زياد بوزيان
باحث وكاتب
(Bouziane Baghloul)
الحوار المتمدن-العدد: 8506 - 2025 / 10 / 25 - 18:48
المحور:
قضايا ثقافية
لا توجد حرية بدون عدالة ولا عدالة بدون حريّة، وهما بهذه الصفة الأنطولوجية من أهم ما تطرحه إشكالية تكيّف الإنسان مع مصيره الأرضي الوجودي، ونقصد بذلك الإجبار على القيّم بدون معايشة العمل بالحرية والعدالة وفيهما (يغدو الإجبار أيديولوجيا وما تعتقده أنه قيّمها هي أدوات للعبودية)، ونقصد بفيهما أنهما مكتفيان بقيمتهما الإنسانية فتتجاوزان بالممارسة طبيعتهما المادية للإفصاح عن دلالة القيمة المعنوية فيهما؛ فهُما قِيمَتان لمّا تميّزَ بِهما الإنسان دون الحيوان، وحاجة الإنسان إليهما موجودة سنة كونية، كونه يفقههما ويدرك معناهما بتغليب استعمال العقل عن العاطفة غريزيا.
خذ مثلا ميدان الإبداع اللغوي الذي ينطوي عليه الفرد، وقد دعاه تشومسكي ملكة اللغة ودي سوسير تأدية اللغة بالكلام، هذا الفرد الذي له خاصية مَلكَة يتطور إلى إلهام لغوي ـــ فكري، وجهٌ من وجوه اللغة التي هي خاصية اجتماعية، والدليل الملموس على مُسلمة: مفكر ثائر ـــــ جماهير وحشود ضالة كائنٌ أنطولوجيا في بنية لفظة الحرية والعدالة ولفظة اللغة ذاتها، والتي في نُطقها فيض سيميولوجي دال عما يقابلها من الأيديولوجيا المحقرة المزدرية للشعر بنزع صفة الخلق الفكري عنه تاريخيا، بينما هو الشعر ملِكٌ ووجهٌ من وجوه القيم الفكرية للمجتمع التي زرعها في شعبه بيد أن الغوغاء تغير وتحقد بل وتحسد فتبقى غوغاء سنة كونية.
أجل، فقد ظلّ الشاعر صِنو ذلك المفكر الذي اعتاد طرح أفكاره النيرة قبالة جماهير مكبّلة مقيّدة بهاجس الحرية (الآخر، المرأة، الديمقراطية..) وبهوس التملّق والتسلق، لأن لكليهما الشاعر والمفكّر القدرة على الطرح والإبداع. والإبداع ليس خاصية اجتماعية إلا من خلال الأفراد الموهوبين، وإن كنّا قد افتقدنا في طروحات إبراهيم نصر الله ونوال السعداوي والسيد القمني وجورج طرابيشي مؤخرا هذا القبس الفكري فإن ذلك من طبيعة الأشياء التي تضيع فجأة، وفي ضياعها ناموس كلي كما أومأ إليه جبران، نظل نبحث عنه فنتغير مع التغير ونبدع مع الحياة لأن هناك الموت، والحوار المتمدن مولّد للأقلام المبدعة الصادحة في سبيل الحرية والعدالة والحياة وما تعلق بهما من قضايا.
#بوزيان_بغلول (هاشتاغ)
Bouziane_Baghloul#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟