أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاديا سعد - عندما يكون.. اختياراً














المزيد.....

عندما يكون.. اختياراً


فاديا سعد

الحوار المتمدن-العدد: 1845 - 2007 / 3 / 5 - 11:02
المحور: الادب والفن
    


لم أكن على ثقة أن قاعة كلية الفنون الجميلة في دمشق.. يمكن لها أن تكتظ بهذا الحشد من الجمهور. ولم أكن أصدق بأن جمهور الأغنية السياسية سيجيء محتفياً بالكلمة واللحن والصوت.. طواعية من غير إيعاز من جهات مسئولة، أو أن القاعة يمكن لها أن تحتضن هذه الحرارة الإنسانية، من غير توليف رسمي..

لم أعد أصدق أن أحداً بات يعنيه أن يكون خارج السرب، أو خارج الدائرة التي رسمت لمزاجنا، وبعيداً عن حيز الفراغ المخطط له من قبل الحكومة والشاشة الوطنية والفضائية السورية والجرائد الرسمية: "تشرين الثورة البعث" وقد صار المواطن استنساخ مشوه القلب والعقل والإحساس، خاصة وأننا يومياً ولحظة بلحظة نُتحف، بنوع واحد من الإعلام، ونوع واحد من الرؤية، وأكثر من أي أمر بنوع واحد، ومعين من الجمهور، تُرفع السبابة فيهدأ، وينخفض الإبهام فيجنّ. وإشارة أخرى من أصابع الكف، تطلق الزغاريد أو تعقد حلقات الدبكة، حتى صرت على قناعة بأننا لن نكون سوى أصداء للتاريخ السياسي، والإنساني، وأن الأبطال اليوميين على الساحة الفنية والإعلامية والسياسية هم: الناطق الرسمي، والحقيقي عن اللوحة الاجتماعية السورية.

لكني صدقت.. عيني.. أذني.. مشاعري، بأن من كان في القاعة الصغيرة، أتى باختياره.. رغم المساء الشتوي والبرد، وأن من كان فيها هم التعبير الأصدق عن الإنسان السوري، بأناقة مشاعرهم وانفتاح عقولهم، ودفق روحهم الإنسانية، و أن حلَّتهم، ومظهرهم، لم تكترث لقواعد معينة، فانعطفوا عن الزمن الحاضر، وأفلتوا من مقص الأزمات السياسية.

كانت القاعة مكتظة بجمهور ينافس حضور "نانسي عجرم" لو أقيمت حفلتها في مثل هذه القاعة. الفتيات والشبان جلسوا على المدرجات وعلى الأرض الباردة. النظرات الحالمة.. التواقة لكل جميل.. التصفيق الحار.. الهدوء الممتزج بابتسامة أمل..

عندما أقيمت حفلة "سميح شقير" في كلية الفنون الجميلة، صدقت أذني.. عيني.. مشاعري.. انفعالاتي.. صدقت أن الشباب السوري مازال يحتفظ بذاكرة أنيقة، ويتأثر وجدانه، ويرتقي إحساسه لشرط الجودة.. والجودة فقط، في الكلمة الجيدة، واللحن المبدع.. والصوت الجميل.

الأغنية الوطنية السياسية، على امتداد الوطن العربي وفي سوريا، تعرضت لاستخفاف حقيقي حين فرضت عليها الحالة السياسية أن تطل علينا كالموضة، مع الفرق أن عروض الأزياء تجري ضمن حفلات منظمة، وإعلانات مكثفة، ورعاية إعلامية كبيرة، وتقدير عال لمصممي الأزياء، وأجساد الفتيات الفاتنات.

بينما يُُشاد بالأغنية السياسية، وتلقى الاهتمام، و يصرف عليها المال حين يريد القائمون على أمور السياسة التعبئة الجماهيرية.

وبين موسمين اثنين من الناحية الزمنية، يهمل الشاعر وصاحب اللحن والمغني. يتعرضون لتردي الأوضاع، وهي متنوعة، ومهولة.

بين موسمين: من هو هذا السوبرمان حتى يتحمل الحزام الذهبي على بطنه وبطن أولاده إلى أن تعود فترة ازدهار الأغنية السياسية.

بين موسمين: يتعرّض مغني الأغنية السياسية، لعصابات مختصة في قنص الكلمة وسرقة اللحن، والابتزاز.

بين موسمين: تتعرض ذائقة المستمع للإسفاف.

رغم قلة المواسم، وحين يذهب الجمهور طواعية، فإنه يختار الجودة في الكلمات، يقبل بنفسه على اللحن الجميل، يتفاعل من غير أوامر.. لا يرقص بإيعاز من أحد.. لا يقبّل صاحب الصوت بإشارة من مسئول، لا يعطي الوردة إلا لمن يشاء..

هو الفرق بين أن يساق الجمهور إلى موقع الاحتفال، وأن يختار بنفسه موقع الاحتفال.

هو الفرق بين من يتذكر بالمواسم الهجمات الشرسة على الوطن، ومن يعيشها، ويتفاعل معها.. في المواسم و.. بينها..



#فاديا_سعد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرمي.. بالاتهامات
- هاتها.. من يد الحكومة السورية


المزيد.....




- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-
- السويد.. هجوم جديد بطائرة مسيرة يستهدف الممثلية التجارية الر ...
- -البحث عن جلادي الأسد-.. فيلم استقصائي يتحول إلى دليل إدانة ...
- تقرير رويترز 2025: الجمهور يفضل الفيديو والصحافة البشرية وهك ...
- هكذا تصوّرت السينما نهاية العالم.. 7 أفلام تناولت الحرب النو ...
- بعد أسابيع من طرح الفيلم ونجاحه.. وفاة نجم -ليلو وستيتش- عن ...
- ابتكار ثوري.. طلاء -يعرق- ليُبرّد المباني!
- كيف يساهم تعليم العربية بكوريا الجنوبية في جسر الفجوة الثقاف ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاديا سعد - عندما يكون.. اختياراً