أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تشيب جيبونز - فنزويلا مثال على مدى تدخل ترامب















المزيد.....

فنزويلا مثال على مدى تدخل ترامب


تشيب جيبونز

الحوار المتمدن-العدد: 8524 - 2025 / 11 / 12 - 10:39
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



يشكل اغتيال دونالد ترامب لمشتبه بهم في تهريب المخدرات في فنزويلا، دون أي إجراءات قانونية، على المخاطر التي تنطوي عليها ولايته الثانية. إنه فصل إضافي في تاريخ طويل من التدخل الأمريكي تحت ستار الأمن القومي.

أعلن البيت الأبيض مرة أخرى، في 15 سبتمبر 2025، أنه شن هجوماً عسكرياً على سفينة في البحر الكاريبي. ووفقاً للإدارة، قُتل ثلاثة أشخاص. هذا هو الهجوم الثاني من نوعه في غضون أسبوعين. في 2 سبتمبر، كان 11 شخصًا يسافرون على متن زورق سريع صغير في المياه الدولية عندما قُتلوا أيضًا في هجوم عسكري أمريكي. جرى تسجيل عمليات الإعدام بإيجاز على شريط فيديو ونشرها بفخر على شبكات التواصل الاجتماعي التابعة للحكومة الأمريكية.

بررت إدارة ترامب هذه الاغتيالات بادعاء كون القتلى جزءًا من عصابة فنزويلية ومتورطين في تهريب المخدرات. أكدت الحكومة مدعية أن عملها العسكري القاتل كان مبررًا وأن الكارتلات منظمات إرهابية، وأن مشكلة الجرعات الزائدة الخطيرة التي تعاني منها الولايات المتحدة تجعل المهربين تهديدًا للبلد. رغم ذلك، لم تقدم أي وكالة حكومية أمريكية حتى الآن أي دليل على أن أيًا من هؤلاء الأشخاص كان متورطًا في تهريب المخدرات أو كان جزءًا من كارتل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تفسيرات الحكومة حول ما حدث بالضبط متناقضة. بعد الهجوم الأول على زورق سريع، صرح وزير الخارجية ماركو روبيو في البداية أن الزورق لم يكن متجهاً إلى الولايات المتحدة، بل إلى جزيرة أخرى في البحر الكاريبي. بعد ذلك، غير روايته وقال إن الزورق السريع ذي الأربعة محركات كان متجهاً من فنزويلا إلى الولايات المتحدة. وكشف أيضاً أن الزورق استدار بعد أن فزع عند رؤية طائرة عسكرية أمريكية تحلق أمامه. أطلق الجيش الأمريكي النار مراراً على الزورق لقتل الناجين من الهجوم الأولي.

تعكس هذه الهجمات العسكرية على الزوارق الصغيرة اتجاهين مقلقين في البيت الأبيض في عهد ترامب. أولاً، هناك زيادة في استخدام الحكومة للجيش في القضايا الجنائية الروتينية أو لإنفاذ قوانين الهجرة. في بداية ولايته، استند دونالد ترامب إلى قانون الأعداء الأجانب، وهو إجراء حربي يسمح للرئيس باعتقال وترحيل غير المواطنين على أساس أصلهم القومي في حالة إعلان الحرب أو الغزو من قبل حكومة أجنبية.

أعلنت الحكومة أن نظيرها الفنزويلي يسيطر على Tren de Aragua، وهي عصابة إجرامية قيل إنها تغزو الولايات المتحدة. إذا اتُّبِع هذه المنطق إلى أقصاه، ستكون الولايات المتحدة في حالة حرب مع فنزويلا. ومع ذلك، على الرغم من ادعاءات ترامب القوية عند اللجوء إلى تلك الإجراءات الحربية، يتفق مجتمع الاستخبارات على أن Tren de Aragua لا تخضع لسيطرة الحكومة الفنزويلية.

كما أشار روبيو Rubio إلى العديد من العصابات اللاتينية الأخرى باعتبارها ”منظمات إرهابية أجنبية“ و”إرهابيين عالميين محددين“. بعد هذا الإجراء، وقع ترامب أمرًا سريًا يسمح لوزارة الحرب باتخاذ إجراءات عسكرية ضد الكارتلات المستهدفة في أمريكا اللاتينية. صرح ترامب علنًا أن القتلى كانوا أعضاء في Tren de Aragua. رغم ذلك، فإن التقرير المقدم إلى الكونغرس – الذي تطلبه قرار سلطات الحرب – لا يحدد في أي مرحلة المجموعة التي ينتمي إليها هؤلاء الأشخاص.

بالإضافة إلى استخدام الجيش لتحويل ”الحرب على المخدرات“ الفاشلة إلى حرب صريحة، زاد البيت الأبيض من التوترات مع فنزويلا. وخلال ولاية ترامب الأولى، قدمت إدارته اتهامًا مشبوهًا للغاية ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بتهمة تهريب المخدرات. وفي غشت، رفعت إدارة ترامب المكافأة إلى 50 مليون دولار مقابل أي معلومات تؤدي إلى اعتقال مادورو. وهذا ضعف المكافأة التي عُرضت في ذلك الوقت مقابل أسامة بن لادن. ثم أرسل ترامب 4500 جندي إلى منطقة البحر الكاريبي، برفقة سبع سفن حربية وغواصة نووية. منذ الهجوم الأول، أرسلت الولايات المتحدة طائرات مقاتلة من طراز F-35 وطائرات بدون طيار من طراز Reaper إلى بورتوريكو. أفادت Axios أن «الولايات المتحدة لم تكن أبدًا قريبة إلى هذا الحد من صراع مسلح مع فنزويلا».

لا يحظى ترامب بموافقة الكونغرس لاتخاذ إجراءات عسكرية ضد فنزويلا أو Tren de Aragua. ولا تمثل أفعاله أي إجراء أمني وطني، بل هي ببساطة جرائم قتل. تهريب المخدرات جريمة جنائية، وليس عملاً حربياً. ولدى خفر السواحل بروتوكولات لاعتراض السفن المشتبه في تهريبها للمخدرات. لكن من المفترض أن يوقف السفينة، لا أن يقتل أولاً ويسأل بعد ذلك. لا يمكن للرئيس أن يأمر ببساطة بقتل شخص ما لأنه يدعي أنه ارتكب جريمة. مثل هذا الإجراء ينتهك ليس فقط الضمانات الدستورية للإجراءات القانونية الواجبة، بل أيضاً حظر القانون الدولي على الإعدامات خارج نطاق القضاء.

القتل، والإعدام الانتقائي، والإعدام خارج نطاق القضاء

للسياسة الخارجية الأمريكية سجل مظلم من الإعدامات خارج نطاق القضاء. خلال الحرب الباردة، دبرت وكالة المخابرات المركزية (CIA) بلا شك اغتيال العديد من القادة الأجانب. وإبان حرب فيتنام، دفعت الوكالة ببرنامج فينيكس، وهو ”خطة لمكافحة التخريب“ أدت إلى ”تحييد“ أكثر من 20 ألف عضو مشتبه بهم في فيتكونغ Vietcong من خلال إعدامات خارج نطاق القضاء. كما زودت وكالة المخابرات المركزية (CIA) الحزب البعثي العراقي والجيش الإندونيسي بأسماء أشخاص مشتبه في أنهم شيوعيون، مع العلم أنهم سيواجهون التعذيب أو الموت.

بعد الكشف عن عمليات القتل التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية (CIA)، أصدر الرئيس جيرالد فورد أمراً تنفيذياً يحظر مشاركة الولايات المتحدة في ”القتل السياسي“. وسّع جيمي كارتر الحظر ليشمل جميع عمليات القتل. وخاض رونالد ريغان حملته الانتخابية بوعده بإعطاء حرية التصرف للوكالة. ألغى الأمر التنفيذي الذي أصدره كارتر بهدف تقييد عمل أجهزة الاستخبارات واستبدله بأمر جديد يوسع صلاحياتها. ومع ذلك، على الرغم من أن أمر ريغان كان نتيجة غضب اليمين الجديد من الضوابط المفروضة على الانتهاكات في مجال الأمن القومي، فقد أبقى على حظر الاغتيالات. وحتى اليوم، لا تزال هذه هي السياسة الرسمية للولايات المتحدة. لم يحدد أي من الأوامر تعريف القتل، و تمكنت السلطة التنفيذية، ببعض المناورات القانونية الإبداعية، من استئناف وتوسيع نشاط الاغتيالات.

يتشابك تاريخ الاغتيالات خارج نطاق القضاء في الولايات المتحدة مع تحالفها مع إسرائيل. بينما استخدمت العديد من الدول الاغتيالات أداةً سياسية، كانت إسرائيل رائدة حقيقية في هذه الممارسة. على الرغم من أن اغتيال إسرائيل للقادة الفلسطينيين لم يكن سراً، إلا أنه في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح من المعروف علناً أن هناك برنامجاً لـ ”الاغتيالات الانتقائية“. الاغتيالات الانتقائية ليست مصطلحًا محددًا في القانون الدولي؛ إنها عبارة ملطفة مصممة للتحايل على حظر الاغتيالات خارج نطاق القضاء.

في البداية، عارضت إدارة جورج دبليو بوش علناً الاغتيالات الانتقائية التي تقوم بها إسرائيل. في حين انتقد النائب الديمقراطي جون كونيرز John Conyers استخدام الأسلحة الأمريكية في الهجمات وحث على إجراء تحقيق، اتخذ ديمقراطيون آخرون نهجاً مختلفاً وانتقدوا معارضة إدارة بوش للاغتيالات الإسرائيلية. كان الرئيس المستقبلي جو بايدن أحد مؤيدي الاغتيالات الانتقائية الإسرائيلية في الكونغرس. وكان هناك على الأقل معارض واحد داخل البيت الأبيض في عهد بوش: فقد أعلن نائب الرئيس ديك تشيني بوضوح تأييده للسياسة الإسرائيلية.

إن استعداد بوش لتسليح الاغتيالات الانتقائية الإسرائيلية جعل معارضة إدارته العلنية موضع شك دائمًا. لكنه أبدى أيضًا تأييده الواضح لهذه الممارسة. في عام 2008، تعاونت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) مباشرة مع الموساد الإسرائيلي لتنفيذ اغتيال عماد مغنية، عضو حزب الله. جرى تنفيذ الاغتيال بواسطة سيارة مفخخة في سوريا. جادلت الولايات المتحدة بأن مغنية كان يمثل تهديدًا وشيكًا، وبالتالي فإن اغتياله لا يخالف حظر الاغتيالات الانتقائية.

والأهم من ذلك، تبنت الولايات المتحدة، بعد أحداث 11 سبتمبر،”الاغتيالات الانتقائية“ كجزء من ”حربها على الإرهاب“. ونُفذت العديد من هذه الاغتيالات بواسطة طائرات بدون طيار. طلبت إدارة بوش من إسرائيل المشورة التشغيلية حول كيفية تنفيذ هذه الهجمات. وطلبت المشورة القانونية من إسرائيل لتبرير الاغتيالات الانتقائية بموجب القانون الدولي.

إذا كان بوش هو من بدأ هذا البرنامج، فإن باراك أوباما هو من وسّعه بشكل كبير. في أحد أكثر الإجراءات استبدادية التي اتخذها أي رئيس أمريكي، أمر أوباما بإعدام أنور العولقي، وهو مواطن أمريكي متهم بأنه داعية لتنظيم القاعدة، بواسطة طائرة بدون طيار. وفقًا لقوانين النزاع المسلح، لا يعتبر الداعية هدفًا عسكريًا. وأثار اغتيال أوباما لمواطن أمريكي جدلاً عامًا. ونتيجة لذلك، نشرت الحكومة مذكرة قانونية خضعت لرقابة شديدة تبرر الاغتيال. استشهدت إحدى الفقرات التي خضعت للرقابة بقرار محكمة إسرائيلية يقضي بأن مثل هذه الاغتيالات مسموح بها بموجب القانون الدولي.

يلقي برنامج الاغتيالات الذي نفذه بوش وأوباما بظلاله على اغتيال ترامب الفوري لأعضاء مزعومين في عصابات في منطقة البحر الكاريبي. وعلى الرغم من عدم ذكر ذلك في تقرير ترامب الضعيف المقدم إلى الكونغرس، فإن جزءًا كبيرًا من المنطق وراء الاغتيال هو أن الرؤساء السابقين أمروا باغتيال ”إرهابيين“ خلال الحرب العالمية على الإرهاب.

وَصَف ترامب العصابات الفنزويلية بأنها إرهابية، وبالتالي يمكنه استخدام القوة ضدها، تمامًا كما شن أوباما حربه بالطائرات بدون طيار عبر الحدود. وعلى الرغم من أنه لا ينبغي لنا التستر على برنامج الطائرات بدون طيار – فقد كان إهانة قاتلة لإعلان الحقوق والقانون الدولي – إلا أن هناك فرقًا قانونيًا جوهريًا. أكد بوش وأوباما أن الولايات المتحدة كانت في صراع مسلح دولي مع طالبان والقاعدة و”القوى المرتبطة بها“. كان هذا الصراع نتيجة لتفويض من الكونغرس باستخدام القوة ضد الأشخاص والدول الذين خططوا لهجمات 11 سبتمبر أو وفروا لهم المأوى.

لكن اليوم لا يوجد أي صراع مسلح دولي بين الولايات المتحدة وتجار المخدرات. لم يوافق الكونغرس على أي حملة عسكرية من هذا النوع. كانت تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001 مفرطاً في اتساعه؛ فقد تجاوز الرؤساء أي تفسير منطقي لنطاقه، وكانت عمليات القتل بواسطة الطائرات بدون طيار جرائم قتل، وليست أعمالاً مشروعة للدفاع عن النفس. وتعد خطوة ترامب في هذه الحالة توسيعاً لممارسة مقلقة بالفعل.

يعتمد تصنيف ترامب للعصابات كمنظمات إرهابية على قانونين: قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية وقانون الهجرة والجنسية. منذ صدور أمر تنفيذي من بيل كلينتون في عام 1995، استخدم الرؤساء قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية لفرض عقوبات وحظر المعاملات المالية على الإرهابيين المزعومين. طبق كلينتون في البداية هذا التصنيف على ”الإرهابيين“ الذين ”يهددون عملية السلام في الشرق الأوسط“. وعلى الرغم من أن أمره لا يزال ساريًا، فقد وسع بوش هذا الإطار بأمر تنفيذي خاص به ضد الإرهابيين بشكل عام. وبموجب هذا الأمر، صنفت إدارة ترامب عصابات المخدرات على أنها ”إرهابيون عالميون محددون“.

في عام 1997، وبناءً على طلب كلينتون، أقر الكونغرس قانون مكافحة الإرهاب وعقوبة الإعدام الفعالة، الذي صاغه الجمهوريون. عدل القانون قانون الهجرة والجنسية للسماح لوزير الخارجية بتصنيف الجماعات الأجنبية بشكل أحادي الجانب على أنها ”منظمات إرهابية أجنبية“. كما جرم قانون مكافحة الإرهاب وتنفيذ عقوبة الإعدام الفعالة تقديم «الدعم المادي» لمنظمة إرهابية أجنبية محددة.

بينما يعد تقديم الدعم أو الخدمات إلى جماعة إرهابية مدرجة في القائمة السوداء جريمة بموجب كلا القانونين، فإن التصنيف في حد ذاته ليس نتيجة لعملية جنائية. لا يمكن تطبيق تصنيف ”منظمة إرهابية أجنبية“ إلا على المنظمات الأجنبية. يمكن تطبيق التصنيف بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية على الجماعات الأمريكية أو حتى الأفراد. لم يُتهم أول مواطن أمريكي جرى تصنيفه كإرهابي بموجب القانون بأي جريمة إلا بعد سنوات. وحتى بعد تبرئته من جميع تهم الإرهاب، ظل خاضعًا للعقوبات حتى رُفعت دعوى قضائية.

وفقًا لمنطق ترامب، يمكن أن يقتل الرئيس شخصًا جرت تبرئته من تهم الإرهاب لمجرد تصنيفه بشكل تعسفي وواسع النطاق. ورغم ذلك، لا تمنح القوانين مثل هذه السلطة. كانت هذه القوانين ردًا على الذعر الذي ساد في منتصف التسعينيات من أن الحماية الصارمة التي يوفرها التعديل الأول للدستور الأمريكي قد جعلت الولايات المتحدة ملاذًا لجمع الأموال لتمويل الإرهاب. لم تكن القوانين، على الرغم من كونها واسعة النطاق وتعسفية، تفويضات للقوة العسكرية، بل كانت حظرًا جنائيًا على تقديم الدعم المادي للجماعات المدرجة في القائمة السوداء.

حرب على المخدرات أم تغيير نظام؟

يأتي عمل ترامب القاتل في وقت تتصاعد فيه توترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، تتحمل البيت الأبيض المسؤولية الكاملة عنها. كل هذا يستند إلى ادعاءات حول دور الحكومة الفنزويلية في الاتجار الدولي بالمخدرات. ذهبت حكومة ترامب إلى حد الادعاء بأن مادورو هو زعيم « Cartel des Soleils ».كل هذه الادعاءات مشبوهة للغاية، وهذا أقل ما يقال. فالخبراء لم يؤكدوا فقط أن فنزويلا ليست فاعلا مهماً في تهريب المخدرات، بل إن « Cartel des Soleils » لا وجود له أصلاً. وهذا يثير التساؤل حول دوافع إدارة ترامب وراء زيادة القوة العسكرية.

على مدى ما يقرب من عقدين من الزمن، حاولت الحكومات الأمريكية المتعاقبة إضعاف أو الإطاحة بالحكومات اليسارية، أولاً حكومة هوغو تشافيز والآن حكومة نيكولاس مادورو. خلال ولايته الأولى، فرض ترامب مزيداً من العقوبات على البلاد، ما أدى، وفقاً لمركز البحوث الاقتصادية والسياسية، إلى وفاة 40 ألف شخص. كما ساهمت العقوبات في تفاقم أزمة اللاجئين، التي استغلها ترامب بشكل ساخر كجزء من حملته العنصرية لتشويه صورة المهاجرين. خلال ولايته الأولى، اعترف ترامب أيضاً بحكومة فنزويلية بديلة لا تملك أي سلطة سياسية حقيقية. ثم صادر سفارة فنزويلا في واشنطن من الحكومة الحقيقية القائمة بقيادة مادورو، وسلمها إلى الحكومة الوهمية المدعومة من واشنطن.

لم يكن كل هذا متعلقًا بمكافحة المخدرات، بل بأوهام تغيير النظام التي راودت المحافظين الجدد المتطرفين في إدارة ترامب، مثل جون بولتون John Bolton وإليوت أبرامز Elliott Abrams. دخل ترامب في خلاف دراماتيكي مع بولتون، لكن أحد أكبر المؤيدين لهذه السياسة كان السناتور آنذاك ماركو روبيو Marco Rubio. روبيو هو الآن وزير خارجية ترامب، ومن الواضح أنه لا يزال متعصباً في سعيه للإطاحة بالحكومة الفنزويلية.

أوضح وزير الحرب في إدارة ترامب، بيت هجست Pete Hegseth، أن تغيير النظام ليس مستبعداً. إذا أدت حرب ترامب المزعومة على المخدرات إلى جهود واسعة النطاق للإطاحة بحكومة لا تحظى برضا واشنطن، فلن تكون هذه أول حرب تشنها الولايات المتحدة تحت ذرائع كاذبة.

مهدت الأكاذيب حول هجوم فيتنام الشمالية على سفينة أمريكية في خليج تونكين أو حول أسلحة الدمار الشامل في العراق وعلاقتها بأحداث 11 سبتمبر الطريق لاثنتين من أكثر حروب الولايات المتحدة كارثية منذ الحرب العالمية الثانية. وكان الغرض المعلن من غزو الولايات المتحدة لبنما هو القبض على الدكتاتور البنمي مانويل نورييغا – وهو متعاون سابق مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) تدهورت علاقاته مع الولايات المتحدة – بتهمة الاتجار بالمخدرات. أسفر الغزو، الذي أطلق عليه إدارة جورج بوش الأب اسم ”عملية القضية العادلة“، عن مقتل 3500 بنمي.

أدى التجديد للجهود الرامية إلى اعتقال مادورو بتهم تتعلق بالمخدرات، وهي تهم مشكوك فيها للغاية، مصحوبًا بزيادة الانتشار العسكري، إلى خلق مخاوف مبررة من أن إدارة ترامب تعيد إحياء سيناريو قديم.

العسكرة وتهديد ترامب

سواء قاد ترامب الولايات المتحدة إلى حرب أوسع نطاقاً لتغيير النظام في فنزويلا أو مجرد تحويل ممارسة الاغتيالات الانتقائية في الحرب على الإرهاب إلى سمة مميزة لحربه على المخدرات، فإن هذه الأعمال العسكرية تمثل بعضاً من أكبر المخاطر في ولاية ترامب الثانية. تهديد ترامب حقيقي، لكنه ليس فريدًا من نوعه. إنه متجذر في إرث العسكرة الأمريكية وفي دولة أمن قومي تطالب بحق القتل دون محاكمة خارج حدودها.

بينما حاول العديد من معارضي ترامب الليبراليين مقاومة نزعاته الاستبدادية فإنهم يغضون الطرف عن العسكرة. خلال انتخابات عام 2024، حاول ترامب أن يقدم نفسه زوراً على أنه معارض للحرب أمام جمهور معادٍ لها.

بدلاً من الإشارة إلى أكاذيبه، قدم خصومه في حملات بايدن وكامالا هاريس et Kamala Harris أنفسهم على أنهم أفضل مديري طاغوث الأمن القومي الأمريكي. ونشروا إعلانات يتباهون فيها بكيفية الحفاظ على تدفق الأسلحة إلى الحرب الراكدة بين أوكرانيا وروسيا، واستعرضوا مع ليز تشيني Liz Cheney ، وتباهوا بدعم ديك تشيني، ووعدوا بأقوى قوة قتالية في العالم، وتجاهلوا الغضب المشروع لقاعدتهم الشعبية بسبب دورهم في تسهيل الإبادة الجماعية في غزة. ولم يحاولوا في أي وقت من الأوقات خلال أربع سنوات من حكم بايدن إلغاء عقوباتهم على فنزويلا، التي تسببت في كارثة إنسانية.

الآن عاد ترامب إلى السلطة. لقد أوصل الولايات المتحدة إلى حافة الحرب ويقوم بتوسيع صلاحيات الرئيس الحربية الهائلة بالفعل. لا يوجد ترياق لتهديده الاستبدادي يترك حالة الأمن القومي سليمة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أليكس كالينيكوس: ترامب يعقد سلامًا قَلِقًا مع الصين
- السفير ليث عرفة يطلع وزيرة العمل الألمانية، رئيسة الحزب الاش ...
- التقدم والاشتراكية ينخرط بقوة في تفعيل الحكم الذاتي بالصحراء ...
- إيبا بوش لا تغلق الباب أمام الاشتراكي الديمقراطي
- الاجتماع الموسع الرابع للجنة المركزية لمنظمة البديل الشيوعي ...
- الصين.. القوة الإمبريالية الصاعدة في مواجهة الولايات المتحدة ...
- فنزويلا مثال على مدى تدخل ترامب
- كل التضامن والدعم لشعوب فينزيلا وكولومبيا وكوبا كل الإدانة ل ...
- الوضع  السياسي في تونس، والمقاومة العمالية و الشعبية: حوار م ...
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تدعو للاحتجاج بم ...


المزيد.....

- الأسس المادية للحكم الذاتي بسوس جنوب المغرب / امال الحسين
- كراسات شيوعية(نظرية -النفايات المنظمة- نيقولاي إيڤانو& ... / عبدالرؤوف بطيخ
- قضية الصحراء الغربية بين تقرير المصير والحكم الذاتي / امال الحسين
- كراسات شيوعية(الفرد والنظرة الماركسية للتاريخ) بقلم آدم بوث2 ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (العالم إنقلب رأسًا على عقب – النظام في أزمة)ق ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الرؤية الرأسمالية للذكاء الاصطناعي: الربح، السلطة، والسيطرة / رزكار عقراوي
- كتاب الإقتصاد السياسي الماويّ / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - تشيب جيبونز - فنزويلا مثال على مدى تدخل ترامب