أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - اليتيم














المزيد.....

اليتيم


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1841 - 2007 / 3 / 1 - 10:02
المحور: الادب والفن
    


الساعة العاشرة والنصف صباحا ،وضع المسكين محفظته في باحة الشقة القديمة بالمنزل المتكون من غرفتين ، وانساح ببصره بعيدا في الزقاق .
هاهو يتطلع لحياة يومية جديدة على مقاسه الخاص ، وعلى عتبة المنزل البئيس يقرأ تضاريس حومته القاسية الفقر ...ويكرر التقاط المشاهد اليومية المؤلمة....
لا ينبس ببنت شفة ، لكن التجاعيد المتراكمة قسرا والبادية على محياه وجبهته الصغيرة تنبئ عن كل شيء ...إنه يعيش وسط عائلة مشتتة ، وبين ما درسه اليوم في حصة الآداب الإسلامية ...وطموحات المستقبل ..وراهن الحال ...جبال عريضة ومرتفعات شاهقة من المفارقات العجيبة..
لم يدري كيف يصف شعوره وهو يتعثر في الجواب حين سأله المعلم عن أبرز القنوات التلفزية في البارابول .
..حاول الإجابة لكنه تعثر وسط دهشة المعلم الذي ظنه يمزح.... التفت لآخر ليجيب نيابة عنه ..كاد أن يقولها لكن سرعة المعلم في الانتقال بين الأصابع الرشيقة التي ترتفع وتتزاحم هنا وهناك في القسم الصغير منعته.....لكنه سمع زميله يهمس لزميلة تجلس معه ..*.إنهم لا يملكون البارابول فحتى التلفاز الوحيد الأبيض والأسود باعه أخوه الأكبر ليوفر جزءا من مخدر الحشيش الذي اعتاد تناوله كل يوم..*
وبعد عودته من المدرسة ، مازال لم يتناول فطوره ..ولا أحد يشكو إليه قسوة الزمن الغادر ...مازالت أخته لم تلج البيت لتحضر خبزا من الدكان المجاور ..مازالت في ورشة العمل التي تمتد من العاشرة ليلا إلى منتصف النهار ...إنها تعمل في أحد الكباريهات كراقصة مدللة ..فرغم أن عمرها لا يتجاوز 16 سنة فرنين الهاتف الذي تحمله لا يتوقف، والكل يتصل متطلعا لموعد تحدده بمعاييرها الخاصة التي تتجلى في المبلغ المتفق عليه، ووظيفة المتصل ومركزه الاجتماعي .....
ورغم بعض ثرائها البادي ظاهريا فمازالت تصر على السكن في هذا الحي الذي نشأت فيه لتغيظ البعض من صديقاتها الذين فشلوا في شق نفس الطريق التي وجدت نفسها فيه ذات يوم وعلى غير ميعاد ، فأصبحت الصدفة خير من ألف ميعاد كما يقال...
الجوع يحاصر جسده الهزيل ..حاول البكاء، لكنه تراجع، فقد اكتسب مناعة قوية ضد الدموع المتراكمة عليه كل يوم ..إنه يبكي بقلبه الصغير كل لحظة ...بفعل الصدمات النفسية التي لا تنتهي...ناهيك عن عقاب المعلم في المدرسة ..الذي لا يعرف عنه سوى رقم معين في لائحة تسلمها من إدارة المؤسسة.....
يتذكر أمه التي اختفت قبل عامين تاركة كل شيء .........ويحكي الجيران أنها التحقت بالأب الذي فر بدوره بعد اكتشاف حمل ابنته من أحد أغنياء البترودولار ..لم يتحملا كلام الجيران ولا عتاب الأهل المشهورين بورعهم منذ أجيال ...
في كل لحظة يسمع نداء لأحد الأطفال مناديا أمه: ماما ....بل وقد تمر إحداهن مرفقة بطفلها ...يتحسر، يتمنى لو يكون في نفس الوضعية ...متمتعا بشفقة الأمومة المفقودة
يحضر أخاه فجأة ...يزجره آمرا إياه الدخول للمنزل ..ومغادرة الزقاق......*خذ دفاترك لتراجع دروسك المسائية *
حاول أن يطلب منه نقودا ليشتري خبزا يطعم به جوعه الذي وصل مبلغا قويا ...لكنه تذكر أن هذا الأخ أتى ليأخذ شيئا من المنزل لبيعه من جديد من أجل الخمور ...
قال مع نفسه : لو كنت تدرك أهمية القراءة لقرأت أنت الأول..
بعد ربع ساعة تدخل أخته...يتأمل جسدها ..عيونها منتفخة من السهر ...رائحة الخمر مازالت تنبعث من فمها....
حيته بتثاقل واضعة أمامه قفة آمرة إياه بتناول شيء ...
حين فتح السلة التي احتوت أوراقا مالية كذلك، وجد ألوانا من المأكولات : موز، تفاح، لحم، خبز، وبقايا حلوى لم يعرف إسمها
بدأ في التهام كل ما وجد أمامه ..لكنه توقف بعد حين، فرغم الشهية الممتعة التي قد يحلم بها أي شخص آخر يجد تلك المأكولات أمامه ، فقد كان المذاق مرا ...كيف لا وهو يتذكر أن المقابل ليس عرق الجبين بل عرق الأرداف....
في لحظة انتبهت للأمر ...حاولت السؤال عن السبب لكن قسمات وجهه تدل على كل شيء ..أدركت السبب فصمتت متذرعة برغبتها في النوم الذي لم تنعم به منذ زوال أمس
أرجع جزءا مما مضغه من فمه وأتبعه بقيء ..................وصراخ على أبيه وأمه المفقودين..........
في لحظة حرج أمام أخته التقت العينان ،الكل قرأ الرسالة جيدا، أخذ محفظته وخرج، فالوقت قد حان للفترة الزوالية من المدرسة، لكنه عزم على عدم الرجوع إلى ذلك البيت مطلقا.......................
لكن إلى أين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلام بلا حدود
- في حوار مع محمد سعيد الريحاني: “فصل المقال في ما بين الأغنية ...
- تيمة المرض في نص - مأدبة الدم - للفقيدة مليكة مستظرف
- بور تريه الفنان الملتزم سعيد المغربي
- السلام.........السلام
- أحمد فؤاد نجم
- الرحيل
- في الذكرى الخامسة لموقع الحوار المتمدن
- بورتريه حول الفنان المغربي الراحل العربي باطما
- المستنقع
- الشيخ إمام محمد عيسى
- مفهوم الأغنية الملتزمة
- الفنان المغربي بوجميع في الذكرى الثانية والثلاثين لرحيله
- استغاثة وطن مسلوب
- ضفاف الليل
- وسقطت الأقنعة
- الشباب المغربي والإستيلاب
- من يوميات الدخول المدرسي
- حوار مع القاصة فاطمة بوزيان
- 15/15اغتراب الغربة


المزيد.....




- مدينة أهواز الإيرانية تحتضن مؤتمر اللغة العربية الـ5 + فيديو ...
- تكريمات عربية وحضور فلسطيني لافت في جوائز -أيام قرطاج السينم ...
- -الست- يوقظ الذاكرة ويشعل الجدل.. هل أنصف الفيلم أم كلثوم أم ...
- بعد 7 سنوات من اللجوء.. قبائل تتقاسم الأرض واللغة في شمال ال ...
- 4 نكهات للضحك.. أفضل الأفلام الكوميدية لعام 2025
- فيلم -القصص- المصري يفوز بالجائزة الذهبية لأيام قرطاج السينم ...
- مصطفى محمد غريب: هواجس معبأة بالأسى
- -أعيدوا النظر في تلك المقبرة-.. رحلة شعرية بين سراديب الموت ...
- 7 تشرين الثاني عيداً للمقام العراقي.. حسين الأعظمي: تراث بغد ...
- غزة التي لا تعرفونها.. مدينة الحضارة والثقافة وقصور المماليك ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - اليتيم