كامل القيّم
الحوار المتمدن-العدد: 1849 - 2007 / 3 / 9 - 13:54
المحور:
الصحافة والاعلام
من طلائع الصحافة النسوية في العراق
مجلة السراج المدرسية في مدينة الحلة
د.كامل القيّم
مجلة مدرسية تصدرها متوسطة الحلة للبنات ، صدر العدد الأول منها عام 1948، وهي من القطع الصغير ، عدد صفحاتها ما يقرب ( 50) صفحة (**).
افتتحت المجلة بكلمة لمتصرف لواء الحلة السيد ( حسن الطالباني ) تضمنها بعض السياقات التعليمية الصحيحة بغرض الارتقاء بثقافة وتعليم الطلاب على الوجه الأكمل وهي موجه إلى إدارات المدارس والمعلمين والطلبة كي يبلغوا تلك الغاية ، بعدها كلمة السيد مدير معارف لواء الحلة ( عبد الرسول نجم ) تحت عنوان التعليم النسوي في لواء الحلة جاء في بعضه:
(( يلاحظ المطّلع على شؤون التعليم في هذا اللواء إقبالاً عظيماً على الصفوف الأولى في مدارس البنات في بداية كل سنة دراسية تقريباً ، وبالرغم من قلة المدارس وضيق صفوفها يُقبل مالا يقل عن الثلمائة طالبة سنوياً في مركز الحلة فقط ، وهو عدد لاباس به بالنسبة لما يُقبل في مراكز الألوية الأخرى ، وهذه بادرة طيبة تبشر بالخير ، وبرهان ساطع لوعي الحليين الكرام وإدراكهم أهمية تعليم الفتاة وما ينتج عن ذلك من فوائد عظيمة ...وذلك لما عرف عن الحليين من الذكاء الفطري والميل الغريزي الى طلب العلم والعرفان ، واكبر دليل على ما أقول تأريخ الحلة الفيحاء المشرف ، وماضيها الثقافي المجيد ، فقد كانت مدينة زاهرة تعج بالعلماء والأدباء وفطاحل الشعراء ...))(1) . وفي ذات السياق يخاطب الطالبات في كلمته هذه يقول :
(( يا فتاتي النجيبة : أنت أُم المستقبل وعلى أكتافكن تقع مسؤولية جسيمة إلا وهي تنشئة الأجيال القادمة التي يجب أن تكون مفخرة نباهي بها الأمم ، وهذا طبعاً لا يكون إلاعن طريق العلم ، والعلم وحده ، فسيري قدماً إلى الأمام ، واقبلي على ارتشاف مناهل العلم بجد ورغبة صادقة وتحلي بالأخلاق الفاضلة وتمسكي بأهداب الفضيلة ،وضعي أمام عينيك هدفاً سامياً ، ألا وهو السعي لإعلاء شأن وطنك العزيز...)(1). وقد كتبت ( ألس المر ) مديرة المدرسة افتتاحية المجلة فيها تتحدث عن قدرة المرأة ودورها الاجتماعي والتربوي في المجتمعات الشرقية ، وتدعو فيه النساء التمسك بالعلم والمعرفة وصرامة النظام لانه الكفيل – كما ترى المر - بتحقيق هدف الفرد والامة ، كما أشارت إلى أن المجلة هي أول مجلة تربوية يصدرها معهد للبنات في العراق جاء في بعضه:
(( ليس للذكر فضل على الأنثى في نظر الوطن ، فكم من أنثى أفادت بلادها خير من ألف رجل ، والشرق عموماً في اشد حاجة إلى الاستفادة من كل من وهبه الله ، عقلاً كبيراً وخلقاً متيناً من أبنائه وبناته على السواء ...ومن تلك الأسطر القليلة التالية ، التي ديجتها أقلام صغيرة ، فجعلت منها وقوداً ( لسراج ) وهاج ، يسطع نور يضيء حالك الظلمات ، وينشر بالخير العميم ، باسم الله افتتح أول مجلة أخرجها معهدنا العتيد ، بل أول مجلة أخرجها معهد للبنات في العراق )) (2).
كما تضمن عددها الأول ( والوحيد تحت هذا الاسم )(*)الموضوعات الآتية :
من زوايا التأريخ ( بعنوان حاملة السراج ) بقلم حكمت ذهني ، المدّرسة بالمتوسطة ، تناولت فيه حياة إمرأة تسمى ( حاملة السراج ) وهي إحدى النساء التي وضع تمثالها مع تماثيل الأبطال في ميدان ( ووترلو ) بلندن ، والتي كما يقول المقال (( امرأة حاربت بدون سيف ، ولم تزهق روحاً واحدة ، ولم ترق قطرة دم ، كانت صاحبة الفضل في إصلاح شؤون جيش دولة من اعظم دول العالم ، استطاعت أن تحارب ظلم رجال الحرب لرجال الحرب )).(1)
وهناك مقال بعنوان ( اللسان : للمدرسة لولو مرقص ) ، تناولت فيه استخدامات الكلام وفيه تدعوا إلى أن نقول ما نحب أن يقوله لنا الآخرون ، فيما تناولت الصفحات ( 16 – 18 ) مقالاً بعنوان ( الأسرة المثالية : للمدّرسة البزة حداد ) ، وتلاه مقالاً حول ألام بعنوان ( هي ألام ، بل هي الأمة : للمدّرسة نجلاء ناصر عيسى ) وهناك نثر أدبي بعنوان ( عاشقة الليل : لحكمت ذهني )، تناولت فيه مقالاً نقدياً للشاعرة ة الكبيرة نازك الملائكة ،وحملت صفحة 26 موضوعاً يتناول حياة الأديبة الفلسطينية ( مي زيادة ) تحت عنوان ( مي ..فخر نساء الشرق : بقلم الطالبة ساجدة عبود) ، أما الطالبة مريم الطالباني: ثالث متوسط) فقد كتبت موضوعاً بعنوان ( قرأت لطه حسين ) تناولت فيه حياته وآثاره على الأدب العربي ، وهناك مقال حول التعاون والتآلف الاجتماعي للطالبة ( بتول الجلبي ).
وتناولت الطالبة بهجت محمود مقالاً ارشادياً حول الوقت وسبل الإفادة منه في ظل تراكم العلوم والآداب ، وهي تدعو إلى احترامه واستثماره والتسابق معه .فيما كتبت الطالبة سعدة احمد مقالاً تحت عنوان عاهاتنا الاجتماعية : الفقر والجهل والمرض ، ثم جاء موضوعاً ادبياً نثرياً بعنوان ( يا صاحب الذهب بقلم الطالبة: سعاد سميسم : ثاني متوسط) ، وكانت صفحة 40 قد حملت مقالاً تعبوياً الاحتلال الصهيوني لفلسطين ، بعنوان ( سلام يا ارض السلام : للطالبة لميعة حسن : ثاني متوسط) وللطالبة فاطمة الجلبي موضوعاً تحت عنوان ( شعورنا تجاه المدرسة، وهناك زاوية ( اضحكي معنا ) تناولت فيه بعض الحكايات المضحكة ، التي وردت في الأدب العربي واد بياته في التناول الحديث .(*)
وبالرغم مما شكلته المجلة من إسهام جريء عبرت بشكل فاعل عن قدرة تطلعات المرأة الحلية في مجال الإبداع الثقافي وعن حداثة التجربة ، إلا أنها تميزت بالمؤشرات الآتية :
1) أن موضوعاتها تميزت بطابع تعليمي وإرشادي بحت ، مما غيب عنها التنوع ، والتعدد .
2) احتلت مساهمات الكادر التدريسي للمجلة النصيب الأكبر من مساحة التحرير ، وقد حسبنا مضامين –من خلال مساحة الموضوعات – التي شغلتها كتابات المدرسات إذ بلغت اكثر من 80% من إجمالي ما كُتب .
3) طرأت بعض مساحات المقالات ، على كتابات نصفية ( خواطر ، حكم ، أقوال مأثورة ، نكات ، الخ) مما جعل بعض الصفحات تشكو من تداخل وارباك في المعنى .
وعلى الرغم مما ذكر في أعلاه إلا أن ( السراج ) قد حملت قضية المرأة المؤمنة بنهجها في المضي قدماً نحو ارتشاف العلم والمعرفة والثقافة ، وبذلك خطت حذرة ، متوجة بهذا المقصد الجليل الجميل.
من كتاب / صحافة المدارس في مدينة الحلة
د.كامل القيّم /جامعة بابل
#كامل_القيّم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟