سعود قبيلات
الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 16:26
المحور:
قضايا ثقافية
أقرأ، هذه الأيَّام، كُلَّ ما يتوفَّر لي عن آرثر رامبو، شاعر فرنسا العظيم (20 تشرين الأوَّل 1854- 10 تشرين الثَّاني 1891).
فأنا مهتمّ به منذ زمنٍ بعيد، وقد كتبتُ عنه مراراً؛ ويُعجبني فيه، بالإضافة إلى ثورته الشِّعريَّة الهائلة، أنَّه رَجُلٌ مشَّاء؛ هذه السِّمة الَّتي أشترك معه فيها.
"لم نكن نحسن إلا المشي. ومن كثرة المشي صارت لنا أكبادٌ قاسيةٌ وحظوظٌ ضامرة صالحةٌ للسفر".
"مشيتُ طويلاً جداً حتى بردتْ وسط يدي كل فناجين القهوة. مشيتُ طويلاً حتى أنك لا تجد امرأةً كاملةً في أوراقي. مشيت ومن كثرة المشي اصطدمت ركبتي بالإله."
ويُذكِّرني رامبو بفلاديمير ماياكوفسكي (19 تمُّوز 1893 - 14 نيسان 1930)، الشَّاعر السُّوفييتيّ الشَّهير، الَّذي لمع نجمه بعد رحيل رامبو بعقود (وُلِدَ بعد رحيل رامبو بسنتين).
الاثنان أحدثا ثورة في الشِّعر في بلاديهما، وفي العالم؛ ورغم أنَّهما كتبا قليلاً من الشِّعر، إذا ما قسنا حجم إنتاجهما الشِّعريّ بإنتاج غيرهما، إلَّا أنَّهما تركا أثراً كبيراً (بل حاسماً) على تطوِّر الكتابة الشِّعريَّة بعدهما..
كلاهما ازدرى الرُّومانسيَّة، لغةً وعواطفَ وصوراً وأفكاراً، وكتبا الشِّعرَ بصورة كانت صادمة في حينها..
كلاهما أحدث ثورةً في اللغة عموماً وليس في كتابة الشِّعر حسب..
كلاهما سبقا عصريهما..
كلاهما جمعا بين رهافة الحسّ وبين فظاظة السُّلوك والتَّعبير..
كلاهما كان بوهيميَّاً وفيه شيء من الصّعلكة..
وحتَّى في الجسم، كلاهما كان طويلَ القامة على نحوٍ ملحوظ..
وفي حين قرَّر رامبو التَّوقُّف عن كتابة الشِّعر، نهائيَّاً، وهو في العشرين مِنْ عمره («لا كلمات بعد الآن، إنّني أدفن الميّت في بطنيْ»)، فإنَّ ماياكوفسكي قد وضع حدَّاً لحياته وهو في السَّابعة والثَّلاثين مِنْ عمره..
وقد غادر رامبوا أيضاً هذه الحياة وهو في السَّابعة والثَّلاثين مِنْ عمره؛ بعدما أقام "وحيداً في فندق الكون"، فكانت أقامته قصيرة، لكنَّها كثيفة، في الوقت نفسه.
لا يزال أثر رامبو يتواصل، في كُلِّ محاولة تمرّد أو ثورة شعريَّة؛ بل وحتَّى على أبرز الموسيقيين في العالم.. بوب ديلان، على سبيل المثال، يُذكِّر برامبو كثيراً في كلمات أغانيه الَّتي يكتُبها هو نفسُه.
ـــــــ
* آرثر رامبو
#سعود_قبيلات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟