أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سارة علاء - ما هي نظرية إعادة الإنتاج الاجتماعية؟















المزيد.....


ما هي نظرية إعادة الإنتاج الاجتماعية؟


سارة علاء

الحوار المتمدن-العدد: 8556 - 2025 / 12 / 14 - 13:09
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



تتي باتاتشاريا (2013) [1]
ترجمة: أسامة حماد، سارة علاء
أحد الاتهامات الشائعة الموجهة للماركسية كنظرية هو انشغالها بالطبقة» على حساب الجندر . من المهم أن نوضح في البداية أن تاريخ التنظيمات التي تزعم أنها «ماركسية» لم يكن دائما مجيدًا فيما يتعلق بالفئات المقموعة كالجندر والعرق. في حياة كل منا امرأة التقت رجلا ماركسيا قال لها إن مصادر الإزعاج «الثانوية كالتحيز الجنسي والعنصرية ستحل بعد الثورة»، لذلك نحتاج في الوقت الحالي أن ننكب جميعًا ونعمل على الصراع الطبقي. كما أن حالات التحرش الجنسي التي يرتكبها رجال ماركسيون في التنظيمات اليسارية ليست نادرة لسوء الحظ، سواء في الماضي أو الحاضر.
ناهيك عن أحداث التحرش الفعلية، حكت النساء عن شعورهن بالإقصاء والتحقير وبالتهميش داخل المنظمات بشكل مؤسسي. تحكي ناشطات مثل الشيوعيات الهنديات المنخرطات في نضال التيلنجانا التاريخي عام 1947، والشيوعيات البريطانيات مثل دوريس ليسنج أو بيجي دينس العضوة الرائدة في الحزب الشيوعي الأميركي – قصضا تبعث على الإحباط عن التحيز الجنسي وخيبة أمل في التنظيمات التي اعتبرتها تلك النساء شغلهن الشاغل ومصدرهن للأمل.
هذا السجل فى حد ذاته مرعب، لأن الكثير منا أصبحن ماركسيات بالتحديد لأن من المفترض أن يكون الماركسيين الثوريين الأقل تساهلا مع القمع الجندري. لقد انضممنا لتنظيمات ثورية لأننا نعتقد أن الماركسية نظرية متمردة تناضل من أجل إصلاحات تدريجية يقدمها النظام، لكنها لا تكتفى بها وتنادي بزوال الرأسمالية، لذا فهي أحد أفضل الأسلحة التي تناضل من أجل تحرر النساء والعدالة الجندرية.
ولهذا السبب، إن كنا ثوريين بحق ولسنا دوجمائيين غافلين فهناك وجهان متناقضان – للتاريخ الماركسي يجب أن نأخذهما في الحسبان. الأول هو الضرر اللاحق بالقضية الثورية للعدالة الجندرية باسم الماركسية والثاني هو كيف أن الإطار الماركسي، بغض النظر عن كل الأخطاء التاريخية المرتكبة باسمه، لا يزال الطريقة الأفضل لفهم القمع في ظل الرأسمالية، ومن ثم يقدم أفكارا لكيفية القضاء عليها.
النظرية الماركسية
ثمة رؤى هائلة غير مكتملة في قلب تحليل ماركس للرأسمالية. في المجلد الأول لرأس المال، يشير ماركس إلى قوة العمل» أو قدرتنا على العمل بوصفها سلعة ذات طبيعة خاصة يحتاجها الرأسمالي ليحرك النظام ويديم عمله. يخبرنا ماركس أن قوة عملنا لها خاصية مميزة كمصدر للقيمة»، لأنه باستخدام قوة العمل تلك، نخلق سلعا وقيما للرأسمالية. إن استيلاء الرأسماليين على فائض عملنا هو مصدر سيطرتهم، وسينهار النظام بدون قوة عملنا.
لكن صمت ماركس عن بقية القصة كان محيطا ، إذا كانت قوة العمل هي ما ينتج القيمة فما الذي ينتج قوة العمل؟ بالتأكيد لا ينبت العمال من الأرض ليصلوا للسوق طازجين جاهزين لبيع قوة عملهم للرأسماليين.
ومن هذه النقطة استغلت أكاديميات ماركسيات لاحقات مثل ليز فوجل ومارثا جيمنيز وجوان برنير وحديثًا سوزان فيرجسون والأكاديمي ديفيد مكنالي رؤية ماركس للتغيير الاجتماعي غير المكتملة وطوروها ربما من المهم أن نتذكر في هذا السياق الإمكانية والابتكار المتأصلين في التقليد الماركسي الذي يشار إليه عن استحقاق كتقليد حي وسمح لأجيال جديدة من الماركسيين بدراسته بطريقة نقدية والإضافة إليه.
بالنظر عن كتب لكتاب رأس المال لماركس، يجادل الأكاديميون أن مفتاح هذا النظام، قوة عملنا، تنتج ويعاد إنتاجها خارج مجال الإنتاج الرأسمالي، في موقع عمل مبني على صلة القرابة يسمى الأسرة، تفسر فوجل بوضوح في فقرة رائعة العلاقة بين الصراع الطبقي وقمع النساء :
يمثل الصراع الطبقي حول ظروف الإنتاج الديناميكيات المركزية للتطور الاجتماعي في المجتمعات التي تتسم بالاستغلال في تلك المجتمعات تستولي الطبقة المسيطرة على العمل وبعد تجدد الطبقة الخاضعة من المنتجين المباشرين الملتزمين بعملية العمل شرطاً أساسيًا للإنتاج. بطبيعة الحال يوفر الإحلال الجيلي العمال الجدد اللازمين لتجديد هذه الطبقة، ولذلك تلعب قدرة الأمهات على الحمل دورا رئيسا في المجتمع الطبقي. […] ينبع قمع النساء في طبقة الملاك من دورهن في الحفاظ على الأملاك ووراثتها، بينما في الطبقات التابعة ينبع قمع السيدات فيها من انخراطهن فى العمليات التى تجدد المنتجين مباشرة وكذلك مشاركتهن في الإنتاج. [2] هذه بالأساس هى الحجة الرئيسة لما تسميه فوجل وآخرون من الماركسيين والماركسيات المتأخرات نظرية إعادة الإنتاج الاجتماعي». تعرض لنا نظرية إعادة الإنتاج الاجتماعى كيف أن إنتاج السلع والخدمات وانتاج الحياة جزء من عملية واحدة متكاملة، كما صاغتها ميج لكستون. إذا كان الاقتصاد الرسمي هو مكان إنتاج السلع والخدمات، فالبشر الذين ينتجون هذه الأشياء هم أنفسهم ينتجون خارج إطار الاقتصاد الرسمي في مقابل تكلفة قليلة جدا لرأس المال.
تنتج قوة العمل بشكل رئيس من خلال ثلاث عمليات متصلة ببعضها:
1 من خلال الأنشطة التي تجدد نشاط العاملة خارج عملية الإنتاج وتسمح لها بالعودة للعمل. يتضمن هذا من بين الكثير من الأنشطة، وجود طعام وسرير للنوم، وكذلك العناية الجسدية التي تضمن بقاءها سليمة.
2 من خلال الأنشطة التي تستديم وتنتج غير العاملين خارج عملية الإنتاج، على سبيل المثال: العاملات السابقات أو العاملات المستقبليات كالأطفال والبالغات والبالغين خارج قوة العمل لأي سبب كان، سواء التقدم في العمر أو الإعاقة أو البطالة.
3 من خلال إعادة إنتاج عاملات وعمال جدد، وأعني هنا الإنجاب.
هذه الأنشطة التي تكون الأساسات الجوهرية للرأسمالية التي تعيد إنتاج العامل والعاملة تقدم مجانا للنظام من خلال النساء والرجال داخل الأسرة والمجتمع. في الولايات المتحدة، لا زالت النساء تتحمل حصة غير متكافئة من العمل المنزلي.
وفقا لاستبيان 2012 ، قضت النساء في الولايات المتحدة 25.9 ساعة في أداء عمل منزلي غير مدفوع الأجر عام 2010، في حين قضى الرجال 16.8 ساعة، بفارق يصل لأكثر من تسع ساعات. يتضمن الاستبيان مهام يمكن تصنيفها مثل العناية بالأطفال والطبخ والتسوق والعمل المنزلي وأعمال التنظيف والصيانة والبستنة وغيرها .
وفقًا لمجلة فوربس، إذا ضُمِّن العمل المنزلي في قياس الدخل القومي الإجمالي، لرفعه بمقدار 26 في 2010 لكن بالطبع، نحن في حاجة الإضافة الأعمال الأخرى التي لا يمكن تصنيفها إلى قائمة المهام الهائلة الموجودة بالفعل مثل تقديم الرعاية النفسية والدعم لكل من العاملين وغير العاملين في العائلة. أي شخص اضطر لتهدئة طفل بعد يوم عمل صعب أو اعتنى بشخص مسن بعد وردية مجهدة يعلم جيدا أهمية المهام غير المادية.
إن أهم ما كشفته نظرية إعادة الإنتاج الاجتماعي هو أن الرأسمالية نظام تكاملي يمكنه دمج مجال إعادة الإنتاج مع مجال الإنتاج بنجاح وإن كان بطريقة غير متساوية. وبالتالي فالتغيرات في أحد المجالين تخلق تذبذبات في الآخر. يمكن للأجور المنخفضة وتخفيض التكلفة بسبب السياسات النيوليبرالية أن يؤديا إلى الحجز على المنازل أو العنف المنزلي.
لماذا يصبح هذا الكشف الأهم على الإطلاق؟ لأنه يعطى مضمونا تاريخيًا حقيقيًا لفهم : (أ) من العامل، و(ب) ما الطرق التي يمكن من خلالها أن يناضل العامل ضد النظام. والأهم من ذلك، أن تلك النظرية تساعدنا على فهم أن أي مكتسبات في الحقوق الجندرية في الاقتصاد الرسمي أو خارجه قد تكون مؤقتة لأن العوامل المادية لقمع النساء مرتبطة بالنظام ككل. لهذا فأي نقاش حول إنهاء القمع والتحرر يحتاج أن يُبنى على نقاشات متزامنة عن نهاية النظام في حد ذاته.
أهمية مجال الإنتاج
خلال إذا كان الدعم الرئيس للرأسمالية خارج مكان العمل يأتي من النساء . عملهن غير مدفوع الأجر، هل يجعل هذا مشكلات مكان العمل تخص الرجال وحدهم؟ من يتوقع وجود الصورة النمطية القادمة من القرن التاسع عشر للعامل الأبيض الذي يرتدي الأفرول ويقبض على مفكه، يحتاج إلى النظر عن كتب
إلى الصورة الحقيقية لسوق العمل في الولايات المتحدة.
يجب على معظم النساء في الولايات المتحدة أن يعملن من أجل كسب العيش. هذا يعني أنهن يبعن قوة عملهن في السوق وأنهن عاملات. تمثل النساء نصف أو تحديدًا 47% من القوة العاملة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتصاعدت نسبة النساء العاملات المتزوجات من 37% في عام 1968 لتصل 65 في عام 2011. وفقًا لدراسة نشرها مركز بيو البحثي هذا العام، أن نسبة قياسية تبلغ %40 من الأمهات الأمريكيات من المعيلات لعائلاتهن، مقارنة بما يقارب 11% في عام 1960.
في الوقت الذي تنخفض فيه عضوية جميع العمال في النقابات، فنسبة النساء غير المنضمات لنقابات ليست متراجعة بشكل كبير عن نسبة الرجال غير المنتمين لنقابات وفقًا للإدارة الأمريكية لإحصائيات العمل، حتى بعد التراجع الشديد في عضوية النقابات منذ الركود الاقتصادي، تظهر إحصائيات 2012 أن نسبة عضويات الرجال في النقابات %12% مقارنة بنسبة 10.5% للنساء. تشير إلى أن تلك النتائج أن العمال السود يميلون ليكونوا أعضاء بالنقابات مقارنة بزملائهم البيض أو الآسيويين أو اللاتينيين.
يتبع هذا أن أي شخص يجادل بأن مشاكل النساء هي فقط ما نواجهه أو نتحمله في المنزل العنف الجنسي والصحة الإنجابية ورعاية الأطفال إلى آخره أو خارج مجال الإنتاج هو ببساطة مخطئ. أي نقاش عن الأجور أو أماكن العمل أو عن تنظيم العمل أو النضال من أجل المزايا والامتيازات هو مشكلة جندرية إلى حد بعيد.
لكن يوجد وجهان متناقضان جذريًا يحددان كل الأخبار الحديثة الخاصة بالنساء، أحدهم هو الإفقار الذي لا يمكن احتماله للغالبية العظمى من النساء، والآخر هو صعود مجموعة متعددة الإثنيات هائلة الثراء من نساء الطبقة الحاكمة.
أكثر من ثلاثة أرباع العمال في قائمة أكثر 10 وظائف منخفضة الدخل نساء، وأكثر من ثلثهن نساء ملونات. لقد كتبت من قبل عن أن الولايات المتحدة هي واحدة من أصل أربع دول فقط تفتقر لإجازات وضع مدفوعة الأجر وبالتالي تصعب على النساء بشدة أن يكن أمهات عاملات. بالإضافة إلى ذلك، لا يتوفر لثلث العمال الأمريكيين إجازات مرضية مدفوعة الأجر، و 42% فقط لديهم إجازات شخصية مدفوعة الأجر. كما يشير نشطاء الاتحادات
ما الأثر الذي يقع على الصحة العامة في الوقت الذي لا يتمكن فيه العمال من الحصول على إجازات مرضية في ظل جائحة إنفلونزا؟ من يعتني بطفل مريض؟ من في المنزل ليحضر العشاء ويساعد في الواجب المنزلي؟ من يمكنه أن يخصص وقتا لرعاية الأهل المسنين المرضى؟
يبدو من الدراسات السابقة أن أي قضية متعلقة بمكان العمل هي في الواقع تتعلق بالمرأة والجندر أيضًا. إن السياسات التي تحكم أماكن العمل لها القوة للتأثير على المرأة في العمل والمنزل معا . لكن ما الذي يجب علينا أن نحارب من أجله؟ هل يجب علينا أن نحارب من أجل أجور مساوية للرجال في اقتصاد قائم على الأجور المتدنية؟ هل يجب علينا أن نحارب من أجل نظام رعاية شامل، وهو ما سيخفف عنا عبء أعمال الرعاية؟ هل يجب علينا أن نحارب «كنساء» أم «كعاملات»؟
ثمة مجموعة بارزة من النساء يتحدثن بجرأة في الإعلام في السنوات الأخيرة ليدافعن عن حقوق النساء، مثل جوان سي ويليامز [3]، وهي عالمة اجتماع صاحبة رؤية عميقة ويجب قراءة كتاباتها عن الطبقة والجندر. لكنها طرحت مؤخرا ملحوظة مخيبة للأمال مفادها أن نسوية المديرات التنفيذيات هي بالضبط ما نحتاج إليه لدفع ثورة الجندر المعطلة». وما قصدته بهذا النوع من
النسوية يعني حرفيا «تسوية» المديرات التنفيذيات في الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات. وسمت شيريل ساندبرج [4 ] والأستاذة في جامعة برينستون أن ماري سلوتر [5] كقائدتين على هذه الجبهات الجديدة من النسوية».
قد تبتهج الكثيرات باقتحام حفنة من النساء المجالس إدارات الشركات الكبيرة. حيث كانت غرف مجالس الإدارة تلك وملاعب الجولف الملحقة بها معاقل امتياز رجال الطبقة العليا لقرون. لكن هذا يقودنا إلى سؤال مركزي كيف ستبدو الحقوق الجندرية إن فصلناها عن سؤال الطبقة؟ هل ستعمل المديرات التنفيذيات من أجل مصلحة جميع النساء ؟
إن السياسات التي تعظم من مصلحة الغالبية من النساء هي أيضا السياسات ذاتها التي تقلص من أرباح الرأسمالية كنظام للإنتاج. فعلى سبيل المثال، إن نظاما صحيًا شاملاً مجانيًا لكل رجل وامرأة وطفل، سواء كانوا يتقاضون أجرًا عن عمل أم لا ، سيضمن لهم الحصول على رعاية صحية عند الحاجة. سيقلل هذا من اعتماد المرأة غير العاملة على شريك حياتها الذي يعمل وربما يتيح لها هذا التحكم في صحتها الإنجابية واختياراتها، ناهيك عن الدعم الذي سيقدم لصحة عائلتها ورعايتها. سيكون بإمكانها أن تختار إذا ما كانت ستنجب أطفالاً ومتى ستنجبهم، وأن تحصل على مساعدة منزلية مجانا – لأفراد العائلة الذين يتقدمون في العمر، وبالتالي ستقلص بشدة من عملها هي في المنزل.
لكن القطاع الطبي صناعة تتداول فيها مليارات الدولارات وسيقاتل أعضاء هذا القطاع بضراوة لئلا يحدث هذا. وعلى نفس المنوال، فإن من مصلحة النساء أن يكون هناك أجور لائقة لكل العمال، بما أن النساء من أدنى الفئات في الاقتصاد حصولا على الأجر بشكل غير متناسب مع الرجال، هنا سنصطدم بأرباح الرأسمالية، وهي معركة لن يكون الفوز بها سهلا.
إن أمثال شيريل ساند برج في العالم من محاربات من أجل طبقتهن بوضوح، يستخدمن لغة حقوق النساء ليدعمن نظاما لا يفيد إلا طبقتهن. إذ لم تغير المليونيرة ساند برج قرارها بشأن عدم دفع مرتبات للمتدربين والمتدربات الذين يعملون لديها إلا بعد أن أثيرت ضجة علنية حول الموضوع.
الرسالة الرئيسة التي يصدرها هذا الجيل الجديد من المديرات التنفيذيات هي أن العمل والمزيد من العمل الجاد سيحرر النساء. ومن المؤكد أن النساء حصلن على حق الاستقلال الاقتصادي بعد معارك ضارية ويحتاج للكفاحمن أجل تدعيمه باستمرار. لذلك نجد في كتابات الماركسيات الأوائل، مثل ناديجدا كروبسكايا [6] ، تأكيدًا قويًا على عمل النساء في مجال الإنتاج وقدرته التحريرية لهن.
لكن «الاستقلال» الاقتصادي يبدو مظهره لائقًا أكثر على شيريل ساندبرج من الأم التي تعمل في مطعم تاكو بيل حيث علاقة ساند برج بالرأسمالية،كربة عمل، هي علاقة تحكم بينما علاقة الأم التي تنتمي للطبقة العاملة بالرأسمالية هي علاقة فقد كامل للتحكم. ففي حالة الأخيرة، قد يوفر لها هذا بعض الاستقلال الاقتصادي عن شريك أو شريكة حياتها، لكنها تعتمد اعتمادًا كليا على تقلبات السوق.
عندما تقول ساند برج إن على النساء العمل بكد أكثر ليكافأن، فإنها تطلب هذا من أجل طبقة معينة من النساء – طبقتها – أن تنتزعن المزيد من التحكم من رجال طبقتهن، بينما يبقى النظام دون مساس ليعمل على حساب العمالة المدفوعة وغير المدفوعة الأجر التي تمثل النساء أغلبيتها.
لقد جادلت باحثات أكاديميات مثل كارين نوسباوم [7] أن النظام خلق بعض المساحات لنساء الطبقة الحاكمة على القمة من أجل درء أي تغيير مؤسسي أعمق من شأنه أن يحول علاقة غالبية النساء بالعمل :
لاحتواء المطالب المتزايدة للنساء العاملات، خلق أصحاب العمل فرضا لبعض النساء، مفسحين المجال لهن في الوظائف المهنية وعلى مستويات الإدارة لخريجات الجامعات وفي الوقت ذاته قاوموا أي مطالب بإصلاح مؤسسي من شأنه أن يحسن الوظائف لجميع النساء. استمرت النساء في طرفي القوة العاملة في الاشتراك في الهموم ذاتها كالمساواة في الأجور والسياسات المتعلقة بالعمل والأسرة، لكن حدة هذه القضايا اختلفت بتغير ظروف المجموعتين. خلق أصحاب العمل صمام أمان. أصبحت صاحبات التعليم الجامعي اللاتى عملن صرافات في البنك مديرات للفرع؛ والعاملات فى وظائف مكتبية في دور النشر أصبحن محررات تضاعفت نسبة النساء اللاتي يعملن فى وظائف إدارية أو مهنية بين عامي 1970 و 2004 من19% إلى 38% (نوسباوم 2007: 165)
من الاختزال القول بأن المعارك حول الجندر في مجتمعنا شبيهة بالمعارك الطبقية. لكن من الصحيح القول: (أ) كما قالت ليز فوجل، أن الصراع الطبقي يمثل «الديناميكية المركزية» للتطور الاجتماعي (ب) أن من مصلحة الرأسمالية كنظام أن تمنع أي تغير واسع في العلاقات الجندرية، لأن أي تغيير حقيقي في الجندر سيؤثر جوهريا على الربح.
أهمية مجال إعادة الإنتاج
من المنطقي إذن أن أفضل طريق للمحاربة من أجل حقوق النساء في مجال الإنتاج هو من خلال منظماتنا العمالية. لقد كان في تاريخ العمل لحظات ملهمة بحق حيث حاربت النقابات المهنية من أجل حقوق الإجهاض والمساواة في الأجور وضد رهاب المثلية.
لكن الطبقة العاملة لا تعمل في مكان العمل فحسب. فالعاملة تنام في بيتها، ويلعب أطفالها في الحديقة العامة ويذهبون إلى المدرسة المحلية، وتطلب أحيانا من أمها المتقاعدة أن تساعدها في طهي الطعام. بعبارة أخرى، يحدث القدر الأكبر من الوظائف المتعلقة بإعادة إنتاج الطبقة العاملة خارج مكان العمل.
من يفهم هذه العملية أفضل؟ الرأسمالية. لهذا تحارب الرأسمالية إعادة الإنتاج الاجتماعى بضراوة من أجل الفوز بالمعركة فى ساحة الإنتاج. لهذا تحارب الخدمات الاجتماعية، وتلقي بعبده الرعاية على الأسر، وتقلل الإنفاق على الرعاية الاجتماعية من أجل أن تضعف الطبقة العاملة وتقلل من قدرتها على مقاومة هجمات الرأسمالية في مكان العمل.
من يفهم هذه العملية أفضل أيضا؟ الماركسيون الثوريون. لهذا يمكن أن نكون الرابط بين مجال إعادة الإنتاج الذي يشمل المجتمع الذي تغلق فيه مدرسة، والبيت الذي تخضع المرأة فيه للعنف؛ ومجال الإنتاج حيث نحارب من أجل مزايا أكثر وأجور أعلى.
سنفعل هذا بطريقتين : (أ) أن نوفر الربط التحليلي بين «المجالين» في نظام واحد عبر النظرية الماركسية؛ (ب) أن نكون منبرا للدفاع عن المضطهدين والمضطهدات، خاصة في الوقت الذي لم تعمم المعركة بعد في مكان العمل.
لأن القول بأن الطبقة العاملة لا يمكنها الكفاح في مجال إعادة الإنتاج ليس حقيقيا. ومع ذلك، فصحيح أنها لا يمكنها الفوز على النظام إلا في مجال الإنتاج.
بدأت بعض المعارك الكبرى في تاريخ الطبقة العاملة خارج مجال الإنتاج. إن أبرز ثورتين في تاريخ العالم الحديث، الفرنسية والروسية، بدأتا كأحداث شغب من أجل الخبز، وقادتهما النساء. وإن فهم الرأسمالية كنظام متكامل حيث يوفر إعادة الإنتاج الاجتماعي دعامة للإنتاج، من الممكن أن يساعد المناضلين والمناضلات على فهم أهمية الصراعات السياسية في أي من المجالين وأهمية توحيدهما .
إن قضية الحقوق الإنجابية، على سبيل المثال، واحدة من المعارك الأساسية في وقتنا هذا التي لا تتعلق مباشرة بالكفاح في مكان العمل. هل تتعلق الحقوق الإنجابية ببساطة بقدرة النساء على الإجهاض والوصول لوسائل منع الحمل؟ في الحقيقة يجب أن نسميها العدالة الإنجابية بدلا من الحقوق الإنجابية. إن حق المرأة في الاختيار لا يتوقف على حقها فى ألا تنجب أطفالا فحسب، إنما حقها في أن تنجبهم أيضًا.
إن تاريخ النساء الأمريكيات من أصل إفريقي والنساء الملونات الأخريات في أمريكا يجري بدماء هؤلاء اللاتي أجبرتهن الدولة على التعقيم [8]. فعلى مدى ستينيات القرن العشرين درست ولايات إلينوي وأيوا وأوهايو وفيرجينيا وتينيسي فرض قوانين للتعقيم الإجباري على الأمهات السود المسجلات في برامج الرفاه الاجتماعي. وعندما خرج عقار منع الحمل نور بلانت لأول مرة للأسواق، أشار المقال الافتتاحي لجريدة فيلادلفيا إنكوايرر أن هذا قد يكون حلا لفقر السود. مصير مشابه كان في انتظار النساء في بورتريكو عندما ذهب القطاع الصناعي الأمريكي إلى الجزيرة هناك، ضمن البرنامج الاقتصادي المسمى عملية بوتستراب [9] Bootstrap المصمم للبحث عن عمالة رخيصة في ثلاثينيات القرن العشرين، أدارت الكثير من المصانع عيادات للتحكم في الإنجاب للعاملات في محل العمل، ورفض البعض تشغيل النساء ما لم تكن معلمات بالفعل.
كذلك فإن الحرية الانجابية لا يمكن أن تكون حول تحكمنا في مبايضنا فحسب، إنما تتمحور حول التحكم في حياتنا سواء أردنا أن تنجب أطفالا أم لا ومنى، وكم طفلا نريد، وأن يكون لدينا وقت للاعتناء بهم، وأن يكون هناك مدارس عامة لإرسالهم إليها، وألا يسجنوا هم أو أباؤهم، والأهم، أن نتقاضي أجرا لائفا يمكننا من اتخاذ أي من تلك القرارات.
ذكرت النيويورك تايمز في تقرير أن ثمة انخفاض في معدل الخصوبة بنسبة %9% في الفترة بين 2007 و 2011 ، ويعتقد المختصون في شؤون السكان أن هذا الانخفاض بدأ كأثر للكساد الاقتصادي وانخفاض شعور الأمريكيين بالأمان تجاه ظروفهم الاقتصادية. بعبارة أخرى، استخلصت التايمز أن غالبية النساء العاديات يفضلن أن ينجبن أطفالاً عندما يشعرن أن لديهن الموارد الاقتصادية لإطعامهم وتربيتهم لذا يرتبط سؤال الإنجاب ارتباطا وثيقا بأسئلة مجتمعنا الأكثر جوهرية من يعمل ؟ عند من؟ ولأي أجل ؟
من أجل معركة متكاملة ضد الرأسمالية
في هذه اللحظة بالتحديد من أزمة النيوليبرالية، يتسلح رأس المال بالجندر في الصراع الطبقي. إن الدفاع المتكرر عن الاغتصاب الذي يرتكبه رموز المؤسسات والهجوم الشديد على الحقوق الإنجابية والرهاب المتزايد من العابرين جنسيا ليس إلا نتائج المحاولة الرأسمالية حل الأزمة الاقتصادية بطرق مختلفة عبر الهجوم على نمط حياة الطبقة العاملة فى العمل والمنزل على حد سواء.
يتمثل الحل بالنسبة لنا كماركسيين ثوريين في ألا نتحدث ببساطة عن أهمية الصراع الطبقي، لكن أن نوصل صراعات الاقتصاد الرسمي إلى من هم خارجه. ولكي يحدث هذا، فالأقل أهمية أن نفوز بالجدال» مع الهويات المضطهدة. والأمر الأكثر أهمية هو أن نحوز ثقتهم، بأن نكون المقاتلين الأكثر عنادًا في البيت والعمل.
لذا نحتاج أن نطرح سؤال العدالة الإنجابية في المؤسسات التي نحارب فيها من أجل الأجور النقابات العمالية على سبيل المثال)؛ ونحتاج إلى أن نطرح سؤال الأجور في المؤسسات التي نحارب فيها ضد التعصب الجنسي والعنصرية . نحتاج إلى جيل من النساء والرجال العنيدين ليحدثوا هذا الربط بين أماكن عملنا وحرم جامعاتنا وفي الشارع. هذا هو تقليد الماركسية الثورية الحقيقي.
المصدر : كتاب كيف تصنع حركة نسوية من المطبخ-رؤى من نظرية اعادة الانتاج الاجتماعي

مقدمة وتحرير نرمين نزار –حسين الحاج
الطبعة الاولى :2023



#سارة_علاء (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنت لا تكره يوم الاثنين، بل تكره الرأسمالية!


المزيد.....




- صحفي فلسطيني يقدم شهادة مروعة حول تعرضه للاغتصاب في سجون الا ...
- البرلمان العربي يشارك في ورشة عمل إقليمية حول تطوير قوانين ا ...
- وزيرة الصحة الألمانية: الأمراض النسائية لم تحظ بما يكفي من ا ...
- “مــاما جابت نونو” تردد قناة طيور الجنة 2025 على نايل سات وع ...
- كيف يهدد تشويه صورة الرجل الأسرة؟
- 7 خطوات نحو عام أهدأ.. كيف تعيد المرأة شحن ذاتها مع بداية ال ...
- في ذكرى الزهراء( ع ).. المرأة اللبنانية ترفع راية المقاومة ...
- -أحد معبدي الشمس المعروفين في مصر القديمة-.. اكتشاف بقايا مع ...
- إيران: إخلاء سبيل امرأة بعد إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقها ل ...
- تركيا ـ توقيف 5 مشتبه بهم بالتحرش والاعتداء الجنسي على متدرب ...


المزيد.....

- الحقو ق و المساواة و تمكين النساء و الفتيات في العرا ق / نادية محمود
- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سارة علاء - ما هي نظرية إعادة الإنتاج الاجتماعية؟