أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - دخيل شمو - الذكاء الاصطناعي: هل نتحول الى عبيد ام سلعة ؟















المزيد.....

الذكاء الاصطناعي: هل نتحول الى عبيد ام سلعة ؟


دخيل شمو

الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 10:27
المحور: قضايا ثقافية
    


لقد تم إطلاق GPT-5 في أغسطس 2025. وبحسب سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI يُعد هذا الابتكار أول نموذج موحّد من OpenAI (الشركة المتخصصة في أبحاث ونشر الذكاء الاصطناعي) حيث يحتوي على نموذج سريع لإجابات سريعة، وآخر للتفكير العميق، مع وحدة توجيه ذكية تختار الأنسب تلقائيًا بحسب طبيعة الطلب. لذلك يمثل هذا التحديث قفزة نوعية نحو نموذج موحّد أكثر ذكاءً ومحسّنًا من الناحية المهنية. بعض التقارير تشير إلى أن عدد مستخدميها يتجاوز المليار مستخدم أسبوعيًا.
منذ إطلاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي بامكانياتها التي تفوق إمكانيتنا كبشر منذ عشرات السنين، باتت الأسئلة المخيفة التي بدأت تتبادر إلى أذهاننا وتشغل حيزا كبيرا من وقتنا واهتماماتنا اليومية: ألا يفقد البشر دورهم القيادي في الابتكار واتخاذ القرارات إذا تجاوزت قدرات هذا الذكاء الفكرية والإبداعية قدرات الإنسان؟ ماذا نفعل لضمان مستقبل أفضل لأطفالنا بينما التنبؤات تشير إلى انه بإمكان هذا الذكاء أداء ملايين الأعمال بشكل أسرع وأدق وبأقل كلفة؟ من يضمن ان الشركات العملاقة أو الحكومات الدكتاتوريّة والمستبدة لا ولن تسيء استخدامها؟ ألا يعني هذا أننا مقبلون على زمن بات يتوجب علينا فيه تعليم أطفالنا مهن بدائية كالزراعة والصيد إذا أردنا لهم حياةً لها امتداد لنقاء الطبيعة بكلّ تفاصيلها؟
ولكن، حتى لو فكّرنا وعملنا بفكرة العودة إلى أساليب الحياة البدائية فإن تطبيقها يبقى مستحيلا ما دمنا نحن الآباء والأجداد لا نستطيع تجاوز هيمنة هذه الثورة العالمية العملاقة. لذلك نحن أمام تحديات كبرى لا نملك غير خيارين متعاكسين؛ إما القبول بالأمر الواقع وننجرف مع التيار أو أن نعتزل العالم من حولنا.
ليس هناك كائن عاقل يقف ضد الابتكارات العلمية التي تخدم البشرية بما فيه الذكاء الاصطناعي الذي لا حدود لمنافعه في كل مجالات حياتنا اليومية والمستقبلية، وبالأخص الجانب الصحي. لأنه سوف يكون بإمكان الذكاء الاصطناعي إنقاذ الأرواح عن طريق تشخيص الأمراض مُبكرًا، والإسراع في معالجتها وعشرات المهام المصيرية كالحد من حوادث المرور. والمشكلة هنا اننا نقبل على هذا الابتكار ونتبناه لكن غير مختارين بل و دون ان نضمن أن كان سيُساعدنا في إدارة اعمالنا واحوالنا حتى النهاية أم انه يسحب البساط من تحت اقدامنا ويحل بالتالي شيئا فشيئا محلنا في اتخاذ القرارات المهمة وصولا من ثم الى استلابنا وتجريدنا كليا من قدراتنا الواعية.
منذ عقود ونحن ندفع المال للحصول على بعض الاختراعات والابتكارات التكنولوجية لكي نستهلكها وننتفع بها في تسهيل أمور حياتنا اليومية والمهنية. وبقينا مستهلكين حتى عندما ساعدت تطبيقات العقدين الماضيين واستخدامات الانترنيت عمليات المراقبة والتجسس التي قامت بها الحكومات والشركات عن طريق احتكار بياناتنا. غير أننا اليوم نستخدم وننتفع بعشرات التطبيقات الأذكى من سابقاتها دون ان ندفع لشركاتها المال ونستمر في استخدامها ونحن نعرف إننا نمرر كل بياناتنا ابتداء بأسمائنا وانتهاء بمشاعرنا وأمنياتنا إلى مراكز حفظ البيانات التي تمتلكها الشركات العملاقة.
وإذا أراد المرء أن يحصل على معلومات عن تلك المراكز ومن يديرها، ما عليه إلا أن يسأل ChatGPT نفسه أوGoogle فان ماكينة البحث لن تبخل عليه، بل ستقدم له ما يرغب معرفته في ثواني قليلة. مما يعني اننا اصبحنا في عالم بات يهيمن عليه هذا الذكاء الخارق (الذي لا يعرف ماذا يفعل او كيف يفعل ما يفعله ناهيك عن عدم امتلاكه الوعي المدرك كما البشر) وتحولنا نحن البشر وبكامل إرادتنا من كائنات فاعلة؛ مستهلكة للتكنولوجيا إلى سلع .لذلك لن نكون فضوليين إذا أردنا ان نعرف من الذي اصبح يمتلكنا كسلع جاهزة للبيع؟
من البديهي ان تقف في المقدمة شركات التكنولوجيا العملاقة (Big Tech) التي تقود تطوير الذكاء الاصطناعي مثل مايكروسوفت (Microsoft)، گوگل (Google/Alphabet)، أمازون (Amazon)، ميتا (Meta)، آپل (Apple) في حفظ بيانات المستخدمين. هذه الشركات التي تدمج الذكاء الاصطناعي في أجهزتها تعتبر حسب الواقع المستفيد الأكبر لأنها تطوّر نماذج الذكاء الاصطناعي وتبيعها كخدمات.
وتخبرنا هذه الشركات والحكومات على السواء بأننا أصبحنا سلعا بمجرد استخدام بياناتنا الرقمية من قبل الشركات التي تملكها منذ سنوات. ولأن بياناتنا الرقمية أصبحت ذا قيمة مادية، فقد بدأت هذه الشركات تغذينا لحظة بلحظة بما نحتاجه من معلومات وتقدم لنا الخدمات وتجيب على الأسئلة التي تخطر ببالنا. وهي أيضاً تلهينا بأشكال كثيرة من أساليب المرح والترفيه التي تنتجها وسائل التواصل الاجتماعي البدائية والمتطورة. ولكن مع كل نقرة على هاتفنا الذكي أو أي جهاز إلكتروني آخر فإننا نطلع تلك الشركات -المتنافسة للحصول على بيانات سكان العالم - على عدد هائل من المعلومات والبيانات، حتى لو كانت في غاية السريّة. والسؤال هنا: ألا يخيفنا هذا الأمر؟ خصوصا وان تلك الشركات لم تعد تخفي هذه الحقائق الصادمة.
وتزامناً مع الإنجازات الهائلة في قطاع الذكاء الاصطناعي وحيث ان الشركات المهيمنة بدأت تأخذ بنظر الاعتبار مخاوف أكثر من مليار مستخدم ومستفيد. فمثلا عندما كشفت شركة الأبحاث ونشرت من تجليات الذكاء الاصطناعي OpenAI عن نموذج جديد يدعى Sora 2 لتوليد مقاطع فيديو (في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر2025)، اوضحت انها "تدعم التكامل والتشابه الصوتي المتزامن ويمكن للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو لأنفسهم تحتوي على حوارات ومؤثرات صوتية، وتحميل تسجيلات تم التحقق منها،" ولطمأنة المستخدمين، فأصدر الذكاء الاصطناعي بياناً يؤكد قيامه " ببناء طبقات متعددة من الحماية لمنع إساءة الاستخدام وسنستمر في تعزيزها عندما نتعلم من كيفية استخدام الأشخاص لها." بالطبع انتهاك حقوق الطبع والنشر هي واحدة من تلك الاستخدامات المسيئة.
كما تصلنا في ذات الوقت أنباء من ولاية كاليفورنيا الأمريكية التي تأوي العديد من الشركات التي تعمل في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تؤكّد تشريع عدة قوانين لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي (بداية شهر أكتوبر 2025) ، مع التركيز على "الشفافية والسلامة والمساءلة وتعكس هذه القوانين نهج كاليفورنيا الاستباقي في تحقيق التوازن بين الابتكار وثقة الجمهور ونشر الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي."
قد تبدد هذه المبادرة الكاليفورنية مخاوف البعض، ولكن حتى الآن لم تؤكد لنا حكومات الدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين ودول الاتحاد أوروبا- التي تتنافس للاستحواذ على القدر الأكبر من تقنيات الذكاء الاصطناعي- إنها ستعمل على تشريع قوانين عالمية لمنع سوء استخدام بياناتنا. وهم لم يبادروا حتى الآن ولو شكليا الى اتخاذ خطوات لوضع القوانين واللوائح التنفيذية لتقيد بشاعة وجشع الشركات كيلا تتجاوز المعايير الأخلاقية. فالالتزامات الأخلاقية كانت واحدة من المعايير الأساسية التي كانت البشرية تتفق عليها في المنظومة الاجتماعية عبر العصور ابتداء بالقبلية مرورا بالأرستقراطية ثم الاشتراكية والرأسمالية وانتهاء بالليبرالية التي هي في تراجع مستمر خلال أكثر من عقد من الزمن بسبب عجزها عن حماية وضمان الحقوق والحريات الأساسية للبشر.
المتابعون لهذه الإنجازات العلمية المتسارعة يتفقون على أن البيانات هي وقود الذكاء الاصطناعي، وهم لا يشككون طبعا في الفوائد اللامحدودة لهذا الذكاء، ولكن إذا كانت حفظ هذه البيانات غير آمنة أو أُسيء استخدامها، حينها يُصبح الذكاء الاصطناعي خطيرًا. ولهذا السبب، هناك حاجة ملحة إلى قواعد أخلاقية وحماية شفافة للخصوصية في كيفية جمع الذكاء الاصطناعي للبيانات ومجالات استخدامها.
بالإضافة إلى ذلك فإننا أمام خطر آخر أكثر جدية إلا وهو حرية اتخاذ القرارات (أهم جانب يميز البشر عن باقي المخلوقات) فيما لو صحّ تنبؤات المتخصصين في استخدام الذكاء الاصطناعي. فهم يقولون إنه بمجرد تدريب الذكاء الاصطناعي، فإنه يستخدم بيانات جديدة غير مرئية للتوصل إلى توقعات أو اتخاذ قرارات خارج إرادتنا. وما يجعل الأمر أكثر تعقيداً هو غياب قوانين تعطينا الحق في امتلاك بياناتنا الشخصية والتي بإمكان مراكز حفظها الإقدام على تجميعها، فرزها، استخدامها وتحويلها في زمن قياسي.
وعلينا ان لا ننسى أن هذا الذكاء يتدرب على التفكير في تزويد النتائج مع استمرارية استخداماته وتحديث بياناته. والمشكلة الحقيقية هي أننا نواجه خطر ان يخرج الذكاء الاصطناعي من السيطرة قبل ان يصمم ليكون في خدمة البشرية تماماً، يقدم للناس تفسيرات لكيفية اتخاذ قراراته واستنتاجاته، ويساعد البشر في صنع قراراته، لا ليحل محلهم خاصة في مجالات تتعلق بالمسائل الأخلاقية والصحية والعدالة.
تصوّر، في هكذا عالم، ماذا سيحصل لمريض رفض ان يطيع أوامر من يهيمن على مصدر رزقه؟ والمنطق يقول ان الإنسان مستعد ان يضحي بكل ما لديه لاستعادة صحته المتدهورة. وقد يعني هذا ظهور دكتاتوريات بمواصفات ممتازة تمنح مواطنيها سبل العيش، ولكن تقرر أساليب الحياة. لذلك، فالخوف الأكبر هو أن الأجيال التي تكبر مع الذكاء الاصطناعي سوف لا تملك الحرية في اتخاذ قراراته. فالذين يطورون ويصممون الذكاء الاصطناعي ويملكون البيانات هم الذين يحددون ويفرضون على العامة نمط حياتهم، تخصصهم، عملهم، شركاء حياتهم، نوع سياراتهم، وانتخاب ممثليهم، لا بل قد يجردنا من قرار الاعتزال عن العالم – الواقع، إذا أردنا ان نختار نمط العيش في العصور الوسطى.
وقد نرى تزايد هذه التنبؤات التشاؤمية مع كل تطبيق جديد إذا ما وقف العالم (المتحضر) مكتوف الأيدي أمام أخطار إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي للبيانات. لذلك لا يستبعد ان نرى في المستقبل القريب دعوات منظمة على مستوى الأفراد والمؤسسات المدنية تطالب الحكومات برسم ضوابط عمل لتعزيز التطوير الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، وتطبيق تقنيات تحافظ على خصوصيات الفرد والجماعة. وإلا فإننا نسير الى فوضى قد تقتلعنا من الجذور.



#دخيل_شمو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أخطار التطرف داخل المجتمع الإيزيدي


المزيد.....




- اتفاق غزة يجتاز أول اختبار رئيسي وسط دفع أمريكي لتنفيذ ثاني ...
- ساركوزي، من رئيسٍ للجمهورية الفرنسية إلى مدانٍ في السجن
- واشنطن بوست: بوتين يقترح الاحتفاظ بدونيتسك والتخلي عن خيرسون ...
- كيت بلانشيت تتحدث عن معاناة الفلسطينيين والسودانيين أثناء تك ...
- بالصور: مسروقات -لا تقدر بثمن- من متحف اللوفر
- شاهد.. أفكار أموريم التي قادت مانشستر يوناتيد للفوز على ليفر ...
- هل يكشف وقف إطلاق النار مصير المفقودين في غزة؟
- نتنياهو يترأس اجتماعا طارئا ويأمر الجيش بتعليق هجماته بغزة
- شاهد.. مستوطن يضرب مسنة فلسطينية حتى الإغماء برام الله
- خبير عسكري: إسرائيل تكرر النموذج اللبناني بغزة وتصعيدها مُعد ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - دخيل شمو - الذكاء الاصطناعي: هل نتحول الى عبيد ام سلعة ؟