|
|
الفلكلور الشعبي مراة للهوية الثقافية الوطنية
بوبكر سيدي امبيريك
الحوار المتمدن-العدد: 8555 - 2025 / 12 / 13 - 09:11
المحور:
الادب والفن
يمثل الفلكلور الشعبي جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية الموريتانية الغنية بموروثنا الشعبي، المتوارث والمشفع بالقيم والعادات و الاعراف التقليدية راسما لوحة فنية متداخلة الأبعاد فريدة من نوعها بين كل اطياف المجتمع وان اختلفت لهجاته و تعددت اعراقه.
إن الناظم الفني لكل مقام من مقامات الفن هو ( لكحال) ظهر لغن إذ يتجاوز الفلكلور كونه مجرد عنصر فني وارث شعبي؛ بل ينبض بالحياة ويعبر عن تاريخ شعب عاش في صحراء شاسعة، حيث كانت الثقافة على شكل روايات شفوية وممارسات وحكايات أسطورية تتناقل عبر الأجيال. يتميز الفلكلور بمكونات متنوعة تشمل الموسيقى، الرقص، الحكايات، والأمثال الشعبية، وكلها تعكس الحياة اليومية والمعتقدات الدينية والاجتماعية للشعب الموريتاني. في تناغم ثلاثي الأبعاد ينكسر بعضه ضمن الآخر يجسد تغيرات التنوع الثقافي، حيث تمتزج الألوان و الأداء ليعكس روح الشعب و عاداته لكل مكونة. تعود أصول الفلكلور الموريتاني إلى فترات قديمة، حيث
تداخلت تقاليد القبائل المختلفة، مثل القبائل العربية والأفريقية، مشكّلةً تراثًا ثريا يعكس التنوع الثقافي للبلاد. تعد هذه الخلفية التاريخية من العوامل المهمة التي أسهمت في تشكيل الفلكلور،
فنجد أن الأهازيج والأغاني الشعبية تحتوي على تأثيرات من ثقافات متعددة، مما يضفي عليها طابعًا خاصًا. تعتبر القصص الشعبية والأمثال جزءًا مهمًا من هذا التراث، حيث تُستخدم لنقل الحكم والقيم الأخلاقية عبر الأجيال. إذًا، فإن الفلكلور ليس فقط مجموعة من العادات، بل هو مرآة تعكس التحديات والانتصارات التي عاشها الشعب الموريتاني بكل أنواعه عبر العصور.
من بين العناصر الفلكلورية المميزة في موريتانيا، نجد الأغاني الشعبية التي تُغنى في المناسبات المختلفة، مثل الأعراس والاحتفالات. الموسمية بجوانب الحياة المختلفة، من الفرح إلى الحزن، وتمرر رسائل عميقة عن الحب والصداقة والتضامن. كما يُعتبر رقصة ” همبة ” اشكراف همبة رقصة شعبية تؤديها مجموعة من الشباب تتشابك بالمناكب، وتظل تتقدم وتتأخر، ثم تتمايل يمنةً ويسرةً، وتنحني تارةً إلى الأمام، ثم ترفع رؤوسها إلى الأعلى، وهي تطلق أصواتاً قويةً من حناجرها كزئير الأسود في أداء رجولي جماعي رائع يتماشى والإيقاع الموسيقي والغناء في غير نشاز ولا خروج عن المقام الموسيقي، نشوة تنتاب صفوف الراقصين، وحالة إندماج وجداني ينصهرون بها ، ذهبت بهم إلى عالم منفرد ينسيهم في احزانهم وهمومهم ، وكأنهم طيور تحلق عليا في سمائها الإبداعي الخاص. وهو ما يطرب السامع، ويجعل المشاهد يقفز من مكانه. إنه حقاً مزيج من رقص بهيّ وغناء شجيّ ويقول البعض انها تشبه الدبكة عند بعض الدول العربية المجاورة . ” دكداكة” رقصة شعبية اكثر تداولا في النعمة ولاتة وادان ولديها عدة طبول ومن ابرز طبولها يجعل الحبل في الرقبة ويتم إمساك طبل دكداكه تحت الإبط و يضرب على جنب واحد من جنباته،
مما يزيد من حماس “طبل دكداكه” وجود ثلاث طبول صغيرة يضرب أولها بعصى خشبية معدة لذلك و يسمى تيتجي، أما الثاني فيضرب باليد و يسمى تماني و الثالث يسمى أمبرمبر.. و قد تطلق “أمبرمبر” على جميع الطبول، و لكل واحد منهم نغمة خاصة يعطيها أثناء ضربه ووسيلة خاصة أيضا للضرب.. و كذلك وجود “زوزايه” و هي عبارة عن دبوس من الحديد أو الخشب مجوفة طويلة ينفخ فيها رجل متمكن ذو نفس طويل… هذه الدبوس هي قاسم مشترك بين “دكداكة” النعمة و ولاتة قديما و المغرب و الجزائر و ربما ليبيا… رقصة ” لقماس” يدار بطريقة عسكرية منظمة إثنان إثنان او ثلاثة ثلاثة حسب عدد الرجال وتبدء المواجهات الأخيرة بين الرجال ، ليحكم الحاضرين على الجميع بمعرفة ايهم اكثر حماسا واجمل حركات ، واكثر دقة لحمل البندقية واكثر جراة على التعامل مع البارود.
وتعود هذه الرقصات تحديدا في الشرق الموريتاني لعصابة كورگل كيدي ماغة “البنجة” رقصة خاصة بالنساء، وهي خليط من الحركات البهلوانية ومن الرقصات الأفريقية، وتقدم هذه الرقصة غالباً في الأعراس والحفلات الخاصة داخل المنازل، وبسبب الشهرة التي حققتها أصبحت رقصة “البنجة” تقدم في المهرجانات الفلكلورية المحلية، وارتبطت بشكل وثيق مع الثقافة الشعبية الموريتانية اليومية ” رقصة اكثر شيوعا في شمال ادرار “ لعبة الدبوس أو “أَنَيْكور” هي الرقصة الرجالية على الطبل في جنوبي موريتانيا من أقدم الرقصات الشعبية الموريتانية وهي في الأصل مأخوذة من الحروب القبلية بل ومن حروب الفتوحات الإسلامية القديمة.
والقليلون هم الذين يجيدون رقصة “لعب الدبوس” لما فيها من مخاطر، وتقوم الرقصة على عرض بالتضارب الراقص بين رجلين يتناوشان منتشيين، بالعصي، تحت إيقاع الطبل وتصفيق المطربات، وكأنهما في معركة قتال حقيقية بالسيوف . رقصة “أكصار ” تعرف هذه الرقصة كذلك بأسم التريتيم وترتكز بصورة كبيرة على حركات اليدين : المد. اللى. التشبيك. إضافة على التعبير بالأرجل سواء بإلصاقهما على الارض ، أو بالخطو المتهادي البطي ء القائم على الثقل والكياسة. هناك من يعطي لمد الأصابع في هذه الرقصة دلالات عديدة تمنح معانيها من الثقافة العربية الإسلامية ، ذلك أن مد الأصابع الخمسة تقابله الصلوات الخمس و القواعد الخمس للدين الإسلامي.، ومد العشرة يفسرونه بالتعبير عن صحابة الرسول (ص) . أما مد الأصابع الثلاثة مع الإبهام وترك أصبع واحد .فيعد في تفسيرهم إشارة إلى الواحد الأوحد صانع الكون وخالقه . في حين أن ضم الخنصر والبنصر والوسطى من كلتي اليدين مع ترك السبابة والإبهام يشير إلى الكتب السماوية الأربعة. ويربطون مد أصبعين بآدم وحواء، وسبعة بالسموات السبع …إلخ “لبليدة ” إيقاع موسيقي أساسي في مجموعة من الأشوار والمدائح النبوية في رقصة ” لبليدة ” ،تغنى حماية “حك اتفوداي امشي واوطاي ” الغرض منها رفع درجة الإيقاع والتحفيز على مواصلة الرقص. “ونگوا” رقصة بولارية تقليدية ومعنى الكلمة وانگوليل واكوي وانگاد دبوا راد و واوا وانگده ڨطمم وابان ” المغني يهاجم المرأة الحامل التي لايمكنها الرقص بونگوا لأنها لايمكنها ان ترقص كما يتطلبها . كيفية الرقص: وانگوا كلمة بولاريه يرقص عن طريق الدوران والقفز ورمي الرجلين وهي من نقطة البداية والرجوع إلى نقطة البداية ايضا ( وانگوا ايدى) وهذه الرقصة يحكى في الثقافة الشعبية أنها متصلة بعلم النجوم وعلم الكواكب هناك كلمة فى الأغنية ( اه ليل اه ليليو ارتى تو تونو) هذه الكلمة معناها : آه لقد رجع من حيث بدأ وهذا الرقص يفهم منه علم الهندسة إذ اخذت مثلا دائرة نفطة الوسط ترجع من حيث بدأت مثلا دوران الأرض ( وانگوا ليل وانگوي وانگاده قطمم والان) معنى الكلمة صاحب الدوران متأخر يأمره بالدوام و المعنى بوانگو يهاجم المراة الحاملة لأنها لا يمكنها القيام بالرقص لأن الراقص بالوانگوا لا بد أن يقفز ويدور فى نفس النقطة التى بدأ فيها ويرجع فى نفس النقطة .
“صبر” رقصة شعبية نشترك مع الجارة السينغالية فيها وهي لنساء خاصة ترمز للإحساس بالفرح والحرية ومن خلالها تأخذ مساحة خاصة الإبراز شخصيتها وإظهار مهاراتها الفنية. عادة في الجنوب الموريتاني اترارز لبراكنه كيدي ماغة من أشهر الرقصات التقليدية التي تمثل التراث الموسيقي من مختلف الفيئات، حيث تجمع بعض الرقصات بين الرجال والنساء حيث تُظهر هذه الأنشطة كيف يعبر الشعب الموريتاني عن فرحه وحزنه، ويعكس تاريخه وثقافاته المتنوعة بشكل جذاب، مستحضِرًا مجموعات من الذكريات والتجارب التي تصبغ الهوية الثقافية للمجتمع. مقارنة بالفلكلور في الدول المجاورة
عند مقارنة الفلكلور الموريتاني بالفلكلور في الدول المجاورة، نجد أن هناك تشابهات واختلافات ثرية تعكس التنوع الثقافي في المنطقة. على سبيل المثال، يمكن أن نرى أوجه شبه بين الفلكلور الموريتاني وفلكلور السنيغال، حيث يتشارك كلاهما في بعض العناصر الموسيقية والرقصات التقليدية. والنمط الموسيقي القائم على الطبول، والذي يعد رمزًا رئيسيًا في الفلكلور الأفريقي، يظهر في كلا الثقافتين، إلا أن تأثير اللغة والتراث الثقافي لكل منهما يُظهر خصوصية فريدة. في الوقت نفسه، تتميز موريتانيا بأشكال فنية أخرى مثل “الحسانية” بين مكونة البيظان و مكونة لحراطين وهي مجموعة غنائية تتسم بالشعر العربي التقليدي، بينما يمتاز الفلكلور السنيغالى بموسيقى “سالسا” و”زوك” التي تعبر عن تتأثر ثقافتها بالتقاليد الغربية والإفريقية معًا.
علاوة على ذلك، تعكس الرقصات الشعبية في كلا البلدين قصصًا تاريخية وتقاليد عائلية خاصة، ولها دور في دعم التقاليد الاجتماعية. ممارسات مثل الاحتفالات بـ ” العيد” وأيام موسم الحصاد في موريتانيا و في السنيغال، تُظهر كيف يمكن للعادات الرياضية المبهجة والفلكلورية أن تعزز الروابط بين المجتمعات. يمكن أيضًا بالحفاظ على تراثها الثقافي، ويشكل الفلكلور جزءًا كبيرًا من برامجها التعليمية والمهرجانات الثقافية، حيث يتم تنظيم الفعاليات الفنية التي تتيح للناس التفاعل مع الفلكلور بطرق جديدة ومبتكرة، مما يعزز من الاستمرارية والهوية الثقافية بين الأجيال.
#بوبكر_سيدي_امبيريك (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النيفارة كاشفة احزان افطوط
-
النيفارة كاشفة احزان أفطوط
-
اوتار ... مع بشام ولد انلل مسيرته الفنية وحكايته مع النسيان
المزيد.....
-
-إحدى أعظم ألغاز الأدب-.. دراسة تستكشف سر وفاة جين أوستن عام
...
-
مدير الإدارة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب: ضرورة الحفاظ
...
-
متحف -غريفان- بباريس.. 250 تمثالا شمعيا لإضاءة صفحات التاريخ
...
-
الممثل الأمريكي ديك فان دايك يكمل عامه الـ100 ويأمل في حياة
...
-
2025 بين الخوف والإثارة.. أبرز أفلام الرعب لهذا العام
-
-سيتضح كل شيء في الوقت المناسب-.. هل تيموثي شالاميه هو مغني
...
-
أهلًا بكم في المسرحية الإعلامية الكبرى
-
الأفلام الفائزة بجوائز الدورة الـ5 من مهرجان -البحر الأحمر ا
...
-
مهرجان -البحر الأحمر السينمائي- يكرم أنتوني هوبكنز وإدريس إل
...
-
الفيلم الكوري -مجنونة جدا-.. لعنة منتصف الليل تكشف الحقائق ا
...
المزيد.....
-
مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
زعموا أن
/ كمال التاغوتي
-
خرائط العراقيين الغريبة
/ ملهم الملائكة
-
مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال
...
/ السيد حافظ
-
ركن هادئ للبنفسج
/ د. خالد زغريت
-
حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني
/ السيد حافظ
-
رواية "سفر الأمهات الثلاث"
/ رانية مرجية
-
الذين باركوا القتل رواية
...
/ رانية مرجية
المزيد.....
|