أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحبيب السيتل - المغرب- القنيطرة - رواية -ولد الخيرية- ولعنة التسمية















المزيد.....

رواية -ولد الخيرية- ولعنة التسمية


الحبيب السيتل - المغرب- القنيطرة

الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 02:56
المحور: الادب والفن
    


رواية " ولد الخيرية" ولعنة التسمية
الحبيب السيتل

جديد مساهمة مؤلف "ولد الخيرية" في الحقل السردي المغربي المعاصر:

"ولد الخيرية" إبداع روائي جديد ينضاف إلى الحقل السردي المغربي المعاصر، وهو أول عمل فني للأستاذ "خليل خيي"، اقتحم به عالم الرواية المغربية الغزير بإنتاجاته والغني بمواده الحكائية وأشكاله الفنية.
وضمن هذا السياق، تَحُلُّ رواية "ولد الخيرية" أهلا على الرواية المغربية المعاصرة ومبدعيها لتنزل سهلا في رحابها المرحب بكل وافد جديد، في غنى تام عن معايير الأقدمية وتراكم التجارب، على اعتبار القاعدة الثابتة التي تفيد أن أي مشروع لا يمكنه أن يستقيم إلا عبر الانطلاق من بداية ما.
ومع كل هذا يبقى السؤال المبدئي مطروحا حول ماذا أضافت رواية "ولد الخيرية" إلى حقل جنسها في مسار الأدب المغربي المعاصر؟
وفي هذا الصدد، يمكن الانطلاق من إدراج رواية "ولد الخيرية "ضمن ما يصطلح عليه ب "الرواية الأطروحة" Le roman à thèse .
ذلك أن رواية "ولد الخيرية"، في عموم طرحها تجربة كشف لمظالم تربوية قاهرة في حق الطفولة المغربية المهمشة. وفضح جريء لأعطاب مؤسسات التنشئة الأسرية والاجتماعية على حد سواء، كما أنها مرافعة قوية لرد الاعتبار للطفل المغربي المقهور من خلال التعرية عمّا اسْتُتر عُنْوة للتطبيع مع الانزلاقات التربوية في محاولة نقلها من مدار المسكوت عنه إلى مدار قضية تستنفر المتسترين والمطبّعين والمتواطئين حتى، وبالتالي القفز بها إلى مستوى السطح المرئي والمفكر فيه، وجعلها قضية معلنة ناجزة للتداول بدل التستر والمقاضاة بدل اللامبالاة والإنصاف بدل الإجحاف.

"ولد الخيرية" ولعنة التسمية:
وما يميز مؤلَّف "ولد الخيرية" هو انفتاحه على أحد عوالم البؤساء الذين ظلوا منسيين وعلى الهامش، محرومين من حق البوح والإعلان عن صوتهم الجريح. وهي الفئة التي أجبرت على أن تحمل تسمية "اولاد الخيرية"، والتي لم تحمل معها ولا في طياتها ولا من بين ثناياها سوى صدى اللعنة الاجتماعية الموبوءة، والتشويه التربوي الدنيء، الذي جدَّ مخترعوه ومنفذوه واجتهدوا لإلحاق "أولاد الخيرية" بذوي العاهات، رغم سلامتهم البدنية والذهنية، وتعدادهم، قصدا ومكرا، ضمن قائمة المعتوهين، ليظلوا على الدوام من فئة فاقدي الكرامة الإنسانية والوقار الاجتماعي، ومن معطوبي التنشئة المشوهة وغير السليمة، ليحتجزوا في مخفر القلق الدائم في انتظار الانصاف العادل والحق في رد الاعتبار.

"ولد الخيرية" بين التعبير عن الذات والتعبير عن الجماعة:
وما يميز مؤلَّف "ولد الخيرية"، إضافة إلى أطروحته المركزية السالفة الذكر، كونه لم يحصر تجربة شخصيته الرئيسة فيما هو فردي/ذاتي وإنما جعلها صوتا معبرا عن جماعة أوسع لفئة "أولاد الخيرية"، وإن هيمن على مسارها السردي الحكائي ضمير المتكلم العائد على الذات الفردية.
فعند أول اضطلاع على مادة دفتيه، نقرأ من خلال معطياتها الرمزية وصورها التمثيلية المعبرة خطابها المكتوب المباشر الصريح عن انخراط القوى الفاعلة الرئيسة التي يمثلها "ولد الخيرية" في محنة جماعة بأكملها تتجاوز الفرد في ذاته.
فعلى وجه الغلاف أثبت على صدر الطفل الممثَّل بملامحه المتجهمة ونظراته الحادة القلقة عبارة "ولد الخيرية" بخط بارز وعريض، وبلون أحمر قاتم، والذي يوحي بدلالات عدة، نختزلها فيما يرادفها من معاني لعنة التسمية الدموية القاتلة، والتي لم يحدْ عنها "ولد الخيرية" بل جعلها موسومة ومرشومة على صدره، في إعلان رمزي دال على تجدر الاسم في ذاته ووجدانه، وتصريح مرير عن انتمائه الثابت والراسخ لجماعة أو فئة "أولاد الخيرية".
وبغرض تزكية دلالات وجه الغلاف، وضع المؤلف على ظهره خطابا سرديا مكتوبا يثبت فيه "ولد الخيرية" انتماءه الدفين والعميق لجماعة "أولاد الخيرية"؛ حتى وإن انفصل عن ديارهم وباعده الزمن عنهم، ليظل الشعور بلعنة تسمية "أولاد الخيرية" لاصقا بوجدانه ومصدر قلقه الوجودي الدائم، في سياق اجتماعي قاهر يلازم أطفال "اولاد الخيرية" أينما حلوا وارتحلوا، وإن في مباراة من لعبة كرة القدم، حيث تغيب الروح الرياضية ويحضر السب والشتم والتجريح بأسوإ النعوتات، تتصدرها تسمية "أولاد الخيرية" لتحل في الأجواء الحماسية المناسبة لإشاعة تداعياتها السلبية والجارحة من لدن الجماهير بما ترسخ في أذهانهم وتمثلاتهم التربوية والاجتماعية للتسمية ولعناتها.
وهكذا يعلن مؤلف "ولد الخيرية"، ومن دون مقدمات، أن تجربته ليست ذاتية فقط، وإنما هي صوت جماعة برمتها، ليصرح في حضرة المقابلة الرياضية أن "هذا السباب لم يكن موجها إليه، لكنه أحس به كسهام تخترق سمعه لتنغرس في روحه...." (ظهر الغلاف).

رواية "ولد الخيرية" من وجهة مقاربة ثيماتيكية (موضوعاتية).
تحفل رواية "ولد الخيرية" بجملة ثيمات شكلت محاور أطروحتها التربوية، ومن ضمنها ثيمة "الأب" الحاملة لأطروحة الحرمان والغياب الدائم لمعيل الاسرة، وما كشفت عنه من ظواهر اجتماعية وأسرية مخلة ومشينة، وفي مقدمتها تعديد الزوجات وما رافقه من غياب روح المسؤولية الأسرية المستقيمة.
ثم ثيمة "الأم" المحمَّلة بأعراف الرعاية الأسرية والتضحية من أجل ضمان الاستقرار الأسري في وضع اجتماعي يحاصر المرأة الأرملة ويرمي بها في جحيم القهر والاستصغار والضغينة ومرارة فخاخ المتاجرة والإغراءات المادية المبطنة.
وفي هذا الصدد، سنعمل بداية التركيز على ثيمة أساس شكلت أهم تحول جوهري في تجربة "ولد الخيرية"، مضمارها الوضع الجديد الذي لحق "ولد الخيرية" قسرا.

ثيمة المظهر اللعين والوضع المهين.
ف"ولد الخيرية" وهو في سن التاسعة من عمره، يلتحق ب"دار الأطفال" (الخيرية) مجبرا وعن غير رضى، بعد أن ضاقت الأحوال بأمه الأرملة ولم تستطع مواصلة العمل بأحد المعامل بسبب الإعاقة التي مست أحد قدميها ومنعتها من تحمل الوقوف لساعات طوال، وبعد أن رفضت التزوج ثانية، رغم إغراءات زميلاتها ومخارجهن الشوفينية، وبعد أن أصرت على التكفل بأبنائها من دون سند خارجي سوى قدراتها الذاتية في تعلم حرفة الخياطة وتسويق منتجاتها البسيطة وتوزيعها على المحلات التجارية الشعبية.
من ثم بدأ مسار جديد في تجربة حياة "ولد الخيرية"، ففي "دار الأطفال" داخل البناية البيضاء الكبيرة التي سميت بمسميات عديدة، منها دار الأيتام وأشهرها "الخيرية" نسبة إلى المؤسسة الراعية المعروفة بالجمعية الخيرية الإسلامية دار الأطفال تغير المظهر الخارجي ل"ولد الخيرية".
فمنذ أول دخوله تكتمل صورته الجديدة برأس حليق وزي موحد أخضر داكن ونعلين صنعا من غلاف عجلات السيارات المعروفة ب"ميشلان"، ليستشعر بأنه فعلا أصبح "ولد الخيرية".(الآن أصبحت –فعلا- من خلال المظهر "ولد الخيرية"....) ص73.
وهنا تنطلق تجربة المذلة والمهانة خارج أسوار دار الأطفال "الخيرية" فيتعرض "ولد الخيرية" رفقة زملاء الدار لاستفزازات أطفال الشارع الجارحة وإشفاقات المارة المغرضة المغلفة بغلاف الرحمة القاسية وتصدقات المصلين البئيسة عند كل جمعة، والمسكوكة بالتبرع بتين مجفف "الشريحة" مطعَّم بكسرة خبز، لا يعلم صنفها وجدواها إلا من استحسنها بغية زيادة أجره من عند الله ومرضاته على فعل الخير. وهذا ما خلف في نفس "ولد الخيرية" إحساسا عميقا بالمرارة والخيبة والضيق" لكن الأكثر إحراجا هو يوم الجمعة...." ص79
أما داخل فضاء دار "الخيرية" فالوضع كان أكثر بشاعة ودناءة، حيث الاضطهاد الشنيع والقمع الرهيب اللذان لازماه عند الدخول والخروج، من وإلى دار الأطفال "الخيرية"، وقبل وجبات الأكل وأثناءها وبعدها، وقبل النوم وخلاله وعند الإيقاظ.
لينقل لنا السارد المُمَثَّل ( Représenté ) "ولد الخيرية" من وجهة نظره وتسويغه الذاتي كل وسائل الزجر والتعنيف التي ذاق مرارتها إلى أن تمرن عليها وكسب مناعة الصمود وامتصاص آلامها، فتعددت الوسائل من عصي ومضرب مؤخرات الأطفال وسيقانهم وأقدامهم العارية وحبل مفتول وذيل الإبل المصقول، وسياط اقتلعت من مدارها الفيزيائي المحرك لدينامية الآلة. وتنوعت مهارات المربين في استخدامها من فلقة وركل وجر العنق بالمفتاح، وما جادت به مخيلتهم السادية.
ليكتوي مع زملائه الأطفال بنار العنصرية الرامية، قصدا وعنوة، إلى زرع الكراهية بين نزلاء الدار بخلق شبكة من الوشاة، يتم اختيارها من بين أطفال الدار وتمكينها من سلطة الرقابة لملاحقة باقي الأطفال في كل لحظة وحين، فيتمادى الوشاة ويستخدمونها لأغراض انتقامية وحتى مزاجية على غرار المربين الذين اصطَفوْهم وتفننوا في إبداع النعوتات والعبارات المذلة المستوحاة من قاموس الدناءة ولازماتها المنحطة التي ترادف، في اعتقادهم السافر، معاني تسمية "أولاد الخيرية".
وهي اللعنة القاضية التي ضربت بقوة كيان "ولد الخيرية" وزملائه، لتطيحهم أرضا وتحكم عليهم بالانبطاح، لتدسهم الأقدام السخية بكل إقدام الشماتة الفجة والعار المبين.

ثيمة الشذوذ وتداعياته:

ومن الثيمات المركزية المحركة لأطروحة دناءة الوضع داخل فضاء الدار، ثيمة الشذوذ في بعديه الجنسي والتربوي/الإداري.
فمن ضمن أكثر الظواهر شراسة وقساوة تلك الممارسات الشاذة التي شاعت بين أطفال "الخيرية" وبرع فيها متصيدو الأطفال الضعاف لإيقاعهم في شباك الاغتصاب المذل، في انفلات تام من رقابة المربين المداومين ليلا ووشاتهم الطغاة في كل حين.
وحين تفشت الظاهرة وتجاوزت أسوار دار الأطفال لم تستطع "الأم" استصاغة الأمر فبادرت بمناصحة ابنها "ولد الخيرية" حتى لا يقع في مصيدة الشذوذ المذل. وهنا تنضاف محنة جديدة في تجربة "ولد الخيرية" لمواجهة الظاهرة، وتفادي السقوط في فخاخ صُنَّاعها.
وبما يماثل ويشاكل ظاهرة الشذوذ المتستّر اجتهادات إدارة مؤسسة "دار الأطفال" في استحداث غرفة معزولة، على إثر شكاية منظفة الغرف وتضايقها من تبول الأطفال على أفرشتهم، وهي غرفة أطلق عليها اسم "غرفة البوالة" على خلاف باقي القاعات التي تحمل أسماء الأودية والأنهار المغربية لما تزخر به من دلالات الصفاء والنقاء وبعث الحياة، لتوضع غرفة "البوالة" على النقيض من ذلك وتشحن بمعاني مصادر الدنس والأوبئة اللعينة، ليصنف الملحقون بها في لائحة الملعونين، حتى من طرف أطفال الدار ذواتهم الذين تبرموا منهم واستصغروهم وأهانوهم ونبذوهم.

وأمام هذا الوضع المهين، يدخل "ولد الخيرية" في صراع مُضن مع التبول، إما بالمجابهة الحريصة والرقابة الشاقة أو بالتحايل لإخفاء معالم التبول كلّما انفلت من الرقابة وذاع وسال وتسايل على الفراش.
ولم يسلم "ولد الخيرية" من مخلفات هذا الوضع القاهر وضغوطاته الظالمة ليعيش أياما طوالا في سهاد مؤرق من دون نوم، حيث لازمه شبح "زائر الليل" صاحب الحذاء المصفح الذي يدق به الأرض دقا ليرعبه عند كل زيارة، فتتداعى في ذهن الطفل كل أشكال الأذى التي يمكن أن يلحقها به، والتي لم ينفع معها فقهاء "الأم" وشطحاتهم الاسترزاقية ولا وصفات العامة الخرافية الشائعة، من مثل وضع السكين تحت وسادة النوم أو رش الملح على جنبات السرير أو حتى قراءة آية الكرسي قبل الاستلقاء، إلى أن بادر أحد زملائه الصغار بوصفة من نار تقضي بتغيير زاوية النوم واستبدالها من على اليمين إلى جهة اليسار، لينعم الطفل بعدها براحة النوم والاستقرار دون بيان أو تفسير لصاحب القرار، ليبقى سؤال تغيير الاتجاه نحو اليسار مفتوحا على أكثر من احتمال.

ثيمة الانفلات من الوضع الرهيب:
وللخروج من ضغوطات الوضع المهين والانعتاق من تداعياته المؤلمة، توسل "ولد الخيرية" رفقة زملائه المقربين بالانكباب على قراءة القصص التي كانوا يكترونها من عند صاحب الكشك ويتداولون على قراءتها بالتناوب، وخلق أجواء المنافسة على قراءة أضخم المؤلفات الروائية العالمية، من مثل "البؤساء" لفيكتور هيغو.
كما توسل رفقة زملائه المقربين بمداومة التداول على دور السينما المقامة بالأحياء الشعبية المحايدة لسكنى عائلته، وتحمل مشاق البحث عن ثمن تذكرة الدخول وهاجس العودة إلى دار الأطفال "الخيرية" قبل إعلان الجرس اللعين عن موعد إغلاق البوابة السوداء، التي توصد بأقفال وسلاسل فولاذية عند كل إعلان عن موعد وجبة العشاء.
كما دأب "ولد الخيرية" رفقة زملائه المقربين على التسلية بأشكال الفرجة التقليدية بالخلاء المجاور لدار الأطفال، المميزة بطابعها الغرائبي العجائبي وقيمتها الفرجوية التي طبعت مدينة القنيطرة أيام ما يسمى بالزمن الجميل، والتي شاعت وأمتعت جماهير الفرجة بمدن المغرب، على اختلاف فضاءاتها الجغرافية ومشاربها الثقافية.
ف"ولد الخيرية" يستحضر في مؤلفه أشكالا فرجوية محلية استأثرت باهتمام الناس، وأثرت على وجدانهم ومخيلاتهم الشعبية، من مثل شخصية "عيروض" الذي كان يقيم حلقة للملاكمة يتبارى فيها ملاكمان متحمّسان من ضمن الجمهور الحاضر، يزكيها "عيروض"، مدير الحلقة، بإثارة نعرة الرجولة، من قبيل الفروج والدجاجة، والرجل والمرأة، وما رافقهما م لغوية وتضاد معنوي يقضي بالانتصار لجنس الذكر على حساب الأنثى. ثم المرأة المغمضة العينين التي تتعرف على المارة وهندامهم وشكلهم دون رؤية عينية مادية فيزيائية، وثم الحكواتي المعروف باسم "السباعي" وسردياته الشعبية الأسطورية لشخصيات تاريخية من مثل "عنترة" و"سيف ذي يزن".

ولم يكتف "أولاد الخيرية" بأساليب التسلية للانعتاق من سطوة قهر الدار، بل توسلوا بأساليب المقاومة المباشرة تعبيرا عن اكتسابهم لوعي نضالي مناهض للجور الذي عم الدار، يكشف زيف تسمية "الخيرية" والتي لم تحمل في طياتها وممارساتها العملية سوى مفارقاتها المخزية والدنيئة ليمتد الحال بمؤسسة الدار إلى التواطؤ مع السلطة المحلية لقمع "أولاد الخيرية" ومنعهم من التعبير عن مطالبهم بتحسين أوضاعهم ووضع حد للانتهاكات المغرضة في حقهم، فيتعرضوا للضرب الأليم بعنف رهيب وقسوة مفرطة، بل تتمادى السلطة المحلية فتعتقل أحد رموز مناضلي "أولاد الخيرية" إلا أن تضامنهم المطلق وتآزرهم المتين عجلا بالإفراج عن المعتقل لتتحول "الخيرية" إلى دار الأحرار المنتصرين على زمن القمع المعيب ص172 الذي طال حتى راكم كتلة قيم اجتماعية وتربوية معوقة ومهينة، ظل مداها قائما وممتدا حيث العديد من "أولاد الخيرية" ما زالوا يتبرمون من البوح بانتمائهم إلى "الخيرية"خوفا من العار.
هنا يطرح السؤال الكاشف عن مدى أهمية البوح بحثا عن الخلاص والتخلص من العار الذي لا ننفي معضلته بمقتضى فداحته التي لحقت "أولاد الخيرية" منذ الطفولة وحتى عند الكبر.
لتعلن بذلك "رواية "ولد الخيرية" عن أهميتها في الحقل السردي المغربي المعاصر، ببعدها الأطروحي لرفع الحجاب عن "دور الرعاية "والكشف عن ما وراء ستارها الخيري/الديني لتتراءى خيوط المسرحية المستترة في بعدها التراجيدي المأساوي المرير، ولتنكشف لعبتها الهجينة التي تسمح لمبدعيها ومشخصيها ومخرجيها بالتوقيع على فرجة ممتعة هم صناعها ومنفذوها وجمهور عرضها الفرجوي المهووس بفعل طلب إعادة مناظرها وفصولها دون ضجر أو ملل، في مشهد سريالي غريب ومثير يعرض فيما وراء الستار وكأنه محكوم بعلامة منتوج صُنع بالدار مرفوقا بوصفة طبية تمنع استهلاكه والترويج له خارج أسوار الدار، اتقاء مخاطر الأضرار التي قد تعصف بفرجة مبدعي وجمهور مسرحية أصحاب الدار .
وهكذا نخلص إلى أن رواية "ولد الخيرية"مميزة بأطروحتها ، غنية بمادتها الحكائية، غزيرة بثيماتها المتعددة وأبعادها المختلفة.
وهو أمر يوفر مادة خصبة لمقاربات عدة ومتنوعة تستدعي جل الحقول المعرفية المجاورة التربوية والاجتماعية والنفسية وحتى الحقوقية وغيرها ، لاستثمارا ولتفسير قضاياها المعلنة وفك ألغازها الدفينة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. وزير الثقافة يوضح التطورات الصحية للموسيقار عمر خيرت
- مهرجان إدفا 2025.. السينما الوثائقية وتشريح الاحتجاج زمن الح ...
- بيروت: سفارة دولة فلسطين تستضيف عرض الفيلم الوثائقي
- أنتوني هوبكنز.. السير يروى سيرته السينمائية
- خيول ومقاتلات وموسيقى.. استقبال مهيب لولي العهد السعودي في ا ...
- لا رسوم على خدمات الترجمة في الرعاية الصحية في بليكينغه
- تداول فيديو لتوم كروز وهو يرقص مع ممثلة قبل فوزهما بجوائز ال ...
- هل هززتَ النَّخلة؟
- ‎-المجادِلة- يفوز بجائزة ريبا للعمارة في الشرق الأوسط 2025
- الثقافة تكشف خططها المستقبلية وتؤكد التوجه لإنشاء متحف عراقي ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الحبيب السيتل - المغرب- القنيطرة - رواية -ولد الخيرية- ولعنة التسمية