تحضر، لأن هناك المئات تقمن بعملها، وخريجة معهد عالي في مادة المسرح لا بديل لها ونظرا لاختلاف حجم المسؤولية الملقاة على عاتق كل منهما، لأن الثانية أهلتها الدولة بتكوين أكاديمي لأجل بناء حقيقي لفعل مسرحي يقوم على أساس أكاديمي يتحقق بموجبه الانتقال من غرفة الانعاش إلى مراتب تؤهل الدراما المغربية من الحضور الفاعل في الأوساط العربية والدولية، لذلك يمكن اعتبار هذا الغياب أو عدم الالتحاق جريمة في حق المسرح المغربي ومؤامرة كبرى تحبك خيوطها في كواليس وزارة الثقافة بهدف خنق القنوات التي من شأنها تطوير الفعل المسرحي بالبلاد.
ولا يفوتني في هذا الباب أن أذكر بفصول حادثة وقعت بالمغرب أواخر الخمسينيات لما عين الراحل محمد الخامس الدكتور المهدي المنجرة مديرا عاما للإذاعة والتلفزة المغربية، عند استلام المنجرة زمام الأمور في هذه المؤسسة العمومية وجد حالة مشابهة لفنان موظف وهو الموسيقار المغربي الكبير عبد الوهاب الدكالي، فما كان من أمر الدكتور المنجرة إلا أن استدعاه لمكتبه وخيره بين الأمرين إما أن يختار الفن أو أن يلتزم بالوظيفة، ففضل الدكالي الفن وانصرف إليه، فحقق نجاحا وصل صداه جميع بقاع العالم.

أسبوعية المشعل المغربية



#أسبوعية_المشعل_المغربية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد الإعلان عن ميلاد -تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي-
- مآسي مواطن مغربي مع البوليس المغربي
- عندما يتحول بعض رجال الأمن إلى حمات للظلم
- الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب تدق طبول الانتخابا ...
- عادل الدويري : وزير السياحة الكائن الرقمي الذي يعشق رقم 10
- الانتخابات التشريعية المقبلة امتحان جديد للدولة وللأحزاب
- سجون المغرب تتحول إلى -مقابر- للسجناء
- هل يؤثر اللوبي الصهيوني في صناعة القرار السياسي بالمغرب؟
- محن نساء -الكرّايات- بالمغرب
- اليوم العالمي للمرأة فرصة لسماع صرخات النساء
- قانون التصريح الإجباري بالممتلكات
- بعد أن تصاعدت المطالبة بضرورة إجراء تعديلات دستورية لماذا تن ...
- تراجع المغرب في سلم ملامسة الرشوة عالميا..
- تلفزات الشعب أم لسان الحكومة؟!
- منظومتنا الأمنية من الطابوهات وغير قابلة لأي تعديل
- امحند العنصر الوزير البرمائي عينه على البادية رجله في البر و ...
- هل تتحول السنة الأمازيغية إلى ورقة وظيفية بيد الحركة الأمازي ...
- القوانين الانتخابية تهمش النساء
- حوار مع المخرجة المغربية هند لمودن
- هل يمكن خلق حركة شبابية فاعلة في المشهد السياسي؟


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسبوعية المشعل المغربية - خريجو المعهد العالي للفن الدرامي والتنشيط الثقافي