أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد القطاونة - أدوات الصراع بين الأنسنة والوحي














المزيد.....

أدوات الصراع بين الأنسنة والوحي


محمد القطاونة

الحوار المتمدن-العدد: 8564 - 2025 / 12 / 22 - 09:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يعد الصراع مع القرآن الكريم في عصرنا الراهن صراعًا عسكريًا أو سياسيًا مباشرًا، بقدر ما أصبح صراعًا فكريًا معرفيًا يستهدف مكانة الوحي، ودوره في توجيه الإنسان وبناء الحضارة. فقد تحوّل القرآن – في نظر كثير من المشاريع الفكرية المعاصرة – من كونه مصدرًا للهداية والمعنى، إلى نص تاريخي قابل للتفكيك، وإعادة القراءة، وإعادة الصياغة وفق أهواء العصر ومتطلباته المتغيرة. وفي هذا السياق، يكتسب الدفاع عن القرآن الكريم بعدًا جهاديًا فكريًا، أشار إليه النص القرآني صراحة في قوله تعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: 52وهو جهاد لا يقل أهمية عن غيره، لأنه يتصل بجوهر الهوية، ومصدر القيم، وأساس التصور الإسلامي للإنسان والوجود.وتحولت المناهج الفكرية من مرحلة تحجيم الوحي إلى تفكيكه فشهدت الساحة الفكرية العربية والإسلامية، منذ عقود، محاولات متزايدة لتحجيم دور القرآن في الحياة العامة، وحصره في نطاقات شعائرية أو روحية ضيقة، مع إقصائه عن مجالات التشريع، والتنظيم الاجتماعي، وبناء الوعي. وتتم هذه المحاولات غالبًا عبر استيراد مناهج معرفية غربية نشأت في سياقات تاريخية وثقافية مغايرة، ثم إسقاطها على النص القرآني دون اعتبار لخصوصيته العقدية واللغوية والتشريعية وسعت هذه المناهج إلى تفكيك المحتوى العقدي والفقهي والتنظيمي للوحي، وفصله عن سياقه الإلهي، وتحويله إلى منتج ثقافي تاريخي خاضع للتأويل اللامحدود. والغاية النهائية من ذلك هي قطع الصلة بين الأمة ومصدرها المعرفي الأصيل، وإعادة تشكيل وعيها وفق تصورات مغايرة لمرجعيتها الحضارية. ولقد أدرك علماء الأمة – من مفسرين وأصوليين ولغويين – منذ وقت مبكر خطورة التعامل الاعتباطي مع النص القرآني، فوضعوا قواعد وضوابط صارمة لفهم الوحي، تحميه من العبث والتأويل المنفلت، وتحفظ مقاصده ومعانيه.
في المقابل، جاءت الفلسفات الوضعية الحديثة، وعلى رأسها الهرمينوطيقا التفكيكية، لتقلب هذه القواعد رأسًا على عقب، حيث سعت إلى تحويل الثوابت العقدية إلى متغيرات، وجعلت النص الديني مادة مفتوحة لكل قراءة، بغض النظر عن مقصده أو مصدره أو بنيته.
وقد أدى هذا المنهج إلى إغراق الحقل الديني بتأويلات رمزية وغنوصية، تُفرغ الوحي من محتواه، وتحوّل النص إلى مساحة إسقاط نفسي وثقافي، لا إلى خطاب هادٍ موجّه. بل إن بعض هذه القراءات انتهت إلى إعلان «موت النص»، بل و«موت المؤلف»، حتى لو كان هذا المؤلف – في التصور الديني – هو الله سبحانه وتعالى. في هذا الإطار، تبرز الفلسفة الهرمينوطيقية الوضعية بوصفها أحد أبرز النماذج الغربية التي استُخدمت في التعامل مع النصوص الدينية. فقد شكّلت هذه الفلسفة الأساس الإبستمولوجي الذي اعتمد عليه دعاة القراءة التاريخية للنصوص، من خلال الدعوة إلى فصل النص عن قائله، وردّه إلى ظروفه التاريخية، ثم فتحه على قراءات لا نهائية تخضع لرؤية القارئ لا لمقصود النص. وتقوم هذه المقاربة على افتراض أن النصوص الدينية ليست سوى تعبيرات بشرية عن تجارب تاريخية، وبالتالي لا تحمل إلزامًا متجاوزًا للزمن، وهو افتراض يتناقض جذريًا مع التصور الإسلامي للوحي بوصفه خطابًا إلهيًا صالحًا لكل زمان ومكان.



#محمد_القطاونة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك البنية المعرفية للإلحاد المعاصر: قراءة نقدية في الأسس ...
- ما العرفان ؟
- التخيل المقاصدي في الفقه الاسلامي في حل الإشكاليات المعاصرة
- الدارونية واشكالية المعرفة
- العقل في محراب الوحي لإبراز دورة الحضاري
- المنهج الشكي في مواجهة اليقين
- اولويات النقد الفكري
- الإسلام وعالمية الأبستمولوجيا التشاركية للمعرفة
- اشكالية الدين والدولة
- حرية الفن الإسلامي من التجسيد الوثني والقيد الكهنوتي
- الفن في الفكر الاسلامي
- قراءات نصية: الوحي في النصرانية وظهور الهرمنيوطقيا
- القراءات الحداثوية للنص المقدس ج1
- الاحتجاجي اليوناني والاحتجاج المقدس


المزيد.....




- لماذا يشهد يهود بريطانيا أكبر تحول لهم منذ 60 عاماً؟
- هل يحل تصنيف حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية في السودان ...
- هجوم سيدني: رئيس الوزراء يعتذر عما مرت به الجالية اليهودية و ...
- تقرير: مؤسسات أوروبية موّلت منظمات مرتبطة بالإخوان
- بعد هجوم سيدني.. وزير خارجية إسرائيل يوجه رسالة إلى اليهود
- 917 مستوطنا يقتحمون المسجد الأقصى.. وإبعاد أحد حراسه
- الكنيست يبحث فرض عقوبات على الحركة الإسلامية والإخوان المسلم ...
- عيد الميلاد في غزة بلا زينة والمسيحيون يكتفون بالصلوات
- اللواء موسوي: اغتيال اليهود مخطط اسرائيلي للايحاء بمعاداة ال ...
- إقامة قداس عيد الميلاد بالكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة ا ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد القطاونة - أدوات الصراع بين الأنسنة والوحي