أسامة عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 1836 - 2007 / 2 / 24 - 10:31
المحور:
الادب والفن
لماذا يهرب المرء أحيانا من اللحظة الراهنة ؟! مستدعيا ماضيا لا يعود ، أو رانيا مستقبلا غير كائن ، وقد لا يكون ، أليست الحياة الآن ؟! فلم نفر من الحياة ؟!
لهذه الحالة الغريبة أسباب تختلف باختلاف ظروفها ، وأحوال الواقع فيها. ولو أجملنا لقلنا إن السبب هو إما سوء اللحظة بالفعل ، أو تطلع النفوس الدائم إلى الأفضل ، فقد يكون قي طبع البشر أن يستخفوا المملوك ، ويتطلعوا إلى غيره ، و إلا يكن كذلك ، فلم لا يحب الناس ( الأخبار ) كما يحبون الشعر ؟ ولم يحبون في الشعر الخيال ، ولا يستخفهم شعر صادق ؟ وقد قالوا: " أعذب الشعر أكذبه " .
في الإنسان نزعة إلى الكمال ، ولا يجده في الواقع ، فيترقبه في المستقبل ، أو يترقب قريبه .
هذا شأن المستقبل ، فما سر استدعاء الماضي ؟ لست من القائلين بحنين الإنسان إلى الماضي المطلق ، وآية ذلك أن في الماضي ذكريات مؤلمة يحرص الإنسان على طمسها ، إذن هو يستعيد من الماضي ما يفتقده في الحاضر . فالاتجاه إلى الوراء محاولة لتغشية الواقع بغشائه ، وهو أمر للشعور أو للوهم ، أما الاتجاه إلى الأمام فمحاولة للارتقاء بالواقع إلى المثال الذي يطمح الإنسان إليه .
وبين الانشداد إلى الماضي والتطلع إلى المستقبل تضيع اللحظة الراهنة ، فأمل الإنسان الدائم بالمستقبل الأفضل قد يزهده في الحاضر ، فيظلمه ، والظلم يجمع بين وضع الشيء في غير موضعه ، وبين التعدي أو الاستلاب ، فليس وضع الشيء في غير موضعه دون التعدي عليه ظلما ،ولو تقبلت اللحظة فعشتها واستشعرتها لما ظلمتها ، وإذا فعّلتها لتلد لك لحظات تتجاوز اللحظة فقد أنصفتها .
#أسامة_عثمان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟