أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة عثمان - شجرة الخروب














المزيد.....

شجرة الخروب


أسامة عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 1829 - 2007 / 2 / 17 - 07:13
المحور: الادب والفن
    


تتجذر حاجزة بين الجبل البري ، والأراضي المشجّرة المروية ، وإلى الجنوب القريب منها شجرتان مثلها، لكنهما بريتان ؛ ولعزلتهما النسبية ، كثيرا ما كان يأوي إليهن طير الحمام ، الذي ينسب إليهما ، متأمل يميل إلى الوداعة الزائدة .
وعلى عكس تينك الشجرتين شجرتنا ؛ أليفة عامرة مثمرة ، تتهدل فروعها حتى تفترش الأرض وتلاصقها . نَظَر إلى جذعها الذي غدا بفعل الزمن جذوعا ، لكنها تتسق في كينونة تلك الكبيرة التي ما تزال تعاند الهرم ؛ فتطلق في كل عام أغصانا وفروعا نضرة ، تحاول بها رفع همتها التي يخشى عليها بخوار جذع، أو يباس أغصان . لكني أكاد أجزم أنها كانت تأنس بنا وتستقوي بجلساتنا وأحاديثنا ، في ظلها الخميل ، وعلى ترابها المتماسك . أتراها كانت تتوجس مثلنا من عيون المستوطنين ؟! بالرغم من انتفاء ما يدعو إلى القلق باستثناء ما حدث أيام طفولتنا ، إذ لفت انتباهنا خرق لصمت الحياة العادية ؛ طواقم من المدنيين الإسرائيليين قاموا بما تبين أنه عملية مسح شاملة للأراضي الزراعية المتاخمة لحدود بلدتنا الشمالية وحتى الأرض المحتلة عام 48م ؛ قاموا يومها بوضع علامات على الصخور ، وثبتوا في بعض النقاط أوتادا من حديد ، تخوف الناس ، لكنهم مضوا في أراضيهم ومشاريعهم الزراعية التي أخذت في التطور ، وازداد احتفاء الناس بأراضيهم ، فاستصلحوا منها ما استطاعوا .
كأن الفلاحين منا ، كانوا يحاولون التعويض بهذه الأرض، عما افتقدوه من أراضيهم المغتصبة عام 48م ، تلك التي كانت سيدة الخصب ، والبركة ، ودفق العطاء ، رحبة كرحابة الأيام والأحلام لقد كانت هي الأرض. فلما ضاعت ... رجع الناس إلى هذه الأراضي الجبلية ، قطعا متناثرة . فحفروا في صخورها آبارا ارتوازية ، فغدت تلك (القطاين ) والجبال خضراء مثمرة بشجر البرتقال والزيتون وكروم العنب وأنواع الفواكه والخضار والحبوب ، فدبت فيها للناس حياة جديدة ، بعد أن كادت تذهب مع تلك الذاهبة .
ولم يكد الجيل الثاني يترعرع في هامش الأرض المتوجسة ، وعينه على الأرض المغصوبة ، حتى ندد صوت الخطر ، وبسرعة ، ودون تعويق ، تغيرت معالم المنطقة ، فضاعت الطرق ، وصارت وديانا غائرة ، كأنما خسفت ، ثم وقفت في وجوه الناس أسيجة إلكترونية ، وسيرت بمحاذاتها ( جيبات) عسكرية ، أوحشت المنطقة ، وأرهبتها . نعم ، لقد صدق توجس الناس والشجر ، وسرى في هذا الجزء ما قد سرى في الأجزاء السابقة ، وما توقف ...
أسير اليوم في شوارع البلدة ، وأنا محروم من رؤية تلك ( الخروبة) أنظر في تراب البلد الباقي ؛ فأتساءل ما سر هذا الأخذ بمرأى التراب ورائحته ونداه ؟! أوفاء للأصل ؟ّ أم رثاء وقلق ؟! أم هو استبقاء للباقي ؟!



#أسامة_عثمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل ...الباحثة عن قاتلها !


المزيد.....




- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة عثمان - شجرة الخروب