أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يونس متي - شرعية المشاركة والبيئة الانتخابية المختلّة في العراق














المزيد.....

شرعية المشاركة والبيئة الانتخابية المختلّة في العراق


يونس متي

الحوار المتمدن-العدد: 8529 - 2025 / 11 / 17 - 10:51
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    




شكلت الانتخابات البرلمانية في العراق بعد عام 2003 أحدى الركائز التأسيسية للعملية السياسية، الا أنها لم تستطع – رغم تكرارها (6 دورات)– أن تتحول إلى أداة فعّالة لإنتاج تمثيل حقيقي أو لتجديد النخب، بسبب تشوّه بنيتها القانونية والتنظيمية، واستمرار تأثير المال السياسي والسلاح المنفلت والسلطات التنفيذية على آليات ومسارات كل الدروات الانتخابية. وضمن هذا السياق، كثيرا ما يبرز جدل واسع حول ما جدوى مشاركة القوى المدنية ؟ و ما حجم دورها وتأثيرها في تغيير تلك الاليات والمسارات ومحاولة تعديلها ؟ وما إذا كان يحق لها انتقاد البيئة الانتخابية ؟ أم أن مشاركتها تُعدّ قبولاً ضمنياً بقواعد اللعبة وشروطها.
ترى بعض الخطابات السياسية والإعلامية أنّ القوى التي تدخل الانتخابات تُسقط عن نفسها حقّ نقد قانون الانتخابات أو آليات إدارته، لأنها بمشاركتها تلك ، تكون قد قبلت – بشكل أو بآخر – بالبنية الانتخابية القائمة. غير أن هذا الفهم لا يعكس حقيقة المشاركة السياسية في الأنظمة المختلّة، ويتغافل عن طبيعة البنية السياسية العراقية. حيث لا تمتلك القوى المدنية أو الديمقراطية بدائل فعّالة (للتغيير) خارج العملية الانتخابية، وحيث تؤدي المقاطعة في كثير من الأحيان إلى تعزيز نفوذ القوى المسيطرة بدلاً من إضعافها.
وتؤكد الأدبيات السياسية ضرورة التمييز ما بين شرعية النظام السياسي وبين شرعية المشاركة السياسية.
شرعية النظام تمثل درجة القبول العام ببنيته وقواعده، بينما شرعية المشاركة تُعدّ جزءاً من المساهمة العملية في ممارسة الديمقراطية حتى في ظل أنظمة مختلّة. ووفقاً لهذا المنطق، فإنّ دخول الانتخابات لا يعني الموافقة على القانون الانتخابي أو البيئة المحيطة به، بل قد يشكّل أحياناً أداة نقدية من داخل المؤسسات، ووسيلة لطرح بدائل إصلاحية.
في التجربة العراقية، تتعامل قوى سياسية عديدة مع الانتخابات باعتبارها خياراً اضطرارياً يهدف إلى ضمان الحد الأدنى من الحضور السياسي ، أكثر من كونها عملية تنافسية عادلة. فغياب البدائل الديمقراطية خارج النظام، وضعف المجتمع المدني، وتسيّد شبكات الزبائنية والمحاصصة، يجعل الامتناع عن المشاركة أشبه بالانسحاب من المجال السياسي بالكامل. ولهذا، فإنّ المشاركة هنا لا يمكن تفسيرها بوصفها قبولاً بالقانون الانتخابي أو بتشوهات البيئة الانتخابية، بل تعد تعبيراً عن محاولة تجنب الإقصاء ومواصلة الضغط من داخل المؤسسات الرسمية.
و تُظهر تجارب دولية عديدة، مثل بولندا وصربيا وأوكرانيا وتونس والمغرب وإندونيسيا وجنوب افريقيا وغيرها ، أن المشاركة في انتخابات غير عادلة لا تعني قبول النظام القائم، بل يمكن أن تكون وسيلة لإحداث تغييرات حقيقية. فقد استطاعت القوى السياسية في هذه الدول، من خلال المشاركة، كشف الانتهاكات، ومساءلة الجهات المشرفة على الانتخابات، وتعديل القوانين والآليات لضمان مزيد من الشفافية. وينطبق هذا على العراق أيضاً، حيث تمنح المشاركة ، القوى السياسية موقعاً يمكنها من كشف أوجه الخلل في العملية الانتخابية، والمساهمة في تعديل القوانين، وممارسة رقابة على الانتخابات. وعلى الرغم من خصوصية الوضع العراقي، مثل سيطرة المحاصصة وتداخل النفوذ المسلّح مع السياسة، فإن المقاطعة الكاملة تترك المجال للقوى المهيمنة دون أي رادع، بينما المشاركة - حتى مع وجود عيوب - تتيح فرصة للضغط نحو إصلاحات تدريجية وزيادة الشفافية.
وعلى هذا المنوال ، فإنّ مشاركة القوى المدنية في الانتخابات العراقية تمنحها موقعاً مؤسسياً يسمح لها بتعرية أوجه الخلل، واقتراح تعديلات قانونية، ودفع العملية الانتخابية نحو مزيد من الشفافية.
إنّ الادعاء بأن المشاركة تسقط حقّ النقد يمثل منطقاً سلطوياً يهدف إلى إسكات المعارضة وتقوية بنية المحاصصة، إذ يحوّل المشاركة من ممارسة ديمقراطية إلى آلية لإضفاء الشرعية على الخلل القائم. أما في الأنظمة الديمقراطية، فيُعدّ النقد حقاً أصيلاً لا يتعارض مع المشاركة، بل يكتسب أهميته من داخل العملية السياسية نفسها. وبالتالي، فإنّ القوى التي شاركت في الانتخابات العراقية لا تفقد حقها في الاعتراض على القانون أو في كشف استخدام المال العام أو السلاح السياسي أو تزوير الإرادة الشعبية.
وهذا ما نبه اليه الحزب الشيوعي العراقي (وقد شارك في الانتخابات ضمن تحالف البديل ولم يحصل التحالف على اي مقعد) في بيانه بعد اعلان النتائج ، جاء فيه : [لقد كنا ندرك المقدمات التي سبقت هذا الاستحقاق، وما يكتنف العملية الانتخابية من اختلالات بنيوية، ومع ذلك خضنا المنافسة بهمة عالية وروح مسؤولة، إيماناً منا بضرورة الدفاع عن خيار الدولة المدنية الديمقراطية، وبحق الشعب في بديل وطني نزيه.]
خلاصة القول ، إنّ مشاركة القوى المدنية والديمقراطية في الانتخابات العراقية لا تمثل قبولاً ضمنياً بالقانون الانتخابي أو البيئة الانتخابية، بل تُعدّ خياراً سياسياً تفرضه طبيعة النظام الهجين وغياب البدائل الديمقراطية. كما أنّ المشاركة هي التي تمنح هذه القوى القدرة على تشخيص الخلل (ذاتيا وموضوعيا) والعمل على إصلاحه. وعلى هذا الأساس، يصبح وجود نقد من داخل العملية الانتخابية ضرورياً لتطوير النظام السياسي، وليس نقيضاً للمشاركة، كما تحاول بعض الخطابات تبسيطه أو توظيفه.



#يونس_متي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظام الكوتا بين فرص الإصلاح وحدود التطبيق في التجربة العراقي ...
- مقاومة أم نفوذ ؟ ميليشيات محور إيران وأثرها على السيادة الوط ...


المزيد.....




- أشبه بمركبة فضائية..تونسية تخوض تجربة فريدة داخل فندق كبسولة ...
- تحليل: ترامب يواجه تصدعات في قاعدته المؤيدة MAGA مع عودته إل ...
- ارتكبت -جرائم ضد الإنسانية-.. الحكم على رئيسة وزراء بنغلاديش ...
- مراسلة CNN تتعقّب الفتى الفرنسي -الأنيق- الذي ظهر في صورة بع ...
- للتوقيع بيان مشترك: محاكمة هدى عبد المنعم للمرة الثالثة
- من هي الشيخة حسينة التي حكم عليها قضاء بنغلاديش بالإعدام؟
- -المجد أوروبا-.. تحقيق يكشف عن شبكة مشبوهة تهجر الفلسطينيين ...
- تطور مفاجئ .. ترامب يدعو إلى التصويت لصالح نشر وثائق إبستين ...
- زيلينسكي أمام تحدي الصمود أمام روسيا وقضايا الفساد في الداخل ...
- مسلسل El cuco de cristal: زراعة قلب واختفاء طفل وأسرار دفينة ...


المزيد.....

- رؤية ليسارٍ معاصر: في سُبل استنهاض اليسار العراقي / رشيد غويلب
- كتاب: الناصرية وكوخ القصب / احمد عبد الستار
- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يونس متي - شرعية المشاركة والبيئة الانتخابية المختلّة في العراق