أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - إلهام الركابي - المحامي في العراق: فاعل قانوني أم موظف إجراءات














المزيد.....

المحامي في العراق: فاعل قانوني أم موظف إجراءات


إلهام الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 17:32
المحور: قضايا ثقافية
    


لم تعد مهنة المحاماة في العراق اليوم تمارس بوصفها رسالة قانونية سامية أو شريكاً حقيقياً في تحقيق العدالة، رغم ما يقرره قانون المحاماة العراقي من استقلال وحصانة وضمانات. فقد تحولت هذه المهنة، في كثير من مفاصلها العملية، إلى عمل روتيني مفرغ من مضمونه الحقوقي، تُسيّره الإجراءات لا المبادئ، وتُقيّده الممارسات اليومية أكثر مما يحكمه القانون.
والأخطر من ذلك أن هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تراكم طويل من الإهمال والتكيّف غير مبرر مع واقع مشوّه أصبح يُقدَّم على أنه “الطبيعي”.
ينص قانون المحاماة رقم (173) لسنة 1965 المعدل صراحة على استقلال المحامي، إلا أن هذا الاستقلال ظل حبيس النصوص، بينما الواقع العملي يُفرغه من محتواه. فالمحامي العراقي كثيراً ما يجد نفسه مضطراً لمجاراة سلطات الأمر الواقع، أو مراعاة “حساسية” بعض القضايا، لا التزاماً بالقانون بل خوفاً من تبعات لا علاقة لها بالمسؤولية المهنية.

وهكذا، يتحول الاستقلال من حق أصيل إلى شعار يُستدعى في المناسبات الخطابية فقط، بينما يُقاس نجاح المحامي عملياً بمدى قدرته على “تسيير المعاملة” لا بصلابة دفاعه أو عمق حجته القانونية

من المفارقات الصارخة أن الحصانة التي منحها القانون للمحامي أثناء أدائه واجبه تُنتهك أحياناً بصمت، أو تُفرَّغ من مضمونها تحت ذرائع مختلفة. ففي الممارسة اليومية، لا يُنظر دائماً إلى ما يطرحه المحامي في مرافعته بوصفه دفاعاً مشروعاً، بل قد يُفسَّر على أنه تجاوز أو تحدٍّ غير مقبول.

ويؤدي هذا الواقع إلى نتيجة خطيرة: محامٍ يمارس رقابة ذاتية على نفسه، يختار عباراته بحذر مبالغ فيه، ويتجنب الخوض في جوهر الخلل، خشية الاصطدام بواقع لا يحميه كما يفترض القانون

ربما أخطر ما تواجهه المحاماة في العراق هو اختزالها في بعدها الإجرائي فقط. فقد أصبح الكثير من العمل المهني يدور حول: تقديم العرائض بنماذج مكررة، متابعة المعاملات بروح إدارية وحضور جلسات شكلية لا تُبنى على تحضير قانوني جاد.
وفي ظل هذا الواقع، تراجعت قيمة البحث القانوني، وضعف الاهتمام بالتراكم المعرفي، وغابت روح التطوير. ولم يعد المحامي يُقاس بمدى إسهامه في تطوير الفهم القانوني أو ترسيخ العدالة، بل بقدرته على التأقلم مع الروتين، بل وأحياناً الالتفاف عليه.
إنها محاماة بلا فكر، وبلا رسالة، وبلا طموح
إن أزمة مهنة المحاماة في العراق ليست أزمة نصوص، بل أزمة تطبيق وإرادة. فالقانون موجود، والضمانات مكتوبة، لكن الواقع يفرض منطقاً آخر، منطق الروتين والتكيّف والصمت.
وما لم يُعاد الاعتبار لدور المحامي كمفكر قانوني وفاعل حقوقي، وتُكسر حلقة الإجراءات الجامدة، فإن المهنة ستستمر في ابتعادها عن رسالتها، لتصبح مجرد ظل باهت لما يفترض أن تكون عليه






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مستشار خامنئي: إيران ستدعم حزب الله بحزم
- الكافيين يطارد المراهقين في موسم الامتحانات.. انتباه لحظي وم ...
- فيديو متداول لـ-احتفال مؤيدي الحكومة السورية- بهجوم تدمر.. ه ...
- وسط تقدم المفاوضات.. أوكرانيا تتخلى عن طموح الانضمام للناتو ...
- اكتشاف لوحة فسيفساء ضخمة شمال غربي دمشق أثناء أعمال زراعية
- مؤتمر الجزيرة للدراسات يدعو إلى رؤية أفريقية لتجاوز التبعية ...
- مصرع 14 شخصا في فيضانات مفاجئة بالمغرب
- أستراليا تكشف مفاجأة عن مطلقي النار في سيدني: أب وابنه
- المغرب.. 21 وفاة من جراء سيول آسفي
- -أب وابنه-.. أستراليا تعلن تفاصيل جديدة عن مشتبه بهما والسلا ...


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - إلهام الركابي - المحامي في العراق: فاعل قانوني أم موظف إجراءات