أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمية صبحى سرور - سعدنى السلامونى يحلق ما بين الحياة و الموت














المزيد.....

سعدنى السلامونى يحلق ما بين الحياة و الموت


سمية صبحى سرور

الحوار المتمدن-العدد: 8562 - 2025 / 12 / 20 - 00:17
المحور: الادب والفن
    


تعرفت على الاستاذ سعدني السلاموني للمرة الأولى في لحظة إنسانية خالصة لا علاقة لها بالأدب ولا بالنقد ولا بالأضواء.....
كان يحاول أن يلبي استغاثة إحدى الفنانات بعد تعرضها لموقف اجتماعي قاس
موقف كشف هشاشة الإنسان حين يُترك وحده في مواجهة المجتمع و مواجهة نفسه.
بادرت بأنني أستطيع تقديم بعض أيادي العون لها من خلاله بما أملكه محبة صادقة للفن وأهله و لكل بني الإنسان
لم تكن المبادرة بطولة ولا فعلًا استثنائيًا بل استجابة طبيعية لوجع إنساني
بعدها فقط انفتحت بوابة الأحاديث
حديث جر حديثًا
ووجدت نفسي أمام تجربة حياتية لا تشبه السرد المعتاد ولا الحكايات المنمقة
بل أمام إنسان يحمل على كتفيه تاريخًا كاملًا من القهر والمقاومة.
توسم السلامونى فيّ بعض الإخلاص
و المحبة النقية فاختصني بقراءة مشروعه الاثير.
عندنا يتحدث عن نفسه و ما مر به من تجارب.
و ما ابدع الإنسان عندما يتحدث عن ذاته ومن هنا بدأت القراءة
لا بوصفها قراءة نص... بل قراءة إنسان
كان الجزء الأول من ثلاثية سعدني السلاموني... و هو ليس نصًا سرديًا تقليديًا بل مشروعًا وجوديًا جماليًا يكتب السيرة الذاتية بوصفها سؤالًا فلسفيًا ويستعيد الذاكرة بوصفها ساحة صراع مفتوحة بين الفرد والسلطة بين الحياة والموت بين الصوت المهمش.. العشوائي. لكن رغم ذلك نحن أمام كتابة لا تطلب التعاطف ولا تراهن عليه بل تفرض المواجهة وتضع القارئ مباشرة في قلب التجربة
تعمد السلاموني هدم الحدود الفاصلة بين الأجناس الأدبية فلا تستقر داخل شكل واحد ولا تعترف بنقاء النوع فهي تتحرك بحرية بين السيرة الذاتية والرواية والشعر والبيان الفكري والوثيقة الاحتجاجية وهذا التهجين لا يأتي بوصفه ترفًا فنيًا أو رغبة في التجريب بل بوصفه ضرورة وجودية لأن حياة سعدني السلاموني نفسها لم تُعش داخل مسار اجتماعي واضح أو قالب مستقر بل تشكلت على التخوم وفي مناطق الالتباس والانكسار
يكتب قلمه في مجمله هذا الكتاب كملف اتهام مفتوح لا كسرد حكائي تقليدي فهو يوجه اتهامًا صريحًا للقرية وللمؤسسة التعليمية وللدولة و للمراكز الثقافية.
السرد هنا لا يسعى إلى الحكي ولا إلى النوستالحيا بل يعمل بوصفه محاكمة كاملة الأركان حيث تتحول الكتابة إلى أداة مساءلة وكشف.
ثيمة (الموت) كانت من اقوى الثيمات داخل مشروعه الادبي. موقعها المركزي داخل الكتاب لا بوصفها حدثًا عابرًا بل بوصفها بنية فكرية حاكمة... فعبارة (اكتبوه ميتًا) لا تمر مرورًا سرديًا عاديًا بل تتحول إلى نواة تأسيسية لكل العمل حيث يصبح #الموت مفهومًا رمزيًا قائمًا على الإقصاء الاجتماعي والمحو المعنوي والشطب من السجل الإنساني منذ نعومة اظفاره.
ومنذ هذه اللحظة لا يسرد سعدني السلاموني حياة مكتملة بل يكتب حالة معلقة بين الموت والحياة لا هو حي بالكامل ولا هو ميت بالكامل وهو ما يمنح النص توتره الفلسفي الدائم.
ننتقل الي الذات الساردة في الكتاب. حيث تبدو أحيانًا متضخمة وصاخبة وقد تُقرأ بوصفها نرجسية أو استعراضية غير أن هذا التضخم ليس خللًا بل خيار واعٍ لأن العالم لم يعترف بهذه الذات منذ البداية فكان لا بد لها أن تعلن نفسها بنفسها تتحول الأنا من حالة فردية خاصة إلى نموذج إنساني أوسع يشمل الطفل المقصي والمبدع المهمش والمثقف الخارج عن النسق الاجتماعي والثقافي.
لغة سعدنى السلامونى لغة هجينة تتحرك بين العامية الجارحة والفصحى الخطابية والجملة الشعرية والتقرير التوثيقي وهذا التناوب لا يعكس ضعفًا أسلوبيًا بل تشظي الهوية نفسها اللغة غير مهذبة وغير مصقولة وأحيانًا صادمة لأن النص يرفض التجميل ويكتب من منطقة الجرح لا من منطقة الصنعة.
ثم ننطلق لمحور اخر وهو (الجسد) في كتابة سعدني السلاموني بوصفه ساحة قهر أساسية جسد يُضرب ويُهان ويُسجن ويُراقَب لكنه في الوقت نفسه الجسد الذي يكتب وكأن النص يُكتب باللحم لا بالحبر لتتحول كتابته لفعل مقاومة جسدية اكثر من كونها فعلا فكريا.
ثم نتطرق إلى ثيمة حساسة شائكة وهي (السلطة).. السلطة في الثلاثية لا تظهر ككيان واحد محدد بل كشبكة مركبة من السلطات تبدأ من القرية ولا تنتهي عند الدولة مرورًا بالمؤسسات الثقافية والامنية وفي مواجهة هذه الشبكة لا يظهر سعدني السلاموني كمعارض سياسي تقليدي بل بوصفه كائنًا مقلقًا يصعب احتواؤه أو تصنيفه وهو ما يجعله أكثر خطورة وأشد عرضة للإقصاء.
في بعد فلسفي يطرح الكتاب أسئلة صريحة ومباشرة... من يملك حق تعريف الحياة؟ وهل الاعتراف شرط أساسي للوجود؟ وهل الإبداع نجاة أم لعنة؟
هنا... لا تسعى النصوص إلى تقديم إجابات نهائية بل تترك القارئ في منطقة قلق معرفي وأخلاقي مفتوح.
احتل هذا الكتاب للأستاذ سعدني السلاموني موقعًا خاصًا داخل قلبي... فهو لا تنتمي إلى الواقعية الاجتماعية ولا إلى ما بعد حداثة ناعمة بل يمثل كتابة هامشية راديكالية تقترب في بعض ملامحها من سرد إدوارد سعيد حول الهوية ومن توثيق صنع الله إبراهيم ومن الاعتراف الفج لدى هنري ميللر لكنها تحتفظ بخصوصية مصرية قاسية ومؤلمة وفي محصلتها النهائية ليست هذه الثلاثية سهلة ولا مريحة ولا متوازنة دائمًا.
اعترف انها ارهقتني جدا
و مارست ضغطا ساديا على جهازي العصبي..
لكنها صادقة وخطرة ومربكة إنها كتابة من نجا من الموت ليحكي لا ليُمتع ومن هنا تستمد قيمتها الحقيقية.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الست-.. فيلم يقترب من أم كلثوم ويتردد في فهمها
- 5-نصوص هايكو :بقلم الشاعر محمد عقدة.دمنهور.مصر.
- الشاعر تامر أنور ضيف منصة نادى ادب قصرثقافة دمنهور ومناقشة آ ...
- بعد التوبة.. حاكم ولاية تينيسي يصدر عفوًا عن نجم موسيقى الري ...
- أفغانستان تودع ثالث سينما تاريخية بعد إزالتها من قبل طالبان. ...
- الممثلة الأممية: عدم الثقة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة ي ...
- نقطةُ ضوءٍ من التماعات بدر شاكر السيَّاب
- ماذا قال تركي آل الشيخ عن فيلم -الست-؟
- مدينة مالمو تستضيف الفنان السوداني محمد برجاس كـَ ”فنان مُحت ...
- مسابقة -يوروفيجن- تواجه الانهيار بسبب مشاركة إسرائيل


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمية صبحى سرور - سعدنى السلامونى يحلق ما بين الحياة و الموت