أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حسين خليل عمر - السلام في تركيا: لماذا تُعدّ «الوساطة الدولية» شرطًا لا غنى عنه















المزيد.....

السلام في تركيا: لماذا تُعدّ «الوساطة الدولية» شرطًا لا غنى عنه


حسين خليل عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 02:48
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بقلم: حسين عمر

تحقيق سلام حقيقي وشامل في تركيا رهينٌ بتدخل دولي فاعل، سواء عبر وساطة متعددة الأطراف أو ضغط دولي مُمنهج. يستند هذا الرأي إلى قراءة متعمقة لتاريخ المشروع القومي التركي، والتطورات الأخيرة في مسار النزاع الكردي، فضلًا عن تصريحات من أطراف تركية وكردية تكشف فجوة بين الإرادات والخطاب والواقع. تتناول هذه المقالة الأسباب الكامنة وراء المطالبة بوساطة دولية، وتقارن بين سبل الحل المطروحة، وتقترح خارطة طريق عملية قابلة للتطبيق.
جذور الهوية القومية وصعوبة التحول الداخلي
تأسس الخطاب القومي التركي الحديث، على مدى مئة عام مضت، على فكرة "الهوية القومية الواحدة"، وهو ما انعكس في تعامل الدولة مع الأقليات بمنطق "الدمج" أو "الإذابة" ثقافيًا وسياسيًا. وفي هذا الإطار، لم تُترك اية مساحة كافية لحماية حقوق جماعية واضحة ومستقرة للشعب الكردي. لذلك، لا تُعتبر جهود الإصلاح أو التصريحات التي تتحدث عن "تعايش" والاخوة الكردية التركية كافية، ما لم تُرافَق بضمانات دستورية ومؤسسية.
هذه الخلفية تقود إلى خلاصة مفادها: أي سلام يعتمد فقط على توقيع حكومي داخلي سيبقى هشًا ما لم يُرافَق بإشراف وضغط دولي، يحدّ من إمكانية عودة الممارسات القمعية.
ما الذي تغير مؤخرًا؟ إشارات إيجابية.. ومخاوف مشروطة
شهدت الفترة الممتدة بين صيف وخريف 2024 تحركات سياسية وأمنية مهمة؛ فقد دعت قيادات كردية إلى تقليص العنف والانخراط في سياسات جديدة، كما أشارت أطراف تركية إلى إمكانية الدخول في "مرحلة جديدة" إذا توافرت شروطها. مثّل إعلان وقف إطلاق النار من جانب حزب العمال الكردستاني، والبيانات التي تُظهر استعدادًا للمساهمة في تسوية سياسية، مؤشرات بالغة الأهمية.
وفي هذا السياق، أكدت تقارير دولية أن قيادة "حزب العمال الكردستاني" (PKK) قدّمت رسائل تدل على قبولها بمداخل سلمية، بينما وصف الرئيس رجب طيب أردوغان هذه التطورات بأنها "مرحلة جديدة" يمكن البناء عليها. لكن أنقرة، من جهتها، لم تتبنّ بعد مسارًا تفاوضيًا داخليًا جادًا بالكامل. على الرغم من الخطوات المتتالية من طرف حزب العمال الذي بدأها بوقف إطلاق النار ومن ثم حل الحزب والانسحاب العسكري من داخل الحدود الدولية التركية والتي لم
على الصعيد الإقليمي، حذّر وزير الخارجية التركي، هكان فيدان، من أي أجندة "انفصالية"، معتبرًا أن تخلي الأطراف الكردية عن مثل هذه الأجندة هو شرط أساسي لتسوية مقبولة. وهذا ما يضيف بُعدًا ضاغطًا على أي تغيير قد يُنظر إليه كمخاطرة بالأمن القومي التركي.
من الجانب الكردي، أعرب قادة سياسيون وعسكريون عن استعدادهم لإنهاء الكفاح المسلح والسعي نحو حلول تضمن الحقوق، لكنهم ربطوا ذلك بوجود ضمانات فعلية من البرلمان أو آلية مراقبة مستقلة. لكن الجانب التركي لم يبدي حتى اللحظة أي استعداد لقبول الاطروحات الكردية بل ينتظر ان يعلن القادة الكردي الاستسلام والاندماج ضمن الحياة اليومية دون تغيرات ودون استجابة للمطالب التي دافع وقاتل من اجلها الشعب الكردي منذ عقود.
لماذا الوساطة الدولية؟ أربعة أسباب جوهرية
1. الشرعية والضمانات التنفيذية: يمكن أن تتعثر الاتفاقيات الداخلية بسرعة إذا لم تُرافق بآليات ضمان ومراقبة دولية قادرة على متابعة تنفيذ بنود حساسة، مثل حماية اللغات، والإصلاح التعليمي، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، والإصلاح الدستوري. كما أن الالتزامات متعددة الأطراف تزيد من العبء السياسي على الحكومات للوفاء بتعهداتها.
2. التشابك الإقليمي:لا يقتصر النزاع على حدود تركيا، بل يمتد إلى شمال سوريا وشمال العراق، مما يجعل أي حل محكومًا بالتفاعلات الإقليمية لدول مثل سوريا والعراق وإيران ودول الخليج، فضلًا عن وجود القوى الغربية. لذا، فإن تسوية دائمة تتطلب تنسيقًا يتخطى الثنائية بين أنقرة والأكراد.
3. أزمة الثقة الداخلية: خلّفت عقود من الصراع والعنف إرثًا ثقيلًا من عدم الثقة بين الدولة والأقليات. لذلك، فإن أي مسار سلام يحتاج إلى "وسيط خارجي" يبني جسورًا عملية، عبر آليات للعدالة الانتقالية، ولجان مستقلة، وبرامج لإعادة بناء الثقة.
4. تجنب الانفجار الإقليمي: قد يؤدي فشل مساعي السلام إلى مزيد من التدخلات العسكرية، وهو ما تسعى القوى الإقليمية والدولية إلى تجنبه. ومن ثمّ، فإن وجود دور دولي ومجموعة ضامنة قد يكون أقل تكلفة سياسيًا وأمنيًا على المدى البعيد.
نحو وساطة فاعلة: نموذج مقترح وخطوات عملية
- مؤتمر دولي للضمانات: انطلاق مؤتمر برعاية دولية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مع وجود ضامن إقليمي مقبول من الأطراف، مثل روسيا أو الولايات المتحدة)، يضم ممثلين عن الحكومة التركية، والقوى الكردية سياسيًا وعسكريًا، وممثلي الأقليات الأخرى. ويكون هدفه وضع إطار عملي يتضمن خطوات مرحلية وآليات رقابة وجداول زمنية للانتقال بتركيا من دولة قومية الى دولة ديمقراطية لامركزية يتمتع فيه كل القوميات بحقوق متساوية
- آلية مراقبة مستقلة: تشكيل هيئة محايدة دوليًا لمراقبة تنفيذ بنود الاتفاق، مثل حقوق اللغة، والإصلاح التعليمي، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وحماية التراث الثقافي، على أن ترفع تقارير دورية علنية.
- خطة إصلاح دستوري تدريجية: فتح حوار وطني حول الفصل بين مفهوم الهوية القومية الواحدة وحقوق المواطنة المتساوية، عبر لجنة خبراء وطنية تحت مراقبة دولية، مع تضمين الدستور مواد تضمن حماية الحقوق المتساوية لجميع المكونات وخاصة الشعب الكردية الذي يتعدى تعداده العشرين مليونا.
- برنامج لبناء الثقة: تنفيذ مشاريع اقتصادية وثقافية مشتركة في المناطق الهشة، بتمويل دولي وإشراف مؤسسات مدنية تركية متنوعة، لبناء جسور الثقة بين المكونات المختلفة.
- حزمة حوافز وإجراءات تصحيحية: تقديم دعم اقتصادي وتسهيلات في العلاقات الدولية لأنقرة مقابل إحراز تقدم ملموس في ملف حقوق الأقليات.

تحديات وعقبات في طريق السلام
- المعارضة الداخلية: قد ترفض التحالفات القومية في تركيا أي تسوية تُعتبر "تنازلًا" عن السيادة التاريخية للدولة.
- الاستغلال السياسي: قد تقدم أنقرة خطوات رمزية دون ضمانات تنفيذية حقيقية، مما يؤكد ضرورة وجود ضغط دولي.
على الحكومة التركية معرفة ان الشفافية والخضوع لآليات رقابية دولية قد يخففان من العزلة الإقليمية والدولية لتركيا، ويمنحانها صفة الشريك الإقليمي المسؤول.
كما انه مطلوب من المجتمع الدولي، الانتقال من الضغط الإعلامي إلى إطار تفاوضي متعدد الأطراف، يقدم ضمانات ملموسة ويستخدم الحوافز الاقتصادية والسياسية لدفع عجلة السلام.
ختامًا، قد تبدو الدعوة إلى وساطة دولية كشرط للسلام في تركيا جريئة، لكنها تستند إلى قراءة واقعية لتاريخ الصراع، وتردي الثقة الداخلية، وتحول القضية من شأن داخلي إلى قضية إقليمية معقدة. والرهان على حل داخلي من دون ضوابط خارجية يهدد بإفشال أي اتفاق؛ مما يجعل الوساطة الدولية — إذا ما كانت محايدة وذات آليات تنفيذ — مسارًا عمليًا لا ترفًا نظريًا.



#حسين_خليل_عمر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي مئوية الحرب الكونية الأولى
- ارتدادات زيارة البرزاني الى بلجيكا


المزيد.....




- -قصف مخيمات مهاجرين على حدود اليمن والسعودية-.. ما قصة الفيد ...
- ماكرون يعلن إفراج إيران عن فرنسيين بعد أكثر من 3 سنوات من ال ...
- ماذا نعرف عن ديك تشيني، الرجل الذي ترك بصمته في السياسة الأم ...
- إيران تفرج عن الفرنسيين سيسيل كوهلر وجاك باري بعد احتجاز دام ...
- ماكرون يعلن الافراج عن الفرنسيين المحتجزيين في إيران..ما الت ...
- إسرائيل تعلن تسلم جثة رهينة أخرى من غزة عبر الصليب الأحمر
- مقومات بناء مجتمعات عادلة على طاولة القمة العالمية للتنمية ف ...
- تقرير أوروبي يحدد أسباب تجميد عملية انضمام تركيا للاتحاد وأن ...
- -ما وراء الخبر- يستعرض اشتراط السوداني انسحاب القوات الأميرك ...
- مجلس الدفاع السوداني يعلن التعبئة العامة لمواجهة الدعم السري ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حسين خليل عمر - السلام في تركيا: لماذا تُعدّ «الوساطة الدولية» شرطًا لا غنى عنه