أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حميد الكفائي - لماذا تخلَّت -بيضةُ الإسلام- عن فرضِ الحجاب؟














المزيد.....

لماذا تخلَّت -بيضةُ الإسلام- عن فرضِ الحجاب؟


حميد الكفائي

الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 20:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لم يتمكن النظام الإيراني بكل أجهزته القمعية وحرسه الثوري وجيوش المعممين المنتشرة في كل بقاع إيران، أن يفرض الحجاب على النساء، إذ قاومه الإيرانيون بكل الوسائل، بينما ظل النظام يمارس الأسلوب الوحيد الذي يجيده، ألا وهو القمع بشتى الوسائل، لكنه اضطر، بعد 46 عاما، إلى تغيير نهجه، والسماح للإيرانيات باختيار الزي الذي يترضينه.

وسواء أكان الحجاب فرضا دينيا أم لم يكن، فهذه مسألة مختلَفٌ عليها، ولستُ في معرض بحثها هنا. لكن الأديان معتقدات شخصية، يتفاوت الإيمان بها من شخص لآخر، والنصوص الدينية، خصوصا الإسلامية منها، توجب الاختيار، والنص القرآني يخاطب النبي "إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ"، و"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ". وتتوالى النصوص الواضحة لترسيخ مبدأ الاختيار: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا"... "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ".

لكن النظام الإيراني أراد بفرضه الحجاب، بين ممارسات أخرى، أن ينسب شرعية حكمه إلى الدين، عبر التظاهر بتطبيق أحكام الشريعة بالقوة، بعدما أفلس سياسياً واقتصادياً وأخلاقياً. لقد أُنشِئت شرطة الأخلاق في عهد الرئيس "الإصلاحي" و"المعتدل"، محمد خاتمي، لتعزيز هذه السلطة بقوة السلاح.

وقد تصرفت "شرطة الأخلاق" بلا رحمة ولا أخلاق مع الناس منذ تأسيسها عام 2005، وكانت تمارس القمع حتى طفح الكيل لدى الشعب الإيراني عندما اعتُقِلت الفتاة اليافعة، مهسا أميني، ليس لأنها سافرة، بل لأنها لم ترتدِ الحجاب وفق الشروط التي حددها النظام، فأُخْضِعتْ للتعذيب حتى ماتت في المعتقل، الأمر الذي دفع ملايين الإيرانيين في شتى أنحاء البلاد، إلى الاحتجاج، فتصدى لهم الحرس الثوري وقتل منهم ما لا يقل عن 500 محتج ومحتجة. ومع ذلك، استمرت الاحتجاجات لأسابيع، بل اتخذت طابعا ساخرا، إذ لاحقت النساء الحرائر رجالَ الدين، وخلعت عمائمهم بحركات سريعة وطريفة.

لم يتعظ النظام من الإدانة العالمية لمقتل مهسا أميني، ولا من الثورة الشعبية التي تلت مقتلها، بل تمادى أكثر، فشرَّع برلمانه عام 2024 قانونا أكثر تشددا، هو قانون "الحجاب والعفة"، الذي نص على إنزال عقوبات قاسية بالفتيات اللائي يُظهِرن سواعدَهن أو سيقانَهن. غير أن الرئيس مسعود بزشكيان، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس الأمن القومي، ويبدو أكثر واقعية من الآخرين، علَّق العمل به، قائلا إنه بحاجة إلى مراجعة.

وفي تطور لافت، أعلن النائب محمد رضا باهونر، مطلع الشهر الجاري، أنه لا يوجد قانون ملزم بارتداء الحجاب، وأن النساء حرائرُ في ارتداء الزي الذي يرتضينه ولن يتعرضن للعقوبة، مضيفا، أنه شخصيا لم يؤمن يوما بفرض أي زي على النساء! لكن الحقيقة مختلفة عما قاله باهونر، فالنساء الإيرانيات بدأن، منذ مقتل مهسا أميني، يتجاهلن قانون الحجاب وشرطة الأخلاق، ولكثرة النساء اللائي تحدين السلطة، اضطر النظام إلى تغيير موقفه، وأوعز إلى باهونر بإطلاق هذا التصريح، كي يبدو تجاهل النساء لشرطة الأخلاق أمراً طبيعياً وليس تمرداً على السلطة، إذ "لا يوجد إلزام قانوني بالحجاب"!

تركيز الأنظمة المتشدقة بالدين على إرغام الناس على تغيير سلوكهم الحياتي، مسألة تستحق التوقف عندها. فهي ابتداءً تُستخدم لاكتساب شرعية الحكم من دين الله، ومن ناحية أخرى، تستخدم لإرهاب للناس كي يتمثلوا لأوامر حكامهم المقدسة، وأخيرا، لإلهائهم عن المطالبة بحقوقهم الأساسية الأخرى، التي يتمتع بها معظم سكان الأرض.

إن في هذا الحدث الإيراني درسا للعراق، فهناك جماعات مسلحة تحاول تقليد النظام الإيراني وإرغام العراقيين على تغيير ثقافاتهم وسلوكهم بذرائع دينية، بل إن النظام العراقي بزَّ الإيراني في تشريع قوانين غرائبية لم تألفها حتى إيران، كقانون الأحوال الشخصية الجعفري، الذي واجه معارضة شعبية وبرلمانية شديدة، وما كان ليُمرَّر لولا ربطُه بقانونيْن آخريْن، طالبت بتشريعهما قوى سياسية أخرى. كما شرَّع البرلمان، الذي يضم بين صفوفه 73 نائبا خاسرا في الانتخابات الماضية، عطلة "عيد الغدير" التي تُعمِّق الهوة الطائفية بين السنة والشيعة.

لقد آن الأوان لأن يتخلى المتشدقون بالدين في العراق عن أساليبهم التي رفضها العراقيون، فإن لم يفعلوا فإنهم سيضطرون الشعب إلى مواجهتهم مرة أخرى وإسقاط حكمهم. إن كان النظام الإيراني، مع كل القوة التي يمتلكها، قد اضطر إلى النزول عند إرادة شعبه، فإن الأجدى بنظام المحاصصة الطائفية العراقي، القائم على الفساد والقمع، أن يمتثل للإرادة الديموقراطية للشعب العراقي قبل فوات الأوان.



#حميد_الكفائي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعرفات ترامب تثري الأثرياء وتفقر الفقراء
- سياسات ترامب مدمّرة لأميركا قبل أوروبا!
- أوروبا الحائرة بين ضغوط أميركا وتهديدات روسيا ومنافسة الصين
- مجموعة بريكس: تحالف استراتيجي أم منتدى للحوار؟
- أين موقع العراق في صراع الشرق الأوسط؟
- إبراهيم الحيدري عاش بسموّ ورحل بهدوء
- لا عطلة في الإسلام... والعُطَل الرسمية ظاهرة عصرية
- كي لا تتحول الديموقراطية الكويتية إلى عبء على الدولة
- السّلم العالمي مهدّد بينما الحلول غائبة
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
- دورة السياسة البريطانية تتجه يسارا
- جو بايدن.. الحالم الذي لم تُبدد حلمَه النوائب
- التعاون لا يلغي التنافس بين الدول العصرية
- هل تصمد اقتصادات الشرق الأوسط أمام تحديات الحروب؟
- هل تغير مفهوم السيادة؟ أم النظام الدولي يتداعى؟
- العراق يسير نحو الهاوية والحكومة تتفرج!
- أيُّ مستقبل ينتظر العالم في عام 2024؟
- ما الذي يجمع الأرجنتين والعراق وفنزويلا؟
- في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان...
- الحرب على التضخم بين الإقلاع والهبوط!


المزيد.....




- “المرأة الجديدة” تنظم ورشة حول المسؤولية الاجتماعية للشركات ...
- جماعة الحوثي يعتقلون حنان الشيباني رغم وضعها الصحي الحرج
- رجل يقتحم محل طليقته مهددًا إياها بسلاح ناري وسط صمت أمني يث ...
- بعد خمس سنوات من الأسر: الإفراج عن انتصار الحمادي في اليمن
- بين الغموض والخيبة.. هل خذل فيلم -المرأة في المقصورة 10- جمه ...
- جرائم الاتجار بالبشر والنساء الأكثر تضررًا في المغرب
- قصة إعجاب بين مراهقين تتحول إلى أزمة طائفية في منيا مصر
- القبض على رجل بتهمة الاعتداء على امرأة داخل قطار قرب باريس
- بيونس آيرس: الاحتفال باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية بإطلاق ...
- المعلمة رهام حمودة ضحية جديدة لجرائم قتل النساء في سوريا


المزيد.....

- الحقو ق و المساواة و تمكين النساء و الفتيات في العرا ق / نادية محمود
- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - حميد الكفائي - لماذا تخلَّت -بيضةُ الإسلام- عن فرضِ الحجاب؟